انخفاض الدينار: إغلاق في أسواق الانبار ومساع لتشكيل لجنة لـ"فض النزاعات"
شفق نيوز/ يؤكد مراقبون ومختصون بشؤون الاقتصاد في محافظة الأنبار غربي العراق، بأن مدن المحافظة مقبلة على نزاعات مالية كبيرة وخلافات واسعة تستدعي تدخل السلطات القضائية والشرطة لاحتواء المستطاع منها، منعا لأن يتحول تخفيض سعر صرف الدينار العراقي، سببا في مشاكل اجتماعية كبيرة لا حصر لها.
ولليوم الثالث على التوالي تواصل أسواق الأنبار اغلاقا شبه كامل خاصة لأسواق الجملة والبضائع المستوردة؛ كسوق السيارات الحديثة والمواد الانشائية والكهربائية والالكترونيات، تجنبا لخسائر يقولون إنها ناجمة عن فارق السعر الحالي للبضائع وبين السعر السابق الذي يطرحونه منذ مدة ليست بالقصيرة للبضائع وفقا لقيمة الدينار السابقة 1200 دينار للدولار الواحد.
البناء بالآجل
ويقول الخبير المالي العراقي أحمد الفهداوي لوكالة شفق نيوز، إن المحافظة وبعد مرحلة تحريرها من تنظيم "داعش"، وعودة السكان وبسبب الأضرار المالية التي ترتبت على نحو 2 مليون عراقي من أهالي المحافظة اعتمدوا نظام التعامل بالآجل أو التقسيط في التعاملات كافة سواء كانت عمليات ترميم وبناء منازلهم المدمرة بالحرب أو تأثيثها أو شراء السيارات وحتى على مستوى الحاجيات الشخصية، وكلها كانت من خلال الجمعيات والشركات التي تعتمد نظام الاقساط وبالدولار وليس الدينار، ويكون عادة الرهن هو راتب الموظف، باستقطاع شهري منه ما يعادل الدولار بقيمته من الدينار أو لغير الموظفين برهن المنزل أو أي قيمة عقارية ثابتة وهذا الأمر سهل على الناس بدء حياتهم من جديد.
وأضاف أن التغيير الحالي سيولد مشاكل كبيرة في طريقة احتساب القيمة المتبقية على المواطنين، فمثلا ثلاجة قيمتها 400 دولار لن يوافق صاحب الشركة التعاونية أن يبقي القيمة على ما كانت عليه وهي 120 ألف لكل مائة دولار بل سيتجه إلى رفعها الى 147 ألف للمائة دولار على اعتبار أن القيمة للسلعة تغيرت وأنه سيذهب لشراء بضاعة مماثلة بهذا السعر، بالوقت الذي يرفض المواطن ذلك ويطالب بابقاء احتساب القيمة على الوقت الذي تم الشراء فيه.
واشار إلى أن المشكلة موجودة مسبقا بسبب الاقتطاع من الرواتب بشكل يجعل الموظف أمام تحدي دفع الاقساط والايفاء بباقي المتطلبات المعيشية الأخرى، معتبرا أن تنصل الحكومة عن دفع التعويضات للمواطنين أو تعويض القطاع الخاص عن معامل وشركات ومحلات وحتى تعمير البنى التحتية التي من شأنها خلق فرص عمل كله يجعل وضع المحافظة سيء للغاية ولا يبشر بخير في العام الجديد 2021.
مشاكل جديدة
يوسف عامر، (27 عاما) أحد سكان الفلوجة يتحدث لوكالة شفق نيوز، عما يصفه بالمشكلة الجديدة التي خلقتها الحكومة لسكان المدن المحررة، ويقول، "قمت قبل 5 أشهر بشراء سيارة من إحدى معارض بيع السيارات في المدينة، بسعر 150 ورقة (15 ألف دولار)، وقمت بتسديد نصف سعرها، وعليَّ دفع النصف الثاني بعد شهر تقريباً، ما يعني أن عليّ زيادة المبلغ الحالي الذي رصدته بنحو الربع وهو ما لا أملكه ولا يمكن لي تأمينه خلال الفترة المتبقية عليّ".
خسائر كبيرة
من جانبه؛ يقول محمد الكبيسي (34 سنة) وهو صاحب محل لبيع المواد الغذائية بالجملة، "تعرضت لخسارة كبيرة، حيث قمت بشراء البضائع من التجار بالدفع الآجل وبسعر الدولار، وبعت أكثر من نصفها بسعر الدينار السابق، ولم يعد بإمكاني التسوق في ظل تذبذب أسعار الدولار، لذا قررت إغلاق محلي، وانتظار استقرار سعر العملة".
أما غيث فاضل (41 سنة) فيقول، "قمت بشراء مواد إنشائية بالدولار وبالتقسيط، لبناء منزلي الذي تعرض للدمار أبان الحرب ضد تنظيم داعش، وصاحب بيع المواد الانشائية لم يرضى بأن أدفع له العملة العراقية بسعر الدولار السابق، لذا لن أدفع له شيء لحين عودة أسعار الدولار كالسابق"، واستطرد قائلا، "ماذا يمكنه أن يفعل لي؟ يشتكي عند الدولة؟، الدولة هي من تسببت بكل هذه المهزلة"، وفقا لتعبيره.
لجنة لفض النزاعات
من ناحيته؛ يقر مسؤول عراقي في الشرطة بأن هناك مداولات حول تشكيل لجنة فض نزاعات بالأنبار، حتى لا يقع ظلم على التاجر ولا المواطن.
ويضيف لوكالة شفق نيوز، أن التجربة تذكرنا بمنتصف التسعينيات عندما وافق النظام السابق على توقيع مذكرة التفاهم النفط مقابل الغذاء والدواء فتراجع سعر الدولار كثيرا وحدثت فوضى ونزاعات، لكن هذه المرة بالعكس فقد تضرر التجار وليس المستهلكين كما هو الحال اليوم، مؤكدا أنه حتى الآن لم يصار الى تفاهم معين لاحتواء تلك المشاكل لكن القضاء في المحافظة يستقبل أي نزاعات ممكن أن تحدث ونأمل من المنظومة العشائرية والدينية بالمحافظة أن تلعب دورا في فض النزاعات والحفاظ على حقوق المواطنين وضمان تقليل آثار انخفاض قيمة الدينار لأقصى حد ممكن.