أبعدتهم الحروب والأزمات.. عراقيون يحملهم الشوق لأقدم كنائس العالم وأبرز معابدها
شفق نيوز/ العراق أو (بلاد الرافدين) كما يسمى، يضم العديد من الديانات السماوية التي مازالت متواجدة إلى الآن منها من بقيت معالمها شاخصة حتى الآن، ومنها ما دمر عبر الإهمال أو التخريب، ولم يبق إلى أهل هذه المعابد والكنائس سوى الحنين والاشتياق إلى زيارتها، فالحروب والأزمات السياسية والتهجير القسري منذ قرون، أبعد العراقيين عن ارتياد تلك المناطق.
وكالة شفق نيوز، سلطت الضوء على أهم وأبرز معالم الكنائس والمعابد التي مازالت ترفض الانحناء للزمن، لتوثق تلك المعالم في ذاكرة العراقيين، الذين يغمر معظمهم الشوق واللهفة لزيارتها مجدداً.
كنيسة القيصر
واحدة من كنائس الإرث والتاريخ موجودة في العراق، بحسب ما قاله الباحث في شأن الآثار حسين ياسر، الذي أشار إلى إلى أن "موقع القيصر الأثري، هو عبارة عن مستوطن قديم كبير يقع شمال حصن الأخيضر في الطريق المؤدي من الحصن إلى قضاء عين التمر في محافظة كربلاء".
وأضاف ياسر، خلال حديثه لوكالة شفق نيوز، أن "أهم ما موجود حصن الأخيضر، هو كنيسة القيصر، التي يعود تاريخها إلى القرن الخامس الميلادي"، مبيناً أن "سبب تسميتها بالقيصر (مصغر قصر) وتعود فترة بنائها إلى القرن الخامس حيث كانت هذه المنطقة تحت حكم دولة المناذرة العربية التي بدأت من 268 ميلادي إلى 633 ميلادي".
وأوضح أن "هذه الدولة كانت خاضعة لحكم الساسانية لكنها تدين بالمسيحية وبقرب هذه الكنيسة أقيمت طقوس الجنائزية، حيث كانت زيارات عديدة من قبل وفود إلى هذه الكنيسة"، لافتاً إلى أن "من الكنائس القديمة والتي تعتبر أقدم كنيسة في العالم، هي كنيسة كوخي"، حسب قوله.
أقدم كنيسة في العالم
أما عن المسيحية في العراق، فتبدأ منذ القرن الأول، حيث وجدت كنيسة كوخي حالياً، موجودة آثارها في منطقة المدائن جنوب شرقي العاصمة بغداد.
وتقع كنيسة كوخي 35كلم جنوب مدينة بغداد في منطقة تدعى طيسفون (المدائن - سلمان باك حاليا)، وتعتبر أقدم كنيسة في العالم مازالت آثارها موجودة إلى الآن.
وهناك كنائس موجودة في مدينة الحيرة والكوفة وكربلاء ومناطق مسيحية أيضاً، إلا أن الإهمال في تسليط الضوء عليها، كان سبباً رئيساً اندثارها.
وكان لزيارة بابا الفاتيكان فرنسيس، إلى العراق، رد فعل إيجابي من ناحية الكنائس حيث كل الآثار اليوم تحتاج إلى رعاية وترميم والاهتمام بحضارة وادي الرافدين.
وتعاني هذه المواقع التاريخية، إهمالاً حكومياً، وفق عدد من المؤرخين العراقيين، الذين لم يخفوا أملهم في إيجاد بصمة حكومية فاعلة لحماية الآثار، ودعم الكنائس والاهتمام بها.
اليهودية للذكرى
أما الديانة اليهودية، التي كانت متواجدة في العراق، لم يبق منها سوى المعالم والمعابد، وفق قول الباحث في شأن تاريخ الأديان، قاسم الحسناوي، الذي أوضح لوكالة شفق نيوز، أن "الديانة اليهودية هي من الديانات الإبراهيمية الثلاث (اليهودية والمسيحية والإسلامية)، وتتمحور في العراق".
ومحافظة بابل العراقية، هي نقطة تمركز اليهود سابقاً، رغم أنهم كانو منتشرين على مستوى بغداد، ومكان عبادتهم كان في مرقد النبي "ذي الكفل" الذي يعتبروه أقدس مكان لهم، ويسكنون في جواره سابقاً".
وشدد الحسناوي، على ضرورة تسليط الضوء على العلاقة بين اليهود والمسلمين، بالقول "التنوع العرقي والديني في العراق أعطاه جمالية وقيمة تاريخية ودينية، وهذا لا يختلف عليه اثنان، حيث كان التعايش السلمي في ما بين المسلمين واليهود شيء عظيم".
وتابع "حتى أصحاب الحوزة كانوا يتبادلون الخبرات في مرقد النبي ذي الكفل، الذي يوجد بجواره مسجد النخيلة التاريخي، ويرتبطون بعلاقات اجتماعية حيث كانوا الأجداد العراقيون يرون طبيعة ذلك الترابط بين المسلم واليهودي".
ولكن بعد تهجير أغلب اليهود قسراً من العراق، قبل وأثناء إعلان الدولة الإسرائيلية في فلسطين، بالاتفاق مع الحكومة العراقية آنذاك.
كان تاريخ تهجير اليهود 1948 إلى 1951، وبقيت أعدادهم قليلة حيث حسب تعداد اليهود 2.6 بالعشرة من تعداد سكان العراق، حيث أن التهجير القسري لم يبق سوى غصة لدى اليهود لإجبارهم على ترك منازلهم، لتبقى أغلب أملاك اليهود مثل (سوق دانيال) في الكفل، مهملة، وفق المؤرخ قاسم الحسناوي.
"ذي الكفل"
هو "أحد الأنبياء المرسلين على بني إسرائيل" وفق الكتب السماوية، شُيّد له مرقد قديم جداً في العراق، بعد أن قتل أثناء ما يعرف بـ"السبي الأول البابلي" في هذا المكان، حتى بات مرقده أحد معالم المسلمين واليهود سوية، إذ يعتبره المسلمون مقدس.
وبعد عام 2003 أصبح مرقد النبي ذي الكفل، تحت رعاية ديوان الوقف الشيعي، ليحافظ بعض الشيء على إرثه الإسلامي لكونه يقع بجواره مسجد النخيلة.
وشهد مرقد ذي الكفل، عملية ترميم تجميلية، لكون بناءه الأول كان على يد محمد خدا بنده، وحفيده هولاكو، وعمر منارته 800 سنة، وتقام فيه الآن شعائر عدة وتزوره دول وأديان مختلفة، كما أنه يحتوي على بعض الكتابات اليهودية.