تلوث خطير في مياه كركوك يحول وجهة سياحية إلى مصدر للأمراض
شفق نيوز/ تعتبر منطقة "صاري تبة" الواقعة جنوب كركوك، أحد الأماكن التي تقصدها آلاف العوائل في موسم الربيع للتنزه، وتشتهر بطبيعتها الخلابة ومن أبرز معالمها الجداول وعيون المياه العذبة، لذلك تعد منطقة جذب سياحي خلال موسميّ الربيع والصيف.
ومع حلول فصل الربيع تخرج المئات من العوائل نحو المنطقة المواقع السياحية تظهر أمامهم "كهاريز" وعيون مائية تضيف جمالية لمناطق كركوك، و"الكهاريز" هي مجموعة آبار يفصل بين الواحدة والأخرى نحو 100 قدم، وتتصل ببعضها البعض عبر قناة تجري تحت الأرض بنحو 60 إلى 80 قدماً، ويبلغ عرضها مترا وعمقها يتراوح بين 2- 4 أمتار، ومياهها عذبة وتنبع معظمها من نهر "خاصة صو"، أحد الروافد المغذية لنهر دجلة.
وتعد كركوك (255 كم شمال العاصمة بغداد)، من المناطق التي يقل فيها تساقط الأمطار، عدا نهر الزاب الذي يمر من ناحية "التون كوبري" المحاذية لمحافظة أربيل عاصمة إقليم كردستان، ويستمر بالجريان نحو قضاء الدبس ومنها يدخل محافظة صلاح الدين ليفارق النهر أرض المحافظة التي تحتاج الكثير من مساحاتها للارواء بسبب قلة الواردات المائية من دول الجوار لنهري دجلة والفرات.
لكن كركوك تمتلك العشرات من الكهاريز والعيون ولعل اشهرها واكثرها جمالية تلك التي تستعد للدخول ضمن لائحة التراث العالمي خلال العام الحالي.
تلوث خطير يصيب المياه
ويقول احمد عبد الستار، احد سكان منطقة صاري تبه (25 كم جنوب كركوك)، لوكالة شفق نيوز، إن "منطقة صاري تبه تعتبر واحدة من مناطق كركوك السياحية لما فيها من مساحات خضراء ومياه العيون والكهاريز. ولكونها مياه تخرج من باطن الارض فهي عذبة وصالحة للشرب والسقي وهذه العيون منذ عشرات السنوات معروفة لدى أهالي كركوك حين يقصدونها للتنزه".
ويجلس عبد الستار أمام مجرى النهر الذي تحول من مكان للمياه العذبة الى مياه ملوثة بمياه المجاري، ويقول "اصبحت مكبا لمياه الصرف الصحي من كركوك وحولت المياه العذبة الى مياه خطيرة حاملة للأمراض والأوبئة، وكان الاولى بالدوائر الحكومية تعزيز جمالية هذه العيون الطبيعية".
ويشير إلى أنه "على دائرة المجاري في كركوك ابعاد مسار ضخ المياه الثقيلة عن المجرى المائي الذي يخرج منه المياه العذبة والتي هي مصدر مهم من مصادر المياه في كركوك".
ويقول خالد محمد، احد سكان منطقة صاري تبه، لوكالة شفق نيوز، إن "المجرى الذي كان مقصد للسياحة في الربيع تحول مصدر لاصابة ابناء المنطقة بالأمراض المختلفة وخاصة منها الجلدية والمعوية لان القرية فيها اغنام وابقار تشرب من هذه المياه وبدورها تنقل الأمراض لاهالي القرية وظهرت اصابات متعدد بامراض سببها مياه الصرف الصحي التي لوثت المنطقة".
من جانبه، يوضح مدير مجاري كركوك احسان وهبي لوكالة شفق نيوز، أن "مشروع مجاري كركوك يعتبر واحد من اهم المشاريع المنفذة من قبل وزارة الإعمار والإسكان وتبلغ تخصيصات المشروع بنحو 136 مليار دينار وسوف يساهم بتغطية كركوك بشبكة مجاري مكتملة وتساهم في تقليل تلوث المياه".
وعن مياه منطقة صاري تبه وتلوث مياه العيون فيها، يشير إلى أن "مسارات تصريف المياه تم اعتمادها وفق مخططات مدروسة ومنها خط صاري تبه كون محطة تصفيه المياه ومعالجتها قريبة وتصريف المياه كان ضمن مجرى نهري قديم وهي من المسارات البعيدة عن المناطق السكنية ولكثرة التجاوزات على الاراضي وحتى مسارات الانهر تم التجاوز عليها وبناء مساكن عندها وهذا مخالف للقانون".
وتابع "مجرى تصريف المياه تقوم دائرتنا بمعالجتها وتحويلها الى مياه صالحة للسقي والزراعة وليس كنا يقول الأعالي وهذه المياه المعالجة نقوم بتنقيتها ومن ثم طرحها في مسارات حركة المياه لتكون صالح للسقي والزراعة ونساهم في تقليل تلوث المياه".
وأطلقت وزارة الصحة العراقية في العام 2022، بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية (WHO) واليونيسف، اليوم، نتائج التقييم الشامل للمياه والصرف الصحي والنظافة الصحية (WASH) وخدمات منع انتشار العدوى في مرافق الرعاية الصحية في العراق، بتمويل من الحكومة الألمانية.
وأجري التقييم على 3624 منشأة صحية في العراق. وقد أشارت نتائج التقييم إلى أن توفير المياه، والصرف الصحي، ونظافة اليدين، والنظافة البيئية، وإدارة نفايات الرعاية الصحية وخدمات منع انتشار العدوى في المرافق الصحية تعاني إلى حد كبير من معوقات نقص الموارد المالية، والصراعات وغياب المراقبة والمحافظة على الملكية العامة.
لقد واجه التقدم في إعادة بناء نظام الرعاية الصحية في العراق العديد من العراقيل بسبب عدّة من العوامل المتعلقة بالصراعات، وغياب الاستقرار، بما في ذلك جائحة كورونا. يواجه نظام الرعاية الصحية العام عقبات مزمنة، حيث أن نصف مرافق الرعاية الأولية في البلاد لا يوجد فيها كوادر طبية، ومعظم هذه المباني لا تحتوي على مياه جارية. وهذا يشير إلى ضرورة إجراء تقييم لتوافر وحالة خدمات المياه والصرف الصحي والنظافة الصحية وتدابير منع انتشار العدوى داخل المنشآت الصحية بغية اثراء السياسات وبرامج المياه والصرف الصحي والنظافة الصحية بالمعلومات.
ويهدف التقييم إلى تعزيز مراقبة تدابير المياه والصرف الصحي والنظافة وتدابير منع انتشار العدوى في المنشآت الصحية وإيجاد تحليل للثغرات، مما قد يؤدي إلى تنفيذ التخفيف الممكن، أو الإجراء التصحيحي المطلوب، وجذب انتباه صانع القرار وضعية المياه والصرف الصحي والنظافة وتدابير منع انتشار العدوى في المنشآت الصحية.
كما تم تصميم لوحة معلومات رقمية للرصد والتحليل عبر الإنترنت لمساعدة اليونيسف، ومنظمة الصحة العالمية، ووزارة الصحة على تعزيز البنية التحتية لخدمات المياه والصرف الصحي والنظافة الصحية أو المنشآت الصحية عموما.
وتعد خدمات المياه والصرف الصحي والنظافة الصحية وخدمات منع انتشار العدوى في مرافق الرعاية الصحية ذات أهمية كبيرة في مجال الصحة العامة. فهي مرتبطة بتقليل انتقال العدوى المكتسبة من الرعاية الصحية.