لماذا أثار فيلم "الست" عن حياة أم كلثوم كل هذا الجدل؟
منذ بدأ عرض فيلم "الست"، الذي يتناول جوانب من حياة المطربة المصرية الراحلة أم كلثوم، في مصر في العاشر من كانون الأول/ديسمبر الجاري، والجدل لايكاد يتوقف بشأنه، عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وقد كانت الراحلة أم كلثوم وماتزال ، بمثابة أيقونة للغناء في العالم العربي، وعرفت بأسماء منها "كوكب الشرق"، و " سيدة الغناء العربي" وأحاطت وماتزال تحيط بشخصيتها هالة هي أقرب للقداسة.
ويعترف العديد من النقاد، بأن الكثيرين من المصريين الذين أدلوا بآرائهم في الفيلم، واعترضوا على جوانب منه، ربما لم يشاهدوه قبل الإدلاء بآرائهم، خاصة الذين ذهبوا بعيدا، في وصف العمل بأنه تهديد للأمن القومي، ومحاولة ممنهجة لتشويه رموز الفن المصري.
نظرية المؤامرة
وساهم في رواج نظرية المؤامرة، لدى قطاع كبير من الجمهور المصري، الإعلان عن دعم الفيلم من خلال صندوق "Big Time" (المدعوم من هيئة الترفيه السعودية برئاسة المستشار تركي آل الشيخ) وما يتحدث عنه هؤلاء، من المخاوف من تدخل جهات الإنتاج، في صياغة القصة، بشكل لا يرضي الذائقة المصرية، أو يغير في الحقائق التاريخية، رغم أن طاقم الفيلم بأكمله تقريبا، من التأليف إلى الإخراج هم من المصريين.
غير أن المستشار تركي آل الشيخ، رئيس الهيئة العامة للترفيه في السعودية، نشر من جانبه توضيحاً رسميا،ً نفى فيه ما تم تداوله بشأن وجود دور لموسم الرياض، في إنتاج أو إخراج أو إعداد فيلم "الست"، مؤكداً أن هذه المعلومات غير دقيقة، ولا تستند إلى حقائق صحيحة.
وأوضح آل الشيخ، أن علاقة موسم الرياض بالفيلم، اقتصرت على الرعاية فقط، وجاءت بعد الانتهاء الكامل من إنتاج العمل، دون أي تدخل في مضمونه الفني أو تفاصيله الإدارية، مشيراً أنه لا توجد له شخصياً، ولا للموسم، أي علاقة مباشرة بصناعة الفيلم.
الاصطدام بهالة القدسية
والمتابع للجدل المثار عبر وسائل التواصل الاجتماعي، يستنتج أن النقطة الأساسية للجدل، تتركز حول اصصدام أحداث الفيلم نفسيا، بالصورة المترسخة لدى الجمهور، حول حياة "كوكب الشرق" أم كلثوم، على اعتبار أنها واحدة من الرموز التاريخية في مجال الفن، إذ أن الصورة المترسخة في عقول الناس، عبر أعمال فنية سابقة تناولت حياة هؤلاء الرموز، تتسم بأنها صورة نقية، مبرأة من كل نقيصة، وتحيطهم بهالة من القداسة.
ووفقا للنقاد فإن فيلم "الست"، نجح في رسم صورة إنسانية مجردة، للسيدة أم كلثوم، بعيدا عن هالة القداسة، كإنسانة قبل كل شئ، لها هفواتها ونقائصها، إذ يظهرها كإنسانة عادية تشعر بالوحدة فتلجأ للتدخين، ويظهرها كامرأة حريصة على ثروتها، التي جمعتها بشق الأنفس، خشية أن تعود إلى أيام شظف العيش، التي عاشتها في بداية حياتها .
ويظهر الفيلم كذلك "سيدة الغناء العربي"، وهي تتفاوض لتحصل على العقد الأفضل، مع شركات الاسطوانات، كما تسعى لوجود صورتها دوما على صفحات الصحف، في وعي منها بدور الصحافة في الحفاظ على شهرة الفنان، وبقائه تحت الأضواء، كما يركز على التحول الذي حدث على حياتها، بعد ثورة يوليو 1952، من مغنية للقصر وموالية للملك، إلى موالية للرئيس جمال عبد الناصر والثورة، ودورها في جمع الأموال لصالح ماعرف وقتها بالمجهود الحربي.
ومن بين ما يعرضه الفيلم، لحياة سيدة الغناء العربي كإنسانة، بعيدا عن هالة القدسية، انقطاع صلتها بعائلتها، وإقامتها وحيدة في القاهرة، والذي برز بشكل واضح، في تكرار واقعة سرقة فيلتها بعد ثورة 1952، وعدم وجود من يبيت معها بالمنزل، بحسب ما ذكرت في تحقيقات الشرطة، التي ذهبت لمنزلها بعد بلاغ السرقة، فيما كان مشهد المواجهة، بينها وبين ابن شقيقتها ، ومدير أعمالها بالوقت نفسه،،متضمناً لتأكيد غياب الأهل والأصدقاء عن التردد عليها.
السينما ليست وثيقة تاريخية
وبجانب هذه النقطة الجدلية الرئيسية بين القداسة وواقع الشخصية، فإن هناك نقاطا أخرى، تتعلق باختيار النجمة المصرية منى زكي، لأداء دور الراحلة أم كلثوم، إذ أن البعض رأوا أن ملامح منى زكي، وتكوينها الجسدي، يختلفان تماماً عن أم كلثوم، وقد استدعى هؤلاء مقارنة بين الفيلم، والمسلسل التليفزيوني الشهير "أم كلثوم"، الذي أُنتج عام 1999، من إخراج إنعام محمد علي وبطولة صابرين، والذي قدّم معالجة تفصيلية لمسيرة "كوكب الشرق"، وحظي بانتشار واسع .
وفي هذه النقطة الجدلية، كما في الجدل بشأن إظهار أم كلثوم في الفيلم، كإنسانة مجردة بعيدة عن هالة القدسية، تبدو الفجوة الواضحة بين تصور الجمهور وطبيعة الفن. فالسينما وفقا للعديد من النقاد، والمختصين ليست وثيقة تاريخية، بل هي فن قائم على رؤية المخرج، كما أن النص فيها، قائم في جانب منه على إبداع المؤلف، حتى وإن كان العمل يتناول سيرة ذاتية لشخصية ما، وربما كان فيلم "الست" برأي مؤيديه متميزا في أنه ألقى الضوء على جوانب لم يتطرق لها عمل سبق في حياة أم كلثوم الإنسانة.
- لماذا برأيكم أثار فيلم "الست" كل هذا الجدل؟
- هل من الصحيح تقديس النجوم والرموز التاريخية؟
- ولماذا يستبعد الجمهور كون هؤلاء بشرا ككل البشر لهم نقائصهم وأخطاؤهم؟
- كيف ترون رؤية من وصلوا لحد نظرية المؤامرة وقالوا إن العمل يستهدف تشويه الرموز الفنية المصرية؟
- إذا كنتم في مصر هل ترون أن الجدل المثار يدخل ضمن أولوياتكم؟
- لماذا ينظر الجمهور المصري بعين الريبة لأي إنتاج فني سعودي لعمل مصري؟
سنناقش معكم هذه المحاور وغيرها في حلقة الأربعاء 24 كانون الأول /ديمسبر.
خطوط الاتصال تُفتح قبل نصف ساعة من موعد البرنامج على الرقم 00442038752989.
إن كنتم تريدون المشاركة بالصوت والصورة عبر تقنية زووم، أو برسالة نصية، يرجى التواصل عبر رقم البرنامج على وتساب: 00447590001533
يمكنكم أيضا إرسال أرقام الهواتف إلى صفحتنا على الفيسبوك من خلال رسالة خاصة Message
كما يمكنكم المشاركة بالرأي في الحوارات المنشورة على نفس الصفحة، وعنوانها: https://www.facebook.com/NuqtatHewarBBC
أو عبر منصة إكس على الوسم @Nuqtat_Hewar
يمكنكم مشاهدة حلقات البرنامج من خلال هذا الرابط على موقع يوتيوب
https://www.youtube.com/@bbcnewsarab