بالذكرى الـ9 لغزو نينوى.. منظمة حقوقية تستعيد معاناة المسيحيين وعودة الأمل مجدداً
شفق نيوز/ استعادت منظمة حقوقية مدافعة عن المسيحيين في أنحاء العالم، الأحداث التي ضربت النسيج الاجتماعي للعراق في الذكرى التاسعة لاحتلال نينوى من قبل تنظيم داعش، فيما نقلت تجارب هذا المكون ممن عايشوا تلك الحقبة ولجأوا الى إقليم كوردستان، أكدت أن زيارة البابا الى العراق كانت بمثابة دفعة معنوية للمجتمع الكاثوليكي كما أنها أعادت بوادر الحياة لأتباع هذه الديانة.
وقالت منظمة "أي سي سي" الحقوقية المدافعة عن المسيحيين في أنحاء العالم وتتخذ من واشنطن مقراً لها في تقرير ترجمته وكالة شفق نيوز إن "صيف العام 2014، شهد سيطرة الجماعة الإرهابية على عدة مدن، بينها الموصل وسنجار وبعشيقة والبلدات والقرى في سهول نينوى، في استهداف للنسيج العراقي الغني بالجماعات الدينية والعرقية، بما في ذلك الايزيديين والكاكائيين والشبك والمسيحيين، حيث تعرضوا الى ابادة جماعية من قبل (داعش)".
ولفت التقرير إلى أن "مجتمعات بأكملها بما فيها المسيحيون فروا إلى اقليم كوردستان خوفاً من الموت والاختطاف والاضطهاد من جانب (داعش)"، مضيفاً أن "المسيحيين سيتذكرون الآن ذكرى مآسي النزوح في نينوى التي استمرت طوال الاسابيع الاولى من آب/اغسطس العام 2014".
وتحدث التقرير عن "عنصر المفاجأة والصدمة في ذلك اليوم"، متناولاً "تجربة ميكانيكي سيارات كان يشكك في احتمال غزو داعش لقرقوش".
ونقل التقرير عن الرجل قوله "كنت واقفاً في المحل عندما سمعت الناس يصرخون في الشارع بان الدواعش قد دخلوا، وبعد لحظات، أصيبت سيارتي بقذيفة هاون، فاسرعت الى المنزل لأن لديّ طفلة تبلغ من العمر 17 يوما".
وتابع قائلا انه "مع سقوط قذيفة الهاون انهارت كل احلامي، لقد غمرني الحزن واليأس، ولم أكن أفكر سوى في أُسرتي".
واشار التقرير إلى انه "ما بين 5 و7 اغسطس / آب، فرّ العديد من الاشخاص من سهول نينوى، مما ادى إلى البطء في حركة النزوح"، موضحا انه "قطع مسافة تستغرق عادة من ساعة الى ساعتين، بينما تطلب الأمر 7 ساعات أو أكثر لأن الفوضى وحركة المرور اغلقت طريق الهروب إلى الأمان بالنسبة للكثيرين".
ونقل التقرير عن أحد سكان قرقوش قوله إن "الطريق كان مرهقاً وطويلاً"، مضيفاً ان "الأمر استغرق عدة ساعات حتى وصلنا الى أربيل. كانت مزدحمة للغاية، وكانت معنوياتنا متدهورة".
وبين التقرير أنه "خلال النزوح، كان المسيحيون يخشون من المجهول مع استمرار اندلاع الحرب خلفهم".
وينقل التقرير عن رجل فر مع والديه المسنين قوله ان "الشيء المحزن في النزوح هو اننا تركنا خلفنا ارضنا ومنزلنا وكنائسنا وكل ما نملكه، وغادرنا بملابسنا التي كنا نرتديها فقط. كان ألمي شديداً".
وتابع التقرير انه "بمجرد وصولهم الى اقليم كوردستان بأمان، وجد العديد من المسيحيين أنفسهم في ظل ظروف مزرية، حيث هناك مخيمات وحدائق عامة ووديان جبلية وملاجئ مؤقتة الى جانب ملايين النازحين الاخرين من انحاء العراق كافة، ما اخضع العديد من الأُسر لشهور من الكفاح قبل تأمين أماكن مناسبة للبقاء فيها".
ونقل التقرير عن رجل ظل مقيما في خيمة لمدة عام ونصف، قوله إن "الليلة الأولى في الخيمة كانت طويلة، ولم نتمكن من النوم اطلاقا، وبقينا نتساءل عما إذا كنا في حلم أم انه حقيقة، وكنت قلقة جداً على والديّ، وأقول لهما ألا يقلقا، وباننا سنعود".
وأضاف قائلاً أن "تجربة النزوح كانت حزينة ومدمرة ذهنياً، وكان الطعام مشتركا ونقف في طوابير طويلة للدخول الى الحمام".
لكن التقرير لفت إلى أن "شريان الحياة بالنسبة للكثيرين جاء على شكل مساعدات من خلال الكنائس المحلية والمسيحيين من أنحاء العالم كافة، ومن جانب الأقرباء والمنظمات المحلية والدولية لتلبية احتياجات النازحين".
وأضاف انه "في ظل استمرار النزوح لعدة سنوات، فقد عانى المسيحيون من الحنين الى الوطن والرغبة في العودة واعادة الاعمار وتربية اطفالهم في مجتمعاتهم مجدداً".
ونقل التقرير عن أحد الرجال النازحين قوله "كانت حالتي النفسية متدهورة، لأنني لم أكن اتلقى راتباً، ولحسن الحظ ساعدت الكنيسة في علاجي"، مضيفا انه "طوال 3 سنوات، كنت اعاني من الارهاق الجسدي والعقلي، وكان اطفالي يكبرون أمامي، وانا أقول لنفسي، بانني اتمنى العودة الى الحبيبة قرقوش وتربيتهم هناك".
واشار التقرير انه "عندما بدأت عمليات تحرير بلدات نينوى بين عامي 2016 و 2018، بدأ بعض المسيحيين بالعودة بحماس وانما بحذر، الى مناطقهم الأصلية، لكن العديد منهم كانوا يشعرون بالحزن والاحباط عندما شاهدوا الدمار الذي لحق بقراهم ومنازلهم وكنائسهم".
وذكر التقرير أن "حرمات كنائسهم انتهكت باسقاط الصلبان وتخريب الاجراس وتحويل الكنائس الى سجون ومعامل لتصنيع المتفجرات، في حين احتلت أُسر عناصر داعش منازلهم، وجرى تحويلها ايضاً الى مكاتب وسجون، واحرقت منازل اخرى ودمرت المزارع والبساتين".
لكن التقرير أشار الى ان "حب النازحين لوطنهم وإيمانهم شجع العديد منهم على المضي قدما والنهوض وإعادة اعماء مجتمعاتهم"، ونقل عن أحد العائدين قوله "عدنا ورأينا قرقوش مدمرة بالكامل، ومنزلنا هدمت، ومزرعتنا سرقت، وقلت انني سأنهض مجددا باسم يسوع".
ونقل التقرير عن سيدة عادت الى قريتها برطلة، قولها إن "ما حدث هو الأسوأ عندما تم تحرير مناطقنا، حيث لم يبق شيء في منزلنا ولهذا كان الأمل في العودة مستحيلا، الا انه من خلال مساعدة المنظمات وبعض الأقرباء، تمكنا من تجديد منزلنا".
ورأى التقرير انه "مع كون غالبية مسيحيي نينوى يتبعون الكنيسة الكاثوليكية، فان الزيارة البابوية التاريخية الاولى التي قام بها البابا فرانسيس الى العراق في اذار/ مارس العام 2021، كانت بمثابة دفعة كبيرة لمعنويات المجتمع الكاثوليكي في العراق، حيث ان زيارته تضمن إقامة قداس في كل من الموصل وقرقوش في مواقع الكنائس التي تم تحريرها من سيطرة داعش".
كما ان الزيارة، وفق التقرير "ساهمت في نشر الوعي الدولي حول المجتمع المسيحي في العراق الذي كان يتقلص بسرعة، ولكنه مهم تاريخياً ودوره في بناء السلام في المستقبل في العراق حيث تسعى الدولة التي مزقتها الحرب الى اعادة الاعمار البناء بعد عقود من الحرب والإرهاب".
وختم التقرير بأنه "على رغم الصعوبات، فقد استؤنفت بوادر الحياة وامتلأت الأسواق والكنائس والمنازل مجددا بالناس في مدن مثل قرقوش".
وتابع قائلا ان "مسيحي العراق يتذكرون الآن مثلما يتذكرون المآسي، الأمل والفرح في الحياة واستعادة مجتمعاتهم. التي ستستمر".
ترجمة: وكالة شفق نيوز