"الدولار" يضع الأنباريين في مأزق.. ركام الحرب باقٍ لإشعار آخر
شفق نيوز/ تراجعت حركة إعادة إعمار المنازل المدمرة جراء الحرب في محافظ الأنبار غربي العراق بصورة ملحوظة في الأشهر القليلة الماضية بفعل ارتفاع أسعار مواد البناء.
وكانت الأنبار واحدة من بين عدة محافظات في شمال وغرب البلاد ساحة لمعارك طاحنة بين القوات العراقية ومسلحي داعش على مدى ثلاث سنوات (2014-2017). وتسببت الحرب بتدمير نسبة كبيرة من البنى التحتية والدور السكنية.
ومنذ هزيمة داعش في 2017، تشهد الأنبار حركة إعادة إعمار نشطة، غير أن ارتفاع أسعار مواد البناء منذ أواخر العام الماضي دفعت الكثير من المواطنين للتراجع عن خطط إعادة إعمار منازلهم.
* مأزق الدولار والدينار
وقال قائممقام قضاء الفلوجة مؤيد الدليمي، إن "ارتفاع أسعار المواد الإنشائية دفع المواطنين وخصوصا أصحاب الدخل المحدود والمتوسط، إلى التوقف عن أعمال تأهيل وبناء منازلهم".
وأضاف في حديثه لوكالة شفق نيوز، إن هذا الأمر "تسبب أيضا بعرقلة عودتهم إلى مناطقهم، وهذا ما جعل عملية غلق ملف النازحين في المحافظة شائكة".
وطالب الدليمي بـ"بضرورة تدخل السلطات المحلية ووزارة الصناعة، من خلال توفير المواد الإنشائية بأسعار تنافسية، أو توفيرها بالاقساط ليتمكن المواطنون الذين دمرت منازلهم ابان الحرب ضد داعش، من بناء منازلهم، وترك مخيمات النزوح او المنازل التي استأجروها بمناطق أخرى غير مناطقهم".
وكان البنك المركزي العراقي قد خفض قيمة العملية المحلية (الدينار) مقابل الدولار الأمريكي أواخر العام الماضي من 1190 ديناراً للدولار الواحد إلى 1450 ديناراً.
* توقف المشاريع لإشعار آخر
وقال المواطن محمود منيف (38 سنة)، "توقفت عن العمل ببناء منزلي منذ أكثر من أربعة أشهر، كون أسعار المواد ارتفعت بشكل كبير ولم يعد بإمكاني مواصلة تأهيل منزلي الذي دُمر ابان الحرب ضد داعش".
وأضاف منيف لوكالة شفق نيوز، بنبرة ساخرة، أن "الحكومة تريد منا العودة إلى مناطقنا وهي لم تتمكن من صرف تعويضات منازلنا التي دمرت، ولم تساعدنا على تأهيلها، وفوق هذا كله خفضت سعر الدينار وحتى رواتبنا، ولم يعد بإمكاننا تدبير لقمة العيش حتى، فكيف نبني منازلنا؟".
وأما المواطن طلال عبيد ( 44 سنة ) فقال "أفضل البقاء في منزل مستأجر على بناء منزلي بسعر ضعف السعر السابق، فلا طاقة لي بتحمل ديون أخرى غير المبالغ التي اقترضتها من أقربائي لدفع ايجار المنزل الذي اسكن به".
واستطرد عبيد، قائلاً "خمسة أعوام مرت والحكومة تعدنا بدفع تعويضات منازلنا التي دمرت بحرب الخاسر الوحيد فيها هو انا المواطن الفقير وبقية أفراد هذه الشريحة المهمشة".
وأضاف لوكالة شفق نيوز، "بعد كل هذا العناء يرفعون سعر الدولار لترتفع سعر المواد كلها سواء الإنشائية او الغذائية وحتى الأدوية"، مردفا "لم نعد نأمل أن تقدم لنا هذه الحكومة اي خدمة، فقد سرقوا كل شيء".
* "الأفضل عراقي".. والأمن ركيزة النهوض
من جهته، قال وزير الصناعة منهل الخباز، إن "الحياة بدأت تدب من جديد في الأنبار، واعتقد بأن الأمان هو أهم وسيلة لاستقطاب الأموال والصناعات والتجارة وكل النشاطات الاقتصادية الأخرى".
وأوضح الخباز في تصريحه لوكالة شفق نيوز، أن "العديد من العوامل تتحكم بمسألة التنافس أولها توفر المواد الأولية وأسعار الوقود والكهرباء وتوفير الأيدي العاملة وغيرها".
وبين الخباز، قائلا "نسعى جاهدين لتقديم ما هو أفضل لأبناء محافظة الأنبار والعراق بصورة عامة، والمواطن اليوم بعد أن كان يبحث عن الأرخص أصبح يبحث عن الأفضل. نعم الأفضل عراقي لكنه بحاجة إلى تسويق سليم وإعدادات صحيحة لتقديم هذا المنتج العراقي بصورة تليق به كإسم ومواصفات".
* الحل بإحياء الصناعة الوطنية
ورأى الخبير في الشأن الاقتصادي، سلمان الجميلي، بأن "إرتفاع سعر صرف الدولار أثر بشكل كبير على ارتفاع أسعار المواد الإنشائية مما دفع المواطنين إلى ترك أعمال إنشاء أو تأهيل منازلهم التي دمرت إبان الحرب ضد التنظيم، وهذا يؤثر أيضا على عملية إعادة النازحين وغلق هذا الملف".
وقال الجميلي لوكالة شفق نيوز، إن "غالبية المواد الإنشائية مستوردة وأسعارها تعتمد كلياً على سعر الدولار".
وأضاف أن "الحلول تتمثل بتفعيل الإنتاج الوطني لاسيما وأن العراق يمتلك العديد من المصانع التي تنتج مواد البناء، لكنها متوقفة وعلى الجهات المعنية إعادتها إلى الخدمة ومن أهمها معامل الاسمنت والطابوق والزجاج".