ثقافة "الجندر" تشغل العراقيين وتحذير من شيطنة المصطلح
شفق نيوز/ انشغل جزء كبير من العراقيين خلال الأسابيع القليلة الماضية، بنقاش غير معتاد، على الأقل بشكل واسع، بخصوص الهوية الجندرية والنوع الاجتماعي.
وأثار النقاش ظهور فيديو، تبين لاحقا إنه يعود لعامين، يتحدث فيه رئيس تيار الحكمة عمار الحكيم، عن ضرورة إشاعة "ثقافة الجندر" ودعمها.
وأشعل الفيديو هجوما واسع النطاق على الحكيم، يندر أن تتعرض له شخصية دينية في العراق، دفع الحكيم إلى نشر تغريدة ينفي فيها أنه "يدعو لتذويب الفوارق بين الجنسين".
وفي هذا الصدد، أشار خبراء إلى أن النقاش العراقي بجزء كبير منه "يقوم على فهم خاطئ" للمصطلحات، وقد يكون "نتيجة الصراعات السياسية التي تعتمد على تسقيط الخصوم من خلال إثارة الرأي العام".
"ثقافة الجندر"
وقالت الباحثة الاجتماعية العراقية، رند الفارس، إن هناك خلطا بين "النوع الاجتماعي" والتمييز القائم على النوع الاجتماعي، وموضوع مختلف آخر هو "الهوية الجنسية"، والتي تعني "التجربة الشخصية العميقة" للفرد، والتي "قد تتوافق أو لا تتوافق مع جنسه البيولوجي" أو جنسه المحدد عند الولادة.
ويثير هذا الخلط، وفقا للفارس، سوء فهم يهدد الباحثين والناشطين المطالبين بالمساواة بين الجنسين، الذين يستخدمون مصطلح "الجندر" بتعريفه العلمي، لتسليط الضوء على القيود الاجتماعية التي تعيق تنمية الأفراد من النساء والرجال.
وأمس الخميس، أصدر ائتلاف دولة القانون، وهو جزء كبير من كتلة الإطار التنسيقي الحاكمة في العراق، بيانا قال فيه إن "مصطلح الجندر يتعارض مع الدين والأعراف والقيم الوطنية وأحكام الدستور العراقي".
وقالت النائبة عن الائتلاف، ضحى القصير، في مؤتمر صحفي بمشاركة أعضاء الكتلة إن المصطلح "اتضح أنه يرمز إلى ظاهرة شاذة، هي الاعتراف بنوع ثالث للجنس البشري غير الذكر والأنثى".
ووفقا للباحثة الفارس، فإن هذا البيان "يمثل جانبا من سوء الفهم الواضح للمصطلح" الذي يستخدم للتعبير عن تصنيفات اجتماعية علمية بعيدة عن الفهم الشائع حاليا.
وتابعت بالقول إن "مصطلح الجندر، أو النوع الاجتماعي، يستخدم في الدراسات التي تنظر في تأثير الظروف والتقاليد الاجتماعية على الرجال والنساء".
وأضافت: "على سبيل المثال، ينظر المجتمع إلى مهن معينة على أنها محصورة بنوع اجتماعي واحد، إما للرجال أو النساء"، وبالتالي سيتعرض الرجل الذي يعمل في مهنة "نسائية" إلى التمييز وأحيانا الاعتداء، وكذلك المرأة.
ورأت الفارس أن هذا "يخلق حالة تمييز لا تنحصر فقط بالفرص الاقتصادية، وإنما يمتد التمييز القائم على النوع الاجتماعي إلى مجالات أخرى: قانونية، مثل حضانة الأطفال والإعالة، واجتماعية، مثل تركيبة الأسرة وديناميكيتها، بل وحتى إدارية، حيث أثبتت البحوث أن النساء والرجال يتلقون معاملة مختلفة عند مراجعة دوائر الدولة".
وحذرت من أن "شيطنة" مصطلح النوع الاجتماعي أو الجندر بهذه الطريقة قد تؤدي إلى عرقلة التقدم الذي حققه العراق، ولو كان نسبيا، على طريق تحقيق المساواة بين الرجال والنساء.
الجندر والجنس
ويعرف موقع "Dictionary" القاموسي مصطلح Genderism على أنه "التقسيم الثنائي للنوع الإنساني إلى جنسين فقط، وأن جندر الشخص يحدد من الولادة وأن التعبير الجندري يحدد وفقا للجندر المُعلن لدى ولادته"، أي ذكر أو أنثى.
ويعرّف موقع الأمم المتحدة الجندر بأنه "الأنماط السلوكية – الاجتماعية التي يصنف المجتمع على أساسها الفرد بكونه رجلا أو أنثى، ويتعامل معه على هذا الأساس".
ويشير موقع مؤسسة الأمم المتحدة للمساواة بين الجنسين ودعم النساء إلى أن النوع الاجتماعي (Gender) هو مصطلح لوصف "السمات والفرص الاجتماعية المرتبطة بكونك ذكرا وأنثى وميكانيكيات العلاقة بين النساء والرجال والفتيات والفتيان".
ويضيف أن "هذه الصفات والفرص والعلاقات مبنية اجتماعيا ويتم تعلمها من خلال عمليات التنشئة الاجتماعية وتحدد ما هو متوقع ومسموح به وقيّم لدى المرأة أو الرجل في سياق معين".
أي أن الجندر هو مصطلح لوصف "النظام الذي يحدد حقوق الأفراد وواجباتهم وتواصلهم بين بعضهم البعض وفقا لجنسهم".
وفي الحقيقة، تنتقد الأمم المتحدة "الجندرية" باعتبارها "نظاما هرميا تنتج عنه أوجه عدم مساواة تساهم في تعزيز انعدام المساواة في مواضيع اجتماعية واقتصادية أخرى"، ولكونه "يتقاطع مع عوامل التمييز الأخرى مثل العرق والوضع الاجتماعي وغيرها".
كما أن موقع الأمم المتحدة يشير إلى أن الفرق الأساسي بين "النوع الاجتماعي (الجندر)" و"النوع الجنسي (الجنس)" هو أن الجنس يشير إلى الخصائص البيولوجية الذكرية أو الأنثوية، بينما يشير النوع الاجتماعي إلى "توقعات المجتمع" من الفرد، وفقا لجنسه، والتي "تتباين بين مجتمع وآخر".
المصدر: الحرة