رؤية أمريكية لإقليم سني لتصحيح "الأخطاء" والاحتذاء بإقليم كوردستان

رؤية أمريكية لإقليم سني لتصحيح "الأخطاء" والاحتذاء بإقليم كوردستان
2025-01-05T17:34:52+00:00

شفق نيوز/ دعا موقع "مودرن ديبلوماسي" الأمريكي حكومة العراق ورعاتها في واشنطن وطهران إلى "تصحيح الأخطاء"، ومنح الضوء الأخضر لإقامة إقليم سني يتمتع بحكم شبه ذاتي بما يتلاءم مع الدستور العراقي ويستفيد من نجاحات إقليم كوردستان، محذراً من أن الفشل في الاعتراف بحقوق وتطلعات السنة بعد سنوات من التمييز من شأنه أن يمهد الطريق لمزيد من الاضطراب والصراع في العراق.

وتحت عنوان "الوفاء بالوعود المنكوثة"، أشار التقرير الأمريكي الذي ترجمته وكالة شفق نيوز، إلى "التهميش المنهجي وحرمان السنة على أيدي الحكومة الاتحادية التي يقودها الشيعة".

وذكرّ بأنه عندما طرحت إدارة الرئيس الأسبق جورج بوش مبرراتها للإطاحة بالرئيس السابق صدام حسين واستبدال دولة الحزب الواحد بنظام برلماني مفكك، فإن القوى من أصحاب المصلحة، مثل بول بريمر، أول زعيم مدني للعراق بعد صدام حسين، خلال وضع الشيعة في السلطة، فأنه جرى تصحيح "الظلم التاريخي" المتمثل بأن الأقلية السنية تحكم الأغلبية الشيعية منذ سقوط العباسيين قبل أكثر من 750 عاماً.

واعتبر التقرير أن هذه الفكرة التاريخية المحرفة التي اعتمدها بريمر تتحدى التركيبة الديموغرافية حيث أن الكورد والعرب في العراق هم من السنة، وتتحدى أيضاً الدستور العراقي، باعتبار أن المادة 14 تضمن حقوقاً متساوية للمواطنين العراقيين كافة.

وتابع التقرير قائلاً إنه من "سياسة اجتثاث البعث المثيرة للجدل التي اقتلعت أكثر من 500 ألف سني من الوظائف الحكومية، إلى الحرب ضد داعش التي تسببت بنزوح ملايين السنة من منازلهم في شمال وغرب العراق، فإن السوابق التاريخية والمسارات الحديثة تبرهن على أن الوقت قد حان للحكومة العراقية ورعاتها في واشنطن وطهران، لتصحيح الأخطاء من خلال منح الضوء الأخضر لإقامة إقليم سني يتمتع بحكم شبه ذاتي بما ينسجم مع الدستور العراقي والإطار الذي أدى إلى إنشاء إقليم كوردستان".

وبعدما حذر التقرير من أن الفشل في الإقرار بحقوق وتطلعات السنة بعد سنوات من التمييز المؤسسي والبنيوي من شأنه أن يعبد الطريق أمام المزيد من الاضطراب والصراع في العراق، ذكرّ بأن آية الله العظمى علي السيستاني لم يتصدى في العام 2005 إلى دعوات الفيدرالية، بل وضع الأساس لدستور يؤكد على الفيدرالية والتقسيم الناعم، من خلال المادة 116 من الدستور التي ينص على نظام اتحادي يتميز بعاصمة لا مركزية، وأقاليم تتمتع بالحكم الذاتي، ومحافظات، وإدارات محلية.

وبالإضافة إلى ذلك، قال التقرير إن المادة 117 من الدستور تقرّ بتأسيس إقليم كوردستان ككيان اتحادي يحق له الحصول على حصة من ثروة العراق النفطية وإدارة شؤونه الإدارية والاقتصادية والأمنية المحلية، في حين أن المادة 119 تنص على أنه يجوز لمحافظة أو أكثر تشكيل إقليم بناء على طلب يتم التصويت عليه في استفتاء يقدم أما من ثلث أعضاء مجلس كل محافظة ترغب في تكوين إقليم أو من 10% من الناخبين في هذه المحافظة التي ترغب في إقامة إقليم.

وذكر التقرير أنه بعد الغزو الأمريكي عام 2003، رفض زعماء السنة في بداية الأمر فكرة التقسيم الناعم، خشية من استغلال الشيعة والكورد النموذج اللامركزي، للحد من النفوذ السني، مضيفاً أن الظروف التي تبدلت أجبرتهم على إعادة تقييم موقفهم، على اعتبار أن الفيدرالية قد تؤمن المسار الوحيد القابل للتطبيق من أجل معالجة المظالم الطويلة.

ولفت التقرير إلى أن القيادات السنية التي عارضت في السابق التقسيم الناعم، تستند في موقفها على الفكرة التي مفادها أن حكام العراق الجدد سوف يلعبون وفقاً لقواعد الديمقراطية، إلا أنه في ظل عدم إظهار الحكومات المتعاقبة المدعومة من الولايات المتحدة وإيران، أي مؤشرات على التطبيق الأمين للدستور، صارت هذه القيادات من مختلف التيارات السنية تعتقد أن التقسيم الناعم هو وحده قادر على تحقيق ازدهار للمناطق السنية التي مزقتها الحرب، ويعالج محنة النازحين داخلياً الذين نزحوا خلال الحرب ضد داعش، والحؤول دون وقوع حرب أهلية أخرى.

وأشار التقرير إلى أنه من بين أبرز المؤيدين للتقسيم الناعم، المفتي العام السني عبد الملك السعدي الذي كان أصدر فتوى تؤيد تطبيق نموذج الأقاليم، في حين أنه من الخارج كان هناك الناشطون السنة بقيادة وزير الكهرباء الأسبق أيهم السامرائي (من العام 2003 إلى العام 2005) الذين دعوا مجلس الشيوخ الأمريكي إلى إعادة النظر في مشروع قانون السيناتور (وقتها) جو بايدن في العام 2006 الذي يطرح فكرة التقسيم الناعم للعراق إلى ثلاث مناطق تتمتع بحكم شبه ذاتي، مع وجود حكومة اتحادية مركزية موحدة.

وتابع التقرير أن بايدن عندما كان نائباً للرئيس الأمريكي جدد في عامي 2014 و2015، اقتراحه لواشنطن لتأييد وتطبيق التقسيم الناعم للعراق رداً على الانتفاضات السنية في غرب العراق والتي بلغت ذروتها في الحرب الأهلية الثالثة في العراق في غضون أقل من 15 عاماً.

ولهذا، رأى التقرير أنه في ظل تفضيل الدستور العراقي ومجموعات من النواب الأمريكيين لفكرة التقسيم الناعم، فإن النخب العراقية أمامها فرصة نادرة لإنهاء حالة الصراع الدائمة، وعدم المساواة، والخلافات.

وبينما قال التقرير أن "زواج المصلحة" بين الولايات المتحدة والشيعة انهار بسرعة بسبب الاختلافات الإستراتيجية الأخيرة في المنطقة ودعم إيران لكل من روسيا وحزب الله اللبناني وحركة "حماس" الفلسطينية، نبه التقرير إلى أن وجود تنظيم القاعدة في سوريا قد يعزز مصالح السنة المهملين منذ فترة طويلة على المستوى الإقليمي، لكنه أشار إلى أن قلة خبرة الإدارة الجديدة في دمشق واعتمادها المفرط على إسرائيل وتركيا والولايات المتحدة لنيل الشرعية، يمكن أن يشعل صراعات طائفية جديدة في المنطقة.

ومع ذلك، قال التقرير إنه برغم أن زعيم سوريا الجديد أحمد الشرع (أبو محمد الجولاني) قد بلور نيته في الانتقام من إيران وحزب الله والعلويين، فإن سنة العراق يركزون فقط على انعاش مناطقهم من خلال التنمية الاجتماعية والاقتصادية والإصلاح السياسي، وأنه بخلاف الكورد في إقليم كوردستان الذين يتلقون 18% من الميزانية الاتحادية، فإن السنة يعتقدون أنهم يمتلكون الموارد والقدرات والقوى العاملة الكافية لإعادة بناء منطقتهم.

وتابع التقرير أن السنة بإمكانهم الاستفادة من التجربة الكوردية المستمرة لخلق نموذج أولي للاستقرار والازدهار في العراق، مشيراً على سبيل المثال إلى أنه بين العام 2007 والعام 2009، انتصرت العشائر السنية (الصحوة) على تنظيم القاعدة الذي أدى إلى زعزعة الاستقرار وإرهاب المناطق ذات الأغلبية السنية.

وقال التقرير إنه برغم "الانقسامات السياسية التي هددت الوحدة في إقليم كوردستان من وقت لآخر، فإن حكومة إقليم كوردستان تجسد فعالية النظام الاتحادي، حيث أنه من خلال نقل السلطة من حكومة اتحادية مثقلة بالأعباء، إلى إدارات محلية فعالة ومنخرطة، أثبت إقليم كوردستان، أن الحكم المحلي يمكن أن يجلب نتائج جيدة".

وأكد التقرير أن "الاستقرار الحديث الذي تتمتع به حكومة إقليم كوردستان يعكس في الوقت نفسه الفعالية البيروقراطية والتزام القادة الكورد بتحويل الإقليم إلى مركز للعمل الإنساني والتعليم والإبداع"، موضحاً أنه "من الجامعات الكوردية التي تستوعب المواهب المحلية والدولية لكي تزدهر، إلى الوكالات الإنسانية التي تحتضن النازحين، فإن القادة الكورد ارتقوا إلى مستوى الحدث في مجالات ومبادرات سياسية كبيرة الأهمية".

وختم التقرير بالقول إن الوضع الراهن، الذي يفضل النخب الموجودة في بغداد وكوردستان بالدرجة الأولى، يشكل عبئاً على الجماعات الرئيسية الثلاث في العراق، وعلى الدول الإقليمية، والقوى الدولية، مضيفاً أن التحذيرات من تمرد وشيك لداعش في شمال وغرب العراق، تؤكد على الحاجة الضرورية لاحترام الدستور واحترام حق السنة في تقرير مصيرهم.

وخلص إلى القول إنه "من خلال تبني التقسيم الناعم، فإن هناك فرصة أمام العراق لتجنب المزيد من الصراع وتعزيز مستقبل مستقر يشمل الجميع".

ترجمة وكالة شفق نيوز

Shafaq Live
Shafaq Live
Radio radio icon