"الحرب النفطية" في الميزان العراقي.. الإيجابيات والسلبيات وتأثيرها على العالم
شفق نيوز/ كشف خبراء في المجال النفطي، مصير الاقتصاد العراقي حال توسع الحرب الإسرائيلية في غزة ولبنان إلى باقي المنطقة لتشمل استهداف المنشآت النفطية، خاصة وأن العراق يعتمد بنسبة 90 بالمائة على النفط، ما يجعله "من أكبر المتضررين" في حال التصعيد بالمنطقة.
ويقع العراق في منطقة تقوم بتوريد أكثر من 20 بالمائة من احتياجات السوق النفطية، وأي طارئ قد يقوم بإشعال السوق النفطية لمستويات قد لا يتحملها الاقتصاد العالمي بما ينتج عنه ارتفاع كبير للسلع والمواد التي تحتاجها أسواق أخرى، وفق الخبير الاقتصادي، ضياء محسن.
السلبيات تطغى على الإيجابيات
أما فيما يتعلق بالعراق، فيرى محسن خلال حديثه لوكالة شفق نيوز، أن "هناك جانب إيجابي وآخر سلبي، أما يتعلق بالجانب الإيجابي، فإن أي ارتفاع في أسعار النفط تعني زيادة الإيرادات النفطية، بالتالي من الممكن أن ينتج عنه فائض كبير في الموازنة العامة للدولة".
"لكن الجانب السلبي قد يطغى على الجانب الإيجابي، لأن العراق يستورد جميع احتياجاته بالعملة الأجنبية التي تأتي من مبيعات النفط العراقي، وهذا يعني أن ما يدخل من جانب يخرج من جانب آخر، وبالتأكيد فإن هذا ليس في مصلحة العراق"، بحسب محسن.
ويوضح، أن "مكمن الخطر هنا، قد يكون إذا ما تعرضت محطات تحميل النفط لضربات جوية من قبل العدو الصهيوني، بحجة وجود مقاتلين عراقيين يقاتلون مع مقاتلي حزب الله وحماس، وهو أمر يؤثر بصورة كبيرة على الاقتصاد العراقي".
وكانت كتائب حزب الله العراقية، حذرت الخميس الماضي، من خسارة العالم 12 مليون برميل من النفط يومياً، في حال بدأت "حرب الطاقة" في المنطقة.
وذكر المسؤول الأمني في الكتائب، أبو علي العسكري، في تدوينة له على تلغرام: "إذا بدأت حرب الطاقة سيخسر العالم 12 مليون برميل من النفط يومياً، وكما قالت كتائب حزب الله سابقاً "إما ينعم الجميع بالخيرات أو يحرم الجميع".
وتأتي هذه التصريحات، في ظل توتر كبير تشهده المنطقة، وذلك عقب الضربات الأخيرة في لبنان، واغتيال أمين عام حزب الله، حسن نصر الله، والهجوم الصاروخي الإيراني الأخير على إسرائيل، في تصعيد كبير ينذر بحرب تطال العراق ودولاً عدة في الشرق الأوسط.
وتتصاعد التوترات الأمنية والجيوبوليتيكية حتى أصبحت تهدد منابع النفط في المنطقة التي تعد أغنى المناطق النفطية بالعالم وتغذي حوالي 30 بالمائة من نفط العالم، ويعد العراق واحداً من أكبر المصدرين للنفط، وهو ثاني أكبر مصدر للنفط في مجموعة أوبك ويمتلك خامس أكبر احتياطي في العالم، وفق الخبير في مجال النفط والطاقة، كوفند شيرواني.
تداعيات خطيرة على العراق
ويشير شيرواني خلال حديثه لوكالة شفق نيوز، إلى أن "في حال انعدام الاستقرار في منطقة الخليج سيؤثر ذلك على توريدات النفط من هذه المنطقة إلى الأسواق الآسيوية والأوروبية، وسيخلق أزمة قد تسبب بارتفاع أسعار النفط إلى ما فوق 100 دولار".
أما التأثيرات، فإن "كل الدول المصدرة للنفط سوف تتأثر والعراق سيكون واحداً من أكبر المتضررين لعدة أسباب، أبرزها أن المنفذ الوحيد لتصدير النفط هو في منطقة الخليج التي أصبحت معرضة بشكل كبير لتصاعد العمليات العسكرية بين إيران وحلفائها من جهة والكيان الصهيوني من جهة أخرى، وبعض الفصائل غير النظامية التي باتت تهدد هي الأخرى منابع النفط"، يقول شيرواني.
ويوضح، أن "المؤسسات النفطية من حقول وآبار وأنابيب ومؤسسات التصفية والعزل وموانئ التصدير، جميعها سوف تتأثر في حال تعرضها إلى أي هجمات عسكرية أو صاروخية من أي نوع، وبالتالي ستخلق عدم استقرار كبير يؤثر على كل الدول المنتجة".
ويلفت إلى أن "العامل المؤثر الآخر بالنسبة للعراق، هو ارتفاع اعتماد الاقتصاد العراقي على النفط بنسبة قد تتجاوز 90 بالمائة، لذلك النفط هو المورد الرئيسي للموازنة والاقتصاد العراقي، وأي تأثيرات خارجية على هذا المورد سيكون لها تداعيات خطيرة على الموازنة والاقتصاد وبرامج الدولة العراقية كافة".
ويؤكد الخبير، أن "العراق كان عليه العمل على تنشيط منافذ أخرى لتصدير النفط بعيداً عن مناطق التوترات، كأن يكون بإحياء منفذ التصدير الشمالي عبر ميناء جيهان المتوقف منذ آذار 2023 والذي ألحق خسائر بالاقتصاد العراقي تجاوزت 16 مليار دولار".
ويتابع، "وكذلك التعجيل بمنافذ التصدير الأخرى على سبيل المثال خط أنابيب البصرة - العقبة الذي كان من الممكن أن يمثل مصدر آخر للتصدير، وربما التفكير أيضاً بإحياء التصدير عبر الموانئ السورية التي كانت عاملة لحد السبعينيات من القرن الماضي".
تأثير الحرب على النفط العراقي
من جهته، يوضح الباحث والكاتب في الاقتصاد والطاقة، د. بلال الخليفة، تأثير الحرب في غزة ولبنان على النفط العراقي، بالقول إن "العوامل المؤثرة على الطلب العالمي وعلى أسعار النفط كثيرة، ومن أهمها الحروب والصراعات التي تحدث في مناطق إنتاج النفط أو المناطق التي يتم فيها استهلاك النفط بصورة ملحوظة كأوروبا والصين وأمريكا".
ويشير الخليفة خلال حديثه لوكالة شفق نيوز، إلى أن "الحرب الدائرة بين الكيان الصهيوني وغزة ولبنان كان لها أثر أيضاً في أسعار النفط، وأثر عليها بحدود دولارين كزيادة في أسعار النفط، وذلك بسبب المخاوف من توسع دائرة الصراع في منطقة غرب آسيا".
ويكمل حديثه، "خصوصاً بعد دخول الحوثيين على خط الحرب باستهداف السفن ومنها ناقلات النفط المرتبطة بالكيان أو الدول المساندة له كأمريكا وبريطانيا، وهذا الأمر جعل تلك الناقلات تستخدم طريق الرجاء الصالح بدلاً من البحر الأحمر وقناة السويس، مما أدى إلى ارتفاع أجرة النقل".
"ولحسن حظ العراق أن معظم صادراته النفطية هي إلى الشرق، منها الهند بحدود المليون برميل يومياً، والصين بحدود 800 ألف برميل يومياً، وكذلك كوريا الجنوبية، وأما ما يتم تصديره إلى أمريكا والغرب الذي يمر بقناة السويس فهو بمقدار 400 ألف برميل أو أقل، وبالتالي عدم تأثره من ذلك الموضوع"، بحسب الخليفة.
ويتابع، "أما فيما يخص احتمالية توسع الحرب، خصوصاً بعد الضربة الإيرانية للكيان واحتمالية ردهم على تلك الضربة بقصف منشآت نفطية إيرانية ومشاركة دول أخرى في الصراع كأمريكا أو غيرها، فإنه بحسب هذا السيناريو فإن التوقعات تشير إلى أن أسعار النفط سترتفع كثيراً، وفي أقل تقدير ستصل إلى 150 دولاراً، بسبب أن أطراف النزاع قد تستهدف ناقلات النفط الصهيونية أو المساندة لهم أو استهداف منشآت التصدير والإنتاج".
ويكمل، "أما في حال السيناريو الآخر، وهو عدم ضرب الحقول النفطية، فهو أيضاً يقلق المستهلكين بوجود توتر في منطقة إنتاج نفط كبيرة تصل معدلات إنتاجها إلى 12 مليون برميل يومياً، وبالتالي أيضاً سيرتفع لكن بحدود 10-20 دولاراً. أما السيناريو الثالث وهو عدم الرد الصهيوني فهذا سيبقي أسعار النفط على ما عليه الآن".
وخلص الخليفة إلى القول، إن "العراق وفي كل الأحوال سترتفع معدلات إيراداته العامة لأن 90 بالمائة من إيراداته العامة هي إيرادات نفطية، وأن العجز الكبير في موازنته الذي يصل إلى 64 تريليون دينار قد يقل".
بدوره، يستبعد عضو لجنة النفط والغاز في مجلس النواب العراقي، باسم الغريباوي، حصول أي استهداف للنفط، معللاً ذلك خلال حديثه لوكالة شفق نيوز، إلى وجود "مصالح تريد الولايات المتحدة وأوروبا الحفاظ عليها، ومنها مسألة الطاقة وضرورة استمرارها لحاجتهم إليها، وأي خلل في تصدير النفط العراقي سوف ينعكس عليهم، لذلك سيتم الحفاظ عليها".
أكبر مكاسب أسبوعية للنفط في أكثر من عام
وسجلت أسعار النفط، السبت الماضي، أكبر مكاسب أسبوعية لها في أكثر من عام، وسط تصاعد التوترات في الشرق الأوسط.
وحقق خام برنت مكاسب تجاوزت 8%، وهو أعلى ارتفاع أسبوعي منذ كانون الثاني/يناير 2023، بينما قفز خام غرب تكساس الوسيط بنسبة 9.1%، وهو أعلى مستوى له منذ مارس 2023.
وتتوقع شركة الوساطة "StoneX" أن ترتفع أسعار النفط ما بين 3 إلى 5 دولارات للبرميل في حال استهداف البنية التحتية النفطية في إيران من قبل إسرائيل.
يُذكر أن إيران، العضو في تحالف "أوبك+"، تنتج نحو 3.2 مليون برميل يومياً، ما يمثل نحو 3% من الإنتاج العالمي.
وتعهدت تل أبيب بالرد على طهران بعد هجوم صاروخي إيراني على إسرائيل يوم الثلاثاء الماضي.