الامراض تتأهب والأهالي يفرون من مناطقهم.. الجفاف يفتك بذي قار والزراعة تحتضر
شفق نيوز/ تعيش محافظة ذي قار جنوبي العراق حالة من الهلع والتذمر في غالبية مناطقها بسبب ما يحصل داخل حدودها من شحة مائية في انهارها واهوارها، وهذه المرة كانت مؤثرة بشكل كبير على وضع الحياة العامة، اذ أن بعض الاقضية والنواحي في المحافظة أبرزها الاصلاح وسيد دخيل والعكيكة كانت الأشد تأثراً لكونها تقع في ذنائب نهريّ الفرات، والغراف المتفرع من دجلة.
جفاف قاتل و11 الف مهاجر
يقول الناشط المدني في قضاء الإصلاح، شرقي محافظة ذي قار، احمد طالب، ان "ما يمر به قضاء الاصلاح بالوقت الحالي، حقيقة هو كارثة إنسانية وبيئية بمعنى الكلمة، إذ انه في العامين الاخيرين يعاني من جفاف كبير جدا، انطلق من جفاف الاهوار التي يعتاش عليها العديد من المواطنين من اهالي القضاء، كونها تحتوي على ثروة سمكية وطيور، فضلا عن وجود مربي الجاموس، كما طال الجفاف أنهار المدينة الداخلية".
وذكر طالب لوكالة شفق نيوز، ان "الاحصائيات الرسمية تؤكد نقل اكثر من 11 الف مواطن نفوسهم من القضاء إلى مناطق أخرى، بسبب سوء الوضع في الإصلاح خلال العامين الاخيرين، حيث الزراعة انتهت بشكل تام في القضاء، وفي الايام الاخيرة (اخر 30 يوماً) انخفضت مياه الاسالة بشكل كبير، وبات مجمعاً واحداً لإنتاج الماء يعمل وبنصف طاقته من اصل 3 مجمعات مائية، بسبب شح المياه".
"نريد ماء الشرب فقط"
وينوه طالب "ورغم كل ذلك، لم نشهد زيارة اي مسؤول محلي لغاية الان الى القضاء، رغم تنظيمنا اكثر من اربع وقفات احتجاجية خلال اقل من سبعة ايام، ونصبنا سرادق العزاء داخل الانهر الجافة، مضيفا "ما نريده الان لا اهوار ولا الزراعة ولا اي شيء اخر، نريد فقط ماء الشرب".
واكد طالب، "رصدنا تجاوزات كثيرة من قبل المناطق الأعلى من قضاء الإصلاح على كتف الأنهار، حيث تم رصد العشرات من المضخات المستخدمة لسقي المزروعات، وما يصلنا حالياً مياه غير صالحة للاستخدام البشري".
ودعا الأجهزة الامنية المختصة لتنظيم دوريات امنية من اجل تأمين حصص القضاء المائية "وألّا يتم سرقتها من قبل الآخرين، بحجة الزراعة".
بدورها، سارعت الإدارة المحلية بقضاء الشطرة شمالي محافظة ذي قار، للكشف عن توقف عدد من مجمعات الماء في ناظم البدعة بسبب انخفاض مستوى المياه من المصدر.
وقال قائممقام القضاء حيدر غالب، في بيان ورد لوكالة شفق نيوز، ان "50% من المشاريع العاملة في ناظم البدعة شمالي القضاء، توقفت بسبب انخفاض مناسيب المياه".
واضاف أن "استمرار انخفاض المياه قد يؤدي الى توقف المشاريع بالكامل"، موضحا ان "مشروعين من المياه خرجا عن الخدمة، ومن المحتمل اذا استمر الانخفاض ان تخرج باقي المشاريع عن الخدمة".
الوضع اخطر مما نتصور
يقول قائممقام قضاء الجبايش الاسبق، واحد منظمي حملة "انقذوا الاهوار"، بديع الخيون، لوكالة شفق نيوز، ان "الحملة الوطنية لانقاذ الاهوار العراقية التي انطلقت مؤخراً، تهدف لانقاذ الاهوار من الجفاف الذي حل بها والذي يتكرر بين الحين والآخر"، مبينا ان "الحملة ستستمر في وقت الجفاف وبعد الاغمار".
واضاف أن "فريق انقذوا الأهوار سعى لتأمين لقاء مع وزير الموارد المائية الجديد، عون ذياب، وتم تأمين اللقاء وبعد الجلوس مع الوزير الجديد، تفاجئنا بأن لديه فكرة متكاملة عن وضع الاهوار بسبب خبرته بواقع المياه في العراق، ووعدنا بأنه سيعمل بكل ما لديه من خطط لغرض عودة الاهوار إلى طبيعتها السابقة وانقاذها من الجفاف".
وبين الخيون، ان "المخزون المائي للعراق بحسب إبلاغ الوزير لنا اثناء اللقاء، يبلغ حاليا 10 مليارات متر مكعب، وهذا بحد ذاته كارثة حقيقية ربما يدفع العراق بأجمعه ثمنها في اي لحظة".
واكد قائممقام قضاء الجبايش الاسبق، ان" الوزير ابلغ الفريق الخاص بدعم الاهوار بانه يسعى لتشريع قانون جديد يعمل على تنظيم المياه في البلاد، كما انه اطلع على تقرير مفصل من احد اساتذة القانون الدولي الذي كان حاضرا معنا في الزيارة، بشأن سلوك الطريق القانوني الاسلم من اجل الضغط على دول المنبع لدعم العراقيين بالمياه"، مختتما حديثه بالقول "نأمل ان نجد الحلول السريعة لانقاذ الاهوار من الجفاف، قبل فوات الأوان".
الأمراض تتحشد للظهور
على الجانب الآخر، يبين خبير الوبائيات في دائرة صحة محافظة ذي قار، حيدر حنتوش، ان الجفاف له تأثيرات سلبية كثيرة على واقع المحافظة، فيما حذر من ظهور أمراض خطيرة على الساحة الصحية في المحافظة.
وذكر حنتوش لوكالة شفق نيوز، ان "للجفاف مشاكل كبيرة، نتيجة استخدام مصادر بديلة للمياه، كالمياه الجوفية، وهذه الاخيرة عادة وفي الغالب تكون ملوثة بالبكتيريا والفيروسات المختلفة، فقد تحمل بكتريا امراض الكوليرا او التيفوئيد او الزحار الاميبي، وغيرها من الامراض المنقولة عن طريق الماء".
وأردف بالقول إن "انحسار المياه في الاهوار كذلك، سيؤدي الى انتشار القوارض والتي تعتبر خازناً رئيسياً لمرض اللشمانيا وبالتالي قد يؤدي إلى انتشار مرض اللشمانيا الجلدي بين اهالي تلك المناطق".
انهيار تاريخي للزراعة بذي قار
يقول مدير زراعة المحافظة صالح هادي، ان الجفاف تسبب "بانهيار تاريخي" للخطة الزراعية في المحافظة، فقد قدمت ذي قار خطة زراعية مقترحة بواقع 493 الف دونم، لكن تم تقليصها لغاية 135 الف دونم فقط.
وذكر هادي لوكالة شفق نيوز، ان "الزراعة بالمحافظة ستتركز في مناطق شمال المحافظة بشكل اكبر، وبواقع 100 الف دونم، بينما ستكون المناطق الجنوبية قرابة 35 الف دونم، وهذه المناطق تمتد على شريط نهر الفرات"، لافتا إلى ان "هناك اقضية، قد لا تشهد موسما زراعيا هذا العام".
وبين، ان "رفع مساحات الموسم الزراعي سيكون مشروطا بتوفر الامطار ولغاية الخامس عشر من شهر كانون الاول المقبل وبعدها سيتم تقييم الوضع في حال تواجدت الأمطار سيتم زيادة المساحات المزروعة ضمن الخطة الزراعية، كما حصل في العام 2018، او قد لا تحصل زيادة في حال عدم تواجد الأمطار".