أرقام صادمة وتوقعات "مرعبة" للبنك الدولي.. دول تتجه نحو "براثن الفقر المدقع"

أرقام صادمة وتوقعات "مرعبة" للبنك الدولي.. دول تتجه نحو "براثن الفقر المدقع"
2020-06-24T17:40:50+00:00

شفق نيوز/ في الوقت الذي تتصاعد فيه حدة المخاطر التي تواجه الاقتصاد العالمي، يشير منحنى البطالة الذي يصعد بشكل مستمر إلى أن غالبية دول العالم سوف تواجه زيادة في أعداد الفقراء لديها، خصوصاً مع تهاوي دخل الأسر بنسب كبيرة، فضلا عن توقف عدد كبير وخروجهم من السوق العالمية وإنضمامهم إلى طابور العاطلين.

وتشير تقديرات حديثة للبنك الدولي إلى أن 10 في المئة من سكان العالم، أو 734 مليون شخص كانوا يعيشون على أقل من 1.90 دولار للفرد في اليوم خلال العام 2015. ويُعد ذلك انخفاضاً من نحو 36 في المئة أو 1.9 مليار شخص في عام 1990‏. لكن بسبب تفشي فيروس كورونا واستمرار مخاطره وتداعياته السلبية المتمثلة في انهيار أسعار النفط وتهاوي جميع المؤشرات، فإن هذا الاتجاه قد ينعكس في 2020.

وتوقع البنك الدولي أن تؤثر الأزمات القائمة في الفقراء أكثر من غيرهم من خلال فقدان الوظائف، وفقدان تحويلات المهاجرين والعاملين بالخارج، وارتفاع الأسعار وتأثيرها بشكل مباشر في معدلات التضخم التي تواصل الصعود، مع تعطل تقديم الخدمات مثل التعليم والرعاية الصحية بعدد كبير من دول العالم.

ومن المتوقع أن ترتفع معدلات الفقر للمرة الأولى منذ عام 1998 مع انزلاق الاقتصاد العالمي إلى حالة ركود، وسيشهد العالم انخفاضاً حاداً في نصيب الفرد من إجمالي الناتج المحلي.

وسيؤدي استمرار الأزمات القائمة إلى محو كل التقدم المحرز تقريباً خلال السنوات الخمس الماضية.

وتذهب تقديرات البنك الدولي إلى أن ما بين 40 إلى 60 مليون شخص سوف يسقطون في براثن الفقر المدقع، وهم الذين يحصلون على أقل من 1.90 دولار للفرد في اليوم عام 2020، مقارنة بعام 2019، نتيجة لجائحة كورونا، وذلك تبعاً للافتراضات المتعلقة بحجم الصدمة الاقتصادية. وقد يرتفع معدل الفقر المدقع العالمي بنسبة 0.3 إلى 0.7 نقطة مئوية ليصل إلى نحو 9 في المئة خلال 2020.

وبالإضافة إلى ذلك، فإن النسبة المئوية للأشخاص الذين يعيشون على أقل من 3.20 دولار للفرد في اليوم قد ترتفع بنسبة 0.3 إلى 1.7 نقطة مئوية، لتصل إلى 23 في المئة أو أكثر، أي بزيادة قدرها نحو 40 إلى 150 مليون نسمة. وأخيراً، فإن النسبة المئوية للأشخاص الذين يعيشون على أقل من 5.50 دولار للفرد في اليوم قد ترتفع بنسبة 0.4 إلى 1.9 نقطة مئوية، لتصل إلى 42 في المئة أو أكثر، أي بزيادة قدرها نحو 70 إلى 180 مليون نسمة. ومن المهم هنا الإشارة إلى أن هذه التوقعات المتعلقة بالفقر شديدة التقلب ويمكن أن تختلف اختلافاً كبيراً فيما بين البلدان.

ونتيجة للصدمات العالمية، كجائحة كورونا، ونظراً لتزايد صعوبة الوصول إلى الذين مازالوا يعيشون بفقر مدقع في بلدان هشة ومناطق نائية، فإن وتيرة الحد من الفقر قد لا تكون بالسرعة الكافية لبلوغ هدف إنهاء الفقر المدقع بحلول عام 2030.

وتشير تقديرات البنك الدولي إلى أنه بحلول عام 2030، قد يعيش ما يصل إلى ثلثي فقراء العالم المدقعين في الاقتصادات الهشة والمتأثرة بالصراع، مما يجعل من الواضح أنه ما لم تُتخذ إجراءات مكثفة، فإن الأهداف العالمية للحد من الفقر لن تتحقق.

وذكر أن الأغلبية العظمى من فقراء العالم يعيشون في المناطق الريفية وقد حصلوا على قدر ضعيف من التعليم ويعمل أغلبهم في القطاع الزراعي وتقل أعمارهم عن 18 عاماً.

وما زال هناك شوط طويل أمام إنهاء الفقر المدقع، ولا تزال هناك تحديات كثيرة. وفي معظم أجزاء العالم، تباطأت معدلات النمو بدرجة كبيرة، كما تراجعت الاستثمارات بحيث لا يمكنها زيادة متوسط الدخل. وفي كثير من البلدان، تراجعت وتيرة جهود الحد من الفقر أو انعكس مسارها.

وتقع البلدان الـ43 التي بها أعلى معدلات الفقر بالعالم في بيئات هشة أو متأثرة بالصراعات، أو في أفريقيا جنوب الصحراء. وكانت الاقتصادات التي تواجه أوضاعاً هشاشة وصراعات مزمنة تعاني معدلات فقر تزيد على 40 في المئة ولم يطرأ عليها أي تحسن في العقد الماضي، في حين تمكنت البلدان التي أفلتت من هذه الأوضاع من خفض معدلات الفقر فيها بأكثر من النصف.

ويجعل نقص البيانات من الصعب قياس حجم المشكلة بدقة، حيث يعيش نحو 500 مليون شخص في اقتصادات تعاني أوضاع الهشاشة والصراع، ولا تتوفر فيها أي بيانات عن الفقر أو بها بيانات عفا عليها الزمن. وللتغلب على النقص الحاد في البيانات وإصدار تقديرات عن أوضاع الفقر عالمياً في الوقت المناسب، استخدمت البحوث التي أجراها البنك الدولي أخيراً افتراضات وتقديرات إحصائية كشفت عن وجود نحو 33 مليون شخص آخرين يعيشون في فقر مدقع.

وما زال الحصول على مستويات عالية من التعليم والرعاية الصحية والكهرباء ومياه الشرب المأمونة وغيرها من الخدمات الحيوية بعيداً عن متناول كثير من الناس وغالباً ما يحدد ذلك الوضع الاقتصادي والاجتماعي ونوع الجنس والعرق والجغرافيا. وتكشف النظرة متعددة الأبعاد، حيث يتم تضمين جوانب أخرى مثل التعليم، والحصول على الخدمات الأساسية للبنية التحتية، والرعاية الصحية، والأمن عن عالم يكون فيه الفقر مشكلة أوسع نطاقاً وأكثر ترسخاً.

وذكر أن نسبة الفقراء وفقاً لتعريف متعدد الأبعاد يشمل الاستهلاك والتعليم وتوفُّر البنية الأساسية تكون أعلى بنحو 50 في المئة من نسبتهم عند مجرد الاعتماد على الفقر النقدي. علاوة على ذلك، بالنسبة لمن يستطيع الخروج من براثن الفقر، فإن هذا الفقر غالباً ما يكون مؤقتاً، فالصدمات الاقتصادية، وانعدام الأمن الغذائي، وتغير المناخ، كل هذا يهدد بحرمانهم من المكاسب التي حققوها بشق الأنفس وإرغامهم على العودة إلى دائرة الفقر. وسيكون من الضروري العثور على أساليب لمعالجة هذه المسائل ونحن نمضي قدماً نحو 2030.

وكان المعهد العالمي لبحوث الاقتصاد الإنمائي التابع لجامعة الأمم المتحدة، قد أشار إلى أن التداعيات الاقتصادية لجائحة كورونا قد تدفع 395 مليون شخص إضافيين إلى الفقر المدقع وتزيد إجمالي من يعيشون على أقل من 1.9 دولار يومياً على مستوى العالم إلى أكثر من مليار شخص.

وقدم التقرير عدداً من الاحتمالات تأخذ في الاعتبار خطوط الفقر المختلفة التي حددها البنك الدولي، من الفقر المدقع بالعيش على 1.9 دولار أو أقل في اليوم، إلى أعلى خطوط الفقر بالعيش على أقل من 5.5 دولار في اليوم.

وفي ظل أسوأ احتمال وهو حدوث انخفاض نسبته 20 في المئة بدخل الفرد أو استهلاكه، يمكن أن يرتفع عدد الذين يعيشون في فقر مدقع إلى 1.12 مليار شخص. وإذا جرى تطبيق مثل هذا الانخفاض على حد 5.5 دولار بين الشريحة العليا من البلدان المتوسطة الدخل فقد يدفع ذلك أكثر من 3.7 مليار شخص، أو ما يزيد قليلاً على نصف سكان العالم، للعيش تحت خط الفقر هذا.

وأوضح التقرير أن الآفاق بالنسبة للأشخاص الأشد فقراً في العالم تبدو قاتمة ما لم تبذل الحكومات المزيد من الجهود على نحو سريع وتعوض الخسارة اليومية للدخل التي يواجهها الفقراء. وأضاف، "النتيجة هي أن التقدم في الحد من الفقر يمكن أن يرتد إلى الوراء من 20 إلى 30 عاماً وتجعل هدف الأمم المتحدة إنهاء الفقر كأنه أضغاث أحلام".

Shafaq Live
Shafaq Live
Radio radio icon