رؤية تركية لمستقبل الحكم السوري: دمشق لن تعيش سيناريو بغداد
شفق نيوز/ رأى تقرير تركي، أن
"سوريا الجديدة" تواجه مقارنة مع نماذج عدة "عراقية - أفغانية – لبنانية"،
إلا أنها لا يمكن أن تطبق على الوضع في دمشق، وأن الآمال تتمثل في قيام حكم مركزي
قوي ويشمل الجميع، وهو ما تدعمه أنقرة.
وأوضح تقرير لصحيفة
"ديلي صباح" التركية، ترجمته وكالة شفق نيوز، أنه منذ انهيار نظام البعث
الذي دام 61 عاما، اصبحت هناك مناقشات عديدة تجري حول مستقبل الدولة، مشيرا الى ان
البعض يعتبر ان النظام الاستبدادي قد انتهى وان مستقبلا مشرقا ينتظر الشعب السوري،
في حين ان البعض الاخر لديه مخاوف بشأن مستقبل الدولة لأن هناك عوامل مختلفة يمكن
أن تغير مسار التطورات.
ولفت التقرير التركي، إلى أن
العديد من المراقبين يتوقعون ان تواجه سوريا صعوبات وتحديات، استنادا لنماذج سابقة
مثل افغانستان والعراق ولبنان.
العراق
في هذا الصدد، ذكر التقرير
انه بعد الغزو الاميركي للعراق وانهيار نظام صدام
حسين، اصبحت الدولة الى حد كبير تحت سيطرة الاغلبية الشيعية، لكن البلد كان
منقسما سياسيا الى مجالي النفوذ الامريكي والايراني، مشيراً إلى أن الدولة
العراقية واجهت مشكلات، بينها هيكل الدولة الجديد القائم على أساس الانقسامات
العرقية، وتخضع رئاسة الوزراء، لسيطرة العرب الشيعة، بينما تخضع "الرئاسة
السلبية" لسيطرة الكورد، ومن ناحية أخرى جرى انشاء هيكل اتحادي، وأ العراقيين
يواجهون صعوبات فيما يتعلق بالحفاظ على التوازن بين النظامين.
وبالاضافة الى ذلك، قال
التقرير ان العراق اصبح بدرجة كبيرة تحت سيطرة "المحررين"، اي الولايات
المتحدة وايران، بينما تحاول الحكومات العراقية تحرير الدولة من هؤلاء
"المحررين" وتناضل من اجل السيادة الوطنية المطلقة والاستقلال السياسي، إلا
أنها ما تزال تعتمد إلى بدرجة كبيرة على هاتين الدولتين.
وإلى جانب ذلك، تتواجد جماعات
مسلحة بديلة داخل البلاد، وأن وجود ميليشيات الحشد الشعبي أثر بشكل كبير على نظام
الدولة، مضيفاً أن "الطوائف العراقية لجأت الى الانتقام من المجموعات العرقية
والدينية الاخرى، مما ادى الى انعدام الثقة بين الجماعات العرقية والدينية
المختلفة في البلاد".
ولهذا، فند التقرير التركي، إمكانية
أن تتحول الحكومة السورية الجديدة الى النموذج العراقي، لان السياق الوطني السوري
مختلف تماما، حيث ان الاطاحة بالنظام السوري جرى على يد الجماعات المسلحة السورية،
وليس على يد قوى خارجية، وثانيا لان لدى تركيا، وهي الداعم الرئيسي للمعارضة
السورية، وجهة نظر مختلفة بشان الدولة السورية، حيث ان انقرة تدعم وحدة اراضي
سوريا، ولا تنتهج سياسة طائفية تجاه هذا البلد.
ورأى التقرير، أن من شأن
الرؤية الشاملة ان تساعد الحكومة الجديدة على تعزيز نظام الدولة الوطنية، مضيفا ان
الحكومة الجديدة عازمة على عدم السماح لجماعات المعارضة السورية بالاحتفاظ
باسلحتها، كما ان لديها موقف حازم يتعلق بتشكيل حكومة موحدة.
أفغانستان
وحول المقارنة بين سوريا
وافغانستان، نبه التقرير إلى أنه بعد انسحاب الاتحاد السوفييتي من افغانستان، بدأت
مجموعات المقاومة المختلفة في التقاتل مع بعضها البعض، وحدث فشل في هيكل الدولة،
لكن في نهاية المطاف، وبعد الغزو الامريكي الذي استمر 20 سنة، اعادت حركة طالبان
سيطرتها على البلد في العام 2021.
واعتبر التقرير التركي، ان
تطورات الاسبوعين الاخيرين في سوريا تظهر ان فصائل المعارضة لن تكرر الاخطاء التي
ارتكبت في افغانستان، لافتاً الى ان الحكومة السورية الجديدة اتفقت مع فصائل
المعارضة على حلها جميعا ودمجها تحت وزارة الدفاع، كما ان الضباط العسكريين الذين انشقوا
عن جيش نظام الاسد، سيكونون قادرين على الانضمام الى الوزارة الجديدة.
وبالاضافة الى ذلك، ذكر التقرير،
أن الحكومة الجديدة حريصة على تجنب الاقتتال مع الجماعات المسلحة الاخرى، بينما
اعلنت هذه الحكومة مرارا انها لن تسعى للانتقام من النظام السابق وقمع الاقليات
العرقية والدينية، مثل الكورد السنة والعرب الشيعة والطائفة الدرزية والمسيحيين
الارثودكس اليونانيين والارمن.
لبنان
وعن السيناريو اللبناني، تابع
التقرير ان السيناريو الثالث الممكن هو النظام اللبناني، حيث يطبق نظام دستوري
قائم على المكونات العرقية والدينية، فسيكون رئيس الجمهورية مسيحي ماروني ورئيس
البرلمان من المسلمين الشيعة، ورئيس الوزراء من المسلمين السنة، مضيفا انه في ظل
التغير في النسبة السكانية، اصبح نظام الدولة مختلا لاسباب مختلفة، ولم يعد
الموارنة يمثلون الجماعة الدينية الاكبر في البلد.
لكن التقرير قال ان النموذج
اللبناني لا يمكن تطبيقه في سوريا لانه لم تنجح في لبنان ايضا، حيث ان هذا النظام
المتقلب كثيرا، جعل الحكومة اللبنانية غير قادرة على توفير الاستقرار السياسي،
مردفاً: "الارث التاريخي للشعب السوري مختلف تماما، حيث انه تعايش مع بعض
سلميا لعدة قرون".
نموذج جديد
ورأى التقرير ان
"السيناريو الافضل" لسوريا وشعبها، هو قيام حكومة مركزية، حيث يتحتم على
القيادة السورية الجديدة ان تشكل حكومة مركزية لان التحاصص المخصص للجماعات
العرقية والدينية يخلق مشكلات، مذكرا بان لدى الشعب السوري تقاليد تعايش سلمي منذ
فترة طويلة، ولهذا فان "الحكومة المركزية هي افضل سيناريو للدولة السورية".
وخلص التقرير التركي، إلى أن
"الدستور الجديد يجب ان يكون شاملا للجميع وقائم على المواطنة المتساوية،
وليس على الهويات الجماعية"، مستدركاً: "المواطنة المتساوية تمثل عنصرا
مهما بشكل خاص بالنسبة للكورد لانه حتى وقت قريب، كان نظام البعث يحرم الالاف من
الكورد من المواطنة في سوريا".
وختم التقرير، بالإشارة إلى أنه "اذا لم تتدخل القوى الخارجية في الشؤون الداخلية لسوريا، فان الشعب السوري سيتمكن من تشكيل حكومة موحدة وتعزيز السيادة الوطنية لدولته".