فلسفة الإنفاق في العراق.. 2028 مليار دولار منذ العام 2003 أين أهدرت؟

فلسفة الإنفاق في العراق.. 2028 مليار دولار منذ العام 2003 أين أهدرت؟
2025-12-30T10:31:20+00:00

شفق نيوز- ترجمة خاصة

يسجل العراق اخفاقا في ادارة الريع النفطي مقارنة بدول نفطية اخرى، مثل السعودية والامارات والنرويج، حيث أنه برغم التوسع المالي الضخم وغير المسبوق منذ العام 2003، وموازنات عامة يصل مجموعها الى 2028 مليار دولار، إلا أنه كما يقول "مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية"، لا يزال يعاني من اختلالات هيكلية عميقة انعكست في ضعف التنويع الاقتصادي والهشاشة المالية، وتراجع القدرة على الاستدامة.

ووصف مركز الدراسات الذي يتخذ من الأردن مقرا له، في تقرير نشر بالانجليزية وترجمته وكالة شفق نيوز، هذه الحالة العراقية، بانها "مفارقة" تستدعي وضع التجربة العراقية ضمن سياق مقارن مع دول نفطية اخرى نجحت في ادارة الريع النفطي بفعالية اكبر.

وذكر المركز في تقريره أن بيانات الموازنات العراقية تظهر تصاعدا كبيرا في الإنفاق، خصوصا بعد 2010، إذ تحولت الدولة الى ربّ العمل الأكبر، مع اعتماد شبه كامل على الإيرادات النفطية، موضحا أن الإنفاق تركز على الرواتب والدعم والنفقات التشغيلية، مقابل ضعف الاستثمار الإنتاجي.

وبعدما أشار التقرير إلى أن هذا النموذج أدى إلى اقتصاد استهلاكي يعتمد على الاستيراد، مع محدودية خلق فرص العمل خارج القطاع العام، قدم التقرير مقارنات مع دول نفطية أخرى مثل النرويج والسعودية والإمارات.

وفيما يتعلق بالنرويج، قال التقرير إنها تدير الريع عبر الادخار المؤسسي، موضحا أن هذا البلد الأوروبي رغم انه دولة نفطية، فانه اعتمد نموذجا يقوم على، فصل الانفاق الحكومي عن تقلبات أسعار النفط، ولجأ الى تحويل الفوائض الى صندوق سيادي يستثمر عالميا، وقيد استخدام العائدات النفطية في الموازنة.

وبحسب التقرير، فان نتيجة ذلك كانت استقرارا ماليا طويل المدى، واقتصادا متنوعاً نسبيا، وقدرة عالية على امتصاص الصدمات.

وفيما يتعلق بالسعودية، قال التقرير ان المملكة واجهت تحديات مشابهة للعراق من حيث الاعتماد النفطي، لكنها اتجهت منذ منتصف العقد الماضي نحو اعادة هيكلة الدعم، وتقليص الاعتماد على التوظيف الحكومي، بالاضافة الى الاستثمار في قطاعات غير نفطية.

وتابع التقرير ان السعودية، برغم هذه التحديات، فإن مسارها هذا ساعد في تخفيف الضغط على الموازنة وتحسين الانضباط المالي.

وفيما يتعلق بالإمارات، قال التقرير إنها اعتمدت مبكرا سياسة تنويع مصادر الدخل، حيث أصبحت الإيرادات غير النفطية تشكل جزءا أساسيا من المالية العامة، مضيفا أن هذا التنويع خفف من أثر تقلبات النفط، وسمح باستدامة الإنفاق دون تضخم مفرط في الجهاز الحكومي.

وبحسب هذه المقارنة، قال التقرير انه يتضح أن العراق استخدم الريع النفطي للإنفاق المباشر لا لبناء أصول منتجة، ولم يؤسس اليات ادخار سيادي فعّالة، كما ربط الاستقرار الاجتماعي بالتوظيف الحكومي، وهو ما جعل المالية العامة عرضة لأي تراجع في أسعار النفط أو زيادة في الالتزامات.

وتحدث التقرير عن ان المرحلة الحالية في العراق تشير الى انتقال نوعي نحو عجز حقيقي يتمثل في صعوبة تغطية الالتزامات الاساسية، ما يعكس وصول النموذج المالي القائم الى حدوده القصوى.

اعتبر التقرير ان التجربة المقارنة تشير إلى أن حجم الموارد ليس العامل الحاسم، بل كيفية إدارتها، موضحا ان استمرار العراق في استخدام الأدوات نفسها سيؤدي إلى تعميق الأزمة، في حين أن المسار البديل يستدعي إعادة هيكلة الإنفاق العام، وفصل الاستقرار المالي عن أسعار النفط، وتوجيه الاستثمار نحو قطاعات إنتاجية، بالاضافة الى إعادة تعريف دور الدولة من ممول مباشر، إلى منظم ومحفّز.

وختم التقرير بالقول إن أزمة العراق المالية ليست استثناءً بين الدول النفطية، لكنها أصبحت أكثر حدة بسبب غياب التحول المؤسسي، مضيفا ان المقارنة الدولية تظهر أن الإصلاح ليس مستحيلاً، لكنه يتطلب تغييراً جذرياً في فلسفة إدارة الموارد العامة، والانتقال من منطق الإنفاق إلى منطق بناء الاقتصاد.

Shafaq Live
Shafaq Live
Radio radio icon