وفاة رضيعة بسبب الأمطار في غزة، وأكثر من 2500 نداء استغاثة في القطاع
أكدت مصادر طبية في مستشفى ناصر الطبي بمدينة خان يونس جنوبي قطاع غزة، وفاة الرضيعة رهف أبو جزر، والتي تبلغ من العمر 8 أشهر، جرّاء البرد الشديد بعد أن غمرت مياه الأمطار خيمة عائلتها في مخيم المواصي للنازحين غربي المدينة إثر المنخفض الجوي الحالي.
ويروي والدا رهف لبرنامج غزة اليوم عبر بي بي سي الظروف القاسية في المخيم والتي لم تستطع طفلتهما النجاة منها فتقول والدتها هِجر إبراهيم أبو جزر إنها استيقظت فجأة ووجدت جسد ابنتها متيبسًا من شدّة البرد.
وتقول هِجر لبي بي سي: "كانت ابنتي تعاني من سوء تغذية ولا تملك أي مناعة، فلم تستطع تحمّل البرد. رغم أنني غطّيتها، إلا أنّ الغطاء لم يكن كافيًا لتدفئتها. استيقظت لأجدها متجمدة وقد فارقت الحياة منذ ساعات الصباح الباكر".
"حاولت تغطيتها، لكن الخيمة كانت ممزقة يدخل منها الهواء البارد من كل اتجاه. كانت مياه الأمطار تتسرب إلى الداخل، ونحن نعيش في منطقة منخفضة في القادسية بجانب تلّ، فتتدفق المياه دائمًا إلى خيمتنا. كان الوضع لا يُطاق. كانت إرادة الله كانت مثل زهرة صغيرة."
أما أحمد والد رهف فيقول لبي بي سي: "معظم الخيام هنا مهترئة وفي حالة سيئة للغاية. المياه تتسرب من كل مكان. البرد قاسٍ تماماً مثل الاحتلال الذي هجّرنا وتركنا نعيش في الخيام".
ويضيف أحمد "تجمدت طفلتي من شدّة البرد. نقلناها إلى سيارة الإسعاف حوالي الساعة الواحدة فجرًا. بذل الأطباء كل ما بوسعهم، لكنها لم تستطع الصمود أمام هذه الظروف، وفارقت الحياة فورًا. أخبرني الأطباء أن السبب هو البرد الشديد. الوضع صعب يفوق قدرة أي إنسان على الاحتمال."
وقال جهاز الدفاع المدني في غزة، الذي يتبع حماس، في تصريح صباح الخميس، إنّ مياه الأمطار غمرت مخيمات بأكملها في مخيم المواصي وكذلك في مناطق أخرى مثل دير البلح والنصيرات ومدينة غزة.
كما أشار الجهاز إلى أنه تلقّى أكثر من 2500 نداء استغاثة خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية بسبب العاصفة، موضحاً أنّ خيام النازحين لا تستطيع مواجهة المنخفضات الجوية، وأكد أنه تمكّن من نقل عشرات الأسر إلى مناطق أخرى.
وحذّر من أنّ الساعات المقبلة ستكون كارثية بحسب وصفه، مع تعمق المنخفض، داعياً السكان إلى أخذ الحيطة والحذر من حدوث حالات غرق.
نتنياهو يقول إن المرحلة الثانية من خطة السلام في غزة باتت وشيكة
الصراع على مستقبل غزة: لماذا يعجز الجميع عن الاتفاق على إعادة الإعمار؟
معابر غزة بين السيطرة والإغلاق: ثمانية منافذ ومحاولات محدودة لإنعاش الحركة الإنسانية
وكان الدفاع المدني قد حذّر الأربعاء من انهيار مراكز الإيواء والمباني الآيلة للسقوط جرّاء العاصفة، وسقوط ضحايا.
ومن جهتها، أكدت وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، أنّ هطول الأمطار يزيد من تفاقم الأوضاع الإنسانية الكارثية التي يعيشها مئات آلاف النازحين في القطاع.
وأوضحت في منشور عبر منصتها الرسمية على موقع "إكس"، أنّ الشوارع المغمورة بالمياه وتسرّبها إلى خيام النازحين يزيدان من سوء الأوضاع المعيشية المتدهورة أصلاً، مشيرة إلى أنّ البرد القارس والاكتظاظ وانعدام النظافة، جميعها عوامل ترفع من خطر الإصابة بالأمراض والعدوى، خصوصاً بين الأطفال.
وأكدت الوكالة أنّه يمكن تفادي ما وصفته بـ"المعاناة المتفاقمة" عبر السماح لتدفّق المساعدات الإنسانية من دون عوائق، كالإمدادات الطبية ومستلزمات المأوى المناسبة التي تمكّن العائلات من مواجهة ظروف الشتاء القاسية.
ورصد برنامج غزة اليوم عبر بي بي سي معاناة الفلسطنيين في قطاع غزة جراء هطول الأمطار وقالت إحدى السيدات اليوم الخميس: "أنا من شمال غزة، من شارع عمر المختار. الخيام غُمرت بمياه الأمطار، وكلمة غُمرت قليلة على ما حدث. فقد وصل ارتفاع المياه إلى ما يقارب المتر، ومع دخول المياه إلى الخيام، جرفت معها أغراضنا إلى الخارج".
فيما تقول سيدة أخرى: " أنا في الأصل من شمال غزة، لكننا نازحون في الجنوب. أنا الآن في المخيم المصري رقم 5. أمطار الشتاء الغزيرة سببت لنا معاناة كبيرة. خيمتي وجميع الخيام من حولنا غمرتها المياه. وصل ارتفاع المياه إلى نحو 30 سم، وغمرت فراشي وملابس أطفالي وكل طعامنا وشرابنا. كل شيء أصبح يطفو داخل الخيمة.
اضطررنا للخروج دون أن نعرف ماذا نفعل. كانت حفيدتى الرضيعة معي وتبللت هي الأخرى. عانينا كثيراً، وكان الوضع لا يُوصف. أصيب أطفالنا بالمرض؛ لدي أربعة أطفال. حفيدتي حديثة الولادة، عمرها 13 يومًا فقط، تعرضت للمياه وأصبحت مريضة وكل ذلك لأننا لا نعيش في أماكن آمنة أو مناسبة.
وكانت الأمطار الغزيرة أغرقت خيام النازحين الهشّة وجعلت ظروفهم الحياتية شبه مستحيلة منذ بداية المنخفض الجوي. فلا مأوى يحميهم من البرد، ولا مقومات أساسية تساعدهم على العيش داخل تلك الخيام التي لم تعد صالحة للسكن.
خطر المخلفات
بالإضافة إلى الخطر الذي تتسبب به الأمطار، تلاحق سكان غزة آلاف الذخائر غير المتفجرة أيضاً والتي تهدد حياتهم في كل وقت.
وحذّر رئيس برنامج الأمم المتحدة للأعمال المتعلقة بالألغام في الأراضي الفلسطينية يوليوس فان دير والت، من أن مخلفات الحرب والذخائر غير المنفجرة تعرقل عودة الحياة إلى طبيعتها في غزة، وأن الأطفال هم الفئة الأكثر عرضة للخطر.
وأكد فان دير والت، للصحفيين يوم الأربعاء، أن الذخائر غير المنفجرة في غزة تشكل خطراً بالغاً على المدنيين، لا سيما مع تحرك مئات الآلاف منهم عقب وقف إطلاق النار.
وذكر أن "أكثر من عامين من الهجمات الإسرائيلية المكثفة على قطاع غزة خلّفت تلوثاً واسعاً بالمواد المتفجرة، ما يؤثر سلباً في إيصال المساعدات الإنسانية، ويبطئ تعافي القطاع، ويجعل أعمال إعادة الإعمار شديدة الخطورة، إضافة إلى تهديد مباشر لحياة المدنيين".
وأوضح رئيس برنامج الأمم المتحدة للأعمال المتعلقة بالألغام في الأراضي الفلسطينية أن فرق الأمم المتحدة تواجه مخاطر المتفجرات بشكل شبه يومي في مختلف مناطق القطاع، وأن العائلات التي تتحرك داخل غزة معرضة لخطر هذه المواد.
وأكد والت أن الأطفال هم الفئة الأكثر عرضة للخطر، كما هو الحال في معظم مناطق النزاع حول العالم، نظراً لفضولهم ومحاولتهم لمس الذخائر غير المنفجرة دون إدراك خطورتها.
وحذّر من عدم توفر بيانات دقيقة حول حجم التلوث بالمتفجرات في غزة، غير أن هناك مؤشرات قوية على انتشارها بشكل واسع في أغلب المناطق.
وأوضح المسؤول الأممي، أن دائرة الأمم المتحدة للأعمال المتعلقة بالألغام تعمل في غزة منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023.
ومنذ بداية العمل في غزة، تمكنت الدائرة من "رصد أكثر من 650 مادة خطرة" في المناطق التي استطاعت الوصول إليها فقط، وكانت الأغلبية العظمى منها ذخائر غير منفجرة ومواد متفجرة يدوية الصنع".
وأشار رئيس برنامج الأمم المتحدة للأعمال المتعلقة بالألغام في الأراضي الفلسطينية إلى أن صغر المساحة الجغرافية لقطاع غزة وارتفاع الكثافة السكانية، يؤديان لتعقيد الوضع مقارنة بمناطق نزاع أخرى مثل سوريا ولبنان.
كما شدد على أنه يكاد يكون مستحيلاً تجنب مخلفات المتفجرات في مثل هذه الظروف، وأن بقايا صغيرة قد تؤدي إلى كوارث كبيرة، وأن عودة السكان إلى منازلهم أو أنقاضها تقتضي حذراً شديداً، داعياً إلى الإبلاغ الفوري عن أي جسم مشبوه أو متحرك.
- بعد مقتل أبو شباب المتهم بالتعاون مع إسرائيل، غسان الدهيني يتفقد عناصر "القوات الشعبية" بقطاع غزة، فمن هو؟
- ما أبرز الجماعات المسلحة المعارضة لحماس في غزة؟