بقبلة على الرأس.. مطرقة البرلمان بيد المشهداني من جديد
شفق نيوز/ بعد عام من انسداد سياسي شهده العراق، كانت فيها السلطة التشريعية شبه معطلة نتيجة لخلافات معقدة وتوترات متصاعدة داخل البيت السني أساساً، إلا أن هذا الجمود انفرج بانتخاب محمود المشهداني رئيسًا جديدًا لمجلس النواب العراقي، وذلك بعد جولة تنافسية شديدة بينه وبين النائب سالم العيساوي.
وأنهت المحكمة الاتحادية العليا، أعلى سلطة قضائية في العراق، منتصف نوفمبر الماضي رئاسة محمد الحلبوسي، السياسي السني البارز للبرلمان، بناء على دعوى "تزوير" تقدم بها أحد النواب.
وعلى إثر الحكم، قررت رئاسة مجلس النواب العراقي إنهاء عضوية رئيس المجلس محمد الحلبوسي بشكل رسمي.
ومنذ إنهاء عضوية الحلبوسي في مجلس النواب، عقد المجلس عدة جلسات لانتخاب رئيس جديد، له إلا أنه لم يتم طرح الموضوع في تلك الجلسات بسبب عدم اتفاق رؤساء الكتل السياسية على المرشح البديل.
ويضم البرلمان العراقي 329 نائبا وتملك أحزاب وتيارات شيعية الغالبية فيه.
وتتقاسم السلطات الثلاث في العراق المتعدد الطوائف والاثنيات، بين مكونات مختلفة، حيث تعود رئاسة الجمهورية تقليدا إلى الكورد، ورئاسة الوزراء إلى الشيعة، ورئاسة البرلمان الى السنة.
وغالبا ما يتطلب انتخاب وتعيين رؤساء السلطات الأساسية في البلاد وقتا طويلا ومفاوضات شاقة قد تدوم شهورا.
خلاف وجمود سياسي
كما معتاد مع أي خلاف سياسي، ينعكس الأمر تصاعدياً إلى قبة البرلمان، ورغم المحاولات السابقة لحل هذا الانسداد، فإن المفاوضات لم تثمر عن توافق فعّال، خصوصًا في ظل الخلافات داخل البيت السني حول إعادة تشكيل القيادة البرلمانية. وقد ازدادت الضغوط عقب إبعاد محمد الحلبوسي من منصب رئيس المجلس حيث طالبت بعض الأطراف بإصلاحات هيكلية داخل البيت السني وإعادة توزيع المناصب لتخفيف التوترات.
محمود المشهداني
يُعتبر رئيس البرلمان العراقي القديم- الجديد محمود المشهداني 75 عاماً شخصية تتمتع بخبرة في العمل التشريعي والسياسي. سبق له أن تولى منصب رئيس مجلس النواب عام 2006 إلى 2009، وتُعرف شخصية المشهداني بالصراحة في الطرح والمواقف السياسية، مما جعله دائمًا في موقع إثارة الجدل وخلافات.
أدت التطورات الأخيرة إلى تعزيز موقف محمود المشهداني وتسهيل انتخابه رئيسًا لمجلس النواب العراقي، وذلك نتيجة لدعمه من قوى شيعية مؤثرة، على رأسها ائتلاف دولة القانون بقيادة نوري المالكي، ورئيس البرلمان المبعد محمد الحلبوسي، وقوى شيعية وكوردية أخرى، حيث رأوا في المشهداني شخصية قادرة على تهدئة الخلافات داخل البيت السني والحفاظ على توازن القوى داخل البرلمان.
بالإضافة إلى ذلك، حظي المشهداني بتأييد الحزب الديمقراطي الكوردستاني بقيادة مسعود بارزاني، وهو ما كان له دور محوري في تعزيز فرصه في الفوز بمنصب رئيس مجلس النواب.
هذا التحالف الجديد بين قوى شيعية وسنية بارزة والحزب الديمقراطي الكوردستاني جعل من انتخاب المشهداني خيارًا توافقيًا، يسهم في إنهاء الانسداد السياسي الذي شهده البرلمان العراقي لأكثر من عام، ويمثل بداية جديدة من شأنها إعادة الاستقرار للعمل البرلماني.
لفتة رمزية
بعد إعلان انتخاب محمود المشهداني رئيسًا لمجلس النواب العراقي، شهدت القاعة البرلمانية لفتة عكست قوة التحالفات السياسية التي مهدت لتوليه المنصب. فقد قام المشهداني بتقبيل رأس القيادي الشيعي هادي العامري، في إشارة إلى تقديره للدعم الذي قدمته القوى الشيعية، لتمكينه من الفوز برئاسة المجلس.
وقال العامري في مؤتمر صحفي عقده عقب انتخاب المشهداني: "اشكر كل الأخوة الذين ساهموا من المكون الكوردي والأخ كاكا مسعود، بالإضافة إلى الاطار التنسيقي من المالكي الذي جلس جلسات متعددة وكذلك عمار الحكيم وقيس الخزعلي الذين دعموا ترشيح المشهداني وانتخابه".
خطط برلمانية
عقب انتخابه، كشف المشهداني في كلمة داخل البرلمان عن خططه للعمل في المجلس، فيما أفصح عن موقفه من توترات وحرب المنطقة.
وتعهد المشهداني، "برفع حجم الأداء التشريعي والرقابي في المرحلة القادمة، بسبب عدد القوانين الموجودة في اللجان النيابية والتي سنمضي لتشريعها، مشدداً على أهمية التنسيق مع كافة مؤسسات الدولة لتفعيل تلك القوانين والوقوف على المشاكل والعراقيل التي تحول دون تنفيذها و إيجاد الحلول الناجعة لها".
وعن توترات المنطقة، ذكر رئيس مجلس النواب الجديد: "في هذه الظروف الحرجة والصعبة التي يمر بها الشعب الفلسطيني و الشعب اللبناني الصامدين أمام المجازر التي يندى لها جبين الإنسانية و التي تضطلع بها عصابات الكيان الصهيوني أمام موقف صمت دولي تجاه الإبادة البشرية التي تنفذها آلة الحرب الإسرائيلية".
وخلص المشهداني إلى القول: "أعلن و إياكم عن موقفنا الداعم لشعبينا الفلسطيني واللبناني ولن نكتفي بالخطابات و الشعارات بل سنعمل مع كل البرلمانات العربية والدولية والضغط لإستحصال قرار دولي بوقف إطلاق النار وإنهاء العدوان وحماية الشعوب الآمنة من المجازر الصهيونية".
وختم بالقول: "سنعمل معاً ولن ندخر أي جهد أو وقت لتقديم المساعدات الإنسانية للعوائل المحاصرة و الأسر النازحة في قطاع غزة العزة و الضاحية الجنوبية الأبية".