"الناتو" في العراق: قوة الغرب لردع داعش وإيران وروسيا
شفق نيوز/ اعتبر "معهد أبحاث السياسة الخارجية" الاميركي ان قرار حلف شمال الاطلسي (الناتو) تعزيز مهمته في العراق وزيادة عدد قواته، يعكس ثلاثة نقاط مهمة: التأكيد على الجهود المستمرة للعودة الى اصلاح العلاقات "الطبيعية" بين الولايات المتحدة والحلف من جهة، ومن جهة اخرى على الصعيد العراقي، منع احياء داعش ومواجهة النفوذ الايراني، بالاضافة الى تعزيز جهود الردع الغربية لروسيا في شرق اوروبا.
وكان "الناتو" اعلن مؤخرا زيادة عدد قواته في العراق من 500 الى اربعة الاف، وتوسيع مهمة التدريب والاستشارة التي يقدمها. وكان الناتو يقوم بدوره في العراق منذ العام 2004، لكنه علق مهمته التدريبية في يناير/كانون الثاني 2020 بعد القرار الانفرادي الذي اتخذته الولايات المتحدة باغتيال قائد قوة القدس الايرانية قاسم سليماني بالقرب من مطار بغداد.
واعتبر المعهد الاميركي في تقرير ترجمته وكالة شفق نيوز، أن قرار الناتو حول العراق، يعزز الاهداف الامنية المشتركة بين الولايات المتحدة والدول الاعضاء في الحلف، بعد سنوات التدهور الاربعة خلال عهد الرئيس السابق دونالد ترامب.
وبعدما ذكر بانهيار الجيش العراقي امام داعش في العام 2014، اشار المعهد الى ان تحالفا دوليا تشكل في نهاية ذلك العام، وشارك حلف الناتو بقوات على الارض، وكانت طبيعة دور كل دولة تختلف بحسب التفويض والخطط، في ما يتعلق بالمشاركة في العمليات الحربية او التدريب او التسليح او الاستشارة.
وبرغم اعلان رئيس الوزراء العراقي السابق حيدر العبادي في العام 2017 الانتصار على داعش في العراق، ثم اعلان ترامب بعدها بسنة الانتصار على داعش في سوريا واعلن قراره سحب القوات الاميركية من سوريا، الا ان داعش "ظل يشكل تهديدا للمنطقة، بالاضافة الى تمتعه بتأثير عالمي".
وكان قائد المنطقة الاميركية الوسطى الجنرال جوزف فوتيل حذر الكونغرس في العام 2019 من ان داعش لم يستسلم، وانما يتخذ "قرارا محسوبا" بالتراجع للحفاظ على ما تبقى له من قوة.
وبينما يستعد الناتو لتعزيز دوره التدريب في العراق، فان الجيوب الصغيرة لداعش ما زالت تشن هجمات في العراق نفسه، ويعلن تبنيه هجمات في اوروبا من جانب متعاطفين معه.
واعتبر المعهد الاميركي ان تنظيم داعش ما يزال يشكل مشتركا للولايات المتحدة والدول الشركاء في حلف الناتو. واضاف انه من خلال اعادة الالتزام بالمهمة التدريبية وزيادة عديد المدربين العسكريين في العراق، فان الدول الاعضاء في الحلف بخلاف الولايات المتحدة، يساهمون في ضمان امنهم الخاص في اوطانهم. اما واشنطن، فانها بتلقيها المساعدة العسكرية، تعزز اهدافها للامن القومي بمحاربة تنظيمات التطرف التي تشكل تهديدا لمواطنيها في الداخل والخارج.
وفي حين اشار المعهد الاميركية الى ان سياسة "الضغوط القصوى" التي طبقها ترامب ضد ايران لم تعط سوى نتائج محدودة من اجل تبديد الهواجس حول تطوير ايران لاسلحة نووية او لوقف دعمها للجماعات الوكيلة لها في الشرق الاوسط، فان هذه السياسة الاميركية بالاضافة الى انسحاب ترامب من الاتفاق النووي، حفزت ايران من اجل زيادة عمليات تخصيب اليورانيوم، وجعلت الحلفاء الاوروبيين يشعرون بالاستياء اذ كانوا يفضلون الحفاظ على خطة العمل المتعلقة بالاتفاق النووي.
اما اغتيال الجنرال قاسم سليماني، فانه لم يقدم لواشنطن سوى الاحساس الضئيل بالانجاز، وادى الى انتهاك الهدنة الهشة القائمة بين قوات التحالف في العراق وقوات الحشد الشعبي المدعومة من ايران.
وفيما بدأت ادارة جو بايدن "الرقصة الدبلوماسية الحساسة" في محاولتها للعودة الى خطة العمل حول البرنامج النووي الايراني، فانها حتى لو نجحت في جعل ايران تتخلي عن اي تطوير اضافي لبرنامج تسلحها النووي، فان النفوذ الايراني على الجماعات الموالية لها في انحاء الشرق الاوسط، سيبقى يمثل مشكلة، خاصة في العراق.
ورأى المعهد الاميركي ان تدريب حلف الناتو يمكن ان يساعد في الحد من نفوذ فصائل الحشد الشعبي على المواطنين العراقيين، خاصة من خلال الاستمرار في تأسيس اجهزة امنية مختصة يكون لعامة العراقيين ثقة اكبر بها، وهو ما سيسمح للحكومة العراقية بالعمل من موقع قوة في مواجهة الفصائل، وفي نهاية المطاف، الاشراف على حلها.
وتابع ان "ازالة الحشد الشعبي من العراق، سيشكل ضربة قوية لايران، وانتصارا كبيرا للولايات المتحدة".
كما اعتبر ان عمل قوة متعددة الجنسيات تحت علم حلف الناتو، سيبدأ في تبديد الانطباع بان العراق ليس سوى بيدق عالق بين الولايات المتحدة وايران، ويظهر للشعب العراقي في المقابل ان المجتمع الدولي ما زال يستثمر في مستقبله.
اما حول ردع روسيا، فقد ذكر المعهد الاميركي ان الاستراتيجية العسكرية الاميركية التي اعتمدت منذ العام 2018، ان التهديد الاستراتيجي الذي يواجه الولايات المتحدة ليس الارهاب، وان التحدي الاساسي للامن القومي الاميركي يتمثل في دول مثل روسيا والصين، ولهذا فان الوثيقة الاميركية دعت الى مواجهة نفوذهما وقوتهما العالمية.
وبينما امضى ترامب السنوات الاربع يوبخ الدول الاعضاء في حلف الناتو، ثم اعلن سحب جزء كبير من القوات الاميركية من المانيا لاعادتها الى الوطن او لنشرها في مناطق اخرى، فان اول اتصال هاتفي قام به وزير الدفاع الاميركي الجديد لويد اوستن، كان مع الامين العام للحلف جينس ستولتنبرغ مؤكدا له الرغبة في اعادة تعزيز العلاقة المهمة مع الحلف.
واشار الى ان التزام حلف الناتو بتقديم قوات في العراق، يساهم في تعزيز اهداف الامن القومي الاميركي في الشرق الاوسط، فانه يساعد واشنطن ايضا على ردع العداء الروسي. واوضح انه من خلال التزام الحلف باربعة الاف عسكري في العراق، فان الحلف يكون بذلك قد "حرر" لواء عسكري اميركي كامل لتستخدمه واشنطن في مناطق اخرى في العالم.
واوضح ان الولايات المتحدة تقوم بعمليات تبديل ونقل للالوية العسكرية الاميركية في اوروبا الشرقية، منذ ان غزت روسيا منطقة القرم، مضيفا انه من خلال تخفيف العبء عن كاهل القوات الاميركية في الشرق الاوسط، فان حلف الناتو يساهم بذلك بالسماح لواشنطن بالمساهمة في قوتها في اوروبا نفسها، ما يعزز الامن الجماعي ضد روسيا.