العراق يشكو إيران أمام مجلس الأمن في "تغيير نوعي" لعلاقة البلدين
شفق نيوز/ تعتزم الحكومة العراقية اتخاذ إجراءات قانونية ودبلوماسية بضمنها تقديم شكوى إلى مجلس الأمن الدولي بعد "العدوان الإيراني" على مدينة أربيل، وهو ما قد يسفر عن قرارات تدين طهران، في موقف يعد تغييراً نوعياً في علاقة البلدين.
وكان الحرس الثوري الإيراني، شن ليل الاثنين على الثلاثاء، قصفاً عنيفاً بصواريخ باليستية استهدف بها مناطق مدنية في مدينة أربيل، مما أدى الى سقوط 10 مدنيين بين ضحية وجريح.
وأعلنت الحكومة المحلية في محافظة أربيل، الحداد العام لمدة 3 أيام على أرواح الضحايا.
ووصف مجلس أمن إقليم كوردستان، الهجوم الصاروخي الإيراني بأنه "انتهاك صارخ لسيادة إقليم كوردستان والعراق"، ودعا الحكومة الاتحادية والمجتمع الدولي إلى "عدم الصمت تجاه هذه الجريمة".
بدوره، وصف رئيس الوزراء الاتحادي، محمد شياع السوداني، القصف بأنه "عمل عدواني واضح"، مؤكداً عزم حكومته اتخاذ "إجراءات قانونية ودبلوماسية"، كما أمر بتشكيل لجنة تحقيقية مكوّنة من خمس شخصيات، على رأسهم مستشار الأمن القومي قاسم الأعرجي، للتحقيق في حادث.
وأكد الأعرجي، بعد أن اطلع ميدانياً برفقة أعضاء اللجنة التحقيقية، على موقع القصف الإيراني في أربيل، بأن ادعاءات إيران "باستهداف مقر للموساد في المحافظة، لا أساس لها من الصحة".
من جهته، أبلغ رئيس حكومة إقليم كوردستان، مسرور بارزاني، وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، بضرورة تحرك المجتمع الدولي بعد هجوم الحرس الثوري الإيراني على أربيل.
وأدانت الخارجية الأميركية وبعثة الأمم المتحدة في العراق (يونامي)، ورئيس الوزراء الأردني بشر الخصاونة، ووزيرة الخارجية الفنلندية إلينا فالتونين، الهجوم الإيراني الذي استهدف أربيل.
بدورها، أعربت الخارجية العراقية، عن استنكارها الشديد وإدانتها لـ"العدوان الإيراني" على مدينة أربيل، معلنة عن توجهها لتقديم شكوى لمجلس الأمن.
دعوى عراقية ضد إيران أمام مجلس الأمن
وفي هذا السياق، يقول أستاذ العلوم السياسية، د.معتز النجم، إن "العراق ينضوي داخل المجتمع الدولي، وإن القصف الإيراني يعتبر دليل إدانة يستطيع مجلس الأمن من خلاله إصدار قرارات تستهدف وتدين إيران، خاصة وأن المواقف الدولية متعاطفة مع العراق".
ويشير النجم خلال حديثه لوكالة شفق نيوز، إلى أن "رفع العراق شكوى ضد إيران أمام مجلس الأمن يعد تغييراً نوعياً في طبيعة وفلسفة النظام السياسي العراقي، إذ أصبح يدرك هذا النظام أن مصلحة العراق هي العليا، وابتعد عن المصالح الفئوية والعناوين الضيقة والأجندات الخارجية، وهذا اختبار لحكومة السوداني".
ويتابع، "كما هناك تغييراً نوعياً في طبيعة استهداف إقليم كورستان، حيث كانت الاستهدافات سابقاً تتم عن طريق جماعات مسلحة، لكن القصف الأخير يحمل تطوراً في النوع والكم، فقد أتى الاستهداف من خارج الحدود العراقية، وتم بإطلاق نحو 13 صاروخاً باليستياً بعيد المدى، لذلك المشهد تعقد بشكل كبير".
ويضيف، أن "الإشكالية اليوم تقع على عاتق السوداني فهو القائد العام للقوات المسلحة، وهو من يتحمل مسؤولية الدفاع عن إقليم كوردستان باعتباره جزءاً من العراق".
"أميركا ترخي الحبل لإيران"
من جانبه، يرى المحلل السياسي، محمد زنكنة، أن "أي شكوى يقدمها العراق إلى مجلس الأمن لن يكون لها أي قيمة - هذا إن قدمت فعلاً - لأن العراق لا يجرؤ على الشكوى ضد إيران".
ويلفت زنكنة في حديث لوكالة شفق نيوز، إلى أن "الولايات المتحدة الأميركية هي عرابة العملية السياسية العراقية، فهي التي تدير الوضعين السياسي والعسكري، ولديها قراءة فيما يتعلق بمستقبل البلاد".
ويضيف، "وكلما ارتفعت مستوى الاضطرابات في العراق والشرق الأوسط، زادت حجة بقاء الولايات المتحدة في البلاد والمنطقة، في ظل المطالبات العراقية بإخراجها من البلاد، لذلك الأميركان ينتظرون واقعة كبيرة لكي تناشدهم الحكومة العراقية للبقاء".
ويذهب إلى القول: "ولولا الضوء الأخضر الأميركي لما استطاعت إيران قصف مواقع لها علاقة بالولايات المتحدة الأميركية، ولما استطاعت الميليشيات الاعتداء على أربيل، لذلك الولايات المتحدة هي التي ترخي الحبل لإيران لإثبات حجة تماديها في الشرق الأوسط والسيطرة الكاملة على الوضع السياسي والاقتصادي والعسكري".
إذن الولايات المتحدة تنتظر - بحسب زنكنة - وقوع مشكلة كبيرة، وهو ما يعيدنا إلى أربعينيات القرن الماضي عندما احتلت بريطانيا العراق عام 1943، والسيناريو نفسه يتكرر ويتم الإعداد له منذ عام 2014 وحتى اليوم.
وخلص إلى القول، إن "الأميركان يعلمون جيداً ما يفعلون، ومتى يتقدمون ومتى يتأخرون، والرد الأميركي- إن تم - سيكون محدوداً، طلما الحكم بيد الديمقراطيين، ولكن الرد الحاسم سيكون على يد الجمهوريين، لأنهم محاربون شرسون أكثر من الديمقراطيين".
وكانت إيران، قد قالت الثلاثاء، إنها أطلقت صواريخ باليستية على أهداف في العراق وسوريا "دفاعاً عن سيادتها وأمنها وكذلك لمواجهة الإرهاب".
وذكر المتحدث باسم وزارة الخارجية، ناصر كنعاني، أن طهران تحترم سيادة الدول الأخرى ووحدة أراضيها لكنها في الوقت نفسه تستخدم "حقها المشروع والقانوني لردع تهديدات الأمن القومي".
وأعلن الحرس الثوري مسؤوليته عن الضربات التي استهدفت أربيل، وقال في بيان، إنها جاءت "ردًا على جرائم النظام الصهيوني ضد الجمهورية الإسلامية والتي كانت آخرها مقتل عدد من قادة الحرس بنيران صهيونية تم استهداف مقر تجسسي رئيسي للموساد في إقليم كوردستان العراق وتم تدميره بالصواريخ الباليستية".
"رغبة إيرانية بالسيطرة على المنطقة"
وفي هذا السياق، يقول السياسي العراقي مثال الآلوسي، عضو البرلمان سابقاً ومؤسس حزب الأمة، إن "هناك أهدافاً إيرانية للقصف الأخير، أهمها أن طهران - بعد تمكنها من القرار السياسي والأمني العراقي - تحاول استغلال الظرف الإقليمي وانشغال الدول والعالم بحرب 7 أكتوبر بين حماس وإسرائيل للهيمنة المطلقة على العراق وإقليم كوردستان وعلى منطقة الشرق الأوسط".
ويضيف الآلوسي لوكالة شفق نيوز، "وإن إدعاءات إيران بوجود مقرات للموساد مردودة عليها، لأنها ومنذ أكثر من 10 سنوات تقصف يومياً قرى في السليمانية وتتجاوز على الحدود في البصرة وديالى وغيرها، فهل تلك المناطق جميعها موساد؟".
ويؤكد، أن "هناك صراعاً واضحاً بين إيران وإسرائيل، لكن العراق هو الضحية، نتيجة ضعف الحكومة العراقية، ولا يعني ذلك المطالبة بموقف عدائي اتجاه إيران، بل موقفاً عراقياً رصيناً لإبعاد إيران والدول الأخرى عن هذه المهاترات، لوصون الأمن الداخلي والإقليمي، لكن الحكومة العراقية عاجزة عن تحقيق ذلك".