تداعيات قرار ترامب.. إرباك في المطارات وبكاء كوردي في الـ53 من العمر
شفق نيوز/ بعد أن احتجز ضباط الهجرة الأمريكيون عراقيين يوم السبت في مطار جون إف كنيدي الدولي بنيويورك حاول محاميهما ونائبين أمريكيين كانا برفقة المحامين دخول منطقة مؤمنة لكنهم قوبلوا بالمنع.
وصاح الضباط فيهم "تراجعوا للخلف تراجعوا للخلف."
وبعد بضع دقائق تم استدعاء هايدي ناسوار رئيسة عمليات الركاب بوكالة الجمارك وحماية الحدود الأمريكية.
كان النائبان الديمقراطيان من نيويورك جيرولد نادلر ونيديا فيلازكويز يريدان توضيحا لما إذا كان الحظر الذي فرضه الرئيس دونالد ترامب يوم الجمعة على دخول المهاجرين للبلاد يمنع العراقيين من التشاور مع محاميهما.
ولم يكن لدى ناسوار إجابة واضحة.
وقالت المسؤولة عن حماية الحدود في واحد من أكبر المطارات الأمريكية "لا علم لدينا مثل الجميع."
كان هذا الحوار المشوب بالتوتر مثالا على الارتباك الذي ساد المطارات في جميع أنحاء الولايات المتحدة وغيرها من المطارات في الخارج بعد أن أوقف ترامب فجأة المهاجرين من سبع دول إسلامية وفرض حظرا مؤقتا على دخول اللاجئين إلى البلاد.
ولساعات طويلة يوم السبت ظل المسؤولون الحكوميون ورجال الأمن يضربون أخماسا في أسداس عمن يمكنه من مواطني تلك الدول دخول الولايات المتحدة قانونا ومن منهم لا يحق له ذلك.
وانتهى اليوم بإصدار قاضية اتحادية قرارا سمح للمسافرين العالقين الذين يحملون تأشيرة سليمة بالبقاء في الولايات المتحدة. وقال الاتحاد الأمريكي للحريات المدنية الذي سعى لاستصدار هذا القرار إنه سيفيد ما بين 100 و200 شخص لديهم تأشيرات أو يتمتعون بوضع اللاجئ وجدوا أنفسهم محتجزين في مطارات أمريكية.
* تهور
في وقت سابق يوم السبت قالت إدارة ترامب إنه سيكون من "التهور" إطلاع الوكالات والمطارات الأمريكية مقدما على تفاصيل إجراءات أمنية تقول الإدارة إنها تهدف لمنع جماعات أجنبية من شن هجمات.
لكن مسؤولين في وزارتي الأمن الداخلي والخارجية قالوا إن الإدارة أخفقت في استيعاب مدى تعقيد تنفيذ الأمر الرئاسي أو ضرورة تهيئة المؤسسات وشركات الطيران.
ومر المسافرون المعنيون بتجارب متباينة في المطارات المختلفة وفقا لما يقرب من 200 رواية جمعتها رابطة محامي الهجرة الأمريكيين.
وقال كثيرون ممن يحملون تأشيرات للرابطة إن السلطات سمحت لهم بدخول البلاد دون مشكلة رغم قرار ترامب.
غير أن البعض ممن يحملون إقامة دائمة سليمة تتمثل فيما يعرف بالبطاقات الخضراء ردوا على أعقابهم رغم توجيهات للمطارات من وكالة الجمارك وحماية الحدود بالسماح بسفرهم.
وفي سياتل نحو الساعة العاشرة مساء يوم الجمعة أي بعد ثماني ساعات تقريبا من توقيع ترامب الأمر التنفيذي أعيد مسافر يحمل الجنسيتين الإيرانية والكندية قادم من فانكوفر إلى كندا حسبما ذكر المسافر للرابطة.
وقالت الرابطة إن مسافرا إيرانيا وصل بعد نحو نصف الساعة إلى نيويورك ودخل الولايات المتحدة بتأشيرة سليمة دون أي مشاكل.
وقال مسؤول كبير بالإدارة إن أمر ترامب الذي يستهدف مواطني إيران والعراق وسوريا وليبيا والصومال والسودان واليمن يجب تنفيذه بصفة عاجلة لحماية الأمريكيين.
وقال المسؤول للصحفيين "توجد صلة قوية بين برامجنا للهجرة والتأشيرات والمؤامرات الإرهابية والشبكات المتطرفة داخل الولايات المتحدة. وسيكون من التهور وعدم الإحساس بالمسؤولية ... أن نذيع للعالم بأسره الإجراءات الأمنية التي سنتخذها بالضبط."
وقال المسؤول دون الخوض في التفاصيل إنه تم إبلاغ قيادات في وزارة الأمن الداخلي.
* غموض
في وزارة الخارجية وهي من المؤسسات الرئيسية التي تتعامل مع التأشيرات والهجرة قال اثنان من كبار المسؤولين فيها إن أغلب المسؤولين سمعوا للمرة الأولى بالأمر التنفيذي عن الهجرة من وسائل الإعلام.
وفي حين أن بعض المكاتب كان على علم بأن أمرا تنفيذيا كان في الطريق فلم تتم اتصالات أو مشاورات رسمية مع البيت الابيض.
وقال مسؤول كبير مشترطا عدم الكشف عن هويته "هل حدث أي تنسيق أو تشاور بين الوكالات؟ لا لم يحدث."
ويعد تنفيذ تعليمات الهجرة من بين أعقد الإجراءات الحكومية وتشارك فيه سبع وكالات من خفر السواحل ووكالة الجمارك وحماية الحدود إلى وزارتي الخارجية والعدل.
وقال مسؤولان كبيران في وزارة الأمن الداخلي يوم السبت إنهما لم يسمعا شيئا عن تشاور أي مسؤول ممن ساهموا في صياغة الأمر التنفيذي مع أي مسؤول في الوزارتين أو مع لجان الكونجرس أو لجانه الفرعية التي تشرف عليهما.
وقال أحد المسؤولين "إذا كانت النتيجة هي الارتباك والتفاوت في الأداء فالمسؤولية تقع كلها على عنوان واحد" مشيرا إلى البيت الابيض.
وطلب المسؤول مثل غيره عدم نشر اسمه.
وقال مسؤول آخر في وزارة الأمن الداخلي إن البيت الأبيض عمل على إصدار الأوامر التنفيذية "بمشاركة محدودة من الوزارة".
* فوضى في المطارات
أحد العراقيين اللذين اعتقلا في مطار جون إف. كنيدي هو حميد خالد درويش وهو كوردي عمره 53 عاما عمل مترجما للجيش الأمريكي في العراق وتعرض للتهديد في بلده بسبب مساعدته للأمريكيين.
وصدرت تأشيرات له ولأسرته أخيرا في 20 يناير كانون الثاني وفقا لدعوى قانونية رفعت باسمه هو وعراقي آخر كان يعمل أيضا لحساب الجيش الأمريكي. لكن بمجرد وصولهما إلى المطار اعتقلهما ضباط الجمارك وحماية الحدود ومنعوهما من الاتصال بالمحامين.
وعندما طلب المحامون وهم من المشروع الدولي لمساعدة اللاجئين من ضباط الجمارك وحماية الحدود إبلاغهم بمن يمكنهم الاتصال بهم رد الضباط "السيد ترامب. اتصلوا بالسيد ترامب" وذلك حسبما ورد في أوراق الدعوى.
وفي نهاية الأمر سمح لدرويش بالانصراف والتقى بالمحامين والنائبين وهو يمسك بجواز سفره ويبكي من الفرح. كما سمح للعراقي الثاني المحتجز واسمه حيدر سمير عبد الخالق الشاوي بدخول البلاد.
لكن عشرات آخرين كانوا أقل حظا.
وتسبب تضارب التقارير الإعلامية والحكومية في ارتباك بشركات الطيران التي واجهت صعوبات في تنفيذ الأمر الرئاسي.
وقال مسؤول مطلع على اتصالات وكالة الجمارك وحماية الحدود إن الوكالة أطلعت شركات الطيران على الأمر التنفيذي في مؤتمر عبر الهاتف مساء يوم الجمعة.
ثم أرسلت الوكالة تعليمات مكتوبة قبل ظهر السبت قالت فيها إن حاملي البطاقات الخضراء "لا يشملهم" الحظر وبوسعهم السفر إلى الولايات المتحدة. وقالت المصدر إن شركات الطيران ستسمح للمسافرين حاملي البطاقات الخضراء بالسفر على طائراتها لحين ورود تعليمات بخلاف ذلك.
وفي وقت لاحق قال المسؤول بإدارة ترامب للصحفيين إن حملة البطاقات الخضراء الأمريكية المسافرين خارج الولايات المتحدة يتعين عليهم الاتصال بقنصلية أمريكية للتأكد مما إذا كان بإمكانهم العودة.
وقال المسؤول إنه سيتم بحث كل حالة على حدة.
وأصابت مسألة البطاقات الخضراء محامو الهجرة بالحيرة فيما يقدمونه من نصح لعملائهم. وقال المحامي ديفيد ليوبولد من كليفلاند بولاية أوهايو إنه سيلزم الحيطة وينصح عملاءه بالبقاء في الولايات المتحدة.
وربما يتسبب ذلك في بعض المواقف الصعبة.
فقد قال ليوبولد "لا يستطيع طبيب سوري تحتضر والدته في أوروبا أن يذهب لزيارتها دون التأكد من أنه سيتمكن من العودة للولايات المتحدة."
رويترز