اللحوم البيضاء تنضم إلى الحمراء بغلاء الأسعار قبيل رمضان وسط تطمينات حكومية
شفق نيوز/ مع توالي ارتفاع أسعار اللحوم الحمراء في الأسواق العراقية قبيل بداية شهر رمضان، تصاعدت أسعار اللحوم البيضاء نتيجة ازدياد الإقبال عليها كبديل عن اللحوم الحمراء، ما أثار شكاوى المستهلكين خاصة وأن اللحوم عموماً تدخل ضمن المكونات الأساسية لمختلف الأكلات الشعبية التقليدية في المطبخ العراقي.
وتتجاوز أسعار الكيلوغرام الواحد من لحم الدجاج 4 آلاف دينار، بزيادة نحو الضعف قياساً بأسعار الأشهر الماضية، وهو مبلغ كبير يثقل كاهل العوائل والأسر العراقية وخاصة أصحاب الدخل المحدود.
ارتفاع أسعار الدجاج
وفي هذا السياق، يقول صاحب محل لبيع الدواجن في محافظة النجف، أحمد (أبو علي)، إن "ارتفاع الأسعار أثّر على أصحاب المحلات، فقبل كنا نتسوق من 5 - 6 صناديق في اليوم، أما حالياً نتسوق 2 - 3 صناديق في اليوم".
وعن سبب الارتفاع، يوضح لوكالة شفق نيوز، أن "بعض أصحاب حقول الدواجن يعزون الارتفاع إلى كثرة الاستهلاك على الدجاج نتيجة ارتفاع أسعار اللحوم والأسماك، ما تسبب بارتفاع أسعاره أيضاً، والبعض الآخر يقول إن ارتفاع الأسعار هي نتيجة مضاربة لعدم وجود إنتاج الشركة الوطنية".
ويشير إلى أن "الأسعار الحالية تتراوح ما بين 4150 - 4200 دينار للكيلوغرام الواحد من الحقول، والبيع للمستهلك على 4750 دينار للكيلوغرام الواحد".
ويحذّر "من أن عدم فتح الاستيراد المحلي من الشركات التابعة للعتبات ومن إقليم كوردستان خلال الأيام المقبلة، فمن المتوقع أن يصل سعر الكيلو الواحد من الدجاج إلى 5 آلاف دينار أو أكثر في شهر رمضان".
من جهته، يقول صاحب حقل دواجن في محافظة بابل، حسام البديري، أن "أسعار اللحوم (الحمراء والبيضاء) والأسماك ترتفع مع قرب شهر رمضان مثل كل عام بسبب قلّة الدجاج".
ويوضح لوكالة شفق نيوز، أنه "خلال هذه الفترة من كل عام، يقلّ إنتاج الدجاج يقابله سحب قوي في الأسواق حتى وصل سعر كيلو الدجاج إلى 4150 ديناراً في بابل".
صاحب محل آخر لبيع وشراء الدجاج في محافظة واسط، يُدعى سجاد (أبو حسين) حمّل أصحاب الحقول سبب ارتفاع أسعار الدجاج، حيث يقول "نشتري الدجاج بسعر غالي من أصحاب الحقول بداعي أنهم يعانون من تكاليف أسعار الأعلاف المرتفعة، حتى وصل سعر كيلو الدجاج إلى 4100 دينار من الحقول".
ويوضح لوكالة شفق نيوز، أن "أصحاب المحلات يحملون على الكيلو 250 - 500 دينار، لذلك الربح قليل، ورغم ذلك قلّ الطلب على الدجاج، وبعض الزبائن يأتي يسأل عن السعر ويذهب دون شراء، خاصة المواطنين أصحاب الدخل المحدود، ما أثر على عملنا".
ويشير إلى أن "أسعار اللحوم في ارتفاع كذلك وحتى الأسماك، وسابقاً كان المواطن يستعين بالدجاج في ظل غلاء اللحوم والأسماك، لكنه اليوم لا يستطيع شراء الدجاج أيضاً، ما يسبب مشكلة باللحوم بصورة عامة في العراق".
أسعار اللحوم الحمراء
وشهدت الأسواق العراقية خلال الأيام الماضية، ارتفاعاً بأسعار اللحوم الحمراء، وسط تخوفات من استمرار ارتفاع الأسعار مع قرب حلول شهر رمضان.
بدوره، وافق المجلس الوزاري للاقتصاد، الاثنين الماضي، على توصية وزارة الزراعة بتخفيض الرسوم الجمركية لاستيراد اللحوم الحمراء بنسبة 50%.
وقالت الوزارة في بيان، إن "المجلس الوزاري للاقتصاد وافق في جلسته المنعقدة يوم الاثنين الموافق 26/ 2/ 2024، على طلب وزارة الزراعة الذي قدمه الوزير عباس جبر المالكي موصياً إلى مجلس الوزراء بتخفيض الرسوم الكمركية على الحيوانات الحية المستوردة لأغراض الذبح والتربية (المواشي والأغنام) بنسبة 50% ولمدة سنة واحدة".
ولفتت الوزارة إلى أنها "اتخذت عدّة إجراءات لمعالجة ارتفاع أسعار اللحوم الحمراء في السوق المحلية ومنها فضلاً عمّا ذكر أعلاه تشجيع الاستثمار في الثروة الحيوانية وتسهيل نقل المواشي بين المحافظات وتسهيل إجراءات الاستيراد".
وكانت وزارة الزراعة العراقية، حددت الخميس الماضي، أسباب ارتفاع أسعار اللحوم الحمراء مؤخراً، وتوقعت عودة الأسعار لطبيعتها نهاية الشهر المقبل بعد زوال المؤثرات.
وقال المتحدث باسم الوزارة، محمد الخزاعي في بيان ورد لوكالة شفق نيوز، إن هناك "طلباً محلياً متزايداً بشكل كبير على اللحوم الحمراء المحلية تحديداً، وذلك لاتجاه ذائقة المواطن العراقي نحوها بعيداً عن اللحوم المستوردة المتوافرة في الأسواق بأسعار معتدلة تتراوح بين تسعة آلاف دينار للحوم الأغنام، وستة آلاف دينار للحوم الأبقار".
وأضاف الخزاعي أن من بين الأسباب "انتقال جميع مربي الماشية باتجاه مناطق البادية لوجود المياه والبساط العلفي الأخضر في هذه المناطق بفعل الأمطار التي هطلت في أيام الشتاء الحالي، والتي توفر لهم بيئة مناسبة لتربية وتسمين مواشيهم"، لافتاً في ذات الوقت الى "نفوق آلاف رؤوس حيوانات الجاموس في مناطق الأهوار نتيجة جفاف مساحات واسعة منها في فصل الصيف الماضي".
وأوضح الخزاعي أن "معالجات وزارة الزراعة تمثلت بتعليق إجازات الاستيراد وتسهيل إجراءات استيراد اللحوم الحمراء من مختلف المناشئ الرصينة مع الأخذ بنظر الاعتبار الضوابط والشروط الصحية".
وتابع قائلاً، كما "تم السماح باستيراد الأبقار والأغنام الحية لأغراض التربية والذبح وهذا يحدث لأول مرة، وذلك لمعالجة حاجة السوق للحوم الحمراء، ودعم الاستثمار في مجال الثروة الحيوانية وتقديم القروض الميسرة للمربين والعاملين في هذا المجال، وتسهيل حركة نقل الثروة الحيوانية بين مختلف المحافظات".
وتوقع المتحدث باسم وزارة الزراعة، أن "تشهد أسعار اللحوم الحمراء انخفاضاً تدريجياً في أسعارها نهاية الشهر الثالث مع بدء عودة المربين الى مناطقهم الأصلية والتوجّه نحو بيع مواشيهم بعد انتهاء مدّة تسمينها وايضا تحقق الآثار التي ذكرت فيما يتعلق باستيراد الحيوانات الحية لأغراض التربية والذبح ما سينعش الأسواق ويحقق وفرة في اللحوم المختلفة بأسعار مناسبة لمختلف شرائح المواطنين".
ارتفاع غير مبرر
من جانبه، يرى مدير زراعة واسط، أركان مريوش، أن "سبب ارتفاع الدواجن، غير مبرر، لأن عند قياس تكاليف الإنتاج، فإن مستلزمات الإنتاج للعام الماضي كانت أكثر بضعف عن الأسواق الحالية، لذلك هذا الأمر مفتعل، وعلى أصحاب الدواجن مراعاة الظروف التي تمر بها البلاد وخاصة المواطنين".
ويضيف مريوش لوكالة شفق نيوز، أن "وزارة الزراعة أعطت الذرة الصفراء والأعلاف المدعومة، لذلك من المفترض أخذ هذا بنظر الاعتبار وتكون الأسعار مناسبة، لكن مع ذلك حصل هذا الارتفاع".
ويشير إلى أن "الأيام الحالية هي نهاية إنتاج ربطات الحقول، لذلك يحصل نوعاً من الشحة وقلّة المعروض، وأن السوق عرض وطلب، بالتالي حصل طلب أكثر من المعروض".
ويؤكد، لكن "مع ذلك، هناك زيادة في الأسعار غير مبررة قياساً لمصاريف الإنتاج، وكان قبل شهر سعر كيلو الدجاج 2500 دينار والآن يتجاوز 4 آلاف دينار، مع أن أسعار الأعلاف ثابتة ولم يطرأ عليها أي تغيير".
ويدعو المسؤول الحكومي أصحاب مشاريع الدواجن إلى "مراعاة ظروف المواطنين وإعادة الأسعار إلى مستوياتها الطبيعية كما في السابق، وعلى الشرطة الاقتصادية متابعة الأسواق وأخذ الإجراءات بحق المخالفين".
تطمينات حكومية
من جهته، يقول المتحدث باسم وزارة الزراعة، محمد الخزاعي، إن "السعر المعقول لكيلو الدجاج الواحد يتراوح ما بين 3750 - 4250 دينار، أما إذا تجاوز 5 آلاف دينار فهذه تعد زيادة، وما نشهده حالياً هو ارتفاع قليل، فلم تحدث طفرات في أسعار الدواجن، وأسباب الارتفاع يعود إلى قرب حلول شهر رمضان، وزيادة الطلب على مختلف المحاصيل والسلع".
وعن الاستيراد من الإقليم، يبيّن الخزاعي لوكالة شفق نيوز، أن "المجازر الموجودة في الإقليم لديها اتفاقيات مع وزارة الزراعة، وهذه الإجازات تجدد كل 6 أشهر، وصادف أن هذه الإجازات انتهت في فترة شهدت هطول أمطار شديدة في الإقليم".
ويوضح، أن "هذه الأمطار الأخيرة تسببت بتأخير اتمام الإجازات، لكن خلال الأيام المقبلة سوف تُجدد هذه الإجازات وتستأنف عمليات إدخال الدواجن من الإقليم والاستيراد الخاص بالدواجن المجزورة ومقطعات الدجاج".
ويؤكد، أن "الأسعار الحالية مسيطر عليها، أما الحديث عن السعر السابق كان بحدود 2500 دينار للكيلو، فإن هذا السعر لا يسد سعر التكلفة، ما يؤدي إلى خسارة صاحب الحقل، ولم يحدث في السابق إن كان سعر كيلو الدجاج 2500 دينار"، على حد قوله.
وكانت وزيرة الزراعة والموارد المائية في اقليم كوردستان، بيكرد طالباني، أكدت في 28 كانون الثاني 2024، أن الإقليم حقق اكتفاءً ذاتياً في إنتاج اللحوم البيضاء، وبإمكانه سد حاجة السوق المحلية من هذا المنتج.
وقالت طالباني في جلسة حوارية: "أننا وصلنا في كثير من المنتجات المحلية إلى مستوى الاكتفاء الذاتي لسوقنا المحلية، ومنها على سبيل المثال اللحوم البيضاء، فإنه لدينا انتاج يفوق حاجة السوق المحلية في كوردستان، ويمكننا سد حاجة السوق لباقي أجزاء العراق"، مشيرة إلى أنه "يوجد في إقليم كوردستان 2639 مشروعاً في قطاع الثروة الحيوانية".
ارتفاع أسعار الأسماك
ولم تتوقف أزمة ارتفاع الأسعار على اللحوم والدجاج بل شملت الأسماك أيضاً، حيث يقول رئيس الجمعية العراقية لمنتجي الأسماك، إياد الطالبي، إن "في هذه الأيام بدأ العرض يقلّ نتيجة قلّة تربية أسماك الكارب في الأحواض الطينية والأقفاص العائمة".
ويوضح الطالبي لوكالة شفق نيوز، أن "المشاريع غير المرخص بها ألغيت تماماً، أما المرخص بها مثل الأحواض الطينية فقد أعطيت مياهاً 50 بالمائة، أي العمل بنصف المزارع".
ويشير إلى أن "وزارتي الموارد المائية والزراعة وجهتا إنذاراً بكتاب رسمي بغلق المزارع المجازة لمدة 5 سنوات ويعمل بدلها نظام مغلق"، لكن هذا مشروع - بحسب الطالبي - يتطلب رأس مال كبير، لذلك بدأ المزارعون يتخوفون من هذا القرار الذي قد يؤدي إلى إيقاف أغلب مشاريع الأحواض الطينية المرخص بها.
ويضيف، أنه "تم منح إجازات على الأقفاص العائمة، لكن وفق تعليمات جائرة، ومن غير الممكن أن تعمل أقفاص لأن بين مشروع ومشروع كيلو مترين، بالتالي أغلب هذه المشاريع لا يمكن أن تنفذ بسبب هذه التعليمات، ونتيجة لذلك بدأ العرض يقلّ ما تسبب بارتفاع أسعار الأسماك".
ويبيّن، أن "سعر الأسماك حالياً ما بين 6 - 7 آلاف دينار، وهذا السعر موازياً لنسبة ارتفاع أسعار الأعلاف التي تشهد ارتفاعاً كبيراً خاصة أعلاف الصويا والبروتين والبرمكشات، لذلك من الطبيعي أن تصعد أسعار الأسماك".
ويلفت إلى أن "الفترة الحالية هي نهاية موسم، ومربو الأسماك بدأوا يزرعون من جديد، ففي كل سنة تبدأ الزراعة في الشهر الثالث وتنتهي في الشهر الواحد والثاني، لذلك من الطبيعي يقلّ العرض وعندما يقلّ العرض ترتفع أسعار الأسماك".
وحذّر رئيس الجمعية العراقية لمنتجي الأسماك من إدخال المستورد، قائلاً إن "دخول المستورد يدمّر الثروة السمكية في العراق، ويدمّر هذه المشاريع التي أغلبها حاصلة على سلف المصرف الزراعي".
ويدعو الطالبي "وزارة الزراعة إلى ضرورة منع إدخال الأسماك المستوردة بطرق غير شرعية، للمحافظة على سعر يتراوح ما بين 5 - 6 آلاف دينار للكيلو، ليكون السعر موازياً لسعر الأعلاف والصرفيات الأخرى".
وأعرب في ختام حديثه أن "تؤدي الأمطار الأخيرة إلى زيادة الإطلاقات المائية لسد حاجة البلاد وتخفيف الضغط بالسماح بتربية الأسماك".