"انهيار اقتصادي" و"أزمة رواتب".. خبراء يؤشرون خطراً في العراق

"انهيار اقتصادي" و"أزمة رواتب".. خبراء يؤشرون خطراً في العراق
2025-03-14 08:42

شفق نيوز/ يستبعد مختصون في الشؤون النفطية، تخيل العراق بلا تصدير للخام لكون البلد يعتمد على "الذهب الأسود" بامتياز، لكن ما يمكن افتراضه هو عدم كفاية الإيرادات النفطية بسبب الزيادة السكانية وعدم وجود قطاعات بديلة وغياب تنوع الإيرادات، خاصة وأن الاعتماد على الوقود الأحفوري فقط قد يهدد بكارثة في حال هبوط أسعاره.

ويدعو المختصون إلى ضرورة التوجه نحو تعزيز الإيرادات غير النفطية من خلال دعم القطاع الصناعي والزراعي والسياحي وتطوير نظام الضرائب والجمارك للمساعدة في سداد حاجة السكان المتزايد سنوياً.

انهيار اقتصادي

وبافتراض حال العراق بلا تصدير للنفط، فهو "سيكون دولة مختلفة تماماً من الناحية الاقتصادية والاجتماعية، حيث يعتمد أكثر من 90% من إيراداته على تصدير النفط، ما يعني أن توقف التصدير سيؤدي إلى أزمة مالية حادة تهدد قدرة الدولة على دفع الرواتب والإنفاق على المشاريع والخدمات الأساسية"، وفق الخبير الاقتصادي، مصطفى فرج.

وعن جاهزية الدولة العراقية لمثل هذا السيناريو، يوضح فرج لوكالة شفق نيوز، أن "العراق غير مهيأ لمثل هذا السيناريو، إذ لم يتخذ أي خطوات جدية لتنويع الاقتصاد، رغم الحديث المتكرر عن ضرورة تقليل الاعتماد على النفط، وفي حال توقف التصدير فجأة، ستكون هناك تداعيات عدة أبرزها انهيار الإيرادات العامة، وعجز الموازنة، وتراجع الاحتياطي النقدي، وتأثير مباشر على القطاع الخاص والأمن الغذائي".

من جهته، يرى نائب رئيس لجنة الاستثمار والتنمية النيابية، حسين السعبري، أن "هذا السيناريو من الصعب افتراضه، لكن دائماً ما نؤكد على أن الاعتماد على الريع من النفط فقط قد يهدد بكارثة في حال هبطت أسعاره، ما يؤكد الحاجة إلى التوجه الحقيقي لدعم القطاع الصناعي والزراعي والسياحي وغيرها الكثير من القطاعات المهملة منذ سنوات".

ويضيف السعبري لوكالة شفق نيوز، أن "العراق اتخذ إجراءات للمعالجة لكنها لم تكن بالمستوى المطلوب، وهذا يعود إلى الفجوة الكبيرة بين التطور الحاصل والمردودات القليلة للحكومة، لذلك يتطلب الأمر اتخاذ خطوات جادة بالإضافة إلى جمع الضرائب والرسوم الجمركية التي لم تصل إلى المستوى المرجو منها بسبب البطء في عملية الأتمتة".

الحلول البديلة

بدوره، يقول الخبير المالي والمصرفي، مصطفى حنتوش، إن "العراق بلد نفطي بامتياز، وهو من البلدان المطلة على الخليج التي تصدر الخام لدول العالم وضمن معادلة النفط العالمية، كما أن للعراق سياسات خارجية متوازنة، لذلك من المستبعد تخيل العراق بلا نفط".

ويتابع حنتوش حديثه لوكالة شفق نيوز، "أما تخيل عدم كفاية إيرادات النفط بسبب الزيادة السكانية وعدم وجود قطاعات بديلة وعدم تنوع الإيرادات فهذا ممكن، لذلك يجب العمل على استغلال جزء من الإيرادات النفطية وبناء البنية التحتية للصناعة والزراعة والسياحة والنقل والقطاع الخاص".

ويردف "إضافة إلى استغلال مشاريع إستراتيجية إضافة إلى النفط، منها الدخول في مشاريع الغاز وبناء ميناء الفاو والترانزيت الجوي على اعتبار أن العراق في موقع مهم، للمساعدة مع الإيرادات النفطية".

ويتفق الخبير الاقتصادي، أحمد عبد ربه، مع ما ذهب إليه المتحدثين السابقين بأن سيناريو العراق بلا تصدير للنفط مستبعد "إذ لا يمكن أن يكون العراق بلا تصدير للنفط، بل أن العراق يسعى إلى توسيع المنافذ التصديرية عبر ميناء جيهان التركي، أما في حال توقفت الصادرات النفطية العراقية، فهذا سوف يسبب أزمة عالمية".

وينوه عبد ربه خلال حديثه لوكالة شفق نيوز، إلى أن "المشكلة تكمن في تراجع الإيرادات النفطية، ما يتطلب من الحكومة العمل بشكل حقيقي لإعداد خطة لا تتجاوز 10 سنوات لتعويض الإيرادات غير النفطية، من خلال التوجه نحو تعزيز الإيرادات غير النفطية".

الرواتب والإعانات

ويوضح عبد ربه، أن "مع زيادة نفوس العراق إلى أكثر من 45 مليون نسمة، فإن عائدات وواردات النفط لا تسد حاجة هذا السكان المتزايد سنوياً، خاصة مع وجود سبعة ملايين مواطن يستلمون رواتب بين موظف ومتقاعد وحماية اجتماعية، لذلك يجب التوجه نحو دعم القطاعات الأخرى وتوفير بدائل عن النفط".

من جانبه، يقول الخبير في شؤون الطاقة، كوفند شيرواني، إن "الاقتصاد العراقي هو اقتصاد ريعي كما هو معلوم، ويعتمد في موارده على النفط بنسبة تقارب 90%، وهذا يمثل خطأً هيكلياً في هيكلة الاقتصاد العراقي، إذ يجعله معرضاً دائماً لتقلبات أسعار الطاقة انخفاضاً وارتفاعاً".

ويضيف شيرواني لوكالة شفق نيوز "لذلك يعتبر العراق من أكثر الدول تأثراً بتغيرات أسعار النفط في الأسواق العالمية لسبيين، الأول لاعتماده بنسبة كبيرة على النفط كما تم ذكره، والثاني لإنتاجه العالي الذي يقدر بنحو أربعة ملايين برميل نفط يومياً، ما يضاعف تأثير تقلبات الأسواق على الاقتصاد العراقي".

ويؤكد، أن "العراق بحاجة إلى تنويع مصادر الدخل وأركان الاقتصاد الأخرى التي تعاني من إهمال لأكثر من عقدين من الزمان، ونقصد بها القطاع الصناعي والزراعي والسياحي وكذلك تطوير نظام الضرائب والجمارك التي في حال تطويرها يمكن أن تكون معينة وتساعد على التحول الذي تتهيأ له كل دول العالم نحو الطاقة النظيفة، خاصة وأن قمة المناخ (كوب 28)، أقرت العام 2050 عام الحياد الكربوني، أي تقليل الانبعاثات".

ويتابع شيرواني "لذلك على العراق العمل على محورين، الأول تقليل الانبعاثات التزاماً بمقررات قمة البيئة، والثاني تنمية الثروة النفطية التي لا زال جزء كبير منها غير مكتشف وغير مطور، وخاصة الغاز الطبيعي الذي تبين أن العراق يمتلك احتياطات ضخمة منه تقارب حسب تصريح وكيل وزير النفط العراقي لشؤون الغاز 127 تريليون قدم مكعب، وهذا يجعله في المرتبة 11 على مستوى العالم".

ويكمل خبير الطاقة حديثه، "لذلك هناك حاجة ملحة إلى أن يعمل العراق على مسارين في الوقت نفسه، الأول تنمية وتطوير الثروة النفطية واستثمار الغاز الطبيعي والاستغناء عن الاستيراد، وفي الوقت نفسه تخصيص جزء من الإيرادات النفطية لتطوير القطاعات الاقتصادية الأخرى".

ويرى شيرواني، أن "الأهم من كل ذلك، هو اعتماد إجراءات الحماية للمنتج المحلي الزراعي والصناعي الذي تراجع كثيراً وتوقف أغلبه بسبب عدم القدرة على المنافسة مع البضاعة الأجنبية الرخيصة المستوردة من دول الجوار".

ويشدد في ختام حديثه، على أهمية "وضع خطة إصلاح اقتصادي تكون مجدولة لفترة من الزمن، وتحمل رؤية واضحة لكيف يجب أن تكون عليه الأمور، وهذا كله يجب أن يترافق مع ترشيد الإنفاق المفرط في مؤسسات الدولة والنفقات التشغيلية لأغلب المؤسسات، مع الالتزام بمعايير الشفافية ومحاربة الفساد الذي يقضم جزءاً كبيراً من الإيرادات العامة".

00:00
00:00
Shafaq Live
Radio radio icon