تحذيرات عراقية من "قنابل موقوتة" قد تنفجر في المستقبل
شفق نيوز/ تواجه عمليات استعادة عوائل عناصر ومؤيدي تنظيم "داعش" من مخيم "الهول" في محافظة الحسكة بشمال شرق سوريا، القريب من الحدود مع العراق، إلى مخيم "الجدعة" جنوب شرقي الموصل مركز محافظة نينوى، المخاوف من الأفكار التي يحملونها، وبأنهم "قنابل موقوتة" قد تنفجر في المستقبل.
ويضم مخيم الهول الذي يخضع لحراسة مشددة وتشرف عليه قوات سوريا الديمقراطية، حوالي 48 ألف شخص بعد أن كانوا 73 ألف شخص، معظمهم من السوريين والعراقيين، بالإضافة إلى مئات الأشخاص من جنسيات مختلفة مما يقرب من 60 دولة.
ويكثَّف العراق عمليات استعادة مواطنيه من مخيم "الهول"، وكانت آخر وجبة هي وجبة 11 وصلت الشهر الماضي إلى مخيم الجدعة قادمة من مخيم الهول تضم أكثر من 170 عائلة عراقية ضمن برنامج العودة الطوعية.
يأتي ذلك بعد إعلان الحكومة العراقية مضيها في عملية تفكيك مخيم الهول، واصفة المخيم بأنه "قنبلة موقوتة" وأشارت إلى أن بيئته تساعد على التطرف، داعية الدول الأخرى إلى التعاون لإستعادة رعاياها من المخيم بأسرع وقت ممكن.
وكان الآلاف من عناصر "داعش" نقلوا إلى مخيم الهول، بعد أن هُزم التنظيم في سوريا في آذار/ مارس 2019، وإنهاء سيطرته على مساحات كبيرة من الأراضي العراقية والسورية.
"قنابل موقوتة"
وفي هذا السياق، يقول النائب عن محافظة نينوى، شيروان الدوبرداني: "هناك تنسيق بين الحكومة الاتحادية ومستشارية الأمن القومي ووزارة الهجرة والمهجرين مع المنظمات الدولية لإعادة العراقيين من مخيم الهول".
وأوضح الدوبرداني لوكالة شفق نيوز، أن "أعدادهم تتجاوز 30 ألف شخص موزّعين على محافظات الأنبار أكثر من 18 ألف، ونينوى أكثر من 8 آلاف، والباقي من بابل وبغداد وصلاح الدين وكركوك وديالى".
وأضاف، أنه "حتى الآن، وصلت أكثر من 11 رحلة إلى مخيم الجدعة، والاحصائيات المتوفرة للرحلات العشرة دون الأخيرة تشير إلى أن المجموع الكلي للعوائل المغادرة من مخيم هول والواصلة إلى مخيم الجدعة هي 1393 عائلة".
وأكد، أن "هناك مخاوف من هذه العوائل، لكن الكثير منهم ربما كانوا ضحايا لأزواجهم أو اخوانهم المنتمين لداعش"، مبيناً أن "هناك أكثر من 800 إلى 900 شخص يتجاوز أعمارهم 18 عاماً، و680 شخصاً دون سن 18 عاماً، وهؤلاء ربما قد تدرب البعض منهم على أفكار داعش في مخيم الهول، لذلك يخشى منهم أن يكونوا قنابل موقوتة في المستقبل".
وكان مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي، عقد في وقت سابق، سلسلة لقاءات مع سفراء دول أجنبية وعربية في بغداد، حثهم فيها على ضرورة استعادة رعاياهم من داخل المخيم، الذي وصفه بأنه بات "خطراً على المنطقة".
كما وصف الأعرجي المخيم بأنه "قنبلة موقوتة، نعمل على تفكيكها"، مشيراً إلى أن من بين الموجودين في المخيم "أكثر من 20 ألف شخص دون سن 18 عاماً".
وشدّد على أن "الأطفال والكثير من النساء هم ضحايا، وفي مجتمعاتنا الشرقية الزوجة تتبع زوجها، والأطفال لا علاقة لهم بالقصة أصلاً"، لافتاً إلى أن العراقيين "واجهوا الإرهاب وبالتالي هناك مخلفات للإرهاب يعمل العراق على تسويتها".
وأكد أن "كل عراقي موجود خارج العراق، هو ابن هذا البلد، والحكومة تسعى للمحافظة عليه وحمايته، وفي بعض الأحيان نقوم بحمايته من نفسه حتى لا يكون لديه فكر متطرف يقتل نفسه والآخرين، لهذا كان قرار الحكومة العراقية، من خلال تضافر جهود الجميع، ولجنة مشكلة من رئيس الوزراء، باستقبال العوائل".
"تعميق الجرح"
من جهته، يقول مدير مركز (الرصد) للدراسات السياسية والاستراتيجية، محمد غصوب يونس، إنه "تم التحذير مراراً بشأن خطورة عودة عوائل الدواعش، لكن الحكومات المتتالية لم تلتفت إلى هذا الأمر، ولم تسمع لصوت أهالي نينوى".
ويضيف يونس لوكالة شفق نيوز، كما أن "الإتيان بعوائل الدواعش إلى مخيم الجدعة الواقع جنوب الموصل اختيار خاطئ، لأن هذه المنطقة فقد الكثير من أهلها الذين كانوا ينتمون إلى القوات الأمنية حياتهم إبان دخول داعش إلى محافظة نينوى، وإدخالهم إلى هذه المنطقة سوف يعمق جرح أهاليها".
وتابع، أن "مخيم الجدعة لا يمتلك مراكز لتأهيل هؤلاء العائدين الذين عاصروا داعش لفترات طويلة، وحتى الطفل الذي ولد عام 2014 عمره الآن 7 سنوات، فكيف بالطفل الذي كان عمره 5 سنوات، لذلك هؤلاء تربوا على عقيدة داعش وإحضارهم إلى مخيم الجدعة بهذه الطريقة يعني احضار خلايا نائمة قد تنفجر في محافظة نينوى مرة ثانية".
وأشار إلى أن "عوائل الدواعش من كل المحافظات، لكن لا تستقبلهم محافظاتهم، والاتيان بهم إلى محافظة نينوى تناقض ويثير الشك والريبة، فهل محافظة نينوى تمتلك كل مقومات إزالة هذه الأفكار أو تحويل هؤلاء القنابل الموقوتة إلى عناصر جيدة يمكن أن تندمج مع الشارع؟".
برامج تأهيلية
من جانبه، أكد المتحدث باسم وزارة الهجرة والمهجرين، علي عباس، ان "هناك توجهاً حكومياً بإعادة العراقيين من شمال شرق سوريا، وعلى هذا الأساس باشرت لجان أمنية مختصة من دائرة الجوازات والجنسية بتوثيق حالة هؤلاء، ومن ثم تنظيم رحلات على شكل وجبات يتم نقلهم من المخيم إلى مركز الجدعة لاستهدافهم ببرامج تأهيلية نفسية ومجتمعية".
وأضاف عباس لوكالة شفق نيوز، أن "هؤلاء يبقون في مركز الجدعة أكثر من 4 أشهر، يتلقون فيه برامج في مجالات مختلفة وللفئات كافة الأطفال والنساء والرجال، ومن ثم يتم نقلهم إلى مناطق سكناهم بعد تسهيل عملية عودتهم واندماجهم".
وأكد، أن "فترة الـ4 أشهر غير كافية، ولكن نعوّل على برامج لاحقة بعد الاندماج، إذ في مرحلة الـ4 أشهر لا نستطيع تغيير الأفكار المنحرفة، بل هي مجرد توثيق سلوكيات منحرفة، فالأفكار لا تجابه إلا بفكر، ولم نشهد حالات تطرف أو حالات غير طبيعية لحد الآن".
وتابع، "لذلك يبدو أن هؤلاء كانوا ضحية مرحلة سوداء مرّت على العراق، فهم رعوا في هذه الأجواء مجبرين عليها، بالتالي نحن كحكومة ملزمين بأخذ أيديهم إلى شاطئ الأمان والتأهيل، بدليل أن أغلب الذين تم نقلهم انخرطوا في ورش التجارة والصيانة والحاسوب والرسم والرياضة وأبدعوا فيها، ما يعني أن البيئة التي كانوا يعيشون فيها غير صحية".