العراق ليس بمنأى عن الأزمة.. الغزو الروسي يهدد رغيف الخبز العربي
شفق نيوز/ حذرت الاذاعة الوطنية العامة الامريكية "ان بي آر"، يوم السبت، من ان الغزو الروسي لأوكرانيا قد يتسبب بخلق "فوضى" في الدول المستوردة للقمح في الشرق الاوسط، بما في ذلك العراق، فيما يخشى معهد الشرق الأوسط للأبحاث من "أزمة خطيرة" ستضرب العديد من الدول التي تعتمد على القمح الروسي والأوكراني.
وبحسب التقرير الامريكي الذي ترجمته وكالة شفق نيوز، فان تقديرات وزارة الزراعة الامريكية حول العام الماضي، تشير الى ان الشرق الاوسط، استورد اكثر من 36 مليون طن متري من القمح، جاء معظم هذه الشحنات من روسيا واوكرانيا، وان اعتماد دول المنطقة على واردات الحبوب من الخارج، آخذ في الازدياد.
العراق وايران
ولفت التقرير الى ان وزارة الزراعة الامريكية تتوقع تضاعف واردات العراق وسوريا وايران من القمح خلال العام الحالي، بسبب الجفاف الاقليمي الذي يحد من الانتاج المحلي في هذه الدول.
وبعدما اشار التقرير الى ان الخبز يعتبر عنصرا رئيسيا في النظام الغذائي للمصريين الذي يطلقون على رغيف الخبز الصغير اسم "عيش"، اي حياة، اوضح انهم يستهلكون الخبز بمستوى ضعف المتوسط العالمي، وانهم من اجل دعم الخبز يستوردون القمح اكثر من اي دولة اخرى في العالم.
واشار الى ان 85% من واردات مصر من القمح، مصدرها روسيا واوكرانيا.
وذكر التقرير بان رئيس الحكومة المصري مصطفى مدبولي دعا الى جلسة خاصة لمجلس الوزراء للبحث في كيفية احتمال تأثير الغزو الروسي على امدادات الطحين ورفع الاسعار في مصر، الدولة العربية الاكبر من حيث عدد السكان.
وتابع التقرير ان العديد من الدول الاخرى في المنطقة في تتشارك الاهتمام المصري الشديد وبالمخاوف ازاء الاضطرابات المحتملة في اسواق الحبوب العالمية، حيث تعتمد دول الشرق الاوسط بدرجة كبيرة على الواردات الغذائية من الخارج.
القمح في مهب الحرب
وكان مجلس الوزراء السوري قد عقد الخميس الماضي اجتماعا بشكل طارئ لمناقشة احتواء النفقات وادارة احتياطيات الحبوب في ظل الحرب الاوكرانية، كما ان دولا في شمال إفريقيا، بما في ذلك ليبيا وتونس والجزائر، تعتمد بدرجة كبيرة على استيراد الحبوب.
واوضح التقرير ان روسيا هي الدولة المصدرة الاكبر للقمح في العالم، وهي باعت 35 مليون طن متري من الحبوب خلال العام 2021، بحسب ارقام وزارة الزراعة الامريكية.
كما ان اوكرانيا اصبحت خلال العقد الماضي، قوة عالمية متصاعدة في مجال الحبوب حيث تكشف بيانات مجلس الحبوب الدولي ان الصادرات الاوكرانية من القمح والشعير والذرة، تضاعفت ثلاث مرات تقريبا منذ العام 2012، وهي تجاوزت في العام الماضي للمرة الاولى، الولايات المتحدة في صادرات القمح، مما يجعلها ثالث أكبر مورد للقمح على مستوى العالم، بعد روسيا واستراليا.
وخلص التقرير الى القول ان القلق القائم في عواصم عدة من القاهرة الى طهران، مرتبط بان الحرب الروسية في اوكرانيا، يمكنها ان تتسبب بارتفاع حاد في اسعار الحبوب، وخاصة القمح.
ففي وقت تنفق الحكومة المصرية مليارات الدولارات سنويا لدعم الخبز، فان أي صدمة تصيب اسعار القمح عالميا، قد تشكل ضربة كبيرة ليس فقط لبطون المصريين، وانما لميزانية الدولة المصرية.
تظاهرات الخبز
ولهذا، اعتبر التقرير ان ارتفاع اسعار المواد الغذائية في الشرق الأوسط، قد يؤدي الى تفاقم المشاعر المعارضة للحكومات في المنطقة، مذكرا مثلا بان العراق شهد تظاهرات غاضبة حاشدة احتجاجا على شكاوى من بينها ارتفاع اسعار المواد الغذائية.
كما شهد الاردن في العام 2018، اعمال شغب بعدما قامت الحكومة بتخفيض دعم الخبز، مما تسبب في ارتفاع الأسعار بنسبة 60%، ما اجبر رئيس الوزراء هاني الملقي، بعد بضعة شهور، على الاستقالة من منصبه.
وفي تقرير لوكالة فرانس برس، اطلعت عليه وكالة شفق نيوز، فقد قال معهد الشرق الأوسط للأبحاث، إنه في الوقت الذي يستعر النزاع في أوكرانيا بعد الغزو الروسي، قد يجد المصريون واللبنانيون واليمنيون ومواطنون من دول عربية أخرى، صعوبة في توفير الخبز على طاولة الطعام كون روسيا وأوكرانيا أول موردي القمح بالنسبة لهم.
وأشار إلى أنه "إذا عطّلت الحرب إمدادات القمح للعالم العربي الذي يعتمد بشدة على الواردات لتوفير غذائه، فقد تؤدي الأزمة إلى تظاهرات جديدة وعدم استقرار في دول عدة".
السودان أول المتضررين
ولفتت فرانس برس، إلى أن السودان الذي يعاني من تراجع في احتياطاته النقدية منذ توقف المساعدات الدولية رداً على الانقلاب العسكري في تشرين الأول/ أكتوبر، سيكون أول المتضررين. فعندما اندلعت الحرب، كان الرجل الثاني في السودان في زيارة لموسكو من أجل البحث في المبادلات التجارية مع روسيا، أكبر مصدّر للقمح في العالم.
ولم ينسَ الجنرالات الذين يسيطرون على الحكم في السودان أن واحدا منهم، الرئيس السابق عمر البشير، سقط في 2019 بعد احتجاجات أشعلها ارتفاع سعر الخبز ثلاثة أضعاف.
اليمن
ويقول المدير التنفيذي لبرنامج الأغذية العالمي، الموجود حالياً في اليمن، ديفيد بيسلي "كنّا نظن أننا وصلنا إلى القاع، لكن لا، الحال أسوأ نحن نحصل على نصف طلباتنا من الحبوب من روسيا وأوكرانيا، سيكون لهذه الحرب تأثير مأساوي".
الأزمة اللبنانية
أما في لبنان المجاور حيث أدى انهيار النظام المصرفي إلى إفقار 80% من السكان وانفجار مرفأ بيروت إلى تدمير مخازن القمح، فالمخزون أقل.
وقال ممثل مستوردي القمح في لبنان أحمد حطيط، لوكالة فرانس برس "لدينا خمس بواخر في البحر حالياً محملة بالقمح، جميعها من أوكرانيا. المخزون الحالي بالإضافة إلى البواخر الخمس يكفي لشهر ونصف".
وأضاف "لبنان يستورد بين 600 و650 ألف طن سنوياً، 80% منها من أوكرانيا، عبر بواخر تصل لبنان خلال سبعة أيام، أما البديل عن أوكرانيا فهو الولايات المتحدة، إلا أن الفرق يكمن في أن الشحنة تحتاج إلى 25 يوماً من الولايات المتحدة لبنان قد يدخل في أزمة".
المغرب العربي
وفي المغرب العربي حيث يعتبر القمح أساسيا لصناعة الخبز أو الكسكس، قررت الحكومة المغربية زيادة مخصصات دعم الطحين إلى 350 مليون يورو، وعلّقت الرسوم الجمركية على استيراد القمح.
لكن تونس غير قادرة على فعل ذلك.
ففي كانون الأول/ ديسمبر، رفضت البواخر تفريغ حمولتها من القمح لعدم دفع ثمنها، وفق ما ذكر الإعلام في تونس حيث يتزايد الدين مع ذوبان احتياطات العملات الأجنبية.
وتستورد تونس 60% من القمح من أوكرانيا وروسيا، ولديها مخزون يكفي حتى حزيران/ يونيو، كما أكد عبد الحليم قاسمي من وزارة الزراعة.
وفي الجزائر، ثاني مستهلك للقمح في إفريقيا وخامس مستورد للحبوب في العالم، يكفي المخزون ستة أشهر على الأقل.