الزيارة الأربعينية.. كل طرق العراق تؤدي إلى "المدينة التي لا تنام"
شفق نيوز/ لا تبدو كربلاء، هذه الأيام كغيرها من مدن العراق، وتحديداً مع اقتراب يوم 20 من صفر الهجري، حيث موعد اربعينية الامام الحسين، إذ تبدو كمدينة لا تنام، فيما تجمع الطرق من اقصى العراق شتات الزائرين الوافدين من داخل وخارج العراق، وتتسارع المواكب لاستقطابهم، في قصة تحكي الزيارة عراقياً فيما يرسم ملامحها زواراً من مختلف أنحاء العالم، يكون مقصدهم ونهاية رحلتهم في كربلاء.
البداية من أطراف العراق
الحديث عن اربعينية الامام الحسين "عراقي بامتياز"، إذ تبدأ مع نهاية شهر محرم وبداية صفر الهجريين مسيرة راجلة تبدأ ولا تنتهي الا يوم العشرين من صفر، وهو موعد عودة رؤوس أهل البيت الذين قتلوا في معركة الطف عام 62 للهجرة على يد الجيش الأموي بأمر من الحاكم آنذاك يزيد بن معاوية، إذ يبدأ المسير الراجل من أطراف العراق ومحافظاته الأقصى على الخريطة وتحديداً من رأس البيشة قرب الفاو، آخر نقطة عراقية على الحدود الجنوبية، وهي النقطة الابعد عن كربلاء مقارنة بغيرها من المحافظات.
وأظهرت لقطات تداولتها مواقع التواصل الاجتماعي أشخاصا بفئات مختلفة رجال ونساء يرفعون الأعلام الحسينية وهم يعبرون المياه والوحل وهذه المنطقة تعتبر نقطة بدء الرحلة الحسينية نحو كربلاء من اقصى بقاع العراق، فيما احتفت العتبتين الحسينية والعباسية بهذه الصور وأعلنتها بداية المشي للزوار.
ويقول متحدثون من منطقة رأس البيشة الحدودية انهم يضعون علماً حسينياً في منتصف المياه وذلك في تقليد سنوي من تقاليد الزيارة الاربعينية وتحديد طريق المسير المستمر سنوياً، من عام 2003 بعد أن كانت السلطات قبل هذا التاريخ تمنعه وتعاقب من يسير مشياً الى ضريحي الإمامين الحسين والعباس.
كوردستان باب جديد لكربلاء
مع انطلاق الزيارة الاربعينية يستنفر العراق امنياً وشعبياً لإحياء الزيارة، ومع دخول الزائرين براً وبحراً وجواً من خارج العراق لإحياء الزيارة يبرز جانب جديد لم تألفه الزيارة سابقا خلال السنوات السابقة، إذ بدأت السلطات في إقليم كوردستان باستقبال الزوار القادمين من خارج العراق براً وجواً وأغلبهم زوار إيرانيين أو من الدول القريبة على الاقليم بدأوا باللجوء الى كوردستان كممر الى كربلاء.
كل طرق العراق تؤدي إلى كربلاء
في العراق هذه الأيام، كل الطرق تؤدي الى كربلاء، إذ يتجمع الزائرين من جميع انحاء العراق سواء كانوا عراقيين أو من دول أخرى وفدوا اليها في طريق الزيارة الراجلة، وتنتشر في طرق احياء اربعينية الامام الحسين، اعلام ومواكب تمتد على طول المسيرة، ومع "مسير المشاية" فرادى او مجموعات من أي منطقة في العراق، فهناك طرق تجمع الجميع وهي القريبة او المؤدية مباشرة إلى كربلاء سواء ما يعرف بطريق بغداد او طريق النجف- كربلاء، وهما مثالين على طرق مزدحمة تغص بالزائرين وهم يحملون أعلاماً دليل على الولاء لآل بيت النبي، ومثلها على جانبي الطريق توجد مواكب تستقبلهم تتراصف واحدة بقرب الأخرى، فيما ينادي أصحابها على المتوجهين الى كربلاء بعبارات معروفة وأصبحت تقليدية لدى الجميع وابرزها "هلا بزوار أبو علي"، في إشارة لزائري الإمام الحسين، فيما توفر هذه المواكب المأكل والمشرب والمبيت بل وحتى يلجأ البعض الى طرق نادرة من نوعها منها توفير "المدلكين للوافدين" وبعضها يوفر شاحنات الموبايل للزائرين وغيرها من الطرق التي تحاول بمجموعها تسهيل هذه الزيارة.
السلطات العراقية تستنفر
مع بدء الحركة نحو كربلاء لإحياء الزيارة الاربعينية، بدأت السلطات العراقية استعداداتها امنياً وخدمياً، إذ عقدت رئاسة الوزراء اجتماعات للجنة العليا لاحياء هذه الزيارة لمناقشة آخر التطورات، فيما كانت الأجهزة الأمنية في حالة استنفار وتنفيذ عمليات استباقية لفلول تنظيم (داعش) التي تهاجم هذه المناسبات الدينية.
كما استنفرت الوزارات الأخرى لتوفير خدماتها لهذه الزيارة ومنها الدعم اللوجستي وغيره، فيما أعلنت بعض المحافظات خصوصاً التي تشهد حركة زائرين مكثفة، عطلاً رسمية، تتناسب مع حجم الوضع في كل محافظة، مع إعلان الحكومة العراقية عطلة رسمية يومي الأربعاء والخميس المقبلين، فيما يتنقل الوزراء والمسؤولين وأبرزهم وزير الداخلية في زيارات مكوكية لمتابعة تطورات تأمين الزيارة التي تشهد دخول ملايين الزائرين الى كربلاء سواء كانوا عراقيين او من دول أخرى.
كربلاء مدينة لا تنام
كل العيون تتجه إلى كربلاء، تلك المدينة التي تغفو على ضفاف نهر الفرات، حيث جرت معركة الطف التاريخية، والتي قتل فيها الحسين سبط النبي محمد و71 من اهل بيته واصحابه، فيما تم سبي نساء العائلة والاصحاب الى الشام، مقر الحكومة آنذاك، هذه المدينة التي تغص بالمواكب الزاحفة نحوها تستعد سنوياً لاستقبال ملايين الزائرين فيما لا يسمع في المدينة غير أصوات البكاء والنحيب على الامام الحسين واهل بيته.
ومع انتشار اللون الأحمر فقط في مرقدي الامامين الحسين وأخيه العباس كدليل على الحزن والدماء التي سقطت في تلك المعركة، لا تنام تلك المدينة وهي تشهد دخول وخروج مواكب العزاء، مع توزيع المياه والأكل والشرب على الزائرين في تقليد دائم يبدأ كل عام تبلغ ذروته مع يوم 20 من صفر حسب التقويم الهجري، فيما تستنفر العتبات الحسينية والعباسية كل مواردها وملاكاتها لتأمين ملايين الزائرين سنوياً مع تعاون أمني وصحي وخدمي مع مؤسسات الدولة.