تقرير بريطاني يستعيد مجد بابل التاريخي وغياب السياحة عنها
شفق نيوز/ استعاد موقع "ميدل ايست مونيتور" البريطاني، يوم الاثنين، الارث الغني الذي يتمتع بها العراق متمثلا بآثار بابل التاريخية والتي وصفها بانها كانت احدى اولى واكبر الامبراطوريات في العالم.
وقال الموقع البريطاني في تقرير ترجمته وكالة شفق نيوز، انه على العكس من مصر حيث اهرامات الجيزة، او ايطاليا، حيث ينتصب مبنى الكولوسيوم بكل قوته ومجده، فان "العراق ليس على رأس قائمة الوجهات السياحية في العالم".
واشار الى انه بعد نحو عقدين من الحروب والاضطرابات "اصبحت كنوز العراق التاريخية والاثرية بعيدة عن متناول غالبية الناس، برغم ان مواقع العراق القديمة ليست اقل فرادة او اثارة للاعجاب من اكثر المعالم الاثرية للحضارات القديمة زيارة في العالم".
أول المدن الإمبراطورية
ووصف التقرير العراق الذي مزقته الحروب، بانه كان "موطنا لواحدة من اولى واكبر المدن الامبراطورية في العالم وربما حيث ولدت الحضارة المدنية نفسها"، حيث ان مدينة بابل القديمة، التي تقع على بعد 85 كيلومترا من بغداد الحالية، كانت مقرا لبعض اقوى حضارات العالم القديم، والتي يعود تاريخها الى حوالي 4 الاف عام، وكانت المدينة الاهم في بلاد ما بين النهرين، ومهد الحضارات، حيث تم وضع اسس مبادئ الحكم والدين والادب لاول مرة.
وتابع في وصفه لبابل، قائلا انها كانت مسورة في عهد حمورابي، ملك بلاد ما بين النهرين والتي اشتهرت بأول قانون مكتوب في العالم.
واضاف ان بابل، والتي تعني بوابة الالهة، امبراطورية امتدت عبر معظم بلاد ما بين النهرين، ولكن في عهد نبوخذنصر الثاني، ثاني واعظم ملوك الامبراطورية البابلية الجديدة، وصلت بابل الى المجد.
واوضح انه برغم ان الروايات التوراتية تصور بابل على انها مدينة الشر، الا انها كانت مركزا للعلم والثقافة والكتابة والفن والتجارة، كما من المعتقد انها اول مدينة في العالم القديم يصل عدد سكانها الى حوالي 200 الف نسمة.
الحدائق الأسطورية
ولفت التقرير الى شهرة المدينة الاتية من حدائقها الاسطورية المعلقة، وهي احدى عجائب الدنيا السبع، والتي امر نبوخذنصر الثاني ببنائها كهدية لزوجته الملكة اميتيس، تذكيرا لها ببلادها الاصلية في فارس. كما تشتهر المدينة ببرج بابل، وهو برج اسطوري يلامس السماء.
الا ان بوابة عشتار هي الميزة الاساسية لبابل وهي عبارة عن مدخل ضخم بناه نبوخذنصر الثاني حوالي العام 575 قبل الميلاد كجزء من طريق موكب ضخم يؤدي الى المدينة.
وذكر التقرير انه بعد ان بدأ عالم الاثار الالماني روبرت كولديوي عمليات التنقيب في مدينة بابل في العام 1899، جرى تجميع مدهش لاكتشافاته بإعادة بناء بالحجم الطبيعي للجزء الامامي من البوابة في "متحف بيرغامون" في برلين حيث لا يزال معروضا حتى اليوم، مضيفا ان الحكومة العراقية طالبت من المانيا اعادة البوابة، من دون ان تنجح في ذلك.
واشار الى ان الرئيس العراقي السابق صدام حسين قام بترميم الموقع واعاد بناء جزء من بابل فوق اطلالها القديمة، بما في ذلك نسخة اصغر من بوابة عشتار، كما انه اقام لنفسه قصرا على تل يطل على المدينة القديمة، في محاولة منه لربط العراق بتاريخه القديم.
الجيش الامريكي
وتابع التقرير انه قبل الغزو الامريكي للعراق في العام 2003، كانت بابل تعتبر واحدة من اكثر المواقع التي يزورها الناس في البلاد، لكن القوات الامريكية خلفت وراءها الكثير من الخراب في العديد من المواقع التاريخية، بما في ذلك الاضرار التي لحقت ببابل وبوابة عشتار، حيث ان جنود مشاة البحرية الامريكية قاموا ببناء مهبط للطائرات المروحية على انقاض مدينة بابل، ما تسبب بانهيار سطح احد المباني بسبب الاهتزازات التي سببتها الطوافات الامريكية.
واضاف انه "من المعروف ايضا ان الجنود (الامريكيين) ملأوا اكياس الرمل بشظايا اثرية من الموقع، بينما جرى نهب العديد من القطع الاثرية وتم بيعها في السوق السوداء".
اما قصر صدام فقد تحول الى مركز للقيادة، وجرى تخريب الجدران الداخلية للقصر وغطت رسومات الجرافيتي على الجدران والتي رسمها الجنود الامريكيون والعراقيون.
وختم التقرير بالإشارة الى ان الغزو الامريكي في العام 2003 اوقف مهرجان بابل الدولي، الذي كان يشتمل على عروض للرقص التقليدي والموسيقى والفنون واقيم للمرة الاولى في العام 1985.
واضاف انه "بعد ما يقرب من عقدين من الحرب والنزاع الطائفي، عاد المهرجان الى العراق لاول مرة في العام 2021 مشتملا على مجموعة من العروض والاحتفالات التي جذبت ممثلين لاكثر من 50 دولة.
وخلص التقرير البريطاني الى القول انه "بينما يواصل العراق صراعه مع حالة الاضطراب السياسي والانهيار الاقتصادي والفقدان الهائل للامن، فان بابل، مدينة العجائب وعاصمة امبراطورية عظيمة، ما زالت قائمة ، كما هو الحال مع العديد من المباني التاريخية والرائعة في العراق".