تعويم الدينار.. زوبعة تهدد بانهيار السوق وشريحة الفقراء
شفق نيوز/ بات الكثير من المواطنين تساورهم مخاوف حقيقية من حديث البعض بينهم مسؤولون في الدولة بإمكانية التوجه نحو تعويم العملة المحلية وهو أمر سيكون بمثابة توجيه ضربة أخرى للدينار العراقي بعد رفع قيمة الدولار بالفعل في الموازنة المالية للعام الجاري.
ويرى مختصون بأن توجه الدولة الى تعويم العملة من شانه رفع اسعار الدولار مرة اخرى، وهو ما من شأنه فقدان الثقة بالدينار العراقي، تتبعه زيادة الاسعار في الاسواق مما سينعكس سلبا على شرائح واسعة من الناس وخاصة شريحة الفقراء التي تتجاوز 30 في المئة من سكان العراق.
غير أن خبراء آخرين يرون أن الواقع المالي يمنع تعويم العملة نظرا لطبيعة الاقتصاد الريعي وعدم تنوع مصادر التمويل، فضلا عن قيام البنك المركزي بدور فاعل في دعم الدينار العراقي.
وتعويم العملة هو تحرير سعر صرف العملة بشكل كامل، فلا تتدخل الحكومة أو المصرف المركزي في تحديده بشكل مباشر، وإنما يتم إفرازه تلقائيا في سوق العملات من خلال آلية العرض والطلب التي تسمح بتحديد سعر صرف العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية.
المالية: التعويم قد يحدث مستقبلا
وزير المالية على علاوي اعتبر في تصريح صحفي ان "السعر الحالي لعملة العراق أمام الدولار الأمريكي بعد خفض قيمتها سيستمر لفترة طويلة، وربما يحدث في المستقبل تعويم كامل".
واشار الى ان "البنك المركزي سيعمل حالياً للحفاظ على مستوى سعر الصرف الحالي لأطول فترة ممكنة".
ويقوم البنك المركزي بعملية بيع الدولار في المزاد الذي يجريه يوميا لتمويل التجارة الخارجية، وتصل هذه المبيعات حاليا الى نحو 200 مليون دولار تزيد او تقل حسب الطلب.
وقال صندوق النقد الدولي في تقرير إن اقتصاد العراق انكمش بنسبة 11 بالمئة 2020، وهو ما يعكس تباطؤ الأنشطة الاقتصادية.
وتوقع الصندوق عودة إجمالي الناتج المحلي العراقي إلى مستوى ما قبل الجائحة بحلول العام 2024.
والعراق ثاني أكبر منتجي منظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك"، بعد السعودية، وتشكل عائدات النفط نحو 96 بالمئة من اجمالي الايرادات العامة للبلاد.
مستشار: التعويم سيؤدي لانهيار السوق
ويؤكد مستشار رئيس الوزراء مظهر محمد صالح، في حديث لوكالة شفق نيوز، انه "لايجوز تعويم العملة في العراق لان السوق سينهار في هذه الحالة، لان دخول العملة الصعبة وخروجها لا يكون عبر السوق الذي يكون فقط مخرجا لها وانما الحكومة هي التي تاتي بهذه العملة الصعبة".
واضاف صالح ان "الحكومة في حال سحبت يدها فان العرض سيتوقف ويزداد الطلب وبالتالي فان السوق سينهار"، مؤكدا ان "التعويم يكون في اقتصادات يكون العرض والطلب فيها يأتي من السوق وان الدولة تتدخل لتبيع وتشتري لتحقيق توازن السعر باحتياطياتها".
واشار الى ان "مشكلة في العراق ان السوق يطلب وان الدولة تعرض، وفي حال عدم قيام البنك المركزي بعملية البيع للدولار فيعني ان العرض جميعه توقف ولا يوجد هناك اي عرض اخر، وفي حال وجود عرض اخر فهو عرض قليل لا يكفي لتلبية الطلب وبالتالي فان الاسعار سترتفع لان الطلب سيكون اكثر من العرض".
الدولة ريعية
ويقول الخبير الاقتصادي ضرغام محمد علي في حديث لوكالة شفق نيوز انه "لايوجد لدينا تداول حر للعملة بسبب عدم وجود دورة حقيقية لرأس المال بسبب كون الدولة ريعية وان العملة الاجنبية في السوق مصدرها الوحيد هو مبيعات النفط وان مصدر الدولة الاساسي للدينار لتمويل الموازنة هو بيع الدولار".
وتابع ان "الحديث عن تعويم العملة هو حديث غير واقعي وان وزير المالية غير معني بإدارة السياسة النقدية في البلاد لأنها من صلاحية البنك المركزي، وان قيمة العملة العراقية الحقيقية بالاستناد الى غطائها النقدي يمكن ان يصل الى 1000 دينار للدولار الواحد، لذا فان طرح قضية التعويم غير واقعية".
واشار علي الى ان "تعويم العملة شكليا سيجعل العملة بيد سماسرة الاحزاب ومصارفهم للتلاعب بأسعاره بناء على مصالحهم".
العراق يفتقر للقاعدة الانتاجية
ويقول استاذ الاقتصاد السياسي في الجامعة العراقية عبد الرحمن المشهداني في حديث لوكالة شفق نيوز ان "العراق ليس مؤهلا لتعويم عملته الوطنية"، مبينا انه "في حال قرر العراق تعويم سعر صرف الدولار في الوقت الحاضر فانه سيقفز الى 3000 دينار للدولار الواحد".
واضاف المشهداني ان "سياسة التعويم غير ناجحة بالنسبة للعراق لان الدول التي تعوم عملتها لديها قاعدة صناعية وزراعية"، مبينا ان "العراق يفتقر لمثل هذه القاعدة الانتاجية".
وكان البنك المركزي العراقي قد قرر رفع سعر بيع الدولار للبنوك وشركات الصرافة إلى 1460 دينارا، من 1182 دينارا للدولار الواحد، بهدف تعويض تراجع الإيرادات النفطية الناجم عن تدهور أسعار النفط.