جمع المساعدات الإنسانية.. ظاهرة تتصاعد وتثير الشكوك جنوبي العراق
شفق نيوز/ تشهد محافظات جنوبي العراق، في الآونة الأخيرة، تصاعد ظاهرة جديدة تثير الانتباه وتشكل تحدياً جديداً أمام السلطات المحلية، وتولد قلقاً حقيقياً بين السكان بشأن تداعياتها على حياة المواطنين والمجتمع، ما يستدعي تحركاً سريعاً لمواجهتها.
وتتمثل هذه الظاهرة في جمع مبالغ مالية من قبل مجاميع من المواطنين لدعم ومساعدة المرضى المصابين بحالات مستعصية، ومع مرور الوقت، بدأت هذه الحملات تتصاعد، لكن ما كانت بداية إيجابية سرعان ما تحولت إلى مصدر شك وقلق لدى المواطنين.
فبالرغم من النوايا الحسنة والغرض النبيل من هذه الجهود الإنسانية، إلا أن الشكوك بدأت تتعاظم بشأن تصرفات بعض الأشخاص المشبوهين الذين ينظمون هذه الحملات، والذين يبدو أنهم يستغلون هذه الظروف الصعبة لتحقيق مكاسب شخصية أو لأغراض غير شريفة.
مواطنون ضحايا
يقول "أبو علي" من اهالي محافظة البصرة، لوكالة شفق نيوز، وهو شخص كفيف البصر وهو مصاب بمرض كلوي مزمن، أنه "تفاجئ من قيام مجموعة من الشباب بتعليق صورته في أحد البوسترات الخاصة بهم وعرضها في منتصف أحد الطرق النائية، حيث ابلغه احد الجيران بهذا الشأن"، لافتا الى ان "هؤلاء يستفيدون من عرض حالتي الصحية لاستحصال الأموال من المواطنين المتبرعين بحجة معالجتي إلا أنهم في الحقيقة يمتهنون مهنة تسليب المواطنين بطريقة غير مسبوقة لدى مجتمعنا المحلي".
واضاف، "لمتابعة الحالة قدمت شكوى ضد هذه العصابات أمام الجهات التحقيقية المختصة لغرض ملاحقتهم، كما قمت بتسجيل مقطع فيديو وبثه في التواصل الاجتماعي لغرض البراءة من هذه الأفعال، حيث يتم استحصال أموال من المواطنين البسطاء بسببي".
حقيقة وجود تواطؤ أمني؟
يقول مصدر محلي رفيع المستوى، لوكالة شفق نيوز، ان "التقارير الاستخبارية رصدت عصابات مختصة بهذا الشأن، تقوم بتمويه المواطنين في الطرقات عن حالات مرضية مستعصية يتطلب علاجها ملايين الدنانير، لحملهم على دفع الأموال بحجة علاج هؤلاء المصابين".
وأضاف المصدر الذي ارتأى عدم الإشارة لاسمه ومنصبه، أن "تقارير أمنية تبين أن بعض العصابات تتمتع بغطاء أمني من بعض العناصر والضباط في المناطق الجنوبية من البلاد".
وعن هذا الموضوع، قال رئيس اللجنة الامنية في مجلس محافظة واسط، حبيب البدري، لوكالة شفق نيوز، ان "الحديث عن تواطؤ ضباط أمنيين غير صحيح اطلاقاً"، مؤكداً "نحن نمتلك معلومات كافية عن تلك الجماعات التي تجبي من المواطنين اموالاً لغرض علاج الحالات المستعصية، حيث أن خروجهم يكون تحت غطاء امني واهل المريض يكونون بقربهم ايضاً".
واضاف البدري، ان "الجماعات المشبوهة التي تأخذ الأموال بحجة مساعدة المرضى، سنتصدى لهم، لكن الذين ينتشرون حالياً هم اشخاص معروفين وايضاً مرضى معروفين بحالاتهم المستعصية وعدم القدرة على علاجهم داخل العراق ".
القضاء على الحالة
بدوره يوضح نقيب اطباء البصرة، وسام الرديني، لوكالة شفق نيوز، أبعاد القرار التي اتخذته نقابته مؤخراً بشأن مساعدة الحالات المرضية المستعصية، بالقول، ان "نقابة الأطباء ترفض ما يعرف بـ(الواسطة) بين الطبيب والمريض، حيث أنه على المريض مراجعة الطبيب ويبقى التقدير الاجتماعي للاخير في حالة مساعدته من عدمه.
ويبين، ان "الوسطاء باتوا يتاجرون بالحالات المرضية ويقومون باستغلال حاجتهم للعلاج، حيث ان بعض المرضى تحسنوا واكتشفنا ان هؤلاء الوسطاء ما يزالون يطالبون بالمساعدة باسمه، وهذا نرفضه رفضاً قاطعاً".
واكد، ان "القوات الامنية لديها تقارير مفصلة عن هؤلاء الاشخاص، من خلال عمليات الرصد الخاصة بهم، لكن لا علم لنا فيما إذا اتخذت إجراءات قانونية بحق الوسطاء بين المريض والطبيب من عدمه".
وتابع الرديني، ان "توجيهات النقابة شددت على تواصل الاطباء مع الاجهزة الامنية بشأن فئة الوسطاء بين المريض والطبيب"، مؤكدا انه "بعد إصدار النقابة قرارها الأخير، تواصلت العديد من الجهات (الوسطاء) لغرض الحصول على شرعية، لكن النقابة رفضت هذا الشيء، كون هذه الجماعات لا تحمل أي صفة قانونية او تسجيل في دائرة المنظمات العامة في الامانة العامة لمجلس الوزراء".
ويضع هذا التحول في مفهوم هذه الحملات، السلطات المحلية والمجتمع أمام تحد جديد، حيث بات من الضروري التحقق من مصداقية وشفافية تلك الحملات، واتخاذ الإجراءات اللازمة لضمان استخدام الأموال بشكل صحيح وفعال، وحماية المواطنين من التلاعب والاستغلال في هذا السياق الحساس.