2020.. السنة الاكثر قساوة على العالم في الالفية الثالثة

2020.. السنة الاكثر قساوة على العالم في الالفية الثالثة
2020-12-29T06:17:08+00:00

شفق نيوز/ لا يحتاج العام 2020 إلى استفتاء عالمي، ليتوج أصعب سنوات الالفية الثالثة حتى الان. التقط فيروس كورونا العام منذ بدايته، وتوغل في كل تفاصيل البشرية حتى طغى على حروبها وأزماتها وصراعاتها وحتى على اخبارها السعيدة والحزينة على السواء، لا بل انه أبى ان ينهي سنة 2020، من دون يجدد خطره علينا بسلالة أكثر فتكا وانتشارا من الفيروس الذي سيرافقنا في العام 2021.

صحيح ان منظمة الصحة العالمية انتظرت حتى 11 آذار/مارس لتصنف انتشار فيروس كورونا على انه "وباء"، لكن ذلك لم يكن يعني ان الفيروس الذي أعلنت السلطات الصينية في 31 كانون الأول/ديسمبر 2019 عنه بتسجيل 27 إصابة بالتهاب رئوي فيروسي في ووهان في وسط الصين، قد بدأ يخطف الاضواء في أنحاء العالم منذ بداية سنة 2020.

وقد غير الفيروس حياة البشر بكل تفاصيلها، من المصافحة والعناق والعلاقات الاجتماعية، وصولا الى النشاط الاقتصادي والسياسي. وخيم الموت مهددا ملايين البشر واجبر اكثر من اربعة مليارات انسان على الخضوع لشروط الاغلاق في مختلف عواصم العالم ومدنه، وحتى ان البلاد التي ظنت انها احتوت الخطر، عادت وفرضت شروط الاغلاق مجددا ودقت ناقوس الخطر.

وما ان اقترب العام 2020 من نهايته، حتى ظهر الفيروس بلباس جديد أكثر خطورة على ما يبدو، حيث اكتشفت سلالة جديدة من الفيروس في بريطانيا، ثم انتقلت الى دول اوروبية عدة بالاضافة الى استراليا، وصفها الخبراء بانها أكثر قدرة على الانتشار بنسبة 70 في المئة.

وفي المقابل، فانه في تطور يبعث على التفاؤل مع نهاية العام، اصبحت بريطانيا الدولة الغربية الاولى التي تطلق حملة تلقيح ضد الوباء بفضل لقاح مبتكر يستند الى مادة جينية في كانون الثاني/ديسمبر 2020، وتبعتها دول عدة، من دون ان يتضح الان ما اذا كان العام 2021، سيشكل نهاية لهذا الوباء.

ومهما يكن، فقد اصاب الفيروس الاقتصاد العالمي بضربة قاسية. والى جانب وفاة اكثر من 1.5 مليون انسان، واصابة ملايين آخرين، فان التقديرات تتحدث عن أكثر من مئة مليون انسان دخلوا في فقر مدقع، وتراجع الاقتصاد العالمي بأكثر من 4 في المئة، وتعطلت بشكل حاد قطاعات السياحة والسفر وحركة الانتاج الصناعي، وتدهورت أسعار النفط والغاز.

ولعل كثيرين يعتبرون ان خسارة الرئيس الاميركي دونالد ترامب، من الاحداث الأكثر أهمية خلال العام 2020. فبعد انتخابات 3 تشرين الثاني/نوفمبر، ظهر تفوق منافسه الديموقراطي جو بايدن، لكن ترامب ظل مصمما على فوزه، وعندما مالت الارقام بوضوح لصالح خصمه، اعلن ترامب ان الانتخابات شابها الكثير من التزوير، متعهدا بخوض معركة قضائية لاثبات فوزه، وهي ظاهرة لم تشهدها الولايات المتحدة مثيلا منذ عقود.

والى جانب مجموعة من الأسباب الداخلية التي قادت الى خسارة ترامب، فان جريمة قتل المواطن الأمريكي الأسود جورج فلويد اختناقا تحت ركبة شرطي اميركي في 25 ايار/مايو، شكلت نكسة كبيرة لفرص فوز ترامب بسبب سوء تعامله مع الجريمة وتداعياتها التي أظهرت شرخا كبيرا في بنيان المجتمع الاميركي المتنوع عبرت عنها التظاهرات الضخمة التي خرجت في العديد من المدن الاميركية طوال اسابيع، ثم انتشرت تحركات احتجاجية مشابهة في مدن اخرى حول العالم. وانبثق عن الحراك الاميركي حركة "حياة السود مهمة".

اما يوم الرابع من اب/ اغسطس، فقد كان يوما لا مثيل له في تاريخ البشرية حيث وقع في بيروت ما وصفه الخبراء بانه أحد أكبر الانفجارات غير النووية على الارض، بعد اندلاع حريق امتد الى مخزن يضم عدة اطنان من مادة نيترات الامونيوم في مرفأ بيروت، ما تسبب بحسب خبراء بانفجارها، وسقوط اكثر من 200 قتيل والاف الجرحى ووقع اضرار مادية جسيمة في العاصمة اللبنانية.

وبعد انفجار بيروت بأيام، وقبل الانتخابات الاميركية بأسابيع قليلة، طفت على سطح المشهد السياسي – الاعلامي، الانباء عن قرب التوصل الى اتفاقيات تطبيع بين دول عربية واسرائيل.

وبالفعل، ففي 15 أيلول/سبتمبر، وقعت الإمارات العربية المتحدة والبحرين اتفاقي تطبيع مع اسرائيل خلال مراسم في البيت الابيض برعاية ترامب، بحضور رئيس الحكومة الاسرائيلي بنيامين نتنياهو وزيري خارجية الامارات والبحرين.

وكان ترامب يبشر، الاميركيين والعالم، بان 6 او 7 دول اخرى ستنضم الى قافلة التطبيع والاعتراف الديبلوماسي المتبادل، لكنه كل مرة كان يتحدث، كان يؤكد ان ايران ستأتي اليه للتفاوض، اما قبل الانتخابات الاميركية، او بعدها فورا لانه سيخرج فائزا وسيسقط الرهان الايراني على احتمال فوز بايدن الذي اتهمه ترامب بانه يريد معاملتها بتساهل.

ولم يحدث ذلك، برغم سلسلة من العقوبات الاقتصادية والمالية التي فرضها ترامب على طهران وألحقت أضرارا بالغة بالاقتصاد الايراني، وكان من الواضح ان الايرانيين يراهنون على نهاية حقبة ترامب لفتح صفحة جديدة مع الاميركيين.

اما بالنسبة الى العلاقات مع اسرائيل، فان السودان لحق الامارات والبحرين سريعا. ففي 23 تشرين الاول/اكتوبر، غداة زيارة وفد اسرائيلي رسمي الى الخرطوم، جرى الاعلان عبر مؤتمر تلفزيوني بمشاركة ترامب ونتنياهو والفريق أول برهان ورئيس الحكومة السودانية عبدالله حمدوك، عن تطبيع العلاقات السودانية مع اسرائيل.

وجاء ذلك بعد 3 ايام فقط على اعلان الخرطوم انها أودعت نحو 350 مليون دولار كتعويضات طالبتها بها واشنطن مقابل رفع اسمها عن لائحة الارهاب، بسبب اتهامها بالتعامل مع تنظيم القاعدة وبالتالي بالمسؤولية المباشرة عن الهجمات التي تعرضت لها السفارة الاميركية في كينيا وتنزانيا بالاضافة الى تفجير المدمرة الاميركية "كول" قبالة سواحل اليمن.

ثم جاءت مبادرة التطبيع العربية التالية من المغرب في العاشر من كانون الاول/ديسمبر عندما غرد ترامب على "تويتر" قائلا "انجاز تاريخي اخر، فقد اتفق اثنان من اكبر اصدقائنا، اسرائيل والمغرب على علاقات دبلوماسية كاملة".

ويبدو انه مقابل الخطوة المغربية هذه، اعلنت واشنطن اعترافها بالسيادة المغربية على منطقة الصحراء الغربية المتنازع عليها مع جبهة البوليساريو التي تطالب بالاستقلال الكامل وتحظى بدعم من الجزائر، وهو تطور من شأنه ان يطرح اسئلة حول احتمالات تأزم الملف في المستقبل القريب.

صحيح ان اتفاقات التطبيع و"السلام" العربية مع اسرائيل، ليست جديدة، حيث وقعت مصر "معاهدة كامب ديفيد" العام 1979، ثم منظمة التحرير الفلسطينية "اتفاقية اوسلو" العام 1993، وتبعهما الاردن ب"اتفاقية وادي عربة" العام 1994، الا ان الانفتاح العربي المتسارع على اسرائيل أثار تساؤلات حول توقيتها وظروفها السياسية خاصة في ظل وجود "مبادرة السلام" العربية التي لم تستجب لها الحكومات الاسرائيلية المتعاقبة، والظروف القاسية التي تفرضها اسرائيل على حياة الفلسطينيين.

وكانت سنة 2020، ابتدأت بخروج بريطانيا (البريكست) من الاتحاد الاوروبي في ليلة 31 كانون الثاني/يناير، وذلك كنتيجة للاستفتاء الذي اجراه البريطانيون في العام 2016، ما أدخل العلاقات الاوروبية في مرحلة هائلة من الارباك والتداعيات الاقتصادية، حاولت الاطراف ايجاد حلول لها من خلال مفاوضات بين لندن وبروكسل.

وعلى صعيد الحرب الافغانية، جرى تطور تاريخي تمثل بالاعلان في 29 شباط/فبراير عن اتفاق مفصلي بين الولايات المتحدة وحركة طالبان، للتأكيد على رغبة ترامب بالانسحاب من "الحروب التي لا تنتهي" التي تورطت واشنطن فيها بحسب وصفه. وقد أعلن البنتاغون بالفعل عن خطة لسحب الفي جندي اميركي من افغانستان بحلول 15 كانون الثاني/يناير، على أن يبقى 2500 جندي في أفغانستان. وقد أطلقت في العاصمة القطرية الدوحة، مفاوضات افغانية، بحضور الاميركيين، لترتيب مرحلة ما بعد الانسحاب العسكري الاميركي.

ولعل الحرب الاكثر خطورة التي جرت خلال العام 2020، كانت في ناغورني قره باخ، حيث اندلعت اشتباكات في 27 ايلول/سبتمبر تطورت الى معارك شاملة على الجبهات في الاقليم المتنازع عليه بين اذربيجان، المدعومة من تركيا، وبين الاقلية الارمنية المدعومة من ارمينيا.

وتمثلت خطورة الحرب ليس فقط اتساعها للمرة الاولى بهذا الشكل منذ اكثر من 20 سنة، وانما ايضا لان تركيا تدخلت بشكل مباشر في مساندة القوات الآذرية، فيما كانت هناك مخاوف جدية من انخراط اطراف اخرى فيها، من بينها روسيا وايران، بينما سيقت اتهامات ضد أنقرة بتسهيل عبور الاف المسلحين من المعارضة السورية الموالين لها للمشاركة في الحرب اسنادا للقوات الآذرية.

وبكل الاحوال، فقد انتهت الحرب بعد سقوط اكثر من 5 الاف قتيل، وانتهت ميدانيا بخسارة القوات الارمنية لمساحة كبيرة من الاراضي التي كانت تسيطر عليها، فيما تولت روسيا ترتيب اتفاق وقف اطلاق النار بين الطرفين، وبمراقبة من القوات العسكرية الروسية في تشرين الثاني/نوفمبر.

ولم تكن تلك الاحداث البارزة وحدها التي شهدتها سنة 2020. ففي آب/اغسطس، اندلعت أزمة سياسية في بيلاروسيا بعدما فاز الرئيس الكسندر لوكاشنيكو في الانتخابات التي اعتبرتها المعارضة المدعومة من الغرب، مزورة. واستمرت التظاهرات طوال اسابيع، ولوح لوكاشينكو بدعم عسكري روسي مباشر له، وفر عدد من زعماء المعارضة من البلاد، واعتقل آخرون.

وفي سوريا ايضا تمثل التطور الابرز في بدء سريان قانون عقوبات قيصر الاميركي في حزيران/يونيو الذي الحق المزيد من الاذى بالاقتصاد السوري ومعيشة السوريين الذين شهدوا منذ بداية العام 2020، انهيارا متسارعا في قيمة الليرة امام الدولار، ثم جاء فيروس كورونا ليضيف عليهم اعباء اضافية.

اما في ليبيا، فانه برغم انتهاء الهجوم الذي قاده اللواء خليفة حفتر للسيطرة على العاصمة طرابلس، من دون ان ينجح في ذلك بعد تدخل عسكري مباشر من تركيا لصالح حكومة الوفاق في طرابلس، فان شرارات الحرب ظلت مرشحة للاشتعال حتى الان لان شهورا من جولات التفاوض في عدة مدن، بينها برلين وبوزنيقة وطنجة في المغرب، وسويسرا ثم في تونس، لم تطوِ صفحة الحرب نهائيا حيث هناك مخاوف من تجدد محاولات حكومة الوفاق السعي للسيطرة على مدينة سرت ومنابع النفط فيها.

وشهدت افريقيا حدثا مهما آخر، تمثل في انقلاب 18 آب/اغسطس العسكري الذي اطاح برئيس مالي ابراهيم ابو بكر كيتا، بينما تم تشكيل حكومة انتقالية لقيادة البلاد نحو انتخابات برئاسة باه نداو في تشرين الاول/اكتوبر، لاعادة الحكم الى المدنيين خلال عام ونصف.

كما اندلعت اشتباكات واسعة في اقليم تيغراي في اثيوبيا التي اتهمت جبهة تحرير شعوب تيغراي بمهاجمة مواقع عسكرية للجيش، وهي ازمة ادت الى نزوح عشرات الاف الاثيوبيين الى السودان. اما في تايلاند، فقد اندلعت تظاهرات حاشدة مطالبة بالديموقراطية واستقالة الحكومة وكتابة دستور جديد واصلاحات تطال النظام الملكي.

وكان العام 2019 نقل معه الى العام 2020، الحرائق الهائلة التي التهمت اكثر من 100 الف كيلومتر مربع من مساحة استراليا وغاباتها بحلول نهاية كانون الثاني 2020. واندلعت حرائق مدمرة ايضا على حدود الأرجنتين وباراغواي وبوليفيا وجنوب البرازيل. واشتعلت ايضا حرائق استثنائية في حجمها في كاليفورنيا وفي بعض مناطق الغرب الاميركي، منذ آب/أغسطس بسبب الارتفاع القياسي في درجات الحرارة. وضربت فيضانات مدمرة 16 ولاية سودانية في ايلول، والحقت اضرارا باكثر من 500 الف شخص ودمرت اكثر من 100 الف منزل، بسبب امطار غزيرة هطلت على البلاد.

وفي سياق آخر، حدثت تعديلات في الحكم في عدد من الدول من بينها سلطنة عمان التي توفي سلطانها قابوس بن سعيد، وتولى الحكم من بعده هيثم بن طارق ال سعيد في كانون الثاني. وفي ايلول/سبتمبر، توفي امير الكويت الشيخ صباح الاحمد الجابر الصباح، وتولى ولي العهد الشيخ نواف الاحمد الجابر الصباح الحكم. كما تشكلت حكومة سورية جديدة برئاسة حسين عرنوس في 30 اب، وذلك بعد انتخابات تشريعية جرت في 19 تموز.

وتولى ولي العهد البحريني الامير سلمان بن حمد رئاسة مجلس الوزراء خلفا للامير الراحل خليفة بن سلمان ال خليفة الذي توفي في 11 تشرين الثاني. كما توفي وزير الخارجية السوري ونائب رئيس الوزراء وليد المعلم في 16 تشرين الثاني، وخلفه نائب وزير الخارجية فيصل المقداد.

وفي 25 تشرين الثاني/نوفمبر، فجعت الاوساط الرياضية بوفاة اسطورة كرة القدم الارجنتيني دييغو مارادونا الذي تحول الى ايقونة في ميدان كرة القدم وعم الحداد في وطنه الأم لأيام، ودفن في مقبرة في ضواحي العاصمة بوينس آيرس.

Shafaq Live
Shafaq Live
Radio radio icon