بعد 20 سنة على هجمات 11 ايلول.. كيف أصبحت قوة "القاعدة"؟

بعد 20 سنة على هجمات 11 ايلول.. كيف أصبحت قوة "القاعدة"؟
2022-05-22T10:55:40+00:00

شفق نيوز/ قدم موقع "وور أون روكس" الأمريكي المتخصص بالقضايا العسكرية والامنية، قراءة تحليلية لمحاولة الاجابة على سؤال عن مدى قوة تنظيم القاعدة، بعد أكثر من 20 عاماً على شنه هجمات في يوم 11 أيلول/ سبتمبر 2001 على نيويورك وواشنطن، والذي وصفه التقرير بأنه "غير وجه العالم".

ولفت التقرير الأمريكي الذي ترجمته وكالة شفق نيوز، إلى أنه بعد مرور كل هذه السنوات وما شهدته من حروب في أفغانستان ثم في العراق، وبرامج مكافحة الارهاب الامريكية ومعتقل غوانتانامو وعمليات التعذيب والتجسس على الامريكيين، فان "فاعلية هذه الاجراءات والتهديد الذي يشكله تنظيم القاعدة ما زال موضع نقاش ساخن".

واشار التقرير الى ان بعض الخبراء يحذرون من أن التنظيم ما زال قوياً وينتظر بصبر الفرصة المؤاتية لتوجيه ضربة، في حين يشكك محللون بارزون اخرون بذلك.

ويتناول هذا التقرير نقاشاً تحليلياً بين رأيين مختلفين، للباحثين دانيال بايمان واسفنديار مير، يتناول الحجج الرئيسية، حيث يعتبر اسفنديار مير ان القاعدة ما يزال يشكل تهديداً كبيراً، في حين أن دانيال بايمان اكثر تشككاً.

القاعدة مشكلة كبيرة ودائمة

وذكر التقرير؛ أن تنظيم القاعدة يتزعمه حاليا أيمن الظواهري، الذي تولى القيادة بعد أن قتلت القوات الامريكية اسامة بن لادن في العام 2011، فيما يتمركز التنظيم في مناطق نائية حدودية بين أفغانستان وباكستان وإيران، ويتواجد عدد أكبر في الجماعات التابعة له، مثل "القاعدة في شبه الجزيرة العربية"، و"حركة الشباب في الصومال"، و"القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي"، الى جانب مجموعات اخرى، فيما لدى التنظيم ارتباطات بمجموعة من المنظمات الجهادية الاخرى والتي تسعى الى الهام المسلمين في جميع أنحاء العالم لضرب الولايات المتحدة.

واعتبر التقرير انه رغم حقيقة أن التنظيم هو الأكثر تعرضا للملاحقة في العالم، الا انه قادر على تهديد الولايات المتحدة ومصالحها الامنية والاستقرار الاقليمي في افريقيا والشرق الاوسط وجنوبي اسيا، مشيرا الى ان التنظيم ملتزم بطموحه المتمثل في محاربة الولايات المتحدة وفي الوقت نفسه تعزيز نفسه إقليميا.

ورأى التقرير ان "المؤشر الحيوي على التهديد" يتمثل في التركيز الدائم على أمريكا من جانب المجموعة الاساسية بقيادة أيمن الظواهري، حيث كان بإمكان التنظيم أن يلغي تركيزه على واشنطن، والعمل على اعادة صياغة نفسه والتركيز في المقابل على فكرة "بناء الدولة" في مناطق محددة، أو التركيز بدلا من أمريكا، على قوى جيوسياسية جديدة كالصين، وهو ما كان سيؤدي الى اضعاف الإجماع الدولي الواسع القائم ضد القاعدة ويخفف من الضغوط الامريكية لمكافحة الإرهاب.

ولفت إلى أن القاعدة تمكنت من الاحتفاظ بتماسكها رغم الضغط الذي شكله تنظيم داعش المنافس، وغياب التوجيهات المنتظمة من جانب من القادة الأساسيين، والتنافس بين الفروع الاقليمية، والجهود المبذولة من اطراف عديدة بهدف إثارة الانقسامات داخل التنظيم.

واوضح انه رغم صعود داعش وانشقاق جبهة النصرة في سوريا في العام 2016، إلا أن الظواهري تمكن بالرغم من اسلوبه القاسي، من الاحتفاظ بولاء النخب الاساسية المتواجدة في ايران والمنطقة الافغانية الباكستانية، مشيرا الى انه تمكن ايضا من منع الملتحقين بالقاعدة من الانشقاق عن فلك القاعدة، برغم محاولات عديدة من جانب داعش لاستقطابهم.

تنظيم القاعدة في الهند

وذكر التقرير؛ أن تنظيمات مرتبطة بالقاعدة، عززت موقعها، مثل تنظيم القاعدة في شبه القارة الهندية الذي تمكن من الابقاء على الظاهري المختبئ في المنطقة الحدودية بين افغانستان وباكستان، حياً، حيث ساعد هذا الفرع الهندي التمرد الذي خاضته طالبان الافغانية ضد الجيش الامريكي والحكومة الافغانية.

واضاف ان تنظيم القاعدة الهندي يوفر الدعم أيضا لحملة العنف الذي تمارسه جماعة "تحريك طالبان" الباكستانية، بينما تعزز حملتها الخاصة ضد الهند.

وتناول التقرير أيضا المخاطر التي تمثلها "حركة الشباب الصومالية" الساعية لضرب المصالح الامريكية في المنطقة وخارجها، والتحديات التي تشكلها "جماعة نصرة الاسلام والمسلمين" في منطقة الساحل الأفريقي والتي تهدد استقرار مالي وبوركينا فاسو والنيجر وساحل الغرب الأفريقي، وذلك بالاضافة الى تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية الذي يشكل تهديدا متواصلا رغم الحرب الاهلية في اليمن وخسارته الاراضي في اليمن، ويستمر بالاعداد لعمليات تستهدف الغرب.

"حراس الدين"

أما في سوريا، فان تنظيم القاعدة برغم انه تعرض لسلسلة من النكسات، إلا أنه ما زال يتمتع بوجود مهم من خلال تنظيم "حراس الدين".

ولفت التقرير إلى أن القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي وجماعة أنصار المسلمين في بلاد السودان ومقرها نيجيريا، أعادوا تأكيد ولائهم لتنظيم القاعدة الأم.

وتحدث التقرير عن "علاقات رئيسية" لمركز التنظيم مع إيران وطالبان الافغانية، ما يجعله قادرا على تجنب جهود مكافحة الإرهاب الدولية وخلق قدرات جديدة، وتحويل اموال من اجل حماية القيادات ونقاط تواجد خلايا التنظيم.

وبرغم أن التقرير اعتبر ان الدعم الايراني يمكن له ان يعزز وجود القاعدة في أفغانستان ويعزز قدراتها، الا انه اشار ايضا الى قيود مفروضة على التنظيم من قبل كل من طهران وحركة طالبان.

ويستنتج التقرير بناء على ذلك، ان تنظيم القاعدة أمامه فرص كبيرة في السنوات المقبلة، وبمقدوره ان يتباهى بـ"الانتصار" من خلال الاطاحة بالنظام المتحالف مع الولايات المتحدة وهزيمة الجيش الامريكي في افغانستان، بالإضافة الى نفوذه المتزايد في شرق أفريقيا وغربها، وهو ما يتيح للتنظيم تطوير قدرات محلية وعابرة للحدود في عدة مسارح.

القاعدة أقل خطورة من الماضي

في سياق نظرية أن القاعدة اصبح اقل خطرا عما كان عليه في السابق، ذكر التقرير ان "تراجع عدد الهجمات على الولايات المتحدة وحلفائها الرئيسيين، يمثل أحد اسباب الشك في تهديد القاعدة"، موضحا ان الكيان الاساسي للقاعدة لم ينفذ هجوما واحدا ناجحا على الولايات المتحدة او اوروبا خلال العقد الاول من القرن الـ21.

ولفت التقرير الى أنه جرى إضعاف تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية نفسه خلال الأعوام الخمسة الماضية، من خلال ضربات الطائرات المسيرة، والتدخل العسكري لدولة الإمارات والحرب الاهلية المتنامية في اليمن.

وتحدث التقرير عن فشل القاعدة في تغيير انظمة الدول ذات الاغلبية المسلمة المتحالفة بشكل وثيق مع الولايات المتحدة، وهو أحد طموحات التنظيم التي عبر عنها الظواهري التي كان يصفها بأنها "مرتدة" ويتحتم اقامة حكم اسلامي بدلا منها، بما في ذلك المملكة السعودية التي هي الموطن الأصلي لأسامة بن لادن، والتي ما زالت عائلة آل سعود راسخة فيها، ويقوم ولي العهد محمد بن سلمان باصلاحات فيها، بالاضافة الى مصر التي شكل الظواهري خليته الجهادية الاولى فيها والتي استبدلت ديكتاتورية حسني مبارك بديكتاتورية عبد الفتاح السيسي، وهو ديكتاتور أكثر علمانية.

كما اشار الى ان تنظيم القاعدة كان غائبا عندما اشتعلت المنطقة بالثورة الديمقراطية في العام 2011، ولم يكن لاعبا أساسيا في البداية.

وتابع ان من بين أهداف تنظيم القاعدة الاخرى، اخراج الولايات المتحدة وغيرها من القوات العسكرية "الكافرة" من الدول الإسلامية، مذكرا بأن الولايات المتحدة نشرت ما بين 40 الى 60 الف جندي في الشرق الأوسط، مع وجود حلفاء مثل الأردن والمملكة السعودية، وفي دول اخرى مثل العراق وسوريا، مشيرا الى ان هذا الرقم كان نحو 30 ألف جندي قبل هجمات 11 ايلول.

مشاكل القاعدة الداخلية

وحدد التقرير بعض مشاكل تنظيم القاعدة، من بينها ضعفها التنظيمي، والمشكلات المالية والقيادية والسيطرة والاقتتال الداخلي وعدم توفر ملاذ جغرافي، في حين ان جهود مكافحة الارهاب مؤثرة في مفاقمة نقاط الضعف هذه، بما في ذلك ضربات الطائرات المسيرة، والعمليات العسكرية وتدريب القوات الحليفة وجمع المعلومات الاستخباراتية والتعاون مع الاجهزة الامنية الحليفة، وتحسين أمن الحدود، وعرقلة تمويل الارهاب.

كما اشار الى ان تنظيم القاعدة خسر زعيما تلو الآخر منذ هجمات 11 ايلول، ولحقت به "خسائر فادحة"، وانه من اجل تجنب ضربات الطائرات المسيرة وغيرها من الهجمات، عمد قادة التنظيم الى تقييد اتصالاتهم وصاروا يخشون وجود جواسيس في اوساطهم.

وتابع قائلا انه مع تزايد الاهتمامات المحلية والاقليمية للتنظيم، فقد تغيرت طبيعة التهديد الذي يشكله على المصالح الامريكية، مضيفا أن القاعدة لم يعد يمنح الاولوية للولايات المتحدة، رغم خطاب شخصيات مثل الظواهري.

واشار الى ان اعضاء التنظيم أصبحوا أقل قدرة على التخطيط لهجمات متقنة وإنزال خسائر كبيرة في الغرب.

ولفت التقرير الى الاقتتال الداخلي الذي جرى في العراق وسوريا، والذي ادى الى تفكيك المجموعة الاساسية من خلال انشاء اكبر منافس لها اي تنظيم داعش، مذكرا بان عشرات الآلاف من المقاتلين الأجانب تدفقوا من 110 دول للالتحاق بداعش، وليس تنظيم القاعدة في العراق وسوريا، مشيرا الى ان داعش انتج فروعا منافسة رفضت الكثير من ايديولوجية القاعدة، واندلعت حرب دعائية مريرة بينهم.

واضاف ان التنظيمين، داعش والقاعدة، يتنافسان على المجندين وجمع التبرعات، واصبح القاعدة يفتقر الى ملاذ مشابه لما كان يتمتع به في افغانستان قبل 11 ايلول.

واشار الى انه برغم وجود القاعدة في العديد من الدول، إلا أنه لا يمكنها ادارة معسكرات التدريب على النطاق الواسع كما في الماضي.

وفي الختام اعتبر التقرير أن مكافحة الإرهاب والكفاح ضد القاعدة لم تعد الاولوية السياسية الاولى في الولايات المتحدة، مثلما كانت في السنوات التي اعقبت 11 ايلول، الا ان الرؤساء المتتالين حافظوا على مستويات عالية من الإنفاق واستمروا في تطبيق العديد من برامج الأمن الداخلي والاستخبارات العسكرية التي ظهرت فيما بعد الهجمات.

وأكد التقرير على وجود العديد من جوانب الخطر، وعلى ان المكافحة الامريكية للارهاب، تقيد بشكل رئيسي قدرة القاعدة على مهاجمة الولايات المتحدة، كما ان التنظيم يجب ألا يصبح قويا لشن أو الترويج لهجمات قاتلة.

ترجمة: وكالة شفق نيوز

Shafaq Live
Shafaq Live
Radio radio icon