بين حرارة الصيف وانقطاع الكهرباء.. العراقيون يراهنون على "الطاقة الشمسية"

بين حرارة الصيف وانقطاع الكهرباء.. العراقيون يراهنون على "الطاقة الشمسية"
2025-04-12T09:04:35+00:00

شفق نيوز/ تدفع حرارة الصيف اللاهبة، التي تلامس أحياناً نصف درجة الغليان، المواطنين في العراق إلى البحث عن بدائل للطاقة الكهربائية الوطنية التي لا تزور بيوتهم في الصيف إلا لفترات محدودة وشحيحة.

ومع التوقعات بصيف قاسٍ هذا العام، بدأ كثير من المواطنين مبكراً بالبحث عن وسائل لمواجهة الحر، بعد أن فقدوا الأمل بالكهرباء الوطنية وسئموا البقاء تحت رحمة أصحاب المولدات الأهلية.

تتجه الأنظار إلى الطاقة الشمسية كحل بديل، خاصة بعد الترويج لها من قبل عدد من المسؤولين والشركات والمعنيين بملف الطاقة النظيفة، ما أثار اهتمام المواطنين كخيار ممكن لتوفير الكهرباء المستقرة.

أنواع المنظومات وتقنياتها

ويؤكد محمد حسين علي الضرب، خبير الطاقة الشمسية ورئيس قسم علوم الطاقة المتجددة في جامعة ألمانيا، لوكالة شفق نيوز، أن "الطاقة الشمسية في العراق تعتمد على منظومات تحول الإشعاع الشمسي إلى طاقة كهربائية باستخدام الألواح الشمسية"، موضحاً أن "هناك أنواعاً متعددة من هذه المنظومات، منها المنزلية، الصناعية، والزراعية".

ويشرح أن "كل وحدة من هذه الوحدات تعمل بتقنيات مختلفة تعتمد على ساعات العمل والقدرة المجهزة"، مشيراً إلى أن "كلفة المنظومة تنخفض بزيادة ساعات التجهيز من الشبكة الوطنية، لأن البطاريات وهي العنصر المكلف تُستخدم بشكل أقل".

ويضيف الضرب، أن "هناك بطاريات تعمل مساء لساعات محدودة، وسعرها يعتمد على مدة التشغيل"، موضحاً أن "في النهار، يتم تزويد المنزل مباشرة من الألواح الشمسية، أما في المساء فيحدث التناوب بين بطارية المنظومة والطاقة الوطنية".

ويشير إلى أن "الحسابات المالية تتأثر كثيراً بمدى توفر الكهرباء الوطنية، فإذا تم التجهيز من الشبكة الوطنية ساعتين مقابل ساعتين من البطارية، فستزداد تكلفة المنظومة، نظراً لاعتمادها الأكبر على البطاريات".

توسع حكومي ودعم مصرفي

كما يوضح الضرب، أن ملف الطاقة الشمسية في العراق شهد تطوراً ملحوظاً خلال العامين الأخيرين، بسبب انخفاض تكلفة المنظومات مقارنة بالسابق، إلى جانب مبادرة البنك المركزي العراقي لدعم بيع هذه المنظومات بالتقسيط.

ويلفت إلى أن "العديد من دوائر الدولة وشركات القطاع الخاص بدأت باستخدام الطاقة الشمسية"، مبيناً أن "الأمانة العامة لمجلس الوزراء خصصت 530 بناية حكومية سيتم تجهيزها بمنظومات الطاقة الشمسية خلال هذا العام، وأن عدد المؤسسات الحكومية التي تعتمد على الطاقة الشمسية تجاوز 100 مؤسسة حتى الآن".

وفي هذا السياق، أعلن مصرف الرشيد مؤخراً عن إطلاق قروض لشراء وحدات الطاقة المتجددة بفوائد لا تتجاوز 5%، على أن تكون متاحة للموظفين وغير الموظفين، وتتراوح مبالغ القرض بين 5 و20 مليون دينار تُسدد خلال خمس سنوات.

عقبات تعيق الانتشار

ورغم هذه المبادرات، إلا أن ملف الطاقة الشمسية ما زال يصطدم بعدة عقبات، يقول الأكاديمي رعد حاتم شخير، المتخصص بتصميم الخلايا الشمسية، في حديث لوكالة شفق نيوز، إن "منظومات الطاقة الشمسية للبيوت المنفردة تعاني من عدة مشاكل أبرزها الكلفة العالية، ووجود عيوب تصنيعية في الألواح، والبطاريات، و الانفرترات".

ويضيف أن "العديد من المواطنين يفتقرون إلى معرفة إجراءات الصيانة البسيطة، كما أن مناخ العراق المغبر يؤثر سلباً على كفاءة الألواح ويتسبب بعطب ما يُعرف بالنقاط الساخنة فيها"، مشيراً إلى أن "عمر المنظومة لا يتعدى أربع سنوات، فضلاً عن أن كلفتها تكون مضاعفة مقارنة بسعر الأمبير في المولدات الأهلية".

كما يرى شخير، أن "الربط بين المنظومة الشمسية والمولدة والكهرباء الوطنية داخل البيت يتطلب وجود كونتكترات ترفع الكلفة أكثر"، مشدداً على أن "المنفعة الحقيقية للطاقة الشمسية تكون عبر مشاريع حكومية تُدار من قبل متخصصين، مثل حقل البصرة الذي تتبناه شركة توتال الفرنسية".

وجهات نظر المواطنين

عدد من المواطنين يشاركون هذه النظرة المتشككة، حيث يقول المواطن موفق العزاوي (39 عاماً)، إن "الدولة يجب أن تخفض الضريبة المفروضة على الطاقة الشمسية، التي تصل إلى 200%، وإذا خُفضت فسيكون بمقدور الكثيرين الاعتماد عليها في بيوتهم".

فيما يوضح أكرم الحياني (44 عاماً)، أن "المنظومات الشمسية تتعرض للتخريب من قبل بعض الصبية الذين يرمون الحجارة خلف طيورهم"، مضيفاً أن "عدم وجود مراكز صيانة ثابتة في كل منطقة يعيق استخدام الألواح الشمسية لدى كثير من المواطنين".

أما وسام بدر (45 عاماً) فيعلق بسخرية، "إذا انقطع سلك المولدة، لا يأتي الكهربائي إلا بعد التي واللتيا، فكيف بالطاقة الشمسية التي تحتاج إلى صيانة دائمة من قبل فني متخصص؟".

ويضيف أن "مساحة البيوت الصغيرة خصوصاً في بغداد لا تسمح بتركيب الألواح، وإذا لم تُثبت بشكل جيد فإنها تطير مع العواصف، فضلاً عن الأضرار التي يسببها الرمي العشوائي في المناسبات".

يُذكر أن بعض الألواح الشمسية التي نُصبت لإضاءة الشوارع من قبل وزارة الكهرباء تعرضت للتلف بفعل العواصف والرياح الشديدة في العاصمة بغداد.

بين التجربة والنجاح المشروط

ورغم التحديات، هناك من يرى في الطاقة الشمسية خياراً ناجحاً إذا ما تم التعامل معها باحترافية.

وفي هذا الصدد، يقول المواطن محمد العامري (53 عاماً): "أنصح جيراني وأصدقائي بتركيب المنظومة الشمسية، فقد جربتها بنفسي لسنوات ونجحت".

ويضيف أن "السر في النجاح هو أن من ركبها لي مهندسون متخصصون، في حين أن جاري نصبها بنفسه وفشلت"، مؤكداً أن "التنصيب من قبل أهل الخبرة أمر بالغ الأهمية في ضمان تشغيل منظومة الطاقة الشمسية بكفاءة وتجنب الأعطال".

ويحمل مشروع "الطاقة الشمسية" في العراق في طياته إمكانيات كبيرة، لكنه ما زال يصطدم بعقبات فنية ومجتمعية واقتصادية تعرقل انتشاره.

Shafaq Live
Shafaq Live
Radio radio icon