بينها قواعد اشتباك جديدة.. ثلاث نقاط مختلفة للهجمات التركية في سوريا
شفق نيوز/ رصد "معهد الشرق الاوسط" الامريكي ظاهرة تصاعد العمليات العسكرية التركية في شمال شرق سوريا، بعد التفجير الانتحاري الذي استهدف وزارة الداخلية في أنقرة، في ظل تغيير تركيا لاستراتيجيتها العسكرية والعملياتية هذه المرة، بما في ذلك النطاق الجغرافي للعمليات، وطبيعة الأهداف، وعدم الاكتفاء باستهداف قادة حزب العمال الكوردستاني، والقوى المتحالفة معه، وإنما أيضا من خلال ضرب البنية التحتية النفطية، ومحاولة فرض قواعد جديدة للاشتباك.
وبعدما أشار التقرير الأمريكي الى التوترات تصاعدت في الأيام الاخيرة بعد شهور من الهدوء على الحدود التركية-السورية وعمليات اغتيال متفرقة لقادة في وحدات حماية الشعب الكوردية، التي تقول أنقرة إنها مرتبطة بحزب العمال الكوردستاني، قال التقرير، الذي نشر باللغة الإنجليزية، وترجمته وكالة شفق نيوز، إن أنقرة صعدت من ضرباتها ضد قوات سوريا الديمقراطية في شمال شرق سوريا، واستهدفت مخابئ حزب العمال الكوردستاني على طول الحدود التركية العراقية.
ولفت التقرير إلى أن هذا التصعيد جاء على خلفية الهجوم على مقر وزارة الداخلية في أنقرة التي اتهمت حزب العمال الكوردستاني بتنفيذه، بينما أعلن الحزب أن اثنين من أعضاء لواء الخالدون التابع له، هما من قاما بالعملية، علما بأن هذا الفصيل لم يسبق له أن قام بعمليات مسلحة داخل تركيا نفسها، وقد تم الكشف عنه من جانب الحزب للمرة الاولى في العام 2016 حيث قال الحزب وقتها انه "مستعد تماما للقيام بأعمال الفداء عند الضرورة".
وبعد هجوم أنقرة، قال وزير الخارجية التركي حقان فيدان ان بلاده "ستستهدف هياكل حزب العمال الكوردستاني في سوريا والعراق"، وان جميع هياكل ومرافق الحزب ووحدات حماية الشعب في البلدين هي "أهداف مشروعة".
وتابع التقرير انه بعد تصريحات فيدان، نفذت تركيا الضربات الاولى في مدينة الحسكة السورية، ثم قصفت طائرة مسيرة تركية مصنعا للطوب تستخدمه قوات سوريا الديمقراطية كقاعدة عسكرية في قرية الصافية على أطراف الحسكة، وفي 5 أكتوبر/تشرين الأول، كثفت تركيا غاراتها الجوية وهجمات الطائرات المسيرة في عدة مناطق في شمال وشمال شرق سوريا، وتواصلت الغارات الجوية خلال الأيام التالية، واستهدفت ما مجموعه 145 موقعا لقوات سوريا الديمقراطية في محافظة الحسكة وريف حلب الشرقي وريف الرقة الشمالي.
واضاف ان من بين الأهداف مصنع الطوب في الحسكة ومقر قوات سوريا الديمقراطية في القامشلي وحقل عودة النفطي في القحطانية ومصافي النفط في قرية كردحول، بينما شنت الطائرات الحربية التركية غارات جوية على بلدة تل رفعت ومطار منغ العسكري في ريف حلب، بالاضافة الى قواعد قوات سوريا الديمقراطية في بلدة عين عيسى في ريف الرقة.
وفي هذا الإطار، تحدث التقرير الأمريكي عن تغييرات يتحتم ملاحظتها فيما يتعلق باستراتيجيات انقرة العسكرية والعملياتية هذه المرة، أولها مرتبط بالنطاق الجغرافي للعمليات، حيث أنه على مدى السنوات القليلة الماضية، كانت العمليات العسكرية التركي تتمثل في هجمات دقيقة وموجهة ضد قادة قوات سوريا الديمقراطية المرتبطين بحزب العمال الكوردستاني داخل دائرة نصف قطرها جغرافي محدود لا يزيد عن 10 كيلومترات من الحدود.
وبالإضافة إلى ذلك، بحسب التقرير، فإن مثل هذه العمليات كانت تتم بالتنسيق مع التحالف الدولي لهزيمة داعش، ومع روسيا، إذ ان تركيا توصلت الى تفاهمات تنسيق وتعاون مع هذين الطرفين منذ "عملية نبع السلام" العسكرية في سوريا في تشرين الاول/اكتوبر العام 2019.
لكن التقرير اشار الى ان العملية العسكرية هذه المرة كانت شديدة الاختلاف، سواء فيما يتعلق بنطاقها الجغرافي أو طبيعة الأهداف، حيث نفذت عدة غارات قرب مدينة الحسكة، البعيدة نحو 70 كلم عن الحدود التركية، الى جانب توسيع منطقة العمليات لتشمل الأراضي التي تسيطر عليها الادارة الذاتية لشمال وشرق سوريا في الحسكة وحلب والرقة.
أما نقطة التحول الثانية في العملية العسكرية التركية الجارية حاليا، فتتمثل في أن الأهداف لم تعد مقتصرة على القادة المرتبطين بحزب العمال الكوردستاني أو الموالين له داخل قوات سوريا الديمقراطية، حيث أصبحت استراتيجية انقرة تركز ايضا على ضرب البنية التحتية النفطية، بما في ذلك حقول النفط ومصافي التكرير، ومحطات الطاقة ومستودعات الأسلحة والمعسكرات ومقرات إدارية ومالية.
ورأى التقرير، أن الهدف من هذه الاستراتيجية هو تجفيف مصادر تمويل حزب العمال الكوردستاني في سوريا، والتي تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية.
أما التطور الثالث في العمليات التركية، بحسب التقرير الامريكي فهو أن انقرة تحاول وضع قواعد جديدة للاشتباك لم يتم الاتفاق عليها مع القوى الاخرى المتواجدة في المنطقة، وخصوصا الولايات المتحدة.
وذكر التقرير بأن الولايات المتحدة رسمت هنا خطا أحمر لا يسمح لتركيا بتجاوزه يتمثل في إسقاط طائرة مسيرة تركية كانت قد ضربت أهدافا قريبة من القاعدة العسكرية الأميركية في تل بيدر، مضيفا أن الخط الأحمر يتمثل بمنع استهداف المناطق التي تتواجد فيها قوات التحالف الدولي.
وبعدما قال التقرير ان العملية العسكرية التركية الحالية، تأتي في وقت صعب بالنسبة للادارة الذاتية لشمال وشرق سوريا وجناحها العسكري المتمثل بقوات سوريا الديمقراطية، حيث تتعرض مناطقها في دير الزور لهجوم منتظم من قبل مقاتلي العشائر منذ أواخر أغسطس/آب، قال التقرير ان الاحداث الاخيرة في دير الزور والعملية العسكرية الحالية التي أعقبت انفجار انقرة، وضعت ضغوطا على الادارة الذاتية لاتخاذ موقف واضح والنأي بنفسها عن حزب العمال الكوردستاني.
ترجمة وكالة شفق نيوز