بعد دخوله نادي الـ100 ألف.. كشف حساب وباء كورونا في العراق
شفق نيوز/ اختار العراق استئناف الحياة تدريجياً أسوة بالعديد من دول العالم، في ما يبدو اعترافاً ضمنياً بأن احتواء فيروس كورونا، لم يعد متاحاً في المدى المنظور. هذه هي الحقيقة المرة لهذا الوباء الذي أصاب أكثر من 16 مليون انسان حول العالم، وتسبب بوفاة أكثر من 600 ألف شخص.
والعراق في النادي الرسمي لكورونا منذ 24 شباط/فبراير 2020 عندما تم التثبت من الاصابة الاولى على اراضيه في مدينة النجف، ثم سرعان ما ظهرت إصابات بالعشرات في مختلف المدن والمحافظات العراقية، لتصل حاليا إلى أكثر من 100 ألف اصابة مع تسجيل أكثر من أربعة آلاف حالة وفاة.
والخروج إلى الحياة مجددا رغم ما يثيره من تفاؤل، الا انه يمثل اقرارا بأن العراقيين، اسوة بغيرهم من الشعوب على هذا الكوكب، يعترفون بأن إلحاق الهزيمة بكورونا، خيار ليس متاحاً في المدى القريب بسبب خبث الفيروس وجهلنا به.
ولهذا، فان العراقيين وهم يفعلون ذلك، أي يحاولون استئناف حياتهم، يقومون بذلك لا من باب اليقين بالمستقبل، وإنما كخضوع للمجهول، وهي ليست حالة فريدة بالنسبة الى العراقيين.أليست هذه هي معادلة الحياة لديهم منذ عقود؟
وقد ضغطت الأمور المعيشية على العراقيين واجبرتهم في مكان ما على اعادة فتح أبوابهم للخروج الى العمل والبحث عن لقمة العيش، ذلك أن شهوراً من الإغلاق العام الذي أعلنته الحكومة العراقية في اذار/مارس الماضي، ضيق موارد رزق ملايين العراقيين في مرحلة اقتصادية هي بالأساس صعبة، ثم جاء فيروس كورونا ليفاقم الضغوطات المعيشية عليهم.
اذا هذا الخروج هو قدرهم الحتمي، ومع ذلك فإن المخاوف في العراق كبيرة ذلك ان نظام الرعاية الصحية يعاني من مشكلات عميقة بسبب إهمال الحكومات المتعاقبة للمستشفيات ودور العلاج المختلفة، واذا جاءت "الموجة الثانية" من كورونا، فغالبية الخبراء والمختصين على مستوى العالم، يتوقعون ان تكون أكثر قوة وخطورة خصوصا بالنظر إلى ترافقها مع حلول فصلي الخريف والشتاء.
ومع تسجيل أكثر من 100 الف اصابة الان، فان التقديرات هي أن العراق لا يزال في المرحلة الاولى من الوباء، وما زال في عالم المجهول، كما ستكون الموجة الثانية فتاكة وواسعة الانتشار. ولهذا فان السؤال الجوهري يتعلق بما اذا كان العراق، مستعد فعلا لمثل هذه الحرب مع الفيروس.
خذ على سبيل المثال معدلات الإصابة بكورونا على مستوى العالم لتبيان مكانة العراق. فبينما تحتل الولايات المتحدة المرتبة الاولى بالاصابات عالميا بوصولها الى اربعة ملايين حالة ونحو 150 الف وفاة، فان البرازيل باتت تحتل المرتبة الثانية بنحو مليوني اصابة، وتتبعها الهند التي تخطت قبل ايام حاجز المليون اصابة.
وهناك نحو 300 الف اصابة في كل من بريطانيا وايران والسعودية وباكستان، وارقام تتعدى ذلك في روسيا وجنوب افريقيا والبيرو والمكسيك وتشيلي واسبانيا.
وقد تخطت تركيا ال 200 الف اصابة، وقطر ال100 الف اصابة، ومصر ال90 الف اصابة، والكويت ال60 الف اصابة، والامارات ال58 الف اصابة.
ولهذا قد يقول قائل ان العراق ما زال في "المنطقة الآمنة" نسبيا. لكن لا بد من التذكير ان حكومة عادل عبدالمهدي سابقا وحكومة مصطفى الكاظمي الان، حاولتا بطرق شتى فرض إجراءات الوقاية والحماية من خلال حزم خطوات، لكن العديد من المواطنين في محافظات كثيرة لم يتجاوبوا بالكامل، ما فتح الباب واسعا امام تزايد الاصابات، والاخطر من ذلك ان ذلك يمهد لطفرة في انتشار الوباء في الأسابيع المقبلة.
وكل العراقيين يتذكرون كيف ان الحكومة اقرت مجموعة من الخطوات من بينها حظر التجوال الشامل ثم حظر التجوال الجزئي، وتجميد الرحلات الجوية وتعليق الدراسة في الجامعات والمدارس، الا ان خروقات كبيرة لاجراءات الحظر سجلت في العديد من المدن.
والان، مع استئناف العراق يوم الخميس الماضي، رحلاته الجوية من مطارات البلاد بعد توقف استمر أربعة شهور، يفتح باب جديد لاحتمال تسلل الفيروس، من العراق واليه.
وكانت الحكومة العراقية السابقة اقرت مجموعة خطوات لمنع انتشار الفيروس، من بينها استعادة مواطنيها من ايران، واغلاق الحدود البرية، ووقف حركة التبادل التجاري الحدودي، مع استمرار التبادل التجاري عبر المنافذ البحرية الجوية بشرطة السلامة الصحية، واغلاق المحال والمراكز التجارية والسينما والمقاهي والمسابح والمدارس والجامعات والمطاعم والنوادي وغيرها. كما منعت الحكومة دخول مسافرين من دول محددة كانت تسجل اصابات عالية بالجائحة كفرنسا واسبانيا. واتخدت خطوات لتعزيز التعاون الصحي بين بغداد واقليم كوردستان، الى جانب تشكيل خلية أزمة في كل وزارة عراقية لتتولى تنفيذ مقررات الحكومة الى جانب قيادة عمليات بغداد وقيادة العمليات في المحافظات الاخرى.
ولعل هذه الخطوات ساهمت في الحد من انتشار الفيروس، لكنها لم توقفه. فالوصول من اصابة واحدة في اذار/مارس الى اكثر من 100 الف اصابة في تموز/يوليو 2020، يعني ان الخطر ما زال ماثلا، وبقوة، على أرواح العراقيين.
ويكفي ان نلقي نظرة على معدل الاصابات في بعض المحافظات، لادراك حجم هذا الخطر. ففي ميسان، هناك اكثر من 2800 حالة، والنجف 2400، وبغداد اكثر من 2300، بينما في اقليم كوردستان هناك مثلا 2600 اصابة في اربيل، واكثر من 7 الاف اصابة في السليمانية.
وفي بعض الدول التي سجلت عددا كبيرا من الاصابات، كبريطانيا والسويد وسويسرا، راهن الخبراء على معادلة أساسية الى جانب الجوانب الطبية: ثقة المواطنين بمقررات حكوماتهم للخروج من هذه المحنة، والاهم، الوعي الاجتماعي بين الناس المدركين ان الوقاية والتباعد الاجتماعي والحجر الالزامي للمشكوك باصابتهم، هي السبيل الأمثل للنجاة طالما لم يتوفر عقار ناجح حتى الان.
وقديما قالوا، الوقاية خير من قنطار علاج. لعل العراقيين يخرجون من هذه الكارثة بأقل الضحايا.