رؤية بريطانيا.. أزمة مكلفة قد تسهم بتسوية الخلافات بين بغداد وأربيل
شفق نيوز/ اعتبر موقع "أويل برايس" المتخصص بأخبار الطاقة والنفط أن تدهور أسعار النفط قد تساهم في تقارب بغداد وإقليم كوردستان، إذا تمكنتا من تجاوز مجموعة من العقبات والتوصل إلى حل متفق عليه لانقساماتهما.
وكتب فيكتور كاتونا، وهو خبير في مجلس الشؤون الدولية الروسية، في الموقع الذي يتخذ من بريطانيا مقرا له، وترجمته وكالة شفق نيوز، ان العلاقة بين بغداد واربيل متوترة منذ ان نجح العراق في ازالة خطر داعش، وان كل طرف ينظر الى مبادرات الطرف الآخر بتوجس، لكنهما في الوقت نفسه، حذران من إغلاق الباب بالكامل أمام تسوية ودية مستقبلا.
والآن، فيما يضطر كل طرف الى الكفاح من أجل النجاة من تأثيرات وباء كوفيد19 الاقتصادية، فانهما اضطرا الى تأجيل مشاريع مهمة، وصار النزاع بينهما احتمال قائم بشكل أكبر. لكن في الوقت نفسه، فان التوصل الى حل ثنائي متفق عليه للانقسام العراقي – الكوردي، سيعود بفوائد هائلة على الطرفين، ومن اجل تحقيق ذلك هناك عقبات متعددة يتحتم التغلب عليها، بحسب الموقع.
ووفقا لكاتونا، فان العراق بحاجة ماسة الى الأموال، حيث ان تقديرات الموازنة الاتحادية المقترحة للعام 2021، تستند على ان قيمة برميل النفط 63 دولارا، وحكومة كوردستان من جهتها، اكثر اعتمادا على عوائد النفط من العراق، وهي توظف تقريبا نصف قواها العاملة في الاقليم، وتعثرت في دفع رواتب موظفي القطاع العام في التوقيت والظروف الملائمة.
وبذلك، بحسب ما كتب كاتونا في "اويل برايس"، فان كل طرف لا يمتلك الحرية للتصرف "بشهامة" والتخلي عن العوائد المالية التي قد يراها عامة الناس على انها نابعة من سوء تصرف سياسي.
ويتداخل مع قضية الميزانية ايضا مسألة الالتزام بحصص التخفيض التي حددتها أوبك والتي التزم العراق بها، والتي ساهمت في التوتر بين الطرفين. واوضح الباحث ان وزير النفط العراقي احسان عبد الجبار المح الى ان تقسيم الإنتاج لم يتم بشكل صحيح، مشيرا الى ان انتاج البصرة تم تخفيضه بكمية مليون برميل كما شمل التخفيض حقول محافظة كركوك، كما عانت الشركات العاملة في اقليم كوردستان من تراجع الطلب خلال العام الحالي.
وكانت عمليات الحفر هي الاكثر تأثرا، فآبار الحفر في حقل "طاوكي" على سبيل المثال، انخفضت من اربع الى واحدة، والمباشرة بمشروع قره داغ للتنقيب تم تأجيله أيضا. ولهذا، فانه على الرغم من ان انتاج كوردستان يتجاوز بكثير 370 الف برميل يوميا المقترحة والمتفق عليها من الحكومة الاتحادية، فان احتمالات الإنتاج تأثرت بشكل ملموس بوباء كورونا.
ومن جهته، فان العراق نال حصته ايضا من تأخر المشاريع، لكن بسبب اتساع مصادر موارده بشكل أكبر، فان بامكانه زيادة انتاجه بشكل أسهل اذا احتاج الى ذلك. وعلى سبيل المثال، فان حقل الرميلة ينتج حاليا 200 الف برميل يوميا اقل مما كان عليه قبل وباء كورونا. اما حقل القرنة الغربي-2 فقد خفض انتاجه بحوالي 120 الف برميل يوميا. اما حلفايا والقرنة الغربية-1 فلديهما قدرة انتاج 100 الف برميل اضافي يوميا.
واوضح ان هذا يتعلق بحقول انتاج حالية فيما هناك مشاريع ضخمة تلوح في الافق القريب، كمشروع "لوك أويل" في حقل "اريدو" الذي يضم 2.5 مليار برميل وبامكانه وحده ان يعزز انتاج العراق بنحو 300 الف برميل يوميا بداية من العام 2023.
وفي هذا الإطار، اقترح الكاتب اعادة انشاء شركة نفط وطنية شاملة، يكون بامكانها بطريقة منظمة ان توحد مصالح السلطات الاتحادية وحكومة اقليم كوردستان، مذكرا بأن شركة "سومو" الوطنية لم تعد فاعلة منذ اكثر من 30 سنة، حيث فككها صدام حسين في العام 1987 الى عدة شركات.
والآن، بينما يتولى احسان عبد الجبار مسؤولية وزارة النفط العراقية (والذي كان المدير العام لشركة نفط البصرة، الأكبر إنتاجا للنفط)، فان هناك إجماعا داخل الحكومة بإعادة شركة النفط الوطنية خلال الربع الثالث من العام 2021 او الربع الأول من العام 2022.
واشار التقرير الى ان التحرك من اجل احياء شركة النفط الوطنية ليس جديدا، وقد حاولت بغداد استخدامه من اجل ممارسة ضغط على اربيل للتوصل الى صفقة، مضيفا ان القانون الاتحادي صوت عليه من جانب البرلمان في مارس/اذار 2018، لكن لاحقا الغته المحكمة العليا التي اعتبرت ان العديد من بنوده غير دستورية.
والغائب فيما بين بغداد واربيل بحسب الكاتب، هو الإحساس بأن هناك مصاعب ومخاطر مشتركة. وحذر كاتونا من ان النزاع الان، فيما الطرفان يعانيان الى هذا الحد، يشكل استراتيجية لإلحاق الهزيمة بالنفس.
وبناء على ذلك، فان الملامح الأولى للصفقة ربما تكون قيد الاختمار فعلا. وكما تم الاقتراح في السنوات الماضية، فان بغداد وافقت على تحويل نحو 250-260 مليون دولار شهريا الى حكومة اقليم كوردستان لتغطية نصف نفقات رواتب القطاع العام. وعلى الرغم من ان حكومة الاقليم ما زالت تفاوض من أجل الحصول على المزيد، وحتى بالعودة الى اتفاق العام الماضي (12.67 في المئة من الميزانية الاتحادية مقابل مداخيل 250 ألف برميل من النفط يوميا)، فانها تبدو تسوية مقبولة من الطرفين.
والان، فان المفتاح يكمن بعدم المبالغة في التفاوض، بحسب ما خلص تقرير موقع "أويل برايس" المتخصص.