المستقلون.. بوابة الصدر نحو "الأغلبية" وجرعة حياة لـ"ثلث" الإطار
شفق نيوز/ يُشكل المستقلون في مجلس النواب العراقي أكثر من 40 مقعداً، وينتمي أغلبهم لما يعرف بتظاهرات تشرين التي اندلعت عام 2019، أو يستمدون منها وجودهم البرلماني، ليكونوا "بيضة قبان" فعلية في سجال الصدريين مع نظرائهم في الإطار التنسيقي.
"تدافع محموم" بين الطرفين لاستقطاب المستقلين ضمن جولة مهمة أخرى يتزعمها التيار الصدري الذي شكّل، مع الديمقراطي الكوردستاني والسيادة، تحالفاً بعنوان "انقاذ وطن"، مقابل نظرائه من الإطار التنسيقي، في موقعة يكون فيها هذه المرة الرهان على اختيار رئيس الجمهورية، بعد ترشيح التحالف الجديد ريبر احمد رئيساً للجمهورية، فيما تتمسك قوى الإطار التنسيقي الشيعي ومعها الاتحاد الوطني الكوردستاني بمرشحها برهم صالح لدورة رئاسية ثانية.
الصدريون يحشدون
اندفاع الصدريين نحو المستقلين في البرلمان بدأ من أعلى قمة الهرم وتحديداً من زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر الذي حاول استقطاب نخبة المستقلين في البرلمان باتجاهات شتى منها دعوتهم لإدارة البلد وكذلك إبراز "شعوره" بعدم رغبتهم بـ"خذلانه" في الجلسة المقبلة للبرلمان لانتخاب مرشح تحالفه الثلاثي ريبر أحمد لرئاسة الجمهورية.
ويبدو أن الصدر عازم على اقناع المستقلين بأهمية تشكيل حكومة أغلبية وطنية بعد إعلان تشكيل "انقاذ وطن"، وانفتاحه على القوى الأخرى للانضمام لحكومة الأغلبية، وهي دعوة للمستقلين لدعم توجهات هذا التحالف في مواجهة الحكومة التوافقية التي يدعو اليها الإطار التنسيقي.
وأصدر زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر تغريدتين على موقع تويتر من أجل "كسب ود" المستقلين في البرلمان أولهما، في 21 آذار 2022، قال فيها إن "هناك طبقة من النواب المستقلين المحبين لوطنهم الواعين لأسباب تردي وتراجع العراق لهذه الدرجة المرعبة والمقلقة".
وأضاف الصدر في تغريدته "أهيب بالنواب المستقلين المحترمين والوطنيين ان يقفوا وقفة عز وشرف وكرامة من أجل انقاذ الوطن وتخليصه من بقايا الفساد والارهاب والاحتلال والتطبيع والانحلال من خلال اسنادهم الجلسة البرلمانية التي يتم بها التصويت على رئيس الجمهورية وعدم تعطيله بالثلث المعطل الذي هو وليد الترغيب والترهيب ، لذا فنحن بحاجة الى وقفة شجاعة منكم".
وتابع الصدر مخاطبا النواب المستقلين "ان كنتم لا تثقون بي او بالكتلة الصدرية فإننا سنعطي لكم مساحة لادارة البلد ان وحدتم صفوفكم وابتعدتم عن المغريات والتهديدات".
دعوة الصدر للمستقلين "ترغيباً وإدارة حكم"، جاءت متناغمة مع تطمينات رئيس كتلته البرلمانية إذ قال حسن العذاري "بعد مجموعة من اللقاءات بالاخوة النواب المستقلين اقولها وبكل صراحة كلهم مع (حكومة الأغلبية الوطنية)، لذلك ان يوم السبت المقبل سوف يكون للنواب المستقلين وقفة من اجل العراق والشعب ولن يغريهم المال السياسي أو الترهيب .. فهم المستقلون الامل المتبقي لتغيير نظام المحاصصة".
واختتم تغريدته بوسم "برلمان عراقي حر".
ليعود الصدر مغرداً من جديد بهذه التغريدة "التحفيزية" للمستقلين بل زادها بتغريدة أخرى في خطوة اقل ما يقال عنها انها "تأكيد للمؤكد"، إذ قال في تغريدة على موقع تويتر "لم يتناه لمسامعي بل ولج الى قلبي أن هناك تجاوباً ملموساً من الإخوة البرلمانيين المستقلين بعد التغريدة الأخيرة".
وأضاف الصدر "فإنني إذ أوجه لهم الشكر إذ قدّموا مصلحة الوطن على المصالح الخاصة ومتمنياً أن يتم هذا الإحساس القلبي على أتم وجه حبًا بالعراق. فإنني سأكون ملزماً برد الجميل لهم بأقرب فرصة لا من خلال تقاسم الكعكة فهذا ما لا يرتضونه ولا نرتضيه فإننا وإياهم (دعاة وطن). بل من خلال لملمة الجراح والسعي لتوحيد صفوفهم".
الإطار يقلل من زخم الصدريين
بدوره لم "يسكت" زعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي، أحد اقطاب الإطار التنسيقي الشيعي وخصم الصدر الأزلي عن موضوع المستقلين ومنها جلسة مجلس النواب المقررة يوم 26 اذار الجاري، لانتخاب رئيس الجمهورية.
وقال المالكي في تغريدة على موقع تويتر إن "قضية حل مجلس النواب وإعادة الانتخابات الحالية امر غير مقبول ولم يطرحه الإطار وقواه السياسية ولا يسمح به ويقف بقوة ضد هذا الخيار، ومع ان هذا الخيار لم يطرحه احد من الطيف السياسي الا ان اثارته في هذا الوقت قبيل انعقاد الجلسة النيابية المقررة يوم 26 / 3 تهدف لاشاعة المخاوف لدى النواب وخصوصا المستقلين منهم ودفعهم للمشاركة في الجلسة".
وأضاف المالكي أن "النواب على دراية وقناعة ان هذه المخاوف موهومة".
وعلى هذا النسق حذرت حركة "حقوق" السياسية المقربة من فصائل "المقاومة، في يوم 22 اذار 2022، النواب المستقلين من "الرضوخ" للترغيب أو الترهيب من أجل مشاركتهم في الجلسة البرلمانية المخصصة لانتخاب رئيس الجمهورية.
وقالت الحركة في بيان ورد لوكالة شفق نيوز، إن "ما يشاع من امكانية حل البرلمان وإعادة الانتخابات، ما هي الا خديعة ونضع ذلك في خانة تخويف النواب، والضغط باتجاه الانفراد بالسلطة"، ودعت إلى "الوقوف بوجه أي سعي محتمل للتلاعب بأعداد النواب في الجلسة المقبلة، ومن أي جهة"، معتبرة ان "القيام بهكذا ألاعيب يمثل هزيمة لتلك الجهة، وتزويرا لإرادة الشعب، لا تقل خطورة ودناءة عن تزوير الانتخابات".
القضاء يدخل على خط الازمة
وعلى ما يبدو ان دعوات حل البرلمان أخذت صداها، حتى وان كانت دعوات "صوتية" ووصلت الى حدود مجلس القضاء الأعلى الذي أعلن وللمرة الأولى دخوله على خط الأزمة بمبادرة منه من دون اللجوء إليه.
إذ قال المركز الاعلامي لمجلس القضاء الاعلى، في بيان توضيحي، ورد إلى وكالة شفق نيوز، إن آليات حل مجلس النواب مقيدة بنص المادة 64 من الدستور وملخصها ان المجلس يحل بالأغلبية المطلقة لعدد اعضائه بخيارين لا ثالث لهما الاول بناء على طلب من ثلث اعضائه والثاني طلب من رئيس مجلس الوزراء وبموافقة رئيس الجمهورية.
ويبدو ان رأي المجلس يعد استباقاً لما يمكن أن يحصل في حال الوصول إلى طريق سياسي مسدود بين تحالف "انقاذ وطن"، والإطار التنسيقي، في ظل انتظار تدخل المستقلين لحسم الأمور في جلسة السبت.
رأي "بيضة القبان"
ويبدو ان الحركات المنبثقة من تشرين والتي دخلت الى البرلمان تشكل الأغلبية العظمى من عدد النواب المستقلين، وهي لديها آراء مختلفة بشأن الاتفاق مع أي من الطرفين الشيعيين الموزعين على جانبي التحالفين، نظراً لمواقف هذين الطرفين وكيفية تعاملهما مع تظاهرات تشرين آنذاك، وكذلك الحسابات السياسية لكل جهة مستقلة تعلن انتمائها لتظاهرات تشرين، فيما تنتمي مجموعة أقل الى توجهات أخرى منها قريبة من الإطار ومنها الى الصدريين، وبما أن الحديث عن الحاجة إلى عدد من المستقلين، فان وجودهم سيسمح بتمرير مرشح تحالف "انقاذ وطن" أو تعزيز ما يعرف بـ"الثلث الضامن" كما يأمل الاطار التنسيقي.
وكانت "كتلة تحالف العراق المستقل"، التي تمتلك 6 مقاعد في البرلمان، أعلنت، في 22 اذار 2022، مشاركتها بجلسة مجلس النواب المقرر عقدها السبت المقبل لانتخاب رئيس جمهورية جديد للعراق، لتكون من أوائل الكتل التي تستجيب لطلب الصدر، وعدت ذلك "تغليباً للمصلحة الوطنية، وانهاءً لحالة الانسداد السياسي الخطير الذي تمر به العملية السياسية في العراق قررنا المشاركة في جلسة مجلس النواب القادمة، للتصويت على مرشح رئاسة الجمهورية".
كما أكدت على "المُضي قدماً في دعم جهود تشكيل حكومة اغلبية وطنية إصلاحية مُهابة ومقتدرة تعبر بالبلاد الى بر الأمان وتحقق تطلعات الشعب" .
من جهتها قالت أكدت كتلة "امتداد" البرلمانية، وجود خيارات "مفتوحة" امامها لجلسة البرلمان المقررة السبت المقبل والمخصصة لاختيار رئيس جمهورية العراق، وقالت الحركة، في بيان مقتضب، ورد إلى وكالة شفق نيوز، "لا تزال كل الخيارات مفتوحة بالنسبة لجلسة يوم السبت"، مشددة على أن "مصالح جماهيرنا هي الهدف الأسمى". وهو ما يعني إمكانية مشاركتها في الجلسة المقبلة.