بأمرة ابو مهدي المهندس.. مسيحيون يتطوعون لقتال داعش
شفق نيوز/ يردد عراقيون، رسم بعضهم الصليب وشمًا على جسمه أو علقه حول رقبته، عبارة "يا مريم" أثناء مشاركتهم في تدريب متطوعين مسيحيين على يد فصائل شيعية للقتال ضد تنظيم داعش، في معسكر في بغداد.
ويقول فرانك سمير (17 عامًا) "سمعنا أن المسيحيين فتحوا فرصة للجهاد، وأتينا جميعًا وتطوعنا".
يضيف الشاب الكلداني من بغداد ويعمل كعامل يومي، "اطفالنا يموتون، عوائلنا المسيحية تهجرت. كيف نقبلها على انفسنا أن يقال إن المسيحيين لا يقاتلون؟ بالعكس، نحن نريد ان نقاتل في كل مكان".
وأدى هجوم التنظيم المتطرف في حزيران (يونيو) 2014 وسيطرته على مناطق واسعة في شمال البلاد وغربها، الى تهجير مئات الآلاف من العراقيين، بينهم عشرات الآلاف من المسيحيين، لا سيما في شمال البلاد.
ويقوم قرابة 40 متطوعًا حمل بعضهم وشوم رموز دينية مسيحية، كالصليب والسيدة العذراء والسيد المسيح، بالتدرب على حمل السلاح ومحاصرة الخصم. وينتمي هؤلاء الى فصيل يعرف باسم "كتائب بابليون"، ويتدربون في قاعدة تابعة للقوات العراقية بجوار مطار بغداد، بإشراف قياديين في قوات الحشد الشعبي المؤلف بمعظمه من فصائل شيعية.
ولجأت السلطات الى الحشد بعد انهيار العديد من قطعات الجيش في وجه هجوم التنظيم، وشكل الحشد رأس الحربة في العديد من المعارك التي خاضتها القوات العراقية، لاستعادة مناطق سقطت بيد الجهاديين.
وغالبية متطوعي "كتائب بابليون" من الموصل، كبرى مدن الشمال واولى المناطق التي سيطر عليها الجهاديون في هجوم العام الماضي. واثر هجوم الجهاديين، باتت الموصل التي عرفت بكنائسها الاثرية، خالية من الوجود المسيحي للمرة الاولى في تاريخها، بعد أن خيّر الجهاديون سكانها المسيحيين بين اشهار اسلامهم أو دفع الجزية أو الموت.
ويقول فارس عيسى (38 عامًا) الذي كان يعمل كتاجر سيارات في الموصل، "لم اتردد بالتطوع مع اخواني (المتطوعين) لمقاتلة داعش"، الاسم الذي يعرف به التنظيم الذي يسيطر على مساحات واسعة من العراق وسوريا.
ويضيف الرجل الذي ارتدى زي الجيش العراقي وعلق صليبًا حول عنقه، "سأواصل محاربة الدواعش حتى تحرير الموصل ثم طردهم من جميع مناطق العراق".
وتقام التدريبات التي تستمر اسبوعين في باحة المعسكر، الذي احيطت اسواره برموز دينية مسيحية واسلامية، بينها صليب كبير من الخشب ورايات "الله اكبر" و"لا اله الا الله".
ويقوم المتطوعون بالركض حاملين رشاشات "كلاشينكوف"، والتشكل في مجموعات من نحو عشرة مسلحين للتدرب على التقدم نحو منطقة للخصم ومحاصرتها قبل الانسحاب منها.
كما يتلقى المشاركون تدريبات على التصويب والتحرك ضمن تشكيلات.
ويتابع المتطوعون محاضرة حول كيفية التعامل مع السلاح وفكه وتركيبه في غرفة بالقاعدة، رفع فيها صليب وصورة للبابا فرنسيس، اضافة الى راية الحشد الشعبي، واخرى لشعار كتائب بابليون المؤلف من خريطة العراق وفوقها اسم "الحركة المسيحية في العراق".
والمجموعة التي تتدرب حاليًا هي التاسعة من ضمن "كتائب بابليون"، التي يقول المسؤولون عنها إنها باتت تضم مئات المقاتلين الموزعين في مناطق عدة من العراق، من دون ان يقدموا رقماً دقيقًا.
ويقول امين عام الكتائب ريان الكلداني "الهدف الرئيس من تشكيل قواتنا (هو) تحرير الموصل"، مضيفاً "شاركنا في عمليات تحرير مدينة تكريت وعمليات اخرى بينها بيجي، في محافظة صلاح الدين" شمال بغداد.
ويوضح الكلداني أن مشاركة مقاتليه في المعارك تتم "تحت أمرة ابو مهدي المهندس"، الذي يعد من ابرز قادة الفصائل الشيعية، ويتولى رسميًا مسؤولية نيابة رئاسة "هيئة الحشد الشعبي".
وبحسب قيادي ثانٍ في الكتائب رفض كشف اسمه، فإن "مئات من المقاتلين المسيحيين متواجدون حاليًا في مناطق متفرقة في محافظة صلاح الدين (...) اضافة الى آخرين مسؤولين عن حماية الكنائس في محافظة بغداد".
ويؤكد هذا القيادي أن "العمل متواصل لاستقبال متطوعين آخرين" بهدف "محاربة تنظيم داعش الارهابي".
ويقول "حجي علي"، وهو قيادي في احدى الفصائل الشيعية يشرف على تأهيل المتطوعين، إن التدريب "يركز على الاشتباكات القريبة والحرب غير المنظمة والحرب داخل المدن".
يضيف القيادي الذي ارتدى قبعة عسكرية خضراء، "المسيحيون اعينهم نصب الموصل ونصب المناطق التي احتلها داعش".
وفي حين يشدد المتطوعون على ان الموصل، بما لها من رمزية لدى المسيحيين، هي الهدف الرئيسي، الا ان قتالهم ضد التنظيم لن ينحصر بها.
ويقول ريمون سلوان (16 عامًا)، وهو نازح من الحمدانية في الموصل، إن تحرير هذه المدينة "هو هدفنا الاول".
ويضيف الشاب اليافع ذو الشعر الاشقر، "سأواصل قتال الارهاب اينما ذهب في العراق وكل مكان".