بين اطماع المستثمرين وحرب تجار الازمات.. ازمة السكن "تُفلس" جيوب الانباريين

بين اطماع المستثمرين وحرب تجار الازمات.. ازمة السكن "تُفلس" جيوب الانباريين
2022-02-19T15:14:30+00:00

شفق نيوز/ رغم مساعي الحكومة المحلية في الانبار غربي العراق، لتخفيف أزمة السكن بمدن المحافظة، من خلال التعاقد مع شركات محلية كبرى لبناء عدة مجمعات سكنية استثمارية، إلا أن سعر الوحدة السكنية لا يتلاءم مع الامكانية المادية لشريحة الموظفين والطبقة المتوسطة والفقيرة من ابناء المحافظة.

إذ وصل سعر الوحدة السكنية بمساحات تتراوح بين 150 إلى 180 متراً مربعاً في بعض المجمعات نحو نصف مليار، دون اتخاذ اي اجراء بحق الشركات من قبل الجهات المعنية، مع أن قيمة الارض وبناؤها بتلك المواقع لا يتجاوز 70 مليون دينار فقط، بينما تفرض الشركات على الراغبين بالشراء، اسعاراً تفوق السعر الحقيقي بأضعاف، بحجة انهم يبتاعوها بنظام التقسيط.

ويشكو موظفون ومواطنون في الانبار، خلال احاديث متفرقة لوكالة شفق نيوز، من الغلاء الكبير بأسعار الوحدات السكنية في تلك المجمعات، وعدم مقدرتهم على الشراء بها، بسبب ثمن القسط الشهري الذي وصل بعدد من المجمعات الى مليون ونصف المليون دينار عراقي، في الشهر الواحد، اضافة الى مبلغ "المقدم"، الذي يبلغ 25 مليون دينار.

ويقول الباحث الاجتماعي في الانبار، احمد عبد السلام، إن "انشاء مجمعات سكنية بشكل افقي او عمودي في الانبار، يسهم وبشكل كبير من الزخم السكاني الحاصل في المحافظة، ويعول على هذا الامر في تخفيض مبالغ بدل الايجار للوحدات السكنية داخل المدن، وخاصة الاحياء الشعبية التي باتت تكتظ بالسكان".

واستدرك في حديث مع وكالة شفق نيوز، بالقول "لكن بسبب المبالغ الكبيرة التي يفرضها المستثمرون على المشتري في تلك المجمعات اصبح من المحال ان يتمكن الموظفين او اصحاب المهن شراء مسكن لهم من خلالها، وغالبية المشترين هم من الطبقة الغنية، الذين لم يكونوا بحاجة للمجمعات اساساً، انما يقوموا بشراء المنازل بمبالغ كبيرة، وبالتالي فإن المشكلة باقية على حالها".

وبين أن "على الجهات المعنية التدخل والتباحث مع المستثمرين لتخفيض اسعار المنازل وتقليل مبلغ القسط الشهري، ليتمكن المواطنين من الحصول على سكن لهم، ينجيهم من طمع اصحاب الاملاك الذين تسببوا برفع اسعار الايجارات بشكل كبير".

فيما يقول المواطن علي صالح (34 عاماً) "أنا موظف حكومي لا يتجاوز راتبي الشهري 600 الف دينار، حالي كحال ملايين الموظفين العراقيين، ومستأجر منزلاً بقيمة 400 الف، اي لا يتبقى من راتبي سوى 200 ألف دينار، وعليّ العمل بسيارتي كسائق اجرة لأتمكن من سد شيء من احتياجات عائلتي ومتطلبات الحياة من الماء والكهرباء والصحة والتعليم وغيرها".

ويضيف صالح، في حديثه لشفق نيوز، وهو من سكنة قضاء الفلوجة شرقي الانبار، قائلاً "عندما باشرت الشركات ببناء المجمعات كنا نعتقد بأنها قد فرجت وسنتمكن من شراء منزل الاحلام أخيراً، لكن سرعان ما صدمنا بمبلغ قسط المنزل، فكيف لموظف راتبه 600 الف ان يدفع مليون ونصف المليون دينار شهرياً؟".

ويتابع "لو ان الحكومة اعطتنا حقوقنا ووزعت لنا هذه الاراضي بدلاً من بناء المجمعات، لتمكنا من بناؤها وتخلصنا من السكن بالإيجار".

من جهته يقول نائب محافظ الانبار للشؤون الادارية، جاسم الحلبوسي، إن "المشاريع الاستثمارية المنفذة في الانبار متنوعة والأرباح تعد شيئاً أساسياً للمستثمر وعدم الربح يعني أن المشروع غير مجدٍ للمستثمر، إذ من غير المعقول أن يقوم مستثمر بصرف مبالغ طائلة دون أن تعود عليه بالنفع".

ويضيف في حديثه لشفق نيوز "نعمل مع هيئة استثمار الأنبار وهيئة الاستثمار الوطنية، على وضع ضوابط وسياسة عمل تخدم المستثمر والمواطن منها تنويع مشاريع الاستثمار لذوي الدخل المحدود والمتوسط ومشاريع للمتمكنين".

ويشير إلى أن "المشاريع السكنية الاستثمارية لا تقتصر على بناء وحدات السكن، بل يضاف لها توفير الخدمات الاساسية، وتعبيد وشوارع، وانشاء المدارس والأسواق وفيها مصادر للعيش المدني الحديث".

وتابع الحلبوسي، بالقول "الحكومة الاتحادية قامت بدعم المشاريع عن طريق قروض معفية من الضرائب، ووصل القرض لحوالي 125 مليون دينار وبفترة سداد 20 سنة، ويغطي نحو 50% من قيمة العقار، والبعض استفادوا وقاموا بشراء وحدات سكنية".

وأكد أن "هناك إقبالاً كبيراً على المشاريع الاستثمارية، بالأخص ذات المواقع المميزة، ونحاول تنسيق الوضع بحيث تخدم المشاريع جميع فئات المجتمع".

ولفت بالقول إلى أن "الفئات ذات الوضع المتدني مادياً التي لا تستطيع الشراء حتى بهذه الظروف، تخصص لهم الحكومة سنوياً بيوت واطئة الكلفة وتوزع لهم وفق إجراءات متبعة".

واختتم الحلبوسي، قائلاً "نعمل مع شركات الاستثمار على حل مشكلة السكن في العراق، وهناك مشروع لإطلاق مليون وحدة سكنية وانطلاقه قد يساعد على حل الأزمة".

فيما يقول استاذ مركز الدراسات الاستراتيجية بجامعة الانبار، عبد العزيز جاسم "عندما نتكلم عن المجمعات الاستثمارية في الأنبار خصوصاً والعراق عموماً، نجد هناك إخفاق كبير في قضية التسويق ورفع الأسعار بشكل عالي لا يتناسب مع الدخل المحدود لموظفي الدولة وبالأخص القوات الأمنية والمعلمين والموظفين عموماً".

وبين في حديثه لشفق نيوز، أن "هناك فجوة كبيرة بين السعر العالي الذي يصل لـ300 مليون دينار عراقي وأكثر، وقدرة الموظف في دفع الأقساط الشهرية، لذلك هناك مشكلة قائمة يتراوح مداها بين 30 إلى 40 عام قادم، إذا تكبل الموظف بالعقد الاستثماري للوحدة السكنية".

وتابع جاسم "نحن نعلم أن الدولة فتحت هذه الإجازة السنوية، ويكون سعر المتر الواحد رمزي جداً، بل أن الأرض قد تكون مجانية، وعلى المستثمر فقط أن يهيئ البنى التحتية من تعبيد الشوارع  والمجاري والكهرباء وغيرها، وكل هذا بسيط جداً إذا ما قارنا سعر الأرض بالوحدة السكنية وقيمة البناء ونوعيته".

واشار إلى أن "المواد التي يجلبها المستثمر من الخارج دون قيود أو رسوم جمركية، اي ان هناك ثراء فاحش في قضية المجمعات السكنية للمستثمرين، ومن جانب آخر ضعف قدرة الموظف على تسديد القسط لا سيما إذا ترتبت عليه أجور دراسية للمدارس الخاصة، إلى جانب الخدمات الصحية، وقد يلجأ للقضاء بسبب الالتزامات المالية، لذا ترتب علينا أن نقول كلمة الحق، وأن تكون هناك رقابة من الحكومات المحلية وتعديل قانون الاستثمار، ضماناً للمواطن العراقي".

Shafaq Live
Shafaq Live
Radio radio icon