الاميرة بسمة بنت علي عبر شفق نيوز: لنعمل كدول اقليمية انقاذا لبيئتنا
شفق نيوز/ ليست أميرة عادية تلك التي تجد كل هذا الشغف فيما تقوم به، بلا مسعى إلى ألقاب او شهرة، وتقطع هذه المسافة من بلادها في الاردن، لتكون ساطعة في حضورها على مسرح كوري جنوبي، من اجل الدفاع عن حياة اطفالنا في الغد.
كان من الواضح منذ اليوم الاول لانعقاد مؤتمر في العاصمة سيول تحت عنوان "بناء بيئة خضراء وصحية ومستقبل مرن مع الغابات"، ان هذه السيدة، الاميرة بسمة بنت علي، لها مكانتها هنا ومعروفة بين الحضور وهم بغالبيتهم ليسوا من السياسيين، وانما ايضا خبراء وباحثون وناشطون بيئيون من مختلف اصقاع الارض، جاءوا بهدف يبدو واحدا: إعادة احياء غابات الكوكب. ولم تكن الاميرة "بسمة بنت علي" غريبة على الحضور، فكثيرون يعرفونها، والاهم، انهم يشهدون لها، ولهذا كان بديهياً أن تكون بين قلة قليلة اعتلت مسرح يوم الافتتاح الباهر في سيول لتخاطب الحاضرين، وبقية العالم، متسائلة: ما هي الهدية الاثمن التي يمكن أن نعطيها لاولادنا واحفادنا، اكثر أهمية من نظام بيئي سليم؟!
وانصتت لها مئات الشخصيات الحاضرة في قاعة المؤتمر بهدوء، وبقلق ايضاً وهي تقول "لم نعد نملك ترف الوقت"، واعتلى الرئيس الكوري الجنوبي مون جاي إن خشبة المسرح، لمصافحتها والتقاط الصور الى جانبها.
وكالة شفق نيوز، التقت الاميرة الاردنية في العاصمة الكورية الجنوبية، وهي التي عينت قبل ايام قليلة فقط سفيرة للنوايا الحسنة لبلدان الشرق الادنى وشمال افريقيا من قبل منظمة الاغذية والزراعة التابعة للامم المتحدة (الفاو)، وهو ما اضفى حضورا أقوى لها في هذا المنبر العالمي الذي التأم بهدف اساسي يتمثل في محاولة انقاذ الغابات من الاندثار، وبالتالي انقاذ الارض نفسها، ومن يعيش عليها.
لم تأت الاميرة بسمة بنت علي الى عالم انقاذ الغابات صدفة، بل ان بداياتها – ان صح التعبير – جاءت من خلفية عسكرية بحتة، حيث خدمت لمدة 12 سنة في الجيش الاردني ووصلت الى رتبة رائد، ونالت أوسمة عسكرية مهمة بين عامي 1995 و1998. وخلال خدمتها العسكرية بدأت تتعرف على الحياة البحرية ثم تطور اهتمامها الى ان اصبحت رئيسة الجمعية الملكية لحماية البيئة البحرية ثم ايضاً رئيسة الحديقة النباتية الملكية الاردنية.
في البال وانت تحاور الامير بسمة بنت علي، قضايا عراقية هي بالتأكيد في صلب اهتمامها، كاندثار بحيرة ساوة مؤخرا مثلاً والجفاف الذي يصيب بلاداً كانت تعرف باسم بلاد ما بين النهرين، والعواصف الرملية الصحراوية التي تكررت بشكل غريب في الاسابيع الماضية وغمرت العراق. ولهذا فانك تجد الاميرة بسمة تكرر التأكيد على اهمية ان يعمل الجميع سوية، حيث ما من بلد معزول بيئيا عن الاخر.
وعندما سئلت الاميرة بسمة، بحسب الخبرة التي تتمتع بها، عن الحاجات الاساسية للتعامل على المدى القريب مع التغيير المناخي والجفاف والتصحر الذي تواجهه دول في الشرق الادنى وشمال افريقيا، قالت لوكالة شفق نيوز، ان الامر الاكثر اهمية على المدى القريب هو ان يتعامل اصحاب القرار في الحكومات وغيرها مع موضوع البيئة وتغيير المناخ بجدية ماسة.
وأشارت إلى "الرياح الخماسينية" المتمثلة بالغبار لتوضح "اننا في بلداننا نشعر بأثر التغيير المناخي على بلداننا، من شح المياه او موجات الغبار، وهذا مؤشر يثير الخوف".
ودعت الاميرة الاردنية الى "اصحاب القرار الى اتخاذ الاجراءات وتغيير الانظمة للمساعدة في التكيف مع التغيير المناخي، بالاضافة الى دعم الجمعيات والمؤسسات المدنية الاخرى ماديا وتقنيا لانشاء مشاريع لاستدامة واستعادة الموائل (الطبيعية) في مناطقنا، وليس فقط في كل بلد لوحده، وانما على المستوى الاقليمي لمنطقتنا، وهذا في غاية الاهمية".
وحول اهمية حماية واستعادة المساحات الحرجية في العالم ومدى انطباق ذلك في بلداننا والمبادرات الممكنة في هذا المجال، قالت الاميرة بسمة "لا يمكن ان نقول ان منطقتنا تختلف عن مناطق ثانية.. نعم تختلف في ان تأثرنا نحن بالتغير المناخي علينا، بشكل شديد"، لكنها شددت على اهمية انشاء مشاريع من اجل استعادة واستدامة الغابات والموائل والتعامل مع الرعي الجائر من خلال اقامة مشاريع على المستوى الاقليمي لاعادة الموائل الرعوية وليس فقط كل بلد لوحده.
ودعت الاميرة بسمة ايضاً الى اتباع مشاريع التشجير على ان تكون من جهة حرجية ومن جهة ثانية انتاجية في الوقت نفسه لصالح المجتمعات المحلية لكي ينتفعوا منها.
واعتبرت الاميرة بسمة أن هناك فرصة جوهرية لاقامة مشروع على مستوى المنطقة، حيث ان الاساليب موجودة، والحماس موجود من جانب الجمعيات والمجتمع المدني، وما تبقى هو ان نكثف جهودنا سوية، ونخرج بمشروع واحد يحاكي كل المواضيع التي نعاني منها ونطبقها على ارض الواقع، بما قد يغير الوضع الذي نحن فيه للمستقبل لمصلحة الاجيال القادمة.
وحول رسالتها كسفيرة للنوايا الحسنة لمنظمة "الفاو" لبلدان الشرق الأدنى وشمال أفريقيا، قالت الاميرة بسمة ان "الرسالة الاهم هي ان تغير المناخ موجود فعلياً، ونحن نعاني منه، ونحن منطقة واحدة يجب ان نكثف جهودنا، وليس هناك بلداً ممكن ان ينجز اي عمل وحده، ما يعني انه يجب ان نعمل بالتنسيق مع بعض بهدف واحد".
وتابعت أن "الهدف هو جيل المستقبل.. اذ كيف سنورث بيئة مدمرة للاجيال القادمة؟! كلا .. هذا واجبنا.. هذا حقهم حق مكتسب لهم، ونحن واجبنا على الاقل ان نوفر بيئة سليمة امنة إن كان من الغذاء، الامن الغذائي للاجيال القادمة، و ليس لدينا وقت للصراحة حيث آن الاوان أن نعمل على هذا الموضوع بجدية والكل يعمل مع بعض".
وختمت الامير بسمة بالتأكيد على اهمية دور الشباب في مجال التثقيف والعمل البيئي، قائلة "ما شاء الله على شبابنا للصراحة هم الامل وهم المستقبل وانا فعلا افتخر، واقول انا بشكل شخصي ان شبابنا من اكثر الناس الذين عندهم الابتكار والشغف والقدرة ان يقوموا بالتغيير ونحن سنعتمد عليهم، لانهم يرون الدنيا بطريقة مختلفة عنا، وهم سيحملوننا الى المستقبل الامن".
واعربت عن املها بأن تتوقف ظاهرة تفكير الشباب بالطموح بالمغادرة الى بلدان اخرى، وان "يبقى في ارضه التي إنفطم عليها هو والتي ستحمله وتسنده للمستقبل".