الرمادي أغلى من لندن.. قفزة قياسية في أسعار عقارات الأنبار
شفق نيوز/ تشهد محافظة الأنبار، ارتفاعا كبيرا بأسعار الوحدات السكنية، حتى أصبحت عائقًا كبيرًا أمام المواطنين، خصوصًا ذوي الدخل المحدود، في تحقيق حلم امتلاك منزل، ووفقا لمختصين فإن "المضاربات" كان لها الدور الأبرز بهاذ الارتفاع، فيما عزت جهة حكومية الأسباب إلى "قلة المعروض".
وقال الخبير الاقتصادي حسن علاء، لوكالة شفق نيوز، إن "ارتفاع أسعار الوحدات السكنية في محافظة الأنبار يعود إلى عدة أسباب رئيسة، أبرزها نقص التخطيط العمراني وزيادة الطلب على العقارات مقابل شح المشاريع السكنية الجديدة".
وأضاف أن "المضاربات العقارية واحتكار الأراضي من قبل بعض الجهات أسهمت بشكل كبير في تفاقم الأزمة"، مقترحا عددًا من الحلول لمعالجة هذه المشكلة، من بينها "تفعيل الرقابة على سوق العقارات، وزيادة المعروض من الوحدات السكنية من خلال دعم المستثمرين في قطاع الإسكان، بالإضافة إلى فرض ضرائب على الأراضي غير المستغلة للحد من الاحتكار".
وأكد على "أهمية وضع خطة استراتيجية طويلة الأمد لتنظيم السوق وتحقيق التوازن بين العرض والطلب بما يضمن استقرار الأسعار وتمكين المواطنين من امتلاك مساكن بأسعار معقولة".
وتتجاوز أسعار المتر المربع في المناطق التجارية وسط مدينة الرمادي عتبة الـ30 مليون دينار عراقي (نحو 25 ألف دولار)، بينما تنخفض في أطراف المدينة إلى نحو مليوني دينار (نحو 1500 دولار) وأقل في المناطق البعيدة.
يشار إلى أن الارتفاع الكبير في أسعار العقارات، يأتي بوقت يتراوح فيه متوسط دخل الفرد العراقي بين 400 إلى 500 دولار في الشهر، بحسب مسح نشر في 2022 لمنظمة العمل الدولية بالتعاون مع السلطات الحكومية، وهو ما ينفي إمكانية إقبال الطبقتين المتوسطة والفقيرة على شراء عقارات وصلت أسعار المتر الواحد فيها إلى آلاف الدولارات.
ووفقا لبيانات شركة “ستاتيستا” المختصة بالعقارات، فقد احتل العراق المركز الرابع عربيا بسوق العقارات خلال العام 2024 من بين 14 دولة، فيما تذيلت عمان والبحرين الجدول بسوق العقارات عربيا بـ325 مليون دولار بنمو متوقع 4 بالمئة، و85 مليون دولار بنمو متوقع 4 بالمئة على التوالي.
وحول هذه الأزمة، أوضح المتحدث باسم وزارة التخطيط، عبد الزهرة الهنداوي، لوكالة شفق نيوز، أن "فجوة السكن في العراق تتطلب حلولاً استثمارية واسعة ومعالجات حكومية جادة".
وأردف أن "العراق يشهد أزمة واضحة في قطاع السكن نتيجة قلة المعروض من الوحدات السكنية، وهو ما أدى إلى ارتفاع الطلب عليها وبالتالي ارتفاع أسعارها، لا سيما في بغداد ومعظم المحافظات الأخرى".
وأشار الهنداوي إلى أن "الفجوة السكنية في العراق تفاقمت بسبب غياب المشاريع الإسكانية الكافية خلال السنوات الأخيرة"، مبينا أن "بغداد وحدها تحتاج إلى ما بين 750 إلى 800 ألف وحدة سكنية لسد هذه الفجوة، إلى جانب حاجة المحافظات الأخرى لوحدات مماثلة".
وتابع: "على الرغم من تنفيذ القطاع الخاص لمشاريع استثمارية في هذا المجال، إلا أنها لم تغطِ الحاجة الفعلية، مما أبقى الأزمة قائمة".
وفيما يتعلق بالمعالجات المستقبلية، بيّن الهنداوي أن "الحكومة باشرت العمل على إنشاء مدن سكنية جديدة موزعة على المحافظات، حيث يجري تنفيذ خمس مدن حالياً، على أن يتبعها تنفيذ 10 إلى 11 مدينة أخرى".
واستطرد أن "هذه المدن ستُنفذ بمبدأ الاستثمار، لكن ما نسبته 15-20% منها ستخصص لتوزيعها على ذوي الدخل المحدود والفئات الفقيرة"، مؤكدا: "وجود توجه حكومي لفتح آفاق استثمارية جديدة في قطاع السكن عبر استقطاب شركات محلية ودولية لتنفيذ مشاريع سكنية كبيرة، بعد تحديد المواقع المناسبة لهذه المشاريع".
كما أشار الهنداوي، إلى أن "وزارة التخطيط تعمل على تنفيذ استراتيجية مكافحة الفقر للسنوات المقبلة، والتي تتضمن توفير السكن للأسر الفقيرة"، مضيفا: "تم خلال السنوات الماضية إنشاء عدد من المجمعات السكنية في بعض المحافظات، وُزعت مجاناً على الأسر الفقيرة، وهناك مجمعات أخرى يجري العمل عليها حالياً لتوزيعها بالآليات ذاتها".
ولفت إلى إنشاء صندوقين رئيسيين لدعم هذه الجهود، "هما الصندوق العراقي للتنمية وصندوق دعم المناطق الأكثر فقراً، حيث سيكون لهما دور كبير في دعم مشاريع السكن سواء على المستوى الوطني أو للفئات الأكثر احتياجاً في العراق".
وتشهد محافظة الأنبار تفاقماً غير مسبوق في أزمة السكن، على الرغم من التوسع الكبير في إنشاء المجمعات السكنية الحديثة، حيث يواجه السكان صعوبات متزايدة في الحصول على وحدات سكنية مناسبة، نتيجة الارتفاع الخيالي في الأسعار، ما جعل امتلاك مسكن أو حتى استئجاره بعيداً عن متناول شريحة واسعة من المواطنين.
وتعزو مصادر محلية، تفاقم الأزمة إلى عدة عوامل، أبرزها ارتفاع الطلب على السكن نتيجة النمو السكاني وعودة الاستقرار النسبي إلى المحافظة، إلى جانب ارتفاع أسعار الأراضي ومواد البناء، كما أسهم غياب الرقابة الحكومية على السوق العقارية، في تمكين المستثمرين من فرض أسعار مرتفعة، حيث تركز أغلب المشاريع السكنية على الطبقات الميسورة دون الالتفات إلى احتياجات ذوي الدخل المحدود.