الكاظمي بين "اغتيالين".. خرق أمني يقود لتلاق امريكي ايراني

الكاظمي بين "اغتيالين".. خرق أمني يقود لتلاق امريكي ايراني
2021-11-08T17:46:39+00:00

شفق نيوز/ لم تحظ "محاولة الاغتيال" التي تعرض لها رئيس الوزراء المنتهية ولايته مصطفى الكاظمي التي جرت قبل أسبوع، بمثل الاهتمام السياسي والاعلامي الذي نالته "الجريمة" المعلنة فجر الاحد والتي هزت المشهد السياسي العراقي بقوة، وشكلت لحظة نادرة من التحولات الداخلية، مع التقاطعات الاقليمية الخارجية.

وستتداعى قضية محاولة الاغتيال بالطائرات المسيرة الثلاث فصولا في الايام المقبلة، لا بسبب الطريقة التي جرت بها فقط، وانما وربما الاهم، بسبب ما ستحمله من آثار وتطرحه من تساؤلات، بداية من "الخرق الامني" المتمثل باستهداف رأس السلطة العراقية، وفي مقره السكني، وفي داخل المنطقة الخضراء، وبتوقيت وجوده في المكان، وصولا الى المعاني السياسية الداخلية والاقليمية على محاولة الاغتيال التي يرى محللون انها قد تؤمن للكاظمي ولاية ثانية في رئاسة الحكومة.

استهداف لهيبة الدولة

كما يرى بعض المختصين بالتنظير للمشهد السياسي والامني في البلاد ان محاولة استهداف الكاظمي انما هي استهداف لهيبة الدولة بكامل اركانها ورسائل تحذيرية من قبل الجماعات المنفذة للحكومات القادمة بأنها فوق الدستور وفوق النظام وبالتالي قادرة على فرض ارادتها السياسية.

وبرغم ان اصابع اتهام ضمنية ما زالت تشير الى ضلوع جهة قد تكون محسوبة على ايران في محاولة الاغتيال التي جرت فجر الاحد، الا ان ما من جهة رسمية قالت ذلك بصراحة، ولم يصدر ما يؤكد او ينفي ذلك برغم تسريبات من مصادر مجهولة الى وكالات انباء عالمية حول ضلوع "جماعة مدعومة من ايران"، مثلما قالت وكالة "رويترز" اليوم.

وترافق هذا مع توضيح للخبير العسكري الروسي اليسكي ليونكوف، وفق ما نشرت وكالة شفق نيوز، اشار فيه الى دور "مخبرين" في محاولة اغتيال الكاظمي "كانوا موجودين في مكان قريب أكدوا أن الهدف موجود في المنزل، وبعد ذلك تم استخدام الطائرة المسيرة".

كما كانت اشارته المهمة الاخرى الى ان استخدام المسيرات كسلاح لتصفية شخص ليس تكتيكا جديدا ولا يقتصر على الارهابيين وحدهم، لان الامريكيين والاسرائيليين متخصصون بذلك ايضا مذكرا باغتيال الجنرال الايراني قاسم سليماني قبل نحو عامين.

وبغض النظر عن ذلك، فان موقفا رسميا لم يعلن حتى الان، ولم يوجه الكاظمي نفسه اي اتهام بهذا المعنى منذ فجر الاحد حتى الان، في لحظة سياسية عراقية شديدة التعقيد نتيجة الاوضاع التي نشأت منذ ما بعد انتخابات العاشر من اكتوبر/تشرين الاول الماضي حتى الان، وبروز مشهد سياسي مغاير لما كان قائما قبل الانتخابات.

وتداخلت هذه الوقائع العراقية المستجدة، مع محاولتي الاغتيال التي تعرض لها الكاظمي اولا في 31 أكتوبر عندما استهدف قصف صاروخي منطقة المنصور حيث مقر جهاز المخابرات العراقية لحظة تواجد الكاظمي داخل المقر، ثم ثانيا من خلال هجوم الطائرات المسيرة الثلاث فجر الاحد والتي القت قنابل على مقر سكن رئيس الحكومة بينما كان يهم بالدخول اليه بحسب ما اشارت شبكة "سي ان ان" الامريكية بالامس.

العراق وحدثين إقليميين

كما تداخلت الوقائع العراقية الجديدة بما في ذلك محاولتي اغتيال الكاظمي مع اجواء سياسية مشحونة في العراق، مع رفض قوى سياسية الاعتراف بنتائج الانتخابات، وخشيتها من محاولات لاقصائها من المشهد السياسي من جانب "الفائز الاكبر" السيد مقتدى الصدر.

فيما يترقب العراق على المستوى الاقليمي حدثين مهمين مرتبط بهما بقوة، هما اولا اعلان ايران ذهابها – بعد طول انقطاع - الى المفاوضات النووية في فيينا في 29 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، وثانيا اقتراب الموعد الرسمي لنهاية الدور القتالي للقوات الامريكية الصغيرة المتبقية في العراق بحلول نهاية العام 2021.

وكان من اللافت في ما جرى خلال الساعات القليلة الماضية، استقطب اهتماما امريكيا وايرانيا سريعا ومكثفا. فواشنطن تجنبت بشكل مثير توجيه اصابع الاتهام لجهة محددة ولا حتى ايران والتي عادة ما تربطها الولايات المتحدة بالعديد من اعمال العنف والتوتر سواء في العراق او المنطقة عموما.

ولم يكن الموقف الامريكي عاديا ايضا لاسباب اخرى، من بينها مثلا ان وزارة الخارجية الامريكية سارعت الى اصدار موقف مندد بما وصفته بـ"العمل الارهابي الذي يستهدف قلب الدولة العراقية". ومن بينها ايضا ان الرئيس جو بايدن في بيان مكتوب قال الى جانب ادانته للهجوم، انه يشيد "بالقيادة التي أظهرها الكاظمي في الدعوة للهدوء وضبط النفس والحوار لحماية مؤسسات الدولة وتعزيز الديمقراطية التي يستحقها العراقيون كثيرا".

ثم ذهب بايدن ابعد من ذلك عندما اشار الى انه عرض المساعدة المناسبة للسلطات العراقية في التحقيق في الجريمة وتحديد المسؤولين عنها. كما عاجل وزير خارجيته انتوني بلينكن الى الاتصال بالكاظمي الاحد، ليجدد عرض المساعدة في التحقيقات، والتأكيد على ان الهجوم يستهدف "سيادة واستقرار الدولة العراقية".

قاآني في بغداد

وفي موازاة ذلك، حط قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني إسماعيل قاآني، سريعا في بغداد يوم الاثنين، في زيارة غير معلنة مسبقا، والتقى فور وصوله قادة فصائل شيعية وتسربت انباء من اللقاء بان الجنرال الايراني الذي التقى ايضا الكاظمي، رفض أي تصعيد مع الحكومة العراقية ودعا قادة الفصائل الى تقبل نتائج الانتخابات والعمل على توحيد الموقف السياسي الشيعي في المرحلة المقبلة.

وكانت طهران سارعت من خلال وزارة الخارجية الى التنديد باستهداف الكاظمي ودعمها لاستقرار العراق وامنه. اما الامين العام للمجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي شمخاني فقد وصف "المحاولة الإرهابية ضد الكاظمي بالفتنة الجديدة التي يجب إرجاعها إلى مراكز الفكر الأجنبية التي لم تجلب سوى الاضطراب والفوضى للشعب العراقي المقهور من خلال خلق ودعم الجماعات الارهابية والاحتلال لهذا البلد لسنوات".

رسائل الجماعات النافذة

وتحتاج هذه المعطيات الاقليمية الى قراءة متأنية مع تطوري محاولتي الاغتيال التي تعرض لهما الكاظمي. وفي هذا السياق، يقول رئيس مركز التفكير السياسي في العراق احسان الشمري لوكالة شفق نيوز، ان محاولة استهداف الكاظمي "بقرار من قبل الجماعات النافذة يمثل رسالة استهداف لبقية الاطراف والقيادات والزعامات السنية والكوردية بل وحتى الشيعية بأن اي محاولة لعزل هذه الجهات سيواجهون ذات المصير وذات القرار".

ولم يحدد الشمري هوية هذه الاطراف النافذة، لكنه قال "لابد من اظهار قوة الدولة بمعنى ليس اظهار قوة الدولة بشكل عشوائي وانما الاعتماد على مبدأ ضبط النفس والتحقيقات فضلا عن التنفيذ السريع لاعتقال المتورطين لان الموضوع لم يعد يرتبط برمزية رئيس الوزراء  بقدر ما ان عملية القاء القبض على المتورطين ستعيد الثقة بالدولة ومؤسساتها".

واعرب عن اعتقاده بانه "الطريق الصحيح لعملية تثبيت الدولة ولكن بخلاف ذلك، اي اذا ما مضى الامر نحو التسوية السياسية، فان ذات الجماعات ممكن ان تندفع بانقلاب عسكري".

وحول هوية الجهات المتورطة، قال الشمري ان "التحقيقات ستكشف هوية من كان متورطا لكن بالنهاية فان عملية اتهام الكاظمي واتهامات سابقة وعملية اخذ الثأر من الحكومة العراقية (في اشارة الى الجهات التي طالبت بالاقتصاص من الجهات الامنية التي تسببت بسقوط قتلى من المعتصمين في مواجهات بالرصاص الحي عند مداخل المنطقة الخضراء)اعتقد انها توفر مناخات في عملية اتخاذ قرار التصفية باتجاه رئيس الوزراء خاصة وانها العملية الثانية لقرار التصفية"، في اشارة من الشمري الى هجوم 31 أكتوبر على مقر جهاز المخابرات حيث كان الكاظمي متواجدا.

ولفت الشمري الى "المسيرات المفخخة كانت قرارا باغتيال الكاظمي وبذات الوقت رسالة لكل الاطراف الاخرى".

واستبعد الشمري اعلان الاحكام العرفية لحين استكمال التحقيقات الخاصة بمحاولة اغتيال الكاظمي، موضحا "من الصعوبة بمكان تنفيذ الاحكام العرفية في البلاد لجملة من الاسباب من بينها انه لاوجود للبرلمان، لكن للمؤسسة الامنية كافة الصلاحيات التي تمكنها من ضبط الامن والتعاطي مع حادث الاغتيال ويبدو ان بيان مجلس الامن الوطني فيه اشارات لذلك".

Shafaq Live
Shafaq Live
Radio radio icon