بعد حريق "الهايبر".. تكاليف السلامة تقفز لأضعاف دون ضوابط رسمية

بعد حريق "الهايبر".. تكاليف السلامة تقفز لأضعاف دون ضوابط رسمية
2025-08-02T17:06:19+00:00

شفق نيوز– واسط/ كركوك

تشهد محافظات عراقية عدة، من بينها كركوك، ارتفاعاً متسارعاً في أسعار الحديد وأجور الأعمال الإنشائية والتأهيلية، نتيجة لتشديد إجراءات السلامة العامة التي أعقبت حادثة حريق "هايبر الكوت"، والتي أثارت جدلاً واسعاً حول هشاشة معايير السلامة في الأبنية التجارية والمولات والمطاعم.

وفرضت مديريات الدفاع المدني في مختلف المحافظات تعليمات أكثر صرامة، تلزم أصحاب المنشآت التجارية بإجراء تحسينات فورية تتعلق بمنظومات الإخلاء والطوارئ ومخارج الهروب، وأدت هذه المتطلبات إلى زيادة كبيرة في الطلب على المواد الإنشائية، خصوصاً الحديد، وأجور العمالة الفنية المختصة.

وقال عدد من المقاولين وأصحاب الأبنية في الكوت، لوكالة شفق نيوز، إن اشتراطات الدفاع المدني الجديدة دفعت الكثير من أصحاب المحال والمجمعات التجارية إلى إعادة تأهيل مبانيهم بما ينسجم مع المعايير الحديثة، مما رفع الطلب على الحديد، وخاصة الحديد المستخدم في الإنشاءات الثانوية، مثل السلالم الخارجية والهياكل المعدنية لمنظومات الإخلاء.

وأوضح المتخصص في تأهيل الأبنية التجارية، المهندس سمير عباس الحداد، أن "الجهات الرقابية بدأت تطالب بتوفير سلالم طوارئ خارجية، وأبواب معدنية مقاومة للنار، وأنظمة إنذار وإطفاء حديثة، وهو ما تسبب بزيادة مباشرة في الطلب على الحديد المقوّى والمقاطع الخاصة المستخدمة في هذه الأعمال".

وأضاف الحداد، لوكالة شفق نيوز، أن "العديد من أصحاب الأبنية فوجئوا بالكلفة المرتفعة لهذه التحسينات، خصوصاً أن بعضها لم يكن مدرجاً ضمن خططهم التشغيلية، ما وضعهم أمام خيارين: إما الامتثال وتحمل التكاليف العالية، أو مواجهة خطر الغلق الإداري والغرامات".

وقال المقاول فراس أحمد الحداد، لوكالة شفق نيوز، إن "كلف أعمال السلامة ارتفعت بشكل لافت، فتركيب سلم طوارئ معدني واحد لمبنى متوسط أصبح يتراوح بين مليوني دينار إلى أربعة ملايين دينار، حسب المواصفات الفنية، وطول السلم، ونوع الحديد المستخدم".

وأشار إلى أن "الطلب المكثف على هذه الأعمال خلال فترة زمنية قصيرة أدى إلى قفزة في أجور اللحامين، والعمال الفنيين، مما دفع بعضهم لاستغلال الوضع لفرض أسعار مرتفعة"، لافتاً إلى أن "المنافسة تحولت إلى صراع مع الوقت والمال، لا سيما للمحال الكبيرة والمطاعم المعروفة التي تخشى الإغلاق أو فقدان الزبائن".

وأكد صاحب ورشة تصنيع معدني في الكوت، حسين عباس، أن "الطلب على الحديد المستخدم في صناعة سلالم الطوارئ ارتفع بشكل غير مسبوق"، مضيفاً أن "المعامل المحلية لم تكن مستعدة لهذه الطفرة المفاجئة في الطلب، مما تسبب بشح المادة الخام، وارتفاع أسعارها".

وقال عباس، لوكالة شفق نيوز: نحن نعمل الآن بطاقتنا القصوى لتلبية الطلبيات، ولكن هناك صعوبة في تأمين الحديد بسرعة بسبب ضغط السوق وقلة الموردين، مبيناً أن أسعار الحديد ارتفعت بنسبة 30 إلى 40% خلال أسبوعين، ما أثر بشكل مباشر على الكلفة النهائية لكل مشروع.

وفي كركوك، أكد مصدر مسؤول في مديرية الدفاع المدني لوكالة شفق نيوز، أن المديرية نفذت سلسلة من الزيارات التفتيشية المكثفة خلال الأسبوعين الماضيين، وأسفرت عن إغلاق أكثر من 25 موقعاً تجارياً ومطعماً، لعدم استيفائها شروط السلامة، وعلى رأسها عدم وجود سلالم طوارئ وإنذار حريق ومخارج إخلاء آمنة.

وأضاف المصدر أن الدفاع المدني أصدر إنذارات رسمية لعشرات المواقع الأخرى، وحدد مهلاً زمنية قصيرة لتصحيح المخالفات، مؤكداً أن الحملة تأتي في إطار توجيهات صارمة بعد كارثة "هايبر الكوت"، وأن الأولوية الآن هي حماية الأرواح وتفادي تكرار الحادث.

ويرى مراقبون أن هذه المتغيرات فرضت تحديات كبيرة على المشاريع الصغيرة والمتوسطة، التي تجد نفسها عاجزة عن تأمين المبالغ اللازمة لإعادة التأهيل، خاصة في ظل غياب أي برامج دعم أو قروض حكومية ميسّرة.

وقال أحد أصحاب المطاعم في كركوك ويدعى حسام محمود، لوكالة شفق نيوز، إن "كلفة إعادة تأهيل المطعم بمنظومة إنذار وسلالم طوارئ معدنية تجاوزت 18 مليون دينار، وهذا مبلغ كبير لا نستطيع دفعه دفعة واحدة، ولا توجد جهة حكومية تمنحنا قروضاً أو حتى مهلة كافية".

ويحذر خبراء اقتصاديون من أن تطبيق معايير السلامة لا يجب أن يكون على حساب انهيار المنشآت الصغيرة أو فقدان الوظائف، مطالبين بتطبيق حلول مرنة، مثل السماح بالتقسيط، وتقديم إعفاءات جمركية مؤقتة على استيراد المواد الضرورية، وتوفير حوافز للمشاريع الملتزمة.

كما يدعون إلى إصدار دليل فني واضح من الدفاع المدني يتضمن المواصفات القياسية للسلالم ومنظومات السلامة، لتفادي التلاعب من قبل بعض المقاولين، وتحديد سقوف سعرية تقريبية للحد من الاستغلال.

Shafaq Live
Shafaq Live
Radio radio icon