الموصل تُضيء بالأمل..أشجار الميلاد وبابا نويل يعودان بعد سنوات الظلام (صور)
شفق نيوز- نينوى
مع اقتراب نهاية العام، تبدو الموصل هذه السنة أكثر إشراقاً وفرحاً مما عهدها سكانها في السنوات الماضية، أضواء ملونة، أشجار ميلاد، ومجسمات بابا نويل تزين بعض الشوارع والأسواق، لتعيد المدينة تدريجياً روحها المفقودة بعد سنوات من العنف والتطرف.
المشهد ليس مجرد احتفال، بل رسالة واضحة بأن الموصل التي عاشت تحت وطأة الخوف، اختارت أن تفتح صفحة جديدة عنوانها الأمان والتعايش، وسط تفاعل الأهالي واستعادة الحياة الطبيعية في الأسواق والشوارع.
ويقول أحمد محمود، أحد أصحاب المحال التجارية في الجانب الأيسر من المدينة، لوكالة شفق نيوز، إن "مشهد الزينة اليوم يعيد للموصل روحها القديمة، نحن لم نكن نجرؤ قبل سنوات على تعليق أي شيء قد يُفسَّر خطأ، أما اليوم فهناك إحساس بالاطمئنان ورغبة بالفرح بعد تعب طويل".
ويستذكر مواطنون أن تعليق شجرة ميلاد أو أي رمز احتفالي قبل عام 2014، كان قد يكلّف صاحبه حياته، تلك المرحلة، التي فرضت فيها الجماعات المتطرفة نمطاً واحداً للحياة، ألغت الفرح وحاصرت الناس بالخوف، وجعلت أبسط مظاهر الاحتفال تهمةً قد تنتهي بالإعدام أو قطع الرأس.
لكن بعد تحرير الموصل، لم تعد المدينة كما كانت، ورغم أن العودة لم تكن سريعة ولا سهلة، إلا أن سنوات الإعمار والاستقرار أعادت تدريجياً الثقة للشارع الموصلي. الأسواق التي كانت مظلمة في ليالي الشتاء، بدأت تستعيد بريقها، والعائلات باتت تتجوّل دون قلق، فيما اختارت بعض المحال والمقاهي أن تعبّر عن هذه المرحلة بزينة الميلاد وألوانها.
وفي هذا السياق، ترى سارة يوحنا، وهي من سكان الموصل لكنها غادرت الى قره قوش، أن "المدينة اليوم أكثر انفتاحاً وتسامحاً، هذه الزينة لا تعني طقساً دينياً بقدر ما تعني فرحاً عاماً، ورسالة بأن الموصل مدينة للجميع".
وتضيف يوحنا في حديثها للوكالة، أن "وجود بابا نويل وأشجار الميلاد في الشوارع يعكس تحوّلاً نفسياً واجتماعياً، بعد سنوات من الانغلاق".
ولا تقتصر مظاهر الاحتفال على الزينة فقط، إذ بدأت بعض الفعاليات البسيطة تُنظّم مع اقتراب رأس السنة، وسط حضور شبابي وعائلي لافت. ورغم أن الاحتفالات ما تزال محدودة مقارنة بمدن أخرى، إلا أن مجرد ظهورها في الموصل يُعدّ مؤشراً مهماً على تغيّر المزاج العام.
ويرى متابعون أن هذه المشاهد، وإن بدت عادية في مدن كثيرة، إلا أنها في الموصل تحمل دلالة أعمق، فهي تعكس تعافي المدينة من آثار الحرب، وتمسّك أهلها بالحياة، وإصرارهم على استعادة مدينتهم من ذاكرة الخوف إلى أفق الأمل.
اليوم، وبين أضواء الميلاد وألوان الزينة، تودّع الموصل عاماً وتستقبل آخر بروح مختلفة، مدينة اختارت السلام بعد سنوات العنف، وقررت أن تقول، بهدوء، إن الحياة عادت وإن الفرح لم يعد جريمة.