أنقرة تجري تغييرات ديمغرافية للمناطق الكوردية وتهديدات الذبح تطال المعترضين
شفق نيوز/ يبدو أن التغيير الديمغرافي الّذي حذّرت منه جامعة الدول العربية وجهات أخرى محلية ودولية بعد الهجوم التركي على الأراضي السورية شرق نهر الفرات في التاسع من تشرين الأول الماضي، قد يصبح أمراً واقعاً سيما مع دعوات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان المكررة لإنشاء "منطقةٍ آمنة" تمتد بين مدينتي رأس العين وتل أبيض السوريتين في "المرحلة أولى"، على حدّ تعبّيره.
وتمكّن الجيش التركي ومعه مسلّحي ما يُسمى بـ "الجيش الوطني السوري" الموالين له من السيطرة على مدينتي تل أبيض ورأس العين بعد انسحاب مقاتلي قوات "سوريا الديمقراطية" وحلفائهم المحليين من هاتين المنطقتين وفقاً لاتفاقٍ أميركي ـ تركي بعد زيارة نائب الرئيس الأميركي مايك بنس إلى أنقرة في 17 اكتوبر الماضي.
وسرّبت وسائل إعلامٍ محلية جدولاً لما يسمى "الجيش الوطني" يطلب فيه من مقاتليه تدوين بيانات أطفالهم وزوجاتهم بهدف نقلهم إلى المناطق التي استولوا عليها مؤخراً شمال شرق سوريا.
وقال الصحافي رضوان بيزار وهو من أبناء مدينة تل أبيض لـ "العربية نت" إن "أنقرة بدأت بتوطين عناصرها ومرتزقتها السوريين في منازل المواطنين السوريين الكورد ".
وأضاف أن "هذه ليست خطوة جديدة، لقد فعلت أنقرة ذلك سابقاً في عفرين وها هي اليوم تعيد الأمر ذاته في تل أبيض ورأس العين".
إلى ذلك، أوضح أن "الأمر لا يقتصر على التوطين فقط، بل هؤلاء المسلّحين سلبوا ونهبوا ممتلكات البيوت والمحلات التجارية في رأس العين وتل أبيض ومنهم بيتي".
كما شدد على أنه "تلقى تهديدات هاتفية من مسلحين موالين لأنقرة".
وقال في هذا الصدد إن "هناك من اتصل بي على وسائل التواصل الاجتماعي وهددني بالذبح، هؤلاء معظمهم مقاتلين سابقين في صفوف داعش تستخدمهم أنقرة في هجومها على مناطقنا اليوم".
ولا تهدف أنقرة إلى إبعاد مقاتلي وحدات حماية الشعب الكوردية الّتي تعتبرها جماعة "إرهابية" وامتداداً لحزب العُمال الكوردستاني المحظور لديها، عن حدودها فقط، بل تطمح في تقطيع أوصال المدن التي تقطنها أغلبية كوردية في سوريا عن بعضها البعض. وقد تمكنت أنقرة بالفعل مع المسلحين الموالين لها من فصل مدينة كوباني شرقاً عن عفرين غرباً بعد سيطرتهم على المدينة الأخيرة في 18 آذار 2018.
ونزح الكورد وبقية السكان المحليين من السريان والأرمن والعرب من تل أبيض ورأس العين وبلداتٍ أخرى تقع بالقرب منهما. ويبدو أن الهجوم التركي يستهدف الكورد وأقلياتٍ أخرى في المنطقة على وجه الخصوص.
ويحاول الجيش التركي برفقة المسلحين الموالين له من الوصول لعمقٍ في هذه المناطق يصل إلى نحو 35 كيلومتراً. ويهدفون من ذلك إلى قطع الطريق بين مدينتي كوباني غرباً والقامشلي شرقاً بعد الوصول إلى طريق حلب ـ الحسكة الدولي والسيطرة عليه.
وتفيد الأمم المتحدة بنزوح أكثر من مئتي ألف شخص من هذه المناطق، لكن مسؤولون محليون في "الإدارة الذاتية" لشمال سوريا وشرقها يقولون إن "أعداد النازحين في الواقع قد تصل لضعف الرقم الّذي أعلنت عنه الأمم المتحدة".
واستهدف الجيش التركي مراكزاً حيوية كمحطات مياه الشرب والكهرباء في هذه المناطق، الأمر الّذي يفرض تحدّياتٍ جديدة تقع على عاتق السكان.
كما استولى الجيش التركي على بيوتٍ لسكانٍ مدنيين غالبيتهم من الكورد والأرمن في تل أبيض إلى جانب أقلّية عربية يتهمها المسلحون الموالون لأنقرة بـ "التعاون مع الإدارة الذاتية" وقوات سوريا الديمقراطية الّتي تشكل وحدات حماية الشعب أبرز مؤسسيها.
وفي هذا الصدد كشف المفوض الأعلى لشؤون "الشتات الأرمني" زاريه سينانيان عن أن "القوات التركية تمنع أرمن مدينة تل أبيض من العودة إلى بيوتهم".
وقال سينانيان في لقاء مع الصحافيين في العاصمة الأرمنية يريفان إن "الأتراك وضعوا شروطاً مسبقة تحدد منْ يحق له العودة إلى المدينة ومنْ لا يحق له ذلك".
وبحسب الموقع الرسمي للإذاعة العامة لأرمينيا فإن 3000 أرمني لا يزالون في شمال شرق سوريا وأُرغم بعضهم على مغادرة بعض المدن هناك إثر الهجوم التركي الأخير.
ولا يختلف الوضع كثيراً في مدينة رأس العين عن تل أبيض، اذ سيطر الجيش التركي والمسلحين المرافقين له على بيوت بعض السكان المحليين في المدينة وأغلبهم من الكورد.
وأعلن المصور الصحافي رودي سعيد الّذي يعمل مع وكالة "رويترز" عن أن "فصائل مسلّحة استولت على منزله في مدينة رأس العين".
وكتب سعيد في سلسلة تغريدات على حسابه في تويتر "لقد استولت الفصائل المسلحة على منزلي لأنني كوردي"، مضيفاً أن " تركيا ترى في أي كوردي تهديداً لأمنها القومي، في حين أن إقامة شخص إرهابي وخطير مثل أبو بكر البغدادي زعيم تنظيم داعش بالقرب من حدودها وفي منطقة خاضعة لسيطرتها لا يعتبر تهديداً".
كما أشار في تغريداتٍ أخرى إلى أن "وجود قادة آخرين لداعش في بلدة جرابلس، معقل المعارضة السورية التي تسيطر عليها أنقرة مباشرة لا يشكل كذلك تهديداً لأمن أنقرة القومي".