تقرير أمريكي يرصد "تراخياً" في جهود مكافحة الإرهاب ويتساءل: أين ذهبت الحرب؟

تقرير أمريكي يرصد "تراخياً" في جهود مكافحة الإرهاب ويتساءل: أين ذهبت الحرب؟
2024-06-03T13:29:41+00:00

شفق نيوز/ ذكر موقع "VOX" الأمريكي أن الهجمات التي اعتادت الولايات المتحدة على تنفيذها خلال العقدين الماضيين، بما في ذلك غارات الطائرات المسيرة، ضد التنظمات والجماعات الإرهابية، أصبحت أكثر ندرة، وهدأت وتيرة "الحرب على الإرهاب".

وقال الموقع تقرير تحت عنوان "ماذا جرى للحرب على الإرهاب؟"، ترجمته وكالة شفق نيوز، إن الجيش الأمريكي نفذ غارة في بلدة اوجونجي، بالقرب من العاصمة الصومالية مقديشو في 10 آذار/ مارس الماضي، قتلت ثلاثة أعضاء من "حركة الشباب" المرتبطة بتنظيم القاعدة، وحدث كهذا لم يكن خلال العقدين الماضيين، ينال اهتماماً يذكر، حيث شنت الولايات المتحدة مئات الغارات الجوية والعمليات الخاصة سنويا في أنحاء العالم كافة، مستهدفة التنظيمات الإرهابية مثل القاعدة وداعش.

الحرب على الإرهاب

وتابع التقرير قائلاً إن مثل هذه الهجمات كالتي وقعت بالقرب من مقديشو، أكثر ندرة في هذه الأيام، مضيفا أن الحرب العالمية التي تقودها الولايات المتحدة تحت اسم "الحرب على الإرهاب" وطغت على السياسة الخارجية الأمريكية طوال الجزء الأكبر من العقدين الماضييين، أصبحت هادئة بشكل ملحوظ في أيامنا الحالية.

وبعدما لفت التقرير إلى أن الولايات المتحدة منخرطة في مواجهة مستمرة مع الجماعات الوكيلة المدعومة من إيران من اليمن إلى العراق، وتقدم المساعدة بشكل مثير للجدل لإسرائيل في حربها ضد حماس في غزة وفي الصراع الأقل حدة مع حزب الله اللبناني، قال إن الغارة قرب مقديشو كانت أول هحوم جوي أمريكي في الصومال منذ ما يقرب من شهر، ولم تقع غارة أمريكية أخرى منذ ذلك الوقت.

وأشار التقرير إلى أنه خلال عهد إدارة باراك أوباما، كانت باكستان بمثابة مركز لحروب الطائرات المسيرة الأمريكية، حيث تم تنفيذ ما لا يقل عن 353 غارة خلال فترة توليه منصبه، (بالإضافة إلى المداهمة التي نفذتها القوات الخاصة وأسفرت عن مقتل أسامة بن لادن في العام 2011).

إلا أن التقرير ذكرّ بأن آخر ضربة على الأراضي الباكستانية وقعت في العام 2018. وفي المقابل، فأنه من المعتقد أن الولايات المتحدة نفذت عدة ضربات استهدفت الفرع اليمني لتنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية في أوائل العام 2023، إلا أن أي هجمات جديدة لم تنفذ منذ ذلك الوقت.

ولفت التقرير إلى أنه عندما كانت القوات الأمريكية تنسحب من أفغانستان في آب/ أغسطس 2021، قال الرئيس جو بايدن للأمريكيين إن القتال ضد الجماعات الإرهابية في البلاد، وهو السبب المفترض لغزو أفغانستان قبل نحو 20 سنة، سيتواصل، إلا أنه خلال نحو ثلاث سنوات منذ ذلك الوقت، لم يكن هناك سوى مثالاً واحداً على تحرك الولايات المتحدة ضد تهديد من أفغانستان عندما نفذت غارة بطائرات مسيرة في آب/ أغسطس 2022 والتي قتلت زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري.

العراق وسوريا

وبالإضافة إلى ذلك، قال التقرير إن نشاط مكافحة الإرهاب سجل تراجعاً أيضاً في الشهر الماضي عندما أعلنت واشنطن عزمها سحب قواتها من النيجر بناء على طلب حكومة البلاد، بعدما كان للولايات المتحدة أكثر من ألف جندي متمركزين في النيجر، حيث يديرون قاعدة واسعة من الطائرات المسيرة لمراقبة الجماعات المسلحة في منطقة الساحل بشمال أفريقيا، حيث يتنامى الإرهاب العالمي، وإلى جانب ذلك، فقد جرى سحب قوات أمريكية من تشاد المجاورة بناء على طلب من حكومتها.

وذكر التقرير "هناك دولتان ما تزال الحرب على الإرهاب مستمرة فيهما هما العراق وسوريا، حيث تواصل وحدات قوامها نحو 2400 و800 جندي أمريكي على التوالي، المشاركة في العمليات التي تستهدف داعش جنباً إلى جنب مع الشركاء المحليين"، إلا أن التقرير قال إن داعش تضاءل حجمه بعدما كان ذات يوم يحكم مساحة بحجم بريطانيا، وذلك في وقت بدأت الحكومتان العراقية والأمريكية مفاوضات من أجل إنهاء الوجود الأمريكي الطويل في العراق.

وتابع التقرير أنه في حال فاز دونالد ترامب بالرئاسة في انتخابات تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل، فأنه من المرجح حدوث انسحاب للقوات الأمريكية المتبقية في سوريا.

ورأى التقرير أنه حتى لو لم تنته "الحرب على الإرهاب" تماماً، فإنها لا تشكل المبدأ التنظيمي بشكل مركزي للأمن القومي الأمريكي مثلما كان الحال بالنسبة للإدارات السابقة، موضحاً أن البيت الأبيض في عهد بايدن، على عكس كل الإدارات السابقة بعد هجمات 11 أيلول/ سبتمبر، لم تصدر إستراتيجية وطنية لمكافحة الإرهاب.

وتابع التقرير أن إستراتيجية الأمن القومي الصادرة في العام 2022، والتي تركز على "المنافسة الإستراتيجية" مع دول مثل الصين وروسيا، فإن قسم الإرهاب لا يتم تناوله سوى في صفحة واحدة فقط، ويأتي بعد قضية تغير المناخ وانعدام الأمن الغذائي.

وبالإضافة إلى ذلك، فإن البيت الأبيض أصدر توجيهات جديدة لوكالة المخابرات المركزية والبنتاغون، وضع من خلالها قيوداً وبروتوكولات أكثر صرامة كانت إدارة ترامب قد خففتها فيما يتعلق بتنفيذ ضربات الطائرات المسيرة وغارات القوات الخاصة التي تتم خارج مناطق الحرب المعلنة.

وإلى جانب ذلك، قال التقرير إن الجيش الأمريكي وكجزء من عملية إعادة هيكلة أكبر، أعلن أنه سيخفض آلاف الوظائف المرتبطة بمكافحة الإرهاب.

ونقل التقرير عن الباحث جافيد علي، المتخصص في مكافحة الإرهاب والذي عمل سابقاً لصالح مكتب التحقيقات الفيدرالي والبنتاغون ومجلس الأمن القومي، قوله إن "وظيفة أو مهمة مكافحة الإرهاب، استمرت إلا أنها لم تعد تتمتع بنفس الأضواء والتركيز الذي كانت تحظى به سابقاً".

التهديدات الإرهابية

وحذر التقرير من أن التهديد الإرهابي لم ينحسر بالكامل، وربما يكون في تزايد بالفعل، مذكّراً في هذا السياق بالهجمات الأخيرة التي وقعت في إيران وروسيا، بينما تقول السلطات الفرنسية إنها أحبطت مؤامرة لمهاجمة دورة الألعاب الأولمبية هذا الصيف.

وأضاف التقرير أن دولاً قليلة تريد عودة الحرب على الإرهاب التي كانت سائدة في السنوات الماضية، إلا أن هذا يمكن أن يحدث بسرعة في حال حدوث "انفلات أمني كارثي".

ونقل التقرير عن الباحث بشؤون الإرهاب في مركز "صوفان" الأمريكي كولين كلارك، قوله إن "تصحيح المسار كان أمراً حتمياً بعد 20 عاماً من الحرب العالمية على الإرهاب، وهو الشيء الصحيح، حيث ما من مبرر للإبقاء على الموارد عند المستويات التي قمنا بها في ذروة الحرب ضد تنظيم القاعدة أو سنوات ذروة خلافة داعش".

إلا أن كلارك أشار إلى أنه "يبدو أن البندول قد تأرجح من اتجاه إلى آخر، وهو ما قد يجعل الولايات المتحدة وحلفائها عرضة لهجوم جديد، حيث أنه ربما لم نعد مهتمين بالإرهاب، إلا أن الإرهابيين ما زالوا مهتمين بنا".

واعتبر التقرير أن التهديد الرئيسي في الوقت الحالي في المنطقة مصدره جماعة "ولاية خراسان" المعروفة أيضاً باسم "داعش خراسان"، مشيراً إلى أن التنظيم تحت مراقبة الولايات المتحدة، وأنها كانت قادرة على تقديم تحذير مسبق لكل من موسكو وطهران قبل الهجمات التي وقعت على أراضيهما، لكن لم تلتفتا إليها.

الشركاء العسكريون

وبالإضافة إلى عصر المراقبة، قال التقرير إن جزءاً كبيراً من الحرب على الإرهاب حالياً يتضمن توفير التدريب والمساعدة للشركاء العسكريين المحليين الذين يحاربون الجماعات الإرهابية، مثلما هو الحال مع العراق مثلاً حيث تشارك الولايات المتحدة في مهام مكافحة داعش مع قوات الأمن العراقية والكوردية، كما أنها تعمل في سوريا مع القوى السورية التي تسيطر على جزء كبير من شمال شرق البلد.

وأضاف التقرير أن القوات الأمريكية تعمل أيضاً في إطار يسمى بمهام "التدريب والمساعدة" في بلدان من الفلبين والأردن ولبنان، على الرغم من أن التركيز ينصب بشكل متزايد على أفريقيا.

ونقل التقرير عن مسؤول كبير في وزارة الخارجية الأمريكية قوله "لن نبقى في مكان لسنا مرغوبين فيه، ولكن لدينا بعض العلاقات المتنوعة في المنطقة، وشراكات تتطور هناك".

وبرغم أن التقرير قال إن الجماعات الإرهابية في المنطقة الأفريقية لم تظهر اهتماماً كبيراً بشن هجمات خارج القارة، إلا أنه نقل عن الباحث في مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية دان بايمان، قوله إنه "من الصعب التنبؤ بموعد تحول هذه الجماعات المحلية إلى العالمية"، مشيراً إلى أن حركة "الشباب" الصومالية التي نفذت هجمات في دول متعددة، وهاجمت القوات الأمريكية، وجندت مواطنين أمريكيين، تعتبر مثالاً رئيسياً على مثل هذه المجموعة المتحولة.

وذكر التقرير الامريكي أن الصومال تعتبر إحدى الدول التي تستمر فيها الحرب على الإرهاب بدرجة ما، مثلما كانت في أيام ما قبل بايدن، مضيفاً أنه بخلاف العراق وسوريا، فإن الصومال يعتبر المكان الوحيد الذي ما يزال فيه الجيش الأمريكي يعلن بشكل منتظم عن شن ضربات في إطار مكافحة الإرهاب.

ونقل التقرير عن الباحث في معهد "واشنطن" الأمريكي أرون زيلين قوله إن "الولايات المتحدة قد ترغب في التركيز على روسيا أو الصين أو الانسحاب من الشرق الأوسط، إلا أن داعش لا يبالي بذلك".

تحالف دولي لمكافحة الإرهاب

ورأى التقرير أن التحول نحو فكرة "التنافس بين القوى العظمى" من شأنه أن يعيق جهود مكافحة الإرهاب ويتيح للجماعات المتطرفة التي ما تزال تشكل تهديداً للولايات المتحدة، الفرصة لكي تنمو.

وتابع التقرير أن الافتقار إلى الثقة فيما يتعلق بالتعاون في مكافحة الإرهاب، يساعد التنظيمات الإرهابية بما فيها داعش، بسبب حقيقة أن أعدائها الكثيرين هم في كثير من الأحيان أعداء لبعضهم البعض، وهو ما جرى بالنسبة لروسيا التي اتهمت أوكرانيا بهجوم موسكو، وإيران التي اتهمت إسرائيل في هجوم كرمان.

وبعد مرحلة التقاء نادر بين الإيرانيين والأمريكيين خلال الحرب على الإرهاب في العراق، نقل التقرير عن زيلين قوله "ليس هناك نفس الإجماع اليوم الذي كان موجوداً في فترة ما بعد 11 أيلول/ سبتمبر"، مضيفاً أنه "ربما كانت هناك علاقات عدائية مع هذه البلدان وغيرها من البلدان، ولكن عندما يتعلق الأمر بالإرهاب، كان هناك نوع من اللغة المشتركة".

ونقل التقرير عن جنرال أمريكي قوله إن الجيش الأمريكي حالياً أقل انخراطاً في محاربة التنظيمات الإرهابية، موضحا أنه "أقل نشاطاً مما كان عليه خلال السنوات القليلة الماضية".

وحذر التقرير من خطر أن يؤدي هجوم 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023 لحركة حماس وتفاقم الغضب الكبير على إسرائيل والولايات المتحدة بسبب الحرب على غزة، إلى تأجيج المزيد من الهجمات الإرهابية أو أن تستخدمه الجماعات المسلحة من أجل التجنيد.

وختم التقرير بالتساؤل "هل من الممكن أن تعود الهجمات الإرهابية الخطيرة، حتى داخل الأراضي الأمريكية، ومعها الحرب على الإرهاب؟"، مضيفاً "دعونا نتأمل مثال إدارة أوباما، التي كانت سحبت القوات الأمريكية من العراق وسعت إلى الابتعاد عن الشرق الأوسط ومكافحة الإرهاب، ثم عادت إلى التركيز مرة أخرى بعدما أصبح التهديد الذي يشكله تنظيم داعش أكبر من أن يمكن تجاهله".

وخلص التقرير إلى القول إن الأسباب وجيهة التي تجعلنا نشعر بالسعادة لأن الولايات المتحدة تخطت سنوات "الحرب على الإرهاب"، وذلك بعد سقوط مئات المدنيين الذين قتلوا في غارات الطائرات المسيرة إلى الانتهاكات التي وقعت في سجن أبو غريب، وبعد الكشف عن "المواقع السوداء" التابعة للمخابرات الأمريكية وسجن غوانتانامو، بالإضافة إلى مليارات الدولارات التي جرى إنفاقها وآلاف الأرواح التي فقدت في الحروب في أفغانستان والعراق.

وأضاف قائلاً إنه "فصل لا يريد أحد العودة إليه، إلا أن الأمر لا يتطلب سوى وقوع هجوم كبير واحد حتى يتأرجح هذا البندول في الاتجاه الآخر".

ترجمة وكالة شفق نيوز

Shafaq Live
Shafaq Live
Radio radio icon