المعادلة الأمريكية للحرب: تجنب التصعيد مع روسيا وضمان انتصار أوكرانيا
شفق نيوز/ حذر "معهد أبحاث السياسة الخارجية" الأمريكي من أن واشنطن تواجه تحديا في كيفية مساعدة أوكرانيا على الفوز في حربها وفي الوقت نفسه تجنب التصعيد مع روسيا والانخراط الطويل في النزاع كالذي ميز حركتها الخارجية خلال السنوات ال20 الماضية في الشرق الاوسط واسيا الوسطى.
وتحت عنوان "عندما تذهب الدبلوماسية إلى الحرب"، أشار التقرير الأمريكي الذي ترجمته وكالة شفق نيوز؛ الى ان الجهود الدبلوماسية الأمريكية كانت في بداية النزاع الأوكراني مقيدة في البداية، لكنها الآن أصبحت مهمة في سبيل مساعدة أوكرانيا، ماديا ومعنويا، للدفاع على سيادتها، مضيفا أنه في العام الثاني من الحرب، هناك العديد من الأسئلة حول ما كان يمكن أن تقوم به حكومة الولايات المتحدة، وما إذا كان ينبغي أن تفعله بشكل مختلف منذ بدء الحرب.
وبحسب التقرير، فإن من بين الاسئلة ايضا عما اذا كان يجب على واشنطن نقل المزيد من العتاد العسكري والاسلحة المتطورة الى اوكرانيا في وقت سابق، وعما إذا كان بمقدورها فرض عقوبات مختلفة على روسيا؟
وفي حين لفت التقرير إلى أن الغزو الروسي بدأ في 24 شباط/فبراير 2022، إلا أن الصراع الحالي بدأ بالفعل في العام 2014 عندما غزت موسكو شبه جزيرة القرم وخلقت حربا في شرق أوكرانيا باستخدام الأفراد الروس وكذلك القوات المحلية الوكيلة والتي دربتها وسلحتها ومولتها.
وذكّر التقرير بأن وزير الخارجية وقتها جون كيري، قال إن روسيا تتصرف "بطريقة القرن الـ19" من خلال غزو الاراضي الاوكرانية فيما وصفه بأنه "عمل عدواني غير قابل للتصديق" من قبل الرئيس فلاديمير بوتين، مضيفا أن المحللين فشلوا في إدراك أن السياسة الخارجية لروسيا، أهدافها امبريالية.
وتابع التقرير أنه منذ العام 2014 ، تزايد الدعم الأمريكي لأوكرانيا بشكل كبير من خلال عدة اشكال: نقل الاسلحة، والتدريب، فيما تزايدت أهمية هذه الأنشطة في شباط/فبراير 2022 عندما وسعت روسيا غزوها بمحاولة احتلال كل اوكرانيا وتغيير النظام، مضيفا أن التنبؤات السابقة كانت خاطئة، اذ ان كييف لم تسقط في غضون أيام، ولم يفر الرئيس الاوكراني فولوديمير زيلينسكي مثلما فعل نظيره الافغاني قبل عام، كما تمكنت القوات الاوكرانية من مقاومة الهجوم الروسي.
وأضاف التقرير أن الدبلوماسية الأمريكية كانت متكيفة ورشيقة. وتتبع التقرير مواقف الإدارة الأمريكية من النزاع، حيث انه مع بدء حشد القوات الروسية عند الحدود في ربيع العام 2021، كان لدى واشنطن إدراك قوي لما كانت القيادة الروسية تفكر فيه وتخطط له لتلك القوات، وانه مع بحلول خريف العام 2021 ، أشارت كمية هائلة من المعلومات الاستخبارية إلى أن الغزو كان شبه مؤكد، وهي شاركت تقييماتها هذه مع كييف ومع الحلفاء في أوروبا والشركاء في أنحاء العالم.
وبحسب التقرير، فإنه برغم النفي الروسي، فإن الولايات المتحدة انتهجت ثلاث أولويات دبلوماسية: دعم أوكرانيا، ودعم حلف الناتو، ومحاولة تجنب الحرب مع روسيا.
وبحسب التقرير، ان نطاق ما قامت به واشنطن لم يكن مسبوقا في التاريخ الأمريكي الحديث، حيث أرسل الرئيس جو بايدن مدير وكالة المخابرات المركزية بيل بيرنز الى موسكو من أجل الانخراط مع الروس في تشرين الثاني/ نوفمبر 2021 حيث اوضح ان امريكا كانت تعرف ما يخططون له وما هي العواقب المحتملة.
ومن اجل التصدي لأكاذيب بوتين والمعلومات المضللة، قال التقرير ان واشنطن شنت هجوما اعلاميا، وسهلت الجولات الصحفية لعشرات المؤسسات الاعلامية في جميع انحاء اوروبا لاظهار الحقيقة على ارض الواقع حول اوكرانيا، وربط الاكاديميين والخبراء الاوكرانيين بمراكز الفكر وغيرها، وذلك بهدف مواجهة الاكاذيب وجعل العالم يحكم بنفسه على الأمور.
وبعدما تناول التقرير سلسلة طويلة من الإجراءات السياسية والأمنية والدبلوماسية التي قامت بها الادارة الامريكية قبل اندلاع الحرب، وصولا الى الطلب من كافة الأمريكيين مغادرة روسيا حرصا على سلامتهم، قال التقرير انه تم تشكيل فريق عمل يعمل على مدار الساعة في وزارة الخارجية في أوائل شباط/فبراير يعمل به دبلوماسيون تم اجلاؤهم من كييف ممن لديهم المعرفة اللغوية والثقافية والشخصية واتصالات للاستفادة منها عندما بدأت الحرب.
وقارن التقرير بين ما جرى قبل غزو العراق العام 2003، وبين ما قامت به واشنطن قبل بدء الحرب الاوكرانية، موضحا انه على عكس "قضية الحرب" التي طرحها وزير الخارجية وقتها كولن باول حول العراق في عام 2003، فإن الولايات المتحدة قامت باندفاع اخير من أجل السلام في الأمم المتحدة، حيث أنه في 17 فبراير/شباط 2022 ، ذهب وزير الخارجية انطوني بلينكن إلى الأمم المتحدة لإجبار روسيا على التخلي عن طريق الحرب، لكن بعد اسبوع واحد فقط شن بوتين غزوه المستمر حتى يومنا هذا.
وخلص التقرير الى القول انه بعدما دخلت الحرب سنتها الثاني، هناك بعض الأمور المؤكدة: حيث ان روسيا اصبحت اضعف، وأوكرانيا أكثر قوة، ويبدو أن الغرب موحد في دعمه للحفاظ على سيادة أوكرانيا. كما أن المقاومة والهجمات الاوكرانية أحبطت التوقعات بانهيارها السريع. وتابع ان ما يؤكد سلامة الجهود الدبلوماسية الامريكية هي الزيارة التي قام بها بايدن الى كييف بعد عام من الهجوم الروسي حيث تجول مع زيلينسكي في وسط المدينة.
واعتبر التقرير أن ذلك، يشكل رسالة قوية للعالم حول الالتزام الامريكي بالقانون الدولي ودعم أوكرانيا، مشيرا الى ان اكثر من أكثر من 50 دولة تعمل على عكس مسار الغزو الروسي.
وختم التقرير بالقول إن الدبلوماسيين الأميركيين يعملون من أجل الحفاظ على التحالف الدولي لضمان قيام الدول بتقديم التدريب والمعدات التي تم إطلاق الوعود حولها، ومحاولة حرمان روسيا من الموارد المالية والعناصر اللازمة لتأجيج حربها. وبعدما اعتبر التقرير ان الاوكرانيين يحاربون من أجل حياتهم في مواجهة الهجوم الروسي المستمر، والجهود الدولية تمنح أوكرانيا الموارد والامل لحماية بلدهم، قال التقرير الامريكي ان "المضي قدما في التحدي الذي يواجه الدبلوماسيين الأمريكيين يتمثل في كيفية مساعدة الولايات المتحدة لأوكرانيا في الانتصار بالحرب، مع تجنب التصعيد مع روسيا أو الانخراط (الامريكي) طويل الأمد الذي ميز الـ20 سنة الماضية من السياسة الخارجية الأمريكية في الشرق الأوسط وآسيا الوسطى".
ترجمة: وكالة شفق نيوز