الدولار في العراق.. أمريكا تشد والسوق يلتهب
شفق نيوز/ سجل الدينار العراقي تراجعاً كبيراً أمام الدولار في بورصتي بغداد واربيل، وذلك بعد مرور أيام قليلة فقط من فرض عقوبات أميركية بحق 14 مصرفاً خاصاً، بسبب مخالفات تتعلق بتعاملها مع جهات تفرض عليها واشنطن عقوبات أبرزها طهران، وفيما يصف خبراء اقتصاد ومال إجراءات البنك المركزي بأنها "خجولة"، وضعوا مقترحات لحلول يجب اللجوء اليها لـ"ضبط" سعر الدولار.
وكشفت وكالة شفق نيوز عن أسماء هذه المصارف محليا في العراق، وهي "المستشار الإسلامي للاستثمار والتمويل"، و"القرطاس الإسلامي للإستثمار" و"الطيف الإسلامي"، و"مصرف إيلاف"، و"مصرف أربيل للاستثمار"، و"البنك الإسلامي الدولي"، و"مصرف عبر العراق"، و"مصرف الموصل للتنمية والاستثمار"، و"مصرف الراجح"، و"مصرف سومر التجاري"، و"مصرف الثقة الدولي الإسلامي"، و"مصرف أور الإسلامي"، و"مصرف العالم الإسلامي"، ومصرف زين العراق الإسلامي للاستثمار والتمويل".
ويأتي القرار الأميركي بعد قرار مشابه منذ عدة أشهر وضعت فيه عدة مصارف مشابهة على قائمة العقوبات، وهي "مصرف الأنصاري"، و"الشرق الأوسط"، و"القابض"، و"آسيا".
قلة المبيعات النقدية
ويقول الخبير الاقتصادي وأستاذ علم الاقتصاد في الجامعة العراقية عبد الرحمن المشهداني في حديث لوكالة شفق نيوز إن "المصارف الأربعة السابقة التي عوقبت والـ14 اللاحقة كانت سبباً في رفع سعر الدولار لأنها بكل الاحوال لها حضور ووجود بالسوق المحلي وليس من الممكن تجاهل هذه المصارف وهذا الحجم من العمل".
ويشير الخبير إلى أن "هذه المصارف المعاقبة حصتها 8 بالمائة من نافذة العملة لغرض التحويلات الخارجية وهذه النسبة تعني 16 مليون دولار من مبيعات النافذة للتحويلات الخارجية، ولكن حصتها كبيرة للبيع النقدي، حيث الملاحظ بمبيعات البنك المركزي النقدية انخفاضها للسوق الموازي من 40 او 60 مليون دولار ليصل الى 17 مليون دولار".
ويبين المشهداني ان "لحل مشكلة ارتفاع الأسعار، فعلى البنك المركزي تعويض حصة المصارف المعاقبة بأن يعطيها لمصارف اخرى وشركات صرافة، فهناك 38 مصرفا يدخل نافذة العملة من اصل 72 مصرفا، وبالتالي على البنك ادخال مصارف اخرى لنافذة بيع العملة التي كان تصنيفها لا يؤهلها لنفاذة العملة لكونها ضعيفة".
ويتابع ان "الاجراء الثاني ان العقوبات جاءت نتيجة المبيعات النقدية تذهب للسوق الموازي فيستحوذون عليها التجار لتمويل تجارتهم مع الدولة الممنوعة، وإيران على رأس هذه القائمة"، مشيراً إلى ان "يتوجب على الحكومة العراقية توسيع اتفاق النفط الاسود مقابل الغاز على ان يشمل جزء من تجارة القطاع الخاص حيث ان التاجر يجمع قيمة الفاتورة التي يستوردها بالدينار العراقي لحساب الحكومة العراقية والاخيرة تسدد قيمة الفاتورة بالنفط الاسود للحكومة الايرانية والأخيرة هي التي تدفع للتجار الإيرانيين قيمة البضائع".
اجراءات خجولة
من جهته يقول الخبير المالي والاقتصادي هلال الطعان في حديث لوكالة شفق نيوز ان "هناك اسباباً عديدة لارتفاع سعر الدولار منها وجود المضاربين الذي يمتلكون كميات من الدولارات، وبالتالي يتلاعبون بالسوق كيفما يشاؤون وكذلك العقوبات الامريكية على المصارف الـ14 أثر ايضا على ارتفاع سعر الصرف".
ويضيف الطعان أن "المواطنين متخوفون من حصول انهيار للعملة العراقية مما جعلهم يحتفظون بالدولار، وبالتالي زيادة الطلب على الدولار، اضافة الى اسباب السياسية والامنية غير المستقرة" .
ويبين الطعان أن "الحكومة اتخذت اجراءات عديدة، مثلا فتح نوافذ عن طريق المصارف، وزيادة حصة المسافرين من 2000 دولار 3000 دولار، الا ان هذه الاجراءات مازالت خجولة وضعيفة لا تلبي الطلب حيث يفترض ان تتخذ الحكومة اجراءات صارمة بالمتلاعبين بالدولار واتخاذ البنك المركزي حزمة مالية للتخفيف من الطلب على الدولار"، مشددا على "ضرورة اتخاذ الحكومة اجراءات سريعة لانه كلما كانت بطيئة في اجراءاتها كلما كان هناك ارتفاع جديد في سعر الصرف الدولار".
"تأثرنا بالشائعات"
ويقول صاحب صيرفة في بغداد، في حديث لوكالة شفق نيوز إن "سعر صرف الدولار يتأثر بالشائعات بشكل كبير وخاصة بعد ان عاقب الفدرالي الامريكي 14 مصرفا".
ويضيف أن "المبيعات النقدية التي يقوم البنك بتمويلها للسوق الموازي عبر المصارف قد انخفضت بمقدار 35 إلى 40 مليون دولار ما أثر على العرض النقدي للدولار في السوق الموازي".
اجراءات البنك للحد من ارتفاع الدولار
واتخذ البنك المركزي اجراءات للحد من ارتفاع سعر الدولار، اليوم الاثنين، بالسماح لشركات الصرافة "فئة A وB" بفتح حسابات ايداع لدى البنك بعملتي الدينار والدولار والاشتراك بنافذة بيع وشراء العملة.
وقالت صحيفة “وول ستريت جورنال”، نقلا عن مسؤولين أميركيين، إن “الخطوة جاءت بعد الكشف عن معلومات تفيد بأن البنوك المستهدفة متورطة في عمليات غسيل أموال ومعاملات احتيالية”.
وسبق أن فرضت وزارة الخزانة الأميركية والبنك المركزي العراقي ضوابط صارمة على الحوالات النقدية التي تنفذها المصارف العراقية منذ مطلع كانون الثاني الماضي، في محاولة للحد من غسل الأموال وتهريبها، إلا أن عمليات التهريب تشهد تنوعاً في طرق ووسائل خروج العملة.
وخلال اليومين الماضيين، ارتفعت أسعار صرف الدولار الأميركي مقابل الدينار العراقي بشكل كبير، في أسواق بغداد، وفي أربيل عاصمة إقليم كوردستان، لتصل الى 155 الف دينار لكل مئة دولار، وذلك بعد فرض واشنطن عقوبات على 14 مصرفاً عراقياً، في حملة على تعاملات إيران بالدولار.
ويبلغ سعر الصرف الرسمي 1320 دينارا للدولار في الموازنة العراقية.
وعلى اثر ذلك استضافت اللجنة المالية في البرلمان العراقي، اليوم الاثنين، محافظ البنك المركزي علي العلاق، وللبحث ايضاً في إجراءات البنك لاستقرار أسعار العملة.
ويقول نائب محافظ البنك المركزي عمار حمد لوكالة شفق نيوز، إن "الهدف الأساسي للبنك المركزي هو تحقيق استقرار سعر صرف الدولار مقابل الدينار العراقي"، موضحاً ان "البنك المركزي وفرّ المنصة الإلكترونية التوفير الدولار لشراء السلع والخدمات من الخارج".
وابدى حمد استغرابه قيام "التجار أو المواطنين بالذهاب إلى السوق لشراء العملة الأجنبية بسعر فارق كبير عن السعر الرسمي"، مشيراً الى ان "البنك المركزي وفرّ الدولار بسعر رسمي، لكن ضمن الاستخدامات القطاع الخاص الشراء السلع والخدمات من الخارج".
ولفت نائب محافظ البنك المركزي إلى "عمليات مضاربة في السوق تسببت في إرتفاع سعر صرف الدولار حالياً وسيتم ارجاعه للسعر السابق قريبا"، مؤكداً أن "العملة الأجنبية متاحة ومتوفرة لكن المشكلة في الطلب على العملة، وأن ذهاب التجار إلى السوق وعدم ذهاب إلى المصارف او القنوات الرسمية تسبب في إرتفاع سعر الصرف".
وأطلق البنك المركزي العراقي منذ بداية العام الحالي تقريباً آلية عمل في منصة إلكترونية ونظام التحويل المالي الدولي "سويفت" (SWIFT)، لكن ذلك لم يسعف أسعار صرف الدولار بالاستقرار في العراق، رغم محاولات الحكومة والبنك المركزي السيطرة على سعر الصرف في الأسواق الموازية (السوداء).