المخابرات العراقية.. "السمكة المذمومة" في "مستنقع الإرهاب"

المخابرات العراقية.. "السمكة المذمومة" في "مستنقع الإرهاب"
2023-05-07T14:14:55+00:00

شفق نيوز/ "مثل السمج مأكول مذموم".. هذا المثل الشعبي يلخص واقع حال جهاز المخابرات العراقي وجهوده "الدولية" في محاربة الإرهاب، وفي المقابل يتم تجاهل جهوده من قبل الأنظمة الدولية و"تدعي" لنفسها الفضل في تحرير منطقة ما أو قتلها لزعيم لتنظيم داعش أو أحد قادته، وحتى من قبل بعض أطراف الداخل هناك "استخفاف" بإنجازات "جنود الظل" هؤلاء.

العراقيون بمختلف قومياتهم ومناطقهم وأديانهم ومذاهبهم وعقائدهم يعشقون تناول السمك، لكنهم بعد الانتهاء من وجبتهم المفضلة هذه يتذمرون من "زفر السمك" ومن هذه المعادلة وُلَدّ المثل "مثل السمك مأكول مذموم".

استخبارات مكافحة الإرهاب

ضابط في استخبارات جهاز مكافحة الإرهاب العراقي، يقول "جميع التقارير الاستخبارية من جميع الأجهزة بالإضافة إلى تقارير عناصرنا ومصادرنا الخاصة، تصلنا منها نسخة، جهاز المخابرات، وكالة الاستخبارات -وزارة الداخلية-، خلية الصقور -وزارة الداخلية-، الاستخبارات العسكرية -وزارة الدفاع-، جهاز الأمن الوطني، المعلومات التي يرسلها التحالف الدولي ضد تنظيم داعش إلى قيادة العمليات المشتركة، نحن على اطلاع تام بكل ما تعلم به الأجهزة الاستخبارية الأخرى، ولذلك يمكن ليّ القول أنني أستطيع تقييم أدائها".

ويضيف "الجميع يقوم بواجباته بحرص لكن إمكانيات جهاز المخابرات تفوق الجميع، فبالإضافة إلى الميزانية المالية المفتوحة لدى الجهاز هناك أيضاً ميزة العمل خارج الحدود وهذا ما يجعله يتقدم على غيره من الأجهزة الاستخبارية بالوصول إلى المعلومات والمصادر والتحركات الخارجية".

العمل خارج الحدود

ويستدرك الضابط "أحياناً يحصل تنسيق بين جهاز استخباراتي غير جهاز المخابرات للوصول إلى هدف خارجي وقد حدث مثل ذلك لخلية الصقور، والاستخبارات العسكرية، وحتى وكالة الاستخبارات في قضايا مكافحة شبكات المخدرات الدولية، لكنها حالات استثنائية، أما جهاز المخابرات فلديه أولوية وصلاحيات أوسع، لذلك هو متفوق كثيراً علينا جميعاً".

ويختم بالقول "ليس فقط جهاز المخابرات تم غبن إنجازاته، وإن كان هو الأكثر تعرضاً لهذا الإجحاف، لكن على أقل تقدير لديهم العذر أن طبيعة عملهم لا تستوجب الكشف عن جميع عملياتهم، لكن المشكلة أن الأجهزة الاستخبارية الأخرى تم تجاهل دورها أيضاً رغم أننا جميعاً كنا نقاتل نيابة عن كل شعوب العالم ضد الإرهاب، لكن للأسف لا أحد يعترف لنا بالفضل".

شهادة من "صقور الجو"

ضابط برتبة عقيد في طيران الجيش العراقي، يؤكد أن "المعلومات التي كانت تردنا من مختلف الأجهزة الاستخبارية شكلت عاملاً مهماً في الحرب على تنظيم داعش وتصفية قادته وأسهمت بإحباط العديد من العمليات الانتحارية وغير الانتحارية، وكان لجهاز المخابرات الدور الأكبر لكونه كان يشخص خطوط الإمداد الداخلية والخارجية العابرة للحدود".

ويؤكد الضابط "تقارير جهاز المخابرات العراقي كانت تصل أيضاً للتحالف الدولي ضد داعش وفق التنسيق الأمني لكن للأسف التحالف خذلنا في عدة مناسبات".

ويوضح وهو كان "قائد سرب" في العمليات ضد داعش "في إحدى الغارات أبلغت طيران التحالف الدولي بهدف مهم لداعش في مدينة الرمادي وأبلغته بالتفاصيل فكان رد قائد السرب الأمريكي أنه لم يتمكن من تحديد المكان فأبلغته بإحداثيات المكان لكنه استمر بالقول إنه لم يتمكن من التشخيص".

قائد السرب وعلى حد وصفه يقول "الإحداثيات تعني لو أن الهدف كان يختبئ في خزانة الملابس في الغرفة الفلانية من الدار بإمكان الصاروخ الموجه الوصول إليها، لكن ما حدث هو التجاهل، وهو ما أكد لنا أن هناك إرادة سياسية خارجية وداخلية أيضاً تدير هذه الحرب".

تحديد مكان "البغدادي" 5 مرات

ويشير "قائد السرب" إلى أن "جهاز المخابرات قدم تضحيات كبيرة لم يتم الإعلان عنها لغاية الآن، نحن في طيران الجيش والقوة الجوية نعرفها، خصوصاً في عمليات تتبع القادة الكبار لتنظيم داعش داخل العراق وخارجه، والمؤلم في الأمر عندما تمت تصفية زعيم داعش أبو بكر البغدادي كان الفضل للجيش الأمريكي رغم أن المعلومات قدمها جهاز المخابرات العراقي للمرة الخامسة، فقد سبق وأن حدد الجهاز مكان تواجد البغدادي وأبلغ التحالف الدولي بها لكن لم يتم قصف تلك الأماكن".

ويختم الضابط الطيار حديثه بالقول "بعد تحرير الموصل والإعلان الزائف عن القضاء على داعش، قدمت طلباً إلى قيادتي بنقلي إلى عمل إداري في قيادة طيران الجيش، تعبت نفسياً مما جرى في السنوات الأربع من الحرب على داعش ولم أعد أطيق احتمال تجاهل تضحياتنا من أجل صفقات سياسية على حساب الدماء".

النصر "الزائف" على داعش

كلمة "الإعلان الزائف عن القضاء على داعش" أثارت الفضول واستوجبت توضيحاً، أجاب عليه الضابط "لم نقض على داعش، كانت هناك إرادة سياسية وراء هذا الإعلان المزيف، داعش كان ما يزال موجوداً في نينوى والأنبار وديالى وصلاح الدين وكركوك وأطراف بغداد وبابل، وما حصل هو مجرد تجفيف مصادر التمويل المالي والبشري والعسكري لا أكثر، فمعلومات الأجهزة الاستخبارية ورصدها الموثق فيديوياً وصوتياً كانت تؤكد على استمرار هذا التنظيم الإرهابي عبر الخلايا الخيطية المتباعدة، لكن هناك من كان يريد استثمار هذا الانتصار غير الواقعي لأهداف انتخابية".

ويقصد الضابط بـ"الخلايا الخيطية المتباعدة" مجاميع يتراوح عدد أفرادها بين الخمسة إلى العشرة تنتشر في الصحاري والتلال والجبال والمزارع تفصل بينها عشرات ومئات الكيلومترات.

الإطاحة بالقرشي

وفي تقرير ترجمته وكالة شفق نيوز، يوم الأربعاء 3/5/2023، كشف مسؤولون أتراك عن تفاصيل مخطط شاركت فيه المخابرات العراقية، وأدى الى مقتل زعيم تنظيم داعش أبو حسين القرشي، بعد زعامته التي استمرت 6 شهور للتنظيم، لكن الغريب أن هذا الاعتراف بدور المخابرات اقتصر فقط على "المصادر" ولم تعترف المخابرات لوكالة "رويترز" التي نشرت التقرير بهذا الفضل.

ونقل التقرير عن مسؤول استخباراتي عراقي قوله ان "الملاذ الآمن الوحيد لكبار قادة داعش يقع في سوريا، وتحديدا في المناطق المتاخمة لتركيا"، غير أن المصادر "الصريحة" التركية لم تعترف بدور المخابرات العرقية.

وبحسب المصدر الامني التركي والمصدر الاستخباراتي العراقي، فإن التعاون الاستخباراتي العراقي مع تركيا، كان له دور رئيسي في العمليات الاخيرة التي استهدفت كبار قادة داعش. وهذا التعاون، ساعد تركيا على تحديد موقع تقريبي لتواجد القرشي في سوريا.

أما التحالف الدولي بحسب تقرير "رويترز" فلم يعلق على الموضوع، وقال متحدث باسم التحالف ضد لداعش بقيادة الولايات المتحدة، ان التحالف لا يعلق على العمليات العسكرية لدول اخرى، كما ان مسؤولا امنيا تركيا، امتنع عن التعليق على اي انخراط للمخابرات العراقية في العملية.

وفي التقرير نفسه يعتقد مسؤولون في المخابرات العراقية ان زعيم داعش الجديد من المحتمل ان يكون عراقيا، مثل اسلافه، الا انه لم يتبق سوى عدد قليل من القادة المؤهلين لكي يتولوا هذا المنصب، وان 3 منهم كانوا معروفين للمخابرات العراقية.

والمؤلم في هذا الأمر أنه ليس فقط المخابرات التركية ترفض الاعتراف للمخابرات العراقية بالفضل في الإطاحة بزعيم تنظيم داعش أبو حسين القرشي، بل سبق للمخابرات الأمريكية أن رفضت ذلك على الرغم من أن المخابرات حددت أربع مرات مكان تواجد زعيم داعش أبو بكر البغدادي وأبلغت طيران التحالف الدولي لقصفه لكن تم "تجاهل" ذلك، قبل أن يتم تصفية البغدادي في المرة الخامسة التي حدد فيها جهاز المخابرات العراقي مكانه في سوريا وتم قصفه بالتزامن مع "موسم" الانتخابات التي كان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يخضوها للفوز بولاية ثانية، ولم يتم الإشارة إلى دور المخابرات العراقية في ذلك.

Shafaq Live
Shafaq Live
Radio radio icon