حرب غزة تلقي بظلالها على بريطانيا.. تحذير لحزب العمال من مصير أشبه بـ"حرب العراق"
شفق نيوز/ حذرت صحيفة "الغارديان" البريطانية، يوم الخميس، من تكبد حزب العمال البريطاني ثمناً سياسياً يكون أشبه بحرب العراق 2003، نتيجة موقفه من حرب غزة الدائرة حالياً بين حماس وإسرائيل، وقال إن الخسارة قد تتفاقم في حال نفذت إسرائيل هجومها على رفح.
وذكر التقرير البريطاني الذي ترجمته وكالة شفق نيوز، أنه "برغم النتائج الجيدة التي حققها حزب العمال في الانتخابات المحلية التي جرت في الاسبوع الماضي، الا انه من غير الممكن تجاهل قدرة حرب غزة على دفع شريحة اقلية كبيرة من ناخبي الحزب الى اماكن اخرى"، موضحا ان "التوغل الإسرائيلي الأخير في رفح، واحتمال شن هجوم عسكري واسع، هو بمثابة تذكير بأن حرب غزة، تساهم بشكل متزايد بعرقلة عمل حزب العمال".
واعتبر التقرير ان "التاريخ لا يميل الى تكرار نفسه، ولهذا، فان مساواة غزة بالعراق على نحو آلي اكثر مما يجب، سوف يكون أمراً مضللاً"، مبينا أن "حزب العمال كان في العام 2003 موجودا في السلطة، ولم يكن في المعارضة مثلما هو الوضع حاليا".
وذكر التقرير بأن "توني بلير كان يريد أن تشارك بريطانيا بشكل مباشر في الاطاحة بصدام حسين، في حين ان زعيم الحزب حاليا (كير ستارمر)، مثله كمثل الحكومة البريطانية حاليا، يقف بدرجة كبيرة على هامش الصراع في غزة".
وتابع التقرير مقارنته قائلا، إن "بلير كان يفضل القيادة من موقع متقدم، في حين ان ستارمر يتسم بحذر أكبر، في حين ان المشاعر المناهضة للحرب حاليا، تركز على القضايا الانسانية اكثر من التركيز على الأفعال التي يرتكبها السياسيون البريطانيون".
إلا أن التقرير قال إن "ارتدادات ذلك ليست عاطفية فقط، والأكثر اهمية انها انتخابية أيضا"، موضحا ان "سياسة بلير في العراق كلفت حزب العمال خمس أصواته في انتخابات العام 2005".
واضاف ان "المعارضة ضده اصبحت شخصية، وهو ما ادى الى التسريع برحيله وفتح طريق السياسة أمام عودة المحافظين في عهد ديفيد كاميرون".
وتابع التقرير أن "حرب العراق ساهمت في التراجع الطويل لحزب العمال في اسكتلندا، وفي تعزيز الديمقراطيين الليبراليين، وإنتاج حزب جديد، والتركيز على المسلمين والطلاب بقيادة جورج غالواي".
واضاف التقرير ان "ذلك ساهم مع مرور الوقت، بانتخاب جيريمي كوربين كزعيم لحزب العمال، كما أن الحرب ظلت تلقي بظلالها على سمعة بلير وسياسات حزب العمال حتى أيامنا الحالية".
وذكر التقرير ان "حزب العمال، برغم انتصاراته في الأسبوع الماضي في رئاسة البلدية والمجالس، الا ان اصواته انهارت في أماكن اخرى من بينها بلاكبيرن وكيركليس واولدهام، بينما سجلت العديد من مجالس الشمال وميدلاندز الأخرى تقلبات كبيرة مناهضة لحزب العمال".
وفي هذا الاطار، اشار التقرير الى ان "اكثر من 70 ألف شخص أدلوا بأصواتهم لصالح أحمد يعقوب، وهو مرشح مستقل مؤيد للفلسطينيين، في التنافس على رئاسة بلدية وست ميدلاندز".
ولفت التقرير الى، أنه "بينما كان اكثر من 20% من الناخبين من المسلمين، فإن أصوات حزب العمال تراجعت في المتوسط بنحو 18%". وتابع التقرير أن "النتيجة النهائية بشكل عام فيما يتعلق بالمقاعد التي حصدها حزب العمال، تعكس الأداء الضعيف بدرجة كبيرة".
وحذر التقرير من أن "النجاحات التي حققها الحزب وتقدمه في استطلاعات الرأي، قد تشكل اغراء لزعيمه ستارمر ومن حوله بالتقليل من شأن الضربات التي تلقاها الحزب فيما يتعلق بغزة".
وذكر التقرير بان ستارمر قال في تصريح في اكتوبر/تشرين الاول الماضي، إن لاسرائيل الحق في منع الكهرباء والمياه عن المدنيين في غزة، وهو ما أثار عاصفة".
واضاف التقرير ان "برغم قول ستارمر لاحقا أنه قد أسيء فهمه، وان الحزب قام لاحقا بتغييرات في موقفه السياسي، الا ان انتخابات الأسبوع الماضي، أظهرت أن تلك العاصفة لا تزال قوية كما كانت".
وقال منسق الانتخابات في حزب العمال، بات ماكفادين، في نهاية الأسبوع إن "حزب العمال سيعمل على استعادة هذا الدعم المفقود.
وهذا أمر حكيم، على الرغم من أنه ليس من الواضح ما إذا كان ماكفادين أو ستارمر لديهما استراتيجية مصالحة. لكن من المهم أن يحاولوا، لأن ما حدث يوم الخميس الماضي كان مهما للحاضر والمستقبل".
وقال التقرير، إن "قضية حرب غزة قد لا تكون مؤثرة كثيرا على حزب العمال في الانتخابات العامة المقبل، باعتبار أن الدوائر الانتخابية البرلمانية اكبر بكثير من الدوائر الانتخابية للمجالس البلدية والمحلية"، موضحا أنه "ليس هناك عدد كبير من المقاعد حيث يكون الناخبون المسلمون بهذه الضخامة وبما يعرض حزب العمال للخطر".
إلا أن التقرير حذر من انه لا يمكن لأحد أن يكون واثقا تماما، خصوصا في حال كانت الحرب والقتل مستمران في غزة، مشيرا الى ان بعض اعضاء البرلمان من حزب العمال في أماكن مثل برمنجهام ومانشستر، سيشعرون بالتوتر".
وبعدما أشار التقرير إلى ان "التراجع في دعم حزب العمال لم يقتصر على الناخبين المسلمين، وانما ايضا لان حزب الخضر يحقق صعودا كبيرا في أنحاء انجلترا، قال، إن "ناخبي حزب العمال من المسلمين، يشكلون خليطا استثنائيا، فهم نادرا ما يكونون تقدميين ليبراليين او علمانيين، والعديد منهم من المحافظين اجتماعيا فيما يتعلق بحقوق المرأة والتوجهات الجنسية، الا أنهم في الوقت نفسه، منشغلون بشكل كبير بقضايا السياسة الخارجية التي يرتبطون بها".
واعتبر التقرير أن "سياسة حزب العمال فيما يتعلق بغزة شهدت تحولا لتصبح أكثر انتقادا لإسرائيل مقارنة بما كانت عليه في تشرين الاول/اكتوبر الماضي". وأوضح التقرير أن "وزير خارجية الظل ديفيد لامي، تحدث أمام مجلس العموم قبل أيام ضد الهجوم على رفح، مؤيدا الوقف الفوري لاطلاق النار ودخول المساعدات الى غزة، معتبرا أن "طريقة معاملة اسرائيل للناس في غزة يمكن ان تشكل جريمة حرب، وإن الهجمات قد تمثل انتهاكا للقانون الدولي، موجها انتقادات مباشرة لرئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو".
وختم التقرير بالقول إنه "برغم ذلك، فان كل هذا لم يكن يشكل أهمية كبيرة عندما توجه الناخبون المسلمون او اليساريون في حزب العمال الى صناديق الاقتراع يوم الخميس الماضي، حيث أنه لم يكن يهمهم سوى المقابلة التي أجراها ستارمر قبل 6 أشهر"، مضيفا أن "زعيم الحزب ستارمر لم يبذل سوى القليل من الجهد العام من اجل تهدئة هؤلاء الناخبين واحتضانهم واعادة بناء العلاقات معهم".
وخلص التقرير بالقول، إن "الاستمرار بشكل لا مبال بهؤلاء الناخبين يبدو مقامرة كبيرة، حيث أن الثمن الانتخابي الذي جرى دفعه بسبب اهمالهم كان شديد الوضوح في الأسبوع الماضي.
وحذر التقرير من أنه "في حال انزلقت رفح الى ازمة انسانية أكبر، فإنه من المرجح ان يتزايد الثمن السياسي وخصوصا على المدى الطويل".