بعد "الإنجاز الكبير".. مساعٍ عراقية لتغطية ثلث الموازنة العامة من واردات السياحة

بعد "الإنجاز الكبير".. مساعٍ عراقية لتغطية ثلث الموازنة العامة من واردات السياحة
2024-12-15T19:18:00+00:00

شفق نيوز/ في "إنجاز كبير" للعراق، اختارت المنظمة العربية للسياحة مدينة بغداد عاصمة للسياحة العربية لعام 2025، وبينما تؤكد وزارة الثقافة والسياحة والآثار العراقية أن الهدف منها هو أن تكون السياحة ذات مورد كبير يصل إلى ثلث موازنة العراق على الأقل، قدم مختصون مجموعة نصائح لاستغلال هذه المناسبة بالشكل الأمثل.

ويقول وكيل وزارة الثقافة والسياحة والآثار العراقية، فاضل البدراني‎، إن "اختيار بغداد عاصمة للسياحة العربية لعام 2025، جاء نتيجة اجتيازها لمعايير وضعتها المنظمة العربية للسياحة، بعد تقديم وزير الثقافة أحمد فكاك البدراني منذ كانون الأول 2022 بطلب إلى مجلس وزراء السياح العرب في القاهرة بأن يكون عام 2025 عام السياحة العربية في بغداد".

ويؤكد البدراني لوكالة شفق نيوز، أن "العراق عمل على المعايير التي وضعتها المنظمة العربية للسياحة والتي تتضمن البنى التحتية والإدارة السياحية وما يتعلق بتنوع الأنشطة والأنماط السياحية والسلامة السياحية والاستقرار الأمني والمواقع السياحية والأثرية الموجودة".

ويشير إلى أن "المنظمة العربية للسياحة أجرت استطلاعات ورأت أن العراق متوافرة فيه جميع الشروط لتكون بغداد عاصمة للسياحة، وهي بذلك تمثل العراق الذي يمتلك مواقع أثرية وتراثية عديدة، على سبيل المثال في المواقع الأثرية هناك آثار حضارات سومر وأكد وبابل وآشور والحضر، كما سيكون الفن والثقافة حاضران، وكذلك ما يتعلق بالمواقع السياحية، حيث إن العراق ليس صناعياً بل يتميز بالطبيعة الخضراء والبساتين والحدائق والمرافق الخدمية والسياحية، وأن السياحة الدينية من عوامل نجاح العراق في عاصمة السياحة، وكل مكان يعتبر عامل جذب وله رواده وزواره فهو موقع سياحي".

ويلفت البدراني إلى أنه "في مطلع عام 2025 سيكون هناك نشاطين بمشاركة المنظمة العربية للسياحة مع وزارة الثقافة والسياحة والآثار العراقية، حيث ستكون هناك زيارات وفعاليات ثقافية وفنية وموسيقية، وستتضمن زيارة للمتاحف والمتحف العراقي وزيارة المواقع الأثرية والحضارية مثل أور وبابل وآشور وغيرها، وكل هذه تندرج ضمن خطة وزارة الثقافة التي عملت عليها، كما ستكون هناك فعاليات واستضافات على مدى العام".

ويبين، أن "هدف الوزارة أن تكون السياحة ذات مورد كبير يصل إلى ثلث موازنة العراق على الأقل، لأن هدف العراق والحكومة العراقية وبرنامج حكومة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني أن تكون السياحة مثل الزراعة، وينبغي أن تُقلل كلتاهما الاعتماد على واردات النفط، وهذا ما يتم العمل عليه حالياً".

ويوضح، أن "مشروع عاصمة السياحة العربية بالنسبة لبغداد هو ليس الغاية منه مشروع ترف أو يخص هيئة السياحة أو وزارة الثقافة والسياحة والآثار، بل هو مشروع دولة الغاية منه تغيير وجهة الدولة العراقية لدولة بكل مدنها ومنها العاصمة بغداد تستقبل الوفود وتعج المطارات بحركة بالمسافرين والكروبات السياحية وتذهب لمختلف مناطق العراق من الشمال إلى الجنوب".

المواقع السياحية في بغداد 

 

من جهته، يرى نقيب السياحيين العراقيين، د.محمد العبيدي، أن "اختيار بغداد عاصمة للسياحة العربية يمثل إنجازاً كبيراً للعراق، لكن عادة ما يتم تحقيق الإنجاز لكن لا يتم المحافظة عليه"، مبيناً أن "بغداد مليئة بالمواقع السياحية المختلفة سواء تاريخية أو أثرية أو دينية، وأهم المعالم السياحية الدينية هي منطقتي الكاظمية والأعظمية وبعض الجوامع القديمة ومقامات رجال الدين، إلى جانب مواقع أثرية وتاريخية".

ويضيف العبيدي لوكالة شفق نيوز، "كما هناك زقورة عقرقوف التي تعد واحدة من الآثار التاريخية والدينية، وهناك الباب الوسطاني لمدينة بغداد المدورة والآثار التي تسمى (تل محمد) في نطاق منطقة بغداد الجديدة، فضلاً عن القصر العباسي المعلم الحضاري والتاريخي القديم والذي يمثل واجهة سياحية لحقبة مهمة مرت بها بغداد".

ويتابع، "كما يوجد في بغداد المدرسة المستنصرية وما تمثله من بعد حضاري وتاريخي قديم وخاصة موقعها الجميل المطل على نهر دجلة، إلى جانب القشلة وشارع المتنبي الذي أصبح قبلة لمختلف السياح العرب والأجانب".

ويشير إلى أن "بغداد تشهد نهضة في بعض المنتجعات والقرى السياحية والفنادق والمطاعم الفاخرة التي هي في مصاف مطاعم الدرجة الأولى في الشرق الأوسط بطريقة بنائها وأثاثها وطريقة الخدمة ونوع الطعام المقدم فيها، كما هناك قرية دجلة وألف ليلة وليلة ومدينة النخيل وهناك منتجعات أخرى مستمر العمل فيها".

ويؤكد، أن "بغداد تتميز بطبيعتها الجميلة وهو ما يتمثل بمتنزه الزوراء الذي يقع في قلب بغداد وهو قبلة للزائرين المحليين لمدينة بغداد وحتى المدن القريبة من العاصمة وأطرافها، كما أن بغداد تشهد بناء بعض الفنادق التي ستكون عالمية مثل قلب العالم وغيره، لذلك هناك نشأة سياحية في بغداد".

أهمية استغلال هذه المناسبة

ويدعو العبيدي إلى استغلال مناسبة اختيار بغداد عاصمة للسياحة العربية من خلال مراعاة ما يلي:

تفعيل فعاليات وأنشطة سياحية عبر إقامة المؤتمرات والمهرجانات السياحية ودعوة بعض الشخصيات المؤثرة في الرأي العام بمختلف أشكالها (فنية، رياضية، إعلامية) وعمل رحلات لهم داخل وخارج بغداد، فهذا سوف يعطي انطباعاً عالمياً جميلاً بأن العراق بلد سياحي وقادر على استضافة مختلف السياح. 

تدريب الكوادر السياحية من خلال عقد دورات تدريبية بمشاركة خبراء من خارج العراق أو إرسال الكوادر المحلية للخارج لغرض التدريب والتطوير والتنمية، لأنه يلاحظ أن العراق متراجع في هذا الجانب، وبالتالي هناك حاجة إلى رفع الوعي السياحي. 

فتح باب الاستثمارات لمختلف المرافق والمنتجعات السياحية، حيث من المتوقع تواجد شركات عالمية لاستغلال هذه المناسبة التي تبدأ من بداية السنة المقبلة من 1 كانون الثاني وتنتهي في 31 كانون الأول، وخلال هذه الفترة يجب أن تكون هناك بعض النشاطات الاستثمارية والاقتصادية من خلال إقامة الاتفاقيات والمعاهدات في سبيل إنجاز المشاريع السياحية. 

استغلال نهر دجلة في بغداد الذي يخترقها من شمالها إلى جنوبها، وهذا يوفر الفعاليات والأنشطة السياحية المختلفة التي ينبغي استغلالها واستثمارها بالشكل الصحيح، على سبيل المثال افتقار بغداد للتلفريك وهذا لو تم إنشاءه ليربط الكرخ بالرصافة عبر نهر دجلة فسيكون منظراً جميلاً، بالإضافة إلى زيادة أعداد العوامات والزوارق ونشرها على جميع أطراف نهر دجلة وإقامة الفعاليات المائية والأنشطة المختلفة والحفلات، لذلك بغداد غنية بالجوانب السياحية الموجودة والتي يمكن استثمارها. 

السياح يبحثون عن جوانب مهمة مثل السكن والطعام، وهذه متوفرة حالياً وستكون بشكل أفضل مستقبلاً، لكن هناك حاجة لتطوير أكثر للبنية التحتية والخدمات التي يحتاجها السائح، وما يُعانى منه بشكل دائم هو توفير الطاقة الكهربائية وهذه عائق كبير أمام تنمية وتطوير القطاع السياحي، كما هناك حاجة لتطوير الشوارع والنظام الصحي والتأمين على حياة السياح منذ دخولهم إلى حين خروجهم، فضلاً عن متعلقات كثيرة، لذلك هناك حاجة لقيادة إدارية سياحية صحيحة تستغل كل يوم من هذه الفترة المتاحة. 

تفعيل المنظومة الإعلامية السياحية لتكون هناك منظومة إعلامية متخصصة بالقطاع السياحي تستغل هذه الفترة لعرض كل ما هو موجود في العراق من معالم وجوانب سياحية متعددة ومختلفة بالإضافة إلى تفعيل الاحتفالات المستمرة بمناسبة فوز بغداد بهذه المناسبة.

تفعيل بعض الجوانب الإلكترونية مثل ويب سايت ينطلق بمناسبة فوز بغداد وكذلك إطلاق تطبيقات متخصصة بالقطاع السياحي لتسهيل زيارة السائح من خلال الحجز أو الاطلاع على المعالم الأثرية وغيرها مما يرغب السائح بزيارتها.

يلاحظ وجود توجه من قبل السائح الخارجي على السياحة الشعبية والتراثية، حيث يلاحظ تواجدهم في مناطق الكرخ القديمة وفي المناطق الشعبية والتراثية المتمثلة بشارع الرشيد وما حولها، وزيارة بعض الدور القديمة والتراثية والمطاعم الشعبية البسيطة، وهذا يعود إلى ملل السائح الخارجي من الزيارات الروتينية من البناء العمراني الفخم وناطحات السحاب، لذلك يرغب بمشاهدة الحياة التراثية البسيطة الشعبية. 

حافز لعمليات التخطيط والتنمية

بدوره، يشدد الخبير والباحث في علوم السياحة والآثار والتراث، عايد غالب الطائي، على أن "بغداد بحاجة إلى مقومات عدة للنهوض بالسياحة فعلياً، كونها لا تنسجم وتتناسب مع بقية العواصم سواء كانت دول عربية أو إقليمية أو عالمية، حيث إن المرافق السياحية في بغداد أو في العراق عموماً هي مرافق لم تعد تتناسب مع واقع الحال العالمي، وهذا يؤدي إلى حالة سلبية كون المرافق السياحية تحتاج إلى مقومات وهذه المقومات تحقق إيرادات التي تنعكس إيجاباً على ارتفاع مستوى الخدمات والمستوى المعيشي للفرد وانعكاسه على المجتمع عموماً، بالتالي يؤدي إلى تحقيق ارتفاع في مستوى الإنتاج الإجمالي للبلاد، وهذا عامل مهم من عوامل الاقتصاد للعراق".

ويلفت الطائي خلال حديثه لوكالة شفق نيوز، إلى أن "بغداد قديماً وحديثاً مرت بفترات مظلمة من حروب وحصار أدت إلى تدني وتراجع مستوى الأنماط السياحية، وأن العراق وإن كان زاخراً بالالآف من المواقع الأثرية أو التراثية أو السياحية لكنه لم يستغلها بشكل حقيقي لتكون رافداً مهماً من روافد الاقتصاد".

ويؤكد، أن "بغداد تعيش حالة من النمط العشوائي على مستوى الأبنية وكذلك في الجوانب الأخرى، وأن أنماط السياحة فيها لم تستغل بصورة جيدة، لذلك على وزارة الثقافة والسياحة والآثار أو هيئة السياحة أن يكون لهما دور في مستوى التخطيط التنموي ووضع دراسة في كيفية استغلال المواقع السياحية بما ينسجم مع تحقيق وارد اقتصادي للعراق".     

ويختتم الطائي حديثه بالقول، إن "اختيار بغداد ربما كان حافزاً لكي يأخذ العراق موقعه ضمن تاريخ الدول العربية أو الإقليمية أو دول العالم لأن بغداد تستحق ذلك، لذلك على الجهات المعنية بالسياحة وعي هذا الأمر لأن اختيار بغداد كفرصة لتكون عاصمة للسياحة العربية هو مجاملة لكن في الوقت نفسه هو حافز مهم للدوائر ذات العلاقة بأخذ دورها في عمليات التخطيط والتنمية بما ينسجم مع ارتفاع المستوى المعيشي للفرد وارتفاع الاقتصاد للبلاد، ويجب أن لا يبقى الاعتماد على مورد واحد أو على موارد طبيعية لأنها ستنفد في المستقبل".

اختيار بغداد عاصمة للسياحة العربية 

يُذكر أن وزارة الخارجية العراقية، أعلنت في 10 كانون الأول الجاري، أن المنظمة العربية للسياحة قد اختارت مدينة بغداد عاصمة للسياحة العربية لعام 2025. 

وقال بيان للوزارة، ورد إلى وكالة شفق نيوز، إن ذلك جاء خلال اجتماع الدورة الـ27 للمجلس الوزاري العربي للسياحة الذي عُقد بمقر الأمانة العامة لجامعة الدول العربية في القاهرة.

وذكر البيان أن اختيار بغداد لهذا اللقب جاء تقديراً لتلبية المدينة المعايير المعتمدة لاختيار عاصمة السياحة العربية، والتي تشمل الإدارة السياحية، البنية التحتية، الموارد السياحية، الأنشطة السياحية المتنوعة، الحفاظ على البيئة، السلامة الصحية، والأمن والاستقرار السياحي.

وقد رحب المجلس الوزاري العربي للسياحة بالقرار، فيما عبّر رئيس المنظمة العربية للسياحة، بندر بن فهد آل فهيد، عن تهانيه لرئيس الجمهورية عبداللطيف رشيد، ورئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، والحكومة العراقية على هذا الإنجاز.

وأكد آل فهيد أن هذا الاختيار يهدف إلى تعزيز السياحة البينية العربية وإبراز الخصوصية الثقافية لبغداد. 

وأوضح أن المنظمة، بالتعاون مع وزارة الثقافة والسياحة والآثار العراقية، ستنظم احتفالية لتدشين بغداد عاصمة للسياحة العربية مطلع عام 2025، بالإضافة إلى سلسلة من الفعاليات والبرامج السياحية التي تعزز مكانة العراق على الخارطة السياحية الإقليمية والدولية.

وأشار البيان إلى أن تحقيق هذا الإنجاز جاء بجهود مشتركة من مكتب رئيس مجلس الوزراء، ووزارة الخارجية العراقية عبر ممثليتها في القاهرة، ووزارة الثقافة، والجهات الساندة الأخرى.

Shafaq Live
Shafaq Live
Radio radio icon