تشاؤم أمريكي بشأن العراق.. "الثأر الشخصي" و"مسألة الوجود" بين القوى الشيعية أوصدت الأبواب
شفق نيوز/ أثارت وكالة "اسوشيتدبرس" الامريكية ما وصفته "الجمود الخطير" القائم في مرحلة ما بعد الانتخابات العراقية حيث لا تزال البلد بلا حكومة جديدة منذ 8 شهور وعدم وجود طريق واضحة للخروج من المأزق فيما تنهمك القوى السياسية في تنافس حاد على السلطة برغم التحديات المتزايدة التي تواجه العراق.
وبعدما لفت التقرير الأمريكي الذي ترجمته وكالة شفق نيوز؛ الى أن من بين الأزمات المتزايدة التي تواجه العراقيين، أزمة الغذاء الوشيكة الناجمة عن الجفاف الحاد والحرب في أوكرانيا، اعتبر انه بالنسبة الى المواطنين العراقيين العاديين، فان الامور كلها دائما ما تتأخر، مشيرا على سبيل المثال، الى ان حكومة تصريف الأعمال ليس بمقدورها تسديد مدفوعات الكهرباء الحيوية أو طرح خطط للاستثمار في القطاع مع حلول شهور الصيف، كما تعطلت الاستثمارات المرتبطة بالبنى التحتية للمياه، وتسبب نقص المياه والمخاوف المتعلقة بالأمن الغذائي إلى تأجيج الغضب بين العراقيين.
وفي حين اشار التقرير الى انتخابات العاشر من اكتوبر/تشرين الاول الماضي والتي كانت استجابة لتظاهرات شعبية تحتج على الفساد وسوء الخدمات والبطالة، ذكر بأن نتائج الانتخابات حققت الانتصار لرجل الدين مقتدى الصدر، وشكلت ضربة لخصومه المدعومين من إيران الذين خسروا حوالي ثلث مقاعدهم.
كما ان التقرير اشار الى ما اسماه "الثأر الشخصي" المستمر طويلا بين القوى الشيعية، في وقت وقف الصدر وحلفاؤه في جبهة واحدة، مقابل "الإطار التنسيقي" المؤلف من قوى وشخصيات شيعية مدعومة من إيران وحلفاء اخرين، بينما تمركز في الوسط نواب مستقلون، هو يعانون من الانقسام أيضا، في ظل محاولات من قبل القوى المتنافسة من أجل استمالتهم إلى أي طرف.
ونقل التقرير عن الباحث في "مؤسسة القرن" الأمريكي سجاد جياد قوله إن "المسألة لا تتعلق بالسلطة، وإنما تتعلق بالبقاء".
وذكر التقرير أن غضب المواطنين العراقيين يتزايد في ظل ارتفاع أسعار المواد الغذائية وتدهور ظاهرة الانقطاع في الخدمة الكهربائية، مستعيدا حادثة اضطرار الكاظمي الى مغادرة جنازة الشاعر مظفر النواب مؤخرا بسبب هتافات مناهضة للحكومة، ومستعيدا أيضا ما قالته ممثلة الأمم المتحدة في العراق جينين هينيس بلاسخارت مؤخرا متوجهة إلى القادة السياسيين العراقيين بان "الشوارع على وشك الغليان".
وبينما لم يتمكن الصدر من حشد تأييد كاف من نواب البرلمان من أجل الحصول على أغلبية الثلثين اللازمة لانتخاب رئيس جديد للجمهورية قبل تسمية رئيس الحكومة الجديد، اوضح التقرير ان "حكومة الاغلبية" الاولى من نوعها منذ بدء العمل بنظام التقاسم القائم على الإجماع فيما بعد الغزو الامريكي العام 2003، من شأنها استبعاد المنافسين الشيعة المدعومين من ايران المتكتلين في "الإطار التنسيقي".
وفي حين اشار التقرير الى الخصومة القائمة منذ أمد طويل بين الصدر وبين رئيس الوزراء الاسبق نوري المالكي، وبين الصدر وقيس الخزعلي، إلا أنه لفت الى وجود "مفارقة" تتمثل في ان المأزق الحالي هو بمثابة نتيجة جزئية لابتعاد الأحزاب عن الجماعات ذات التوجهات الطائفية، موضحا أنه فيما مضى كانت التحالفات الشيعية هي التي تشكل جبهة موحدة من أجل الذهاب للتفاوض مع الكتل السنية والكوردية، إلا أنه هذه المرة فإن التحالفات الحاصلة تتخطى الخطوط الطائفية، وهو ما تسبب في تأجيج التوترات داخل كل طائفة.
وفي ظل غياب الاتفاق بين القوى، يشير التقرير إلى مخاوف من اندلاع تظاهرات عنيفة أو مواجهات مسلحة مذكرا بخطاب للصدر في 16 ايار/مايو الحالي توعد فيه بعدم إبرام صفقة مع منافسيه ملمحا الى قدرات ميليشيا "سرايا السلام" التي فتحت الأبواب مؤخرا أمام انضمام مجندين في محافظتي ديالى وبابل.
وتابع التقرير أن قادة الميليشيات تحدثوا في جلسات خاصة بهم عن مخاوف من أن يتسبب الجمود الحاصل في إشعال تظاهرات في الشوارع، مضيفا أنه سبق للعراق ان شهد صراعات سياسية طويلة بين القوى المتنافسة فيما يتعلق برئاستي الجمهورية والحكومة، لكن التنافس الحالي يعتبر "الأطول حتى الآن".
وحول دور النواب المستقلين، ذكر التقرير؛ أن المستقلين الاتين من احزاب منبثقة عن حركة الاحتجاجات للعام 2019 وخاضت الانتخابات بلائحة امتداد لتفوز بتسعة مقاعد في البرلمان الجديد، قد ضلوا طريقهم بعدما كانوا تعهدوا بالتحول الى قوة معارضة قوية من أجل تمثيل مطالب المتظاهرين داخل البرلمان.
وبعدما ذكر التقرير بان زعيم الحركة علاء الركابي جمد منصبه بعد استقالة عدد من الأعضاء احتجاجا على تصويته لصالح انتخاب محمد الحلبوسي لرئاسة البرلمان، نقل عن المتحدث باسم "امتداد" رسول السراي قوله ان الكتلتين الشيعيتين المتنافستين تريدان الآن استخدام المستقلين من أجل "تغطية فشلهما في تشكيل الحكومة".
وتحدث التقرير الأمريكي نقلا عن مستقلين رفضوا الكشف عن هوياتهم خوفا على سلامتهم، أن بعض المستقلين اشاروا الى تعرضهم الى تهديدات وأنهم متخوفون على حياتهم، وأن أحد هؤلاء لفت الى انه تلقى عروضا بعشرات الآلاف من الدولارات كرشاوى للانضمام الى التكتل المناهض للصدر.
وختم التقرير بالقول؛ إنه في ظل تراجع احتمالات تشكيل حكومة توافق، فان البعض طرح خيار تنظيم انتخابات جديدة، لكن جياد، الباحث في "مؤسسة القرن"، لا يتفق مع هذا الاحتمال، وقال انه خيار يعيد الأمور "الى نقطة الصفر، ويمثل مجازفة بالنسبة الى الجميع".
ترجمة: وكالة شفق نيوز