"التسوّل الإلكتروني".. ظاهرة احتيال جديدة في العراق
شفق نيوز/ مع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي بدأت تطفو على السطح ظاهرة الاحتيال على المواطنين عبر "التسوّل الإلكتروني".
والتسول الإلكتروني أو الافتراضي، هو إعلان يُنشر عبر مواقع التواصل أو في غرف المحادثة على الانترنت، يدعي صاحبها (المجهول الهوية) بأنه يمر بظروف اقتصادية صعبة أو لديه مريض أو غيرها، ورغم ان بعضها حقيقي إلا أن أغلبها عمليات احتيال لكسب التبرعات.
وتتشابه هذه الطريقة الجديدة في التسول مع التسول الكلاسيكي في الطرقات والتقاطعات من حيث الأصل، وهو طلب الحاجة والمساعدة، لكن في التسول الافتراضي هوية المُعلن (الناشر) مجهولة، فلا يتم معرفة عمره ووضعه الاجتماعي والاقتصادي، والأبرز هل يحتاج فعلا إلى المساعدة أم مجرد ادعاء.
وما يميز هذه الطريقة الحديثة هو عدم احتياج المتسول إلى جهد عضلي أو الوقوف لساعات طويلة تحت اشعة الشمس او المطر او الظروف الطبيعية الاخرى لكسب الأموال، بل مجرد هاتف متصل بالأنترنت وجهد بسيط لنسج قصة وهمية لنشرها وستصل لآلاف المستخدمين للشبكة العنكبوتية.
وفي هذا الشأن تقول فتاة تسكن في بغداد لوكالة شفق نيوز، إنها "تعرفت على فتاة (طالبة جامعية) عبر احدى غرف الدردشة النسائية، وكانت تطلب ملابس لترتديها في الدوام، وبعد تعرفي بشكل مقرّب عليها تبين أنها كلامها صحيح فكان وضعها المادي صعبا وتستحي أن تطالب ذلك من أقاربها، فكانت تستخدم هذه الوسيلة الاجتماعية لمساعدتها وفي نفس الوقت دون إظهار هويتها الحقيقية لعزة نفسها".
في الجانب الآخر هناك من يستخدم هذه الوسائل للنصب والاحتيال فتذكر فتاة من ميسان لوكالة شفق نيوز، أن "فتاة كتبت منشوراً على فيسبوك تشكو فيه الفقر، وقمت بالتعليق على المنشور ورهنت المساعدة بزيارة بيتها للتأكد من ادعاءاتها، وبعد زيارتي تفاجأت بأنها تسكن في بيت جيد ووضعها المادي متوسط، على خلاف ما كانت تدعيه في المنشور، وتبين أنه تحتال على المواطنين ليس الا".
"التسول الإلكتروني أضاع المصداقية و قطع سبيل المعروف"، وفق ما يقوله الناشط منتظر الميالي الذي يسكن في محافظة كربلاء لوكالة شفق نيوز، ويوضح أن "عند الإعلان عبر وسائل التواصل عن وجود شخص يرغب بمساعدة المحتاجين، ترى عشرات الأشخاص يتزاحمون في طلب الأموال، وعند طلب إجراء كشف لمعرفة حقيقة ادعائهم يرفضون، ويتهربون من طلب ما يوثق حالتهم الصعبة التي يزعمونها".
ويضيف الميالي، "والملفت للنظر أن أغلب هذه الصفحات باسم فتيات لكن في الحقيقة هم ذكور، وأغلبهم يحتالون على المواطنين بهذه الطرق".
ويستخدم هؤلاء المتسولون نظريات علم النفس في كيفية التأثير وكسب التعاطف، وبالتالي يقع المواطنون ضحية لهذه الوسائل، وفق ما يقول الباحث الاجتماعي، الدكتور عبدالواحد مشعل لوكالة شفق نيوز.
ويبين مشعل، أن "الكثير من الناس وجد أن وسائل التواصل فيها مجالا للربح من خلال التسول مستغلين بذلك الجانب العاطفي في دغدغة مشاعر المواطنين، وخاصة في المناسبات الدينية والأعياد التي يكون فيها قلب الإنسان معلقا في الغيبيات أكثر ما يكون قريبا للتفكير العقلي".
واعتبر مشعل، أن هذا النوع من التسول "ابتزاز غير مباشر للمواطنين، فهو ابتزاز طوعي يأتي عن طريق الحيلة، بأنه يوعد الشخص الذي سيساعده بالدعاء له مقابل أخذ الأموال منه"، مشددا على ضرورة "إطلاق حملة توعوية وتفعيل القوانين التي تحد من هذه الظاهرة السلبية التي يعتاش أصحابها عبر الاحتيال على المواطنين".
أما العقوبة القانونية للمتسولين فيذكر المحامي والخبير القضائي، محمد الياسري لوكالة شفق نيوز، أنه "وفق المادة 390 فإنه يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن شهر واحد ولا تزيد على ثلاثة أشهر، كل شخص أتم الثامنة عشر من عمره وكان له مورد مشروع يتعيش منه أو كان يستطيع بعمله الحصول على هذا المورد، وجد متسولا في الطريق العام أو في المحلات العامة أو دخل دون أذن منزلا أو محلا ملحقا به لغرض التسول، وتكون العقوبة الحبس مدة لا تزيد على سنة اذا تصنع المتسول الإصابة بجروح أو عاهة أو استعمل أية وسيلة أخرى من وسائل الخداع لكسب احسان الجمهور أو كشف عن جرح أو عاهة أو غيرها في الاستجداء".
ويكمل الياسري، "وإذا كان مرتكب هذه الأفعال لم يتم الثامنة عشرة من عمره، فأنه تطبق بشأنه أحكام مسؤولية الاحداث في حال ارتكاب الجريمة".
كما ويلفت الخبير القضائي، إلى أنه "وبحسب المادة 392 فأنه يعاقب بالحبس مدة لاتزيد على ثلاثة أشهر وبغرامة لا تزيد على خمسين دينارا أو باحدى هاتين العقوبتين، كل من اغرى شخصا لم يتم الثامنة عشرة من عمره على التسول، وتكون العقوبة الحبس مدة لاتزيد على ستة أشهر والغرامة التي لا تزيد على مئة دينار أو إحدى هاتين العقوبتين اذا كان الجاني وليا أو وصيا أو مكلفا برعاية أو ملاحظة ذلك الشخص".