جدل في العراق.. أهم أعياد الشيعة يثير قلق السُنّة
شفق نيوز/ "عيد الغدير"، أهم الأعياد عند المسلمين الشيعة، وهي ذكرى تجديد الأتباع "البيعة والولاء" للإمام علي إبن أبي طالب، ابن عم النبي محمد، ويحرص المسلمون الشيعة على إحياء هذه المناسبة في العراق والعالم يوم (18 ذي الحجة) من كل عام.
وجرت العادة في هذه المناسبة تعطيل الدوام الرسمي في العراق خلال السنوات الماضية، كما أن مجلس الوزراء العراقي صوّت في جلسته الاعتيادية التي عقدها في 25 تموز 2023 على اعتبار "عيد الغدير" عطلة رسمية من كل عام.
دعوة الصدر
تصاعد الجدل مؤخراً حول هذه المناسبة، بعد أن دعا زعيم التيار الوطني الشيعي (التيار الصدري سابقاً) مقتدى الصدر، في 19 نيسان الجاري، البرلمان العراقي، إلى اعتبار "عيد الغدير" عطلة رسمية في العراق.
وقال الصدر، في بيان ورد لوكالة شفق نيوز، إنه "بأمر من الشعب العراقي والأغلبية الوطنية المعتدلة بكل طوائفها: يجب على مجلس النواب العراقي تشريع قانون يجعل من الثامن عشر من شهر ذي الحجة عيد الغدير الأغر عطلة رسمية عامة لكل العراقيين بغض النظر عن انتمائهم وعقيدتهم".
وتابع الصدر: "فالموصي والموصى له، لجميع من يؤمن بالإنسانية والخير والعدل"، مطالباً التيار الوطني الشيعي "مساندة هذا القرار بكل الوسائل السلمية المتاحة والقانونية كل بحسبه".
ولفت الصدر، إلى أن "هذا الأمر فيه نصرة للدين والمذهب والعقيدة والوطن ولكل محبي الاعتدال من الشيعة والسنة والمستضعفين الذين دافع عنهم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب".
وفي تطور لافت، أعلن مجلس النواب العراقي، في 24 نيسان الجاري، تسلمه مقترح قانون "عطلة عيد الغدير" من قبل النائب برهان المعموري، كما ووجه بإحالته إلى اللجنة القانونية امس السبت للمضي بإجراءات تشريعه.
تواقيع نيابية
ويتزامن ذلك، مع توقيع أكثر من مئة نائب في البرلمان العراقي، طلباً موجهاً إلى رئيس البرلمان، يطالبونه فيه بالموافقة على مشروع قانون العطلات الرسمية في البلد، والمتضمّن إعلان عيد الغدير عطلة رسمية لجميع أبناء الشعب العراقي.
وطالب الأعضاء - بحسب الطلب الرسمي - من رئيس مجلس النواب بـ"إدراج مشروع قانون العطلات الرسمية والمتضمّن عطلة (عيد الغدير الأغر) على جدول أعمال جلسة مجلس النواب لغرض القراءة الأولى".
وأكّد الموقّعون على هذا الطلب، أن "هذه المناسبة العطرة يجب أن تكون عيداً لكل العراقيين وعطلة رسمية معترف بها في العراق".
وفي هذا السياق، أكد العضو عن تحالف إدارة الدولة، النائب علي نعمة البنداوي، أن "العمل على عطلة عيد الغدير بدأ منذ أكثر من عام، ويتم حالياً جمع تواقيع من قبل أعضاء البرلمان من أجل قراءته قراءة أولى وثانية ومن ثم التصويت عليه، وتجاوزت التواقيع النيابية حتى الآن 150 توقيعاً، حيث هناك ضرورة ملحّة لإقرار قانون العطلة".
وأوضح البنداوي، خلال حديثه لوكالة شفق نيوز، أن "في كل المذاهب والمعتقدات الدينية هناك يوم مقدس يتم احترامه من قبل الجميع، ويعتبر عيد الغدير العيد الأكبر للمسلمين الشيعية، ولا ضير أن يكون عطلة لممارسة الاحتفالات فيه".
قيد الإنجاز
بدوره، قال عضو اللجنة القانونية النيابية، عارف الحمامي، إن "مجموعة من النواب قدموا مقترح قانون عطلة الغدير وهو حالياً قيد الإنجاز، وإذا وصل لمراحل متقدمة واكتملت أركانه القانونية وعُرض للتصويت، فسيتم التصويت عليه من قبلنا".
وأضاف النائب عن ائتلاف دولة القانون، في حديث لوكالة شفق نيوز، أن "أي مقترح قانون أو مشروع قانون عند اكتمال أركانه القانونية من حيث جوانبه التشريعية واللجان المختصة ويعرض للتصويت، فإن حصل على موافقة البرلمان يكون القانون ساري المفعول، أما إذا لم يحصل توافق عليه يرفض".
قانون حساس
في المقابل، رأى السياسي والنائب السابق، مشعان الجبوري، أن تحويل عيد الغدير إلى عيد وطني سيؤدي الى مشاكل وحساسيات الشعب العراقي في غنى عنها.
وقال الجبوري في تدوينة على منصة "إكس"، أمس السبت، إن "محاولة تشريع قانون يجعل من عيد الغدير عطلة وطنية رسمية يعني عملياً تبني سردية دينية شيعية تتعلق بالإمامة -الولاية التي يُكفِّر أغلب علماء الشيعة منكرها بشكل غير قابل للتأويل ولا وجود لها بالمطلق في السردية السنية".
وأضاف: "يحق للشيعة الاحتفال بعيد الغدير كما يشاؤون، لكن تحويله إلى عيد وطني وفرضه حتى على من تكفرهم هذه السردية وهم نصف الشعب العراقي سيؤدي الى مشكلات وحساسيات الشعب العراقي في غنى عنها".
قانون 110
وعن الموقف القانوني لإضافة عطلة جديدة، يوضح الخبير القانوني، علي التميمي، أن "أي عطلة يمكن أن تُضاف إلى قانون 110 لسنة 1972، وتكون وفق اقتراح من مجلس الوزراء إلى البرلمان".
وبحسب التميمي، الذي تحدث للوكالة، يمكن بعد ذلك للبرلمان إضافة أو تعديل القانون بإضافة عطلة الغدير أو غيرها إلى القانون لتكون عطلة رسمية وفق السياقات التشريعية المنصوص عليها في الدستور العراقي".
ووفق الروايات الشيعية، فإن يوم (18 ذي الحجة) هو اليوم الذي خطب فيه النبي محمد خطبة عيَّن فيها الإمام علي بن أبي طالب مولًى للمسلمين من بعده، حيث يعتقد الشيعة بأن النبي قد أعلن عليًّا خليفة من بعده أثناء عودة المسلمين من حجة الوداع إلى المدينة المنورة في مكان يُسمى بـ"غدير خم" سنة 10 للهجرة الموافق 631 ميلادي فاكتسب هذا اليوم اسم المكان.
وتعتبر زيارة الإمام علي بن أبي طالب، في مناسبة عيد الغدير، من الأعمال التي يتقرب بها المسلمون الشيعة إلى الله، وتقام خلالها سلسلة من الطقوس بينها الدعاء.